الخميس، 26 نوفمبر 2020

خانات الموصل الكبيرة بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف

                                                                      أحد مداخل خان الكمرك
                                                       خان الكمرك القديم بعدسة الاستاذ مؤيد الحربي

                                                         خان الكمرك بعدسة الاستاذ نور الدين حسين 
                                                                        خان الكمرك
                                                                         خان الكمرك 
                                                                         خان حمو القدو
                                                                  الصلاة في خان المفتي 
                                                                        مدخل خان الكمرك  
 


خانات الموصل الكبيرة


ا.د. ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

 

والموصل ، أقصد مدينة الموصل تسمى (كوجك اسطنبول ) ، بمعنى انها اسطنبول الصغيرة والسبب في هذه التسمية انها تضم اسوق وخانات وقيصريات تشبه ما هو موجود في اسطنبول .

وفي الموصل خانات كثيرة  وقديمة . والخانات كانت منذ العصور الاسلامية وحتى في العهد العثماني بمثابة (فنادق ) للمسافرين ، وهي تأوي  اصحاب القوافل التجارية الذين يأتون الى الموصل اما للتبضع وشراء منتوجات الموصل او بيع ما لديهم من منتوجات وقسم من هذه القوافل كانت تأتي من داخل العراق وقسم من خارجها .

شيء مهم يجب ان نقوله هو ان كلمة (الخان)كلمة بابلية قديمة تعنى (المكان ) وهناك من يقول انها كلمة فارسية تعني (البيت ) .   وهناك من يقول انها سريانية تعني مكان ( الاقامة او النزول) ،  لذلك كان اجدادنا يسمون الخان ب( النُزل)  .وانا ارجح انها سريانية . وللعلم فان الاتراك العثمانيين يسمون الخان (كروان سراي Caravanserai ) ، و( الكروان سراي)  أي محل اقامة الكروان ، والكروان ( القافلة)  باللغة العربية والسراي أي محل او مكان القوافل .

والنقطة الاخرى التي يجب  ان نعرفها ان الخان عادة ما يكون مؤلفا من طابقين الطابق الارضي يكون مربطا للحيوانات من قبيل الخيول والجمال والحمير والطابق الثاني يكون للمسافرين والتجار . كما ان لدينا خانات بثلاث طوابق يستخدم الطابق الثالث لأغراض خزن البضائع والسلع .

وللخانات باب واحد أو بابان أو ثلاثة ابواب وابواب الخانات كبيرة مرصعة بالمسامير وهي قوية وغالبا ماتكون من صفاقتين كبيرتين .. وفي الخان فناء داخلي أي (حوش)  وعادة يكون غير مسقف وحول الحوش العديد  من الغرف .. والخان اما ان يكون مربع المساحة أو مستطيل  المساحة مع مدخل يسمى (دهليز)  وحول المدخل من اليمين غرفة ومن اليسار غرفة وهذه الغرف تكون لبواب وحرس الخان .وهناك امام الغرف اروقة جمع رواق أي اواوين جمع ايوان . والخانات تكون قريبة من الاسواق التجارية وتُعد جزءا منها .

 

النقطة الثالثة التي يجب ان نقولها ونقف عندها ان الخانات اما ان تكون داخل المدن ، واما ان تكون على طريق القوافل كدار استراحة لهم . ولدينا الكثير من الخانات في العراق تأسست على طرق القوافل كمكان لسكنى واستراحة التجار والمسافرين والرحالة وعابري السبيل وغالبا ما تكون عند مجاري الانهار او العيون عيون الماء . 

وفي الموصل وعبر تاريخها الطويل ، خانات كثيرة منها خان حمو القدو ،  وهذا الخان دمر خلال سيطرة عناصر داعش ومعركة تحرير الموصل منهم 2014-2017  واعيد والحمد لله اعماره  وقد كتبت عن هذا الخان وقلت عنه التالي :" ان مدينة الموصل تشتهر بالخانات والقيصريات والاسواق المتخصصة حتى ان بعض الرحالة سماها "كجك اسطنبول " أي اسطنبول الصغيرة .... وخان حمو القدو يتألف من طابقين وفيه الكثير من الغرف لمبيت الناس ولايزال قائما وكان له خلال ال100 سنة الماضية تاريخ اقتصادي وتجاري حافل وهو من اكبر خانات الموصل  .بني سنة 1882
.. كتب عنه الدكتور هاشم خضير الجنابي في كتابه (التركيب الداخلي لمدينة الموصل القديمة )1982 وقال انه يقع في الجانب الايمن من مدينة الموصل من مدخل سوق باب السراي الصغير ويعد من اكبر خانات الموصل القديمة في المنطقة التجارية المركزية الموروثة . وقد زرته قبل سنوات قبل ان يتعرض للهدم والتخريب خلال سيطرة عناصر داعش على الموصل 2014-2017 ، فوجدته لايزال محتفظا بطرازه وقد اصبح مكانا لبيع الحصران وبالتأكيد ان كل من يعرفه يدرك اهميته وجمال ريازته من حيث انه مؤلف من طابقين وعدد غرفه تزيد عن ال100 غرفة موزعة على الطابقين وبابه من الطراز القديم ويتألف من طبقتين وفيه مسامير وعلى جانبي مدخل الخان غرفتين يمنى ويسرى .واذا ما عدنا الى تاريخ الخان نجد انه كان في العهد العثماني دائرة للكمرك كما اتخذ بعدئذ مخزنا للتبوغ وبعدها مخزنا للملح .كما ان مساحته الكلية تبلغ  حوالي 4000 متر مربع (بالضبط  3792,35) مترا مربعا   .
كان خان حمو القدو عند انشاءه بمثابة فندق يأوي الزوار والرحالة الاجانب الذين يجيئون الى الموصل وقد ادركته في الخمسينات  من القرن الماضي يضم دكاكينا لباعة الاحذية والاقمشة .. كما كان للسراجين والخياطين فيه غرفا وساحة الخان الكبيرة المرصوفة بما نسميه في الموصل (القادرم ) وهو نوع من الصخر المهندم اتخذت موقفا للسيارات وللباعة ومظهر الخان الخارجي يعطي الانطباع بأنه خان شرقي قديم . ومن حسن الحظ انه اعيد اعماره والحمد لله .

في مدينة الموصل خانات كثيرة منها فضلا عن خان حمو القدو ، خان المفتي ، وخان الباليوز ، وخان الكمرك ويسمى ايضا الخان الكبير . وهناك خان الصقالين وخان الحاج قاسم اغا وخان الصالحية وخان الفحم  وخان الجلود وخان عبو التتنجي وخان الدواب وخان الحديد وخان فتحي بن رمانة وخان الحجيات وخان القلاوين وخان الدقاقين وخان السقط وخان خان السواد ، وخان المقصوص وكل خان من هذه الخانات يحتاج الى مقال لوحده .

وقسم من الخانات موجود ، وقسم من الخانات هدم وقسم من الخانات يستخدم لخزن البضائع والقسم الاخر يستخدم للتجارة او ممارسة حرف معينة فمثلا خان الكمرك ولي عنه مقال من الخانات القديمة جدا والناس في الموصل يسمونه الخان الكبير ومساحته تقريبا اكثر من 2000 متر مربعا وله بابان ويتألف من طابقين وفيه (68) غرفة و(45) خزانة واسطبلين واربعة اواوين وسبعة سلالم وفي قنطرتي مدخله توجد (18) دكانا . وخان الكمرك عرف هكذا لأنه كان مكانا تستحصل فيه الضريبة والضريبة كلمة لاتينية تعني (الجمرك أو الكمرك وكمرك البضاعة أي أخذ عليها رسوما ) والخان فيه وقفية مؤرخة بسنة 1114 هجرية أي 1703 ميلادية وله اسم آخر هو خان الشط والشط المقصود هو نهر دجلة لانه يقع على نهر دجلة ولدينا معلومات تعود الى سنة 1882 ميلادية تشير الى ان الخان كان مكانا لترسيم البضائع  وفق النظام المالي والضرائبي العثماني وملكية الخان تعود بالأصل الى ثلاثة من ابناء عبد الجليل اغا مؤسس الاسرة الجليلية التي حكمت الموصل بين سنتي 1726 و1834 وهم اسماعيل اغا وابراهيم اغا وخليل اغا وقد اوقفوا الخان هذا خان الكمرك على جامع اسسوه باسم جامع الاغوات عند باب الجسر جسر نينوى الحالي او الجسر القديم . وكان الى جانب الخان سوق كبيرة هي سوق الموصل الكبير.

وفيما يتعلق بخان المفتي فهذا الخان يقع وسط سوق السراي وهو قريب من خان حمو القدو وقد جدد في الستينات من القرن الماضي وقد ادركته في الخمسينات تباع فيه الملابس والفرش والاسرة المنزلية واحتياجات البيت من الاثاث . وخان المفتي سمي كذلك نسبة الى من بناه وهو ياسين بن محمود المفتي المتوفى سنة 1722 ميلادية والخان هذا من اجمل خانات الموصل واكثرها ترتيبا ونظاما ويقع  بالقرب من مركز سوق السراي  وتجاوره الكثير من الدكاكين الواقعة على الطرق المختلفة وقسم منها يؤدي الى باب السراي وقسم يؤدي الى سوق الصفارين  وهو في طرازه المعماري يشبه الخانات الاخرى من حيث وجود فناء داخلي ، واواوين ، وغرف حول الفناء او الحوش وفي الخان اربعة مداخل .ويتألف ايضا من طابقين الثاني للخزن والاول لعرض البضائع والسلع التجارية .

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...