الليدي دراور رائدة الدراسات عن التراث الشعبي العراقي
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
رحم الله الاستاذ الدكتور داؤد سلوم حين كتب مرة وفي السبعينات عن الاساطير العراقية والشرقية والغربية مقالا في مجلة (الجامعة ) الموصلية وقال ان اول محاولة لتسجيل الاساطير والحكايات الشعبية المروية شفاها كانت لكاتبة بريطانية عاشت في العراق ، وهي المس ستيفنز E. S. Stevens والتي عرفت فيما بعد ب(الليدي دراور) حيث نشرت في اكسفورد بالمملكة المتحدة سنة 1931 كتابها الشهير (قصص شعبية عراقية ) وقد كتبت مقدمة في الخرافات الشعبية التي تتعلق بالمخلوقات الغريبة التي تنعكس في هذه الاساطير والحكايات من قبيل الغول والسعلاة (السعلوة ) .
كما انها وقفت عند خصائص القصة الشعبية العراقية وكيف تفتتح وكيف تختتم وسجلت في كتابها (48) حكاية شعبية سجلتها في بغداد وبعض مدن وقصبات العراق واردفت هذه الحكايات بملحق تكلمت فيه على المتشابهات في اساطير الامم الاخرى .
ومن القصص والحكايات التي دونتها الليدي دراور قصة السندباد والغول ، وقصة الراعي واخوه ، والدراويش والمصباح العجيب ، والسمكة التي تضحك ، وشمشون الجبار ، والولد والغول ، والمرأة المخبولة ، والخنفساء التي ارادت الزواج ، والسلطان الاعمى ، وجرادة ، والفتاة الفقيرة وبقرتها ، وبنت التاجر ، والرجل النبيل والرجل الكريم ، والرجل البخيل ، ودنجرة خشيبان ، وقصة بائع الشوك ، والقصة الشمرية ، وام البير ، وحسن الحرامي ، والملك محمد والغول ، وحسن النمنم ، وهارون الرشيد والمجنون ، والصخلة والمرأة العجوز ، والزوجان العجوزان والشاة ، واللقلق والثعلب ، وابن الملك والاوانس الثلاثة أو لعبة الصبر ، وسفينة البلور .
ولم تكتف الليدي دراور بهذا بل راحت تهتم بالطوائف العراقية ومنهم الصابئة مثلا وكما هو معروف ان هذه السيدة البريطانية التي ولدت في لندن سنة 1879 جاءت العراق وعمرها (40) سنة في سنة 1919 وهي ترافق زوجها بعد الاحتلال البريطاني للعراق وكان المستر أدوين دراور(السير فيما بعد ) يعمل مستشاراً في وزارة العدل العراقية في الفترة ما بين 1922-1946 .
ومن الطريف انها اقامت علاقات طيبة مع العوائل العراقية وانسجمت معها وراحت تكتب المقالات عن العراق وتنشرها في الصحف البريطانية وكلها كانت تدور عن الحياة اليومية للعراقيين وتقاليدهم وقيمهم وحكاياتهم .ومما زاد في قيمة ما كانت تكتبه انها جمعت المقالات في كتاب صدر سنة 1923 بعنوان (في بلاد الرافدين ) . والكتاب ترجم الى اللغة العربية من قبل الاستاذ فؤاد جميل سنة 1961 ، والكتاب جميل ومتوفر حاليا على شبكة المعلومات (الانترنت) ، ويعد مصدرا للتاريخ الاجتماعي العراقي . وقيمة هذا المصدر تكمن في انها اي الليدي دراور كانت شاهدة عيان عاشت مع العراقيين في العشرينات وتحدثت عن اوضاعهم الدينية والاجتماعية والثقافية وقد ركزت على بغداد خاصة وانها كانت تتجول بين الناس في درابينهم وازقتهم تجلس معهم وتتحدث اليهم وكانت تلبس العباءة العراقية وقد ظلت الليدي دراور في العراق اربعة عقود ولم تترك منطقة في العراق الا وزارتها لهذا كتبت عن العرب والكورد والتركمان والمسيحيين والصابئة والايزيدية واليهود والشبك ووصفت حياتهم وتقاليدهم وعاداتهم . لها كتاب جميل عن الصابئة الفته سنة 1937 وهو بعنوان ( الصابئه المندائيون في العراق وإيران ) وقد ترجمه الى اللغة العربية كلا من الاستاذ نعيم بدوي والاستاذ غضبان الرومي .
كما ان لديها (قاموس للغة للمندائية والانكليزية ) صدر سنة 1963 . وهذا القاموس كتبته بالتعاون مع الاستاذ ماتسوخ . ومن كتبها ايضا(طاووس ملك اليزيدية ) وهو متوفر باللغة العربية ايضا .
لها العديد من المحاضرات عن العراق منها على سبيل محاضرتها عن سكان الأهوار في جنوب العراق القتها في الجمعية الملكية الآسيوية بلندن يوم 12 حزيران 1946 بعد عودتها من العراق مباشرة والمحاضرة متوفرة باللغة العربية .
وقد حظيت الليدي دراور بالتكريم ومنحتها عدة جامعات شهادة الدكتوراه الفخرية وتوفيت في احدى دور العجزة في لندن سنة 1972 عن عمر ناهز ال (92) سنة رحمها الله وجزاها خيرا على ماقدمت واقول انها تصلح ان تكون موضوعا لرسالة ماجستير ...24-11-2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق