القبة وشريخان .........من قرى شمال غربي مدينة الموصل
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
والقبة وشريخان ، قريتان زراعيتان في محافظة نينوى تتبعان قضاء الموصل ، وتعدان اليوم وعند كتابة هذه السطور من ضواحي مدينة الموصل ؛ فهما متصلتان بالمدينة عبر اكثر من طريق الاول من الحي العربي والثاني عبر شارع الغابات الذي يبتدأ بجسر نينوى او الجسر القديم .
والقبة وشريخان من القرى القديمة والعريقة يقعان على ضفة نهر دجلة اليسرى قبالة بلدة بادوش ، واراضي قريتي (القبة )و(شريخان) زراعية خصبة وغالبا ما تعتمد الموصل على محاصيلها الزراعية من خضروات وفواكه على القبة وشريخان . كما يهتم ابناء المنطقة بتربية المواشي والجاموس .
كتب الدكتور فؤاد عبد الوهاب محمد الاستاذ في كلية التربية الاسبق –جامعة الموصل مقالا عن قرية القبة في مجلة (الجامعة ) التي كانت تصدرها جامعة الموصل السنة (9) عدد تموز 1979 بعنوان ( توزيع انماط استعمالات الارض في قرية القبة ) قال فيها ان قرية القبة واحدة من مجموع (30) قرية تابعة لقضاء تلكيف (طبعا هذا كان سنة 1979) وتقع جنوب غربي قضاء تلكيف وشمالي غربي مركز مدينة الموصل وتبعد عن المركز الحضري القديم ( 15) كم وقرية القبة تقع تقريبا عند تقاطع خط عرض 19-36 شمالا مئويا وخط 43 شرقا أي ضمن العروض الوسطى الشبه المدارية ولهذا الموقع اثره بالنسبة لزوايا سقوط الاشعة الشمسية ومقدار الحرارة والضوء والتساقط وتوزيعها الفصلي بمعنى انها تقع ضمن اقليم الاستبس المناخي الذي يتصف باحوال مناخية متباينة من حيث درجة الحرارة والتساقط . اما من الناحية التضاريسية فانها تقع ضمن السهول المتموجة اثرت بمجموعها في نمط استعمال الارض .
ان مما يميز الموقع القروي هذا هو الارتباط الحاد بخطوط النقل وترابطها واسهم هذا في قيام علاقات اجتماعية متطورة متأثرة بتقارب القرى بعضها من البعض الاخر .كما ان القرب من المركز الحضري لمدينة الموصل وما يوفره من طلب متزايد على المحاصيل الزراعية المنتجة وارتفاع الكثافة السكانية الى قيام نشاط زراعي من النمط الكثيف .
لقد تبين ان المنطقة التي تقع فيها قريتي القبة وشريخان ان المنطقة قد تخصصت بانتاج الخضراوات الشتوية والصيفية وتربية الحيوان والالبان والحبوب لتلبية حاجة محافظة نينوى حيث اقيم فيها معمل البان الرشيدية – معمل لانتاج البيرة – محطة تربية الحيوان في قرية بيسان .كما انشئت محطة لتربية الحيوان في (قرية درنجوخ ) ومحطة تربية الدواجن وتسمين الخرفان في قرية القبة .
والقبة وشريخان قريتان تسكنهما اكثرية تركمانية تبعدان عن مركز مدينة الموصل ب( 7)كيلومتر شمال غربي المدينة ونفوس القبة والشريخان تزيد عن (15) الف نسمة وتحد القريتان من الشرق الرشيدية ومن الشمال ( مرتفعات بيشطاغ ) ومن الشرق قرية قرة قوينلو (قره قوينلي ) ، وهناك قرية شريخان العليا وقرية شريخان السفلى وكانتا متصلتان وبيوتهما متلاصقة لكن بيوتهما انفصلت بتأثير فيضان نهر دجلة المتكرر وخاصة في فصل الشتاء . وسكان قريتي القبة وشريخان يتحدثون اللغة التركمانية باللهجة الاذريبيجانية والعشائر التركمانية فيها تعود في اصولها الى عشيرة البكدلي أحد بطون أبناء أوغوز جد الأتراك .ومن اكبر عشائرها- كما جاء في موسوعة ويكيبيديا الالكترونية – شامسلر ، وبازويالر ، وياغدلر، وقنبرلر، وسيتلر، وياغدلر، وشبكلر والُخدشات .
وهناك ايضا في القبة وشريخان بعض الاسر العربية وخاصة من تلك التي تعود الى عشيرة العبيد وطي والحمدانيين وعشيرة اللويز وتوجد علاقات مصاهرة واخوة ومحبة بين جميع سكان القبة وشريخان وهذه العلاقات تمتد الى عصور قديمة .
وفي القبة والشريخان بعض المراقد المقدسة منها مرقد الإمام عباس في قرية القبة وهناك حسينية في قرية شريخان،وقد قامت عناصر داعش اثناء سيطرتها على محافظة نينوى 2014-2017 بتفجيرهما .
وهناك جهود تبذلها وزارة الزراعة من اجل دعم وتطوير الزراعة في مناطق القبة وشريخان والرشيدية ومن ذلك على سبيل المثال انه تم يوم الخميس 15-10-2020 وبالتعاون مع بعض المراكز البحثية في جامعة الموصل وخارجها افتتاح معرض احد المزارعين الذي يقوم يبيع الحاصل الفائض في وقت ذروة الانتاج . وكما هو معروف ان المناطق المزروعة بمحصول الحنطة احتلت الصدارة حيث سيطرت على ( 7-35%) من المساحة المزروعة بينما احتل الشعير (8-31%) وتركت (20%) الباقي كاراض بور واصناف الحنطة والشعير جيدة وهي من اصناف الحنطة الخشنة التي تستخدم في عمل المؤونة التي اشتهر بعملها اهالي محافظة نينوى اما الشعير فهو الشعير الاسود ويستهلك لاغراض الاكتفاء الذاتي علفا للماشية التي تربى في المنطقة .
وفي القبة وشريخان بناية لمنتدى رياضي قامت وزارة الشباب قبل فترة قصيرة باعادة تأهيله بعدما حل به من تخريب وهو ( منتدى شباب ورياضة القبة وشريخان ) ويُعد احد المنتديات الشبابية والرياضية التابعة لمديرية شباب ورياضة نينوى في وزارة الشباب والرياضة.
وقال مدير المنتدى الكابتن نزار الموسوي ان الحملة اقيمت بجهود الموظفين والمدربين والمشرفين الرياضيين بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المسؤولة ومنظمات المجتمع المدني في مدينة الموصل.
واضاف الموسوي ان العزيمة والإرادة الطموحة للعاملين في المنتدى والشباب الرياضي من أبناء المنطقة كانت الدافع الاول لإعادة البناء والاعمار للمنتدى والبدء في العمل واستقبال الشباب وممارسة جميع الهوايات والنشاطات والفعاليات الخاصة بهم.
ويعد منتدى شباب ورياضة القبة وشريخان من اهم المنتديات الشبابية والرياضية في الجانب الأيسر من مدينة الموصل .وقد عادت الوحدات الرياضية الكروية للتدريب . كما تم افتتاح الملعب الرياضي الجديد للمنتدى ، وتم إطلاق تسمية ملعب شهداء شريخان ليكون المتنفس الكروي الرياضي الوحيد للشباب من أبناء المناطق.
وفي القبة مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية وقد دخلت المدرسة الحديثة القبة وشريخان قبل قرن من الزمان . ويشير الدكتور علي نجم عيسى في كتابه (مدارس الموصل ) أن اول مدرسة فتحت في قرية القبة هي (مدرسة قره قوينلو للبنين ) وكلمة قره قوينلو تعني الخروف الاسود ، وكان ذلك سنة 1894 واقدم معلم فيها ورد اسمه في سجل المدرسة سنة 1907 هو الاستاذ أسعد افندي وورد اسم المدرسة في سالنامة الموصل لسنة 1907 . اما في قرية شريخان فقد فتحت فيها مدرسة ابتدائية هي مدرسة شريخان سنة 1907 واقدم معلم فيها هو مجيد افندي وورد اسمها ايضا في سالنامة الموصل لسنة 1907 وكان عدد تلاميذها عند افتتاحها (11) تلميذا .
مدرسة قره قوينلو او قره قوينلي اليوم تعرف بمدرسة القبة الابتدائية للبنين وتغير اسمها هكذا منذ سنة 1933 وقد اشار الاستاذ معن ال زكريا في كتابه ( الوجيز الموسوعي ) ان مشرفا تربويا زارها عند تكوين الدولة العراقية في مطلع العشرينات فأعجب بمستوى تلاميذها وتميزهم وكانت في بناية مؤجرة وانتقلت اكثر من مرة وشيدت لها بناية جديدة افتتحت سنة 2011 ضمت (18) صفا وخمسة مختبرات وغرفا للادارة والمعلمين ومن مدرائها الاستاذ محمود صالح 1935-1936 والاستاذ محمود عبد الله الملاح 1936-1941 والاستاذ عبد المجيد شوقي البكري 1941-1944 والاستاذ ياسين امين الحاج عبد الله 1955-1957 والاستاذ رمزي جبر 1957-1958 والاستاذ حازم داؤد سليمان 1958-1968 والاستاذ سالم رجب محمد 1980-1989 والاستاذ راكان محمد حسن الكلو 1992-1997 وبعده الاستاذ محرم فتاح حسين 1997 ، ومعظم من تولاها من المدراء كان معروفا بتميزه الفكري والثقافي ومن معلميها الاستاذ عبد العزيز مجيد علي الطالب قائد الحركة الكشفية في الموصل والاستاذ خيري بيرم ومن اقدم تلاميذها احمد يحيى ياسين من مواليد 1919 وهو من سكنة قرية القبة والده كان يعمل فلاحا وهناك محسن حسين الياس مواليد 1926 ووالده ايضا كان فلاحا وهناك كريم دخيل يسكن القبة ووالده ايضا فلاحا كان في الصف الخامس الابتدائي للسنة الدراسية 1942-1943 وهذه المعلومات مدونة في سجلات المدرسة ومنها ما يسمى (سجل القيد العام ) والمدرسة تحتفظ بهذه السجلات .
وهناك ثانوية القبة للبنين وثانوية قره قوينلي للبنات (تأسست سنة 2011) .
في القبة وشريخان اسواق عامرة بالبضائع والخضراوات ومعظمها من انتاج المنطقة وما يطالب به الاهالي هو الاهتمام بالزراعة ودعم الفلاح فيها .فضلا عن مطالبتهم بالكهرباء وتبليط الشوارع وقلة الخدمات البلدية .
انجبت قريتي القبة وشريخان كوادر طبية وتربوية ودينية وادارية وعسكرية واقتصادية وهندسية كان لها دورها في الحياة العامة في العراق .
قبل ايام كتبت عن احد مشاهير قرية القبة وهو السيد حسين بن علي المولى 1910- 1998 وقلت كثيرا ما حدثني عنه الاخ الصحفي البارع المرحوم الاستاذ خطاب عسكر وعندما توفي كتب عنه في جريدة (الحدباء ) الموصلية بعددها الصادر يوم 28 من ايلول سنة 1998 وكانت مقالته بعنوان ( وفاة سماحة الشيخ حسين بن علي المولى المرجع الديني للجماعة الاسلامية الشيعية في محافظة نينوى ) .توفي الرجل مساء الخامس والعشرين من شهر جمادى الاولى سنة 1419 الموافق ليوم 16 ايلول سنة 1998 وقال عنه انه علم بارز من اعلام مدينة الموصل ورجل مجاهد اسهم في توحيد كلمة المسلمين وخدمة العراق عبر اكثر من نصف قرن من الزمان واضاف انه من مواليد قرية (القبة ) في ضواحي مدينة الموصل وبعد اكمال دراسته في الموصل رحل الى مدينة النجف الاشرف لينهل من علوم الشريعة والفقه وعلوم العربية في الحوزات العلمية على يد كبار علماء النجف وكربلاء والكاظمية ومنهم السيد ابو الحسن الموسوي وبعد حصوله على الاجازة عاد الى الموصل وكان معروفا باستلهامه القيم الدينية السمحة وسيرة المصطفى وال بيته الكرام وقد بذل جهودا كبيرة في سبيل اعلاء كلمة الله فاسهم في بناء عدد من المساجد في قرى القبة و شريخان ومنارة شبك وبازوايا وكانت له صلات بعدد كبير من العلماء في العراق .
من المساجد التي اسهم في بنائها (مسجد وجامع روضة الوادي ) حتى انه زوده بمكتبة عامرة كانت مصدرا للقراء والباحثين وكان رجلا سمحا كريما يحمل روحا وطنية وثابة رحم الله سماحة الشيخ حسين بن علي المولى وحفظ ولده الشيخ علي حسين الموصلي وجزاه خيرا على ما قدم وخاصة على صعيد اداءه واجباته الشرعية ومساجلاته وحواراته في قضايا العقيدة والفكر الديني الاسلامي القويم .
اقول وادعو المسؤولين في محافظة نينوى وقضاء الموصل الى الاهتمام بالقبة وشريخان ، وتكثيف الخدمات البلدية والصحية والتربوية ومعالجة النواقص التي يشعر بها الاهالي والذين دائما ما يعبرون عن شكاويهم ومطالبهم واهمها الخدمات وتشجيعهم في تسويق انتاجهم من البطاطا وغيرها وتبليط الشوارع والازقة وتحسين الواقع الاقتصادي والزراعي والصحي والتعليمي في المنطقة كلها لاسيما وانها اليوم قريبة من مركز المدينة مدينة الموصل .
اشكرك جدا على مقاله. ولاكن لم تعد العشائر في القرية القبة. وللمعلومة ان اول مقام تفجر من قبل داعش الارهابي هو مقام ابو فضل العباس عليه السلام
ردحذفممنون منك اخي العزيز
حذف