بين الملك فيصل الاول والسير بيرسي كوكس 1922
كما اقول لكم دوما اعود الى اوراقي وارشيفي واجد فيه الكثير من المعلومات وعمرها اكثر من خمسين سنة ، واليوم وانا اقلب في هذه الاوراق كعادتي حتى اقدم لكم - احبتي - ما يفيد وجدتُ وثيقة غير منشورة سبق ان استنسختها من المركز الوطني لحفظ الوثائق ببغداد - ملفة القصر الملكي رقم 18 .
والوثيقة رسالة من الملك فيصل الاول ملك العراق ومؤسس دولته الوطنية 1921-1933 الى السير بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني في العراق (توفي سنة 1937) والوثيقة استنسختها بخطي وبالقلم الحبر وتقع في صفحتين وتاريخها بغداد 17-1-1922 وتبدأ بعبارة عزيزي السر بيرسي وجاء فيها : "أخذت كتاب فخامتكم المؤرخ في 13 كانون الثاني 1922 المتضمن ماجاء في الاخبار بأنني سعيت في تحريض اهالي سوريا على الفرنسيين والكماليين بالذات او بالواسطة .انني لا أرتاب في ان فخامتكم لم تعيروا تلك التهم اذانا صاغية وقد تفضلتم فرددتموها بالنيابة عني ذلك ما اشكر فخامتكم عليه ومع ذلك تأكيدا لما اخبرتكم به شفاها واجابة لرغبتكم اقول : اما بخصوص الكماليين فاني لاانكر ابدا اجتهادي المتواصل منذ سنة 1915 في اجراء كل مايمكن اجراؤه ضد الاتراك عموما ولا ازال راغبا في مواصلة السعي وراء ذلك حتى يعقد الصلح مع تركيا ...واما بخصوص الفرنسيين فانه لايسعني ان انكر ارتباطي المعنوي بسوريا من حيث الجنسية اولا ... واؤكد ...بأنني منذ خرجت من دمشق [1920]لم آت بعمل عدائي ضد فرنسا ... أما العكيدات فتعلمون فخامتكم انهم لايزالون عابثين في الامن داخل العراق وان غزواتهم تتوالى على الدليم وغيرهم .وقد كنا عزمنا بالمذاكرة مع فهد بن هذال على تأديبهم وتأديب فهد بك الزعيم وجزاع بن مجلاد ويمكنكم الاطلاع على كتب الانذار التي بعث بها الشيخ فهد بن هذال [شيخ مشائخ عنزة ] اليهم باستشارتي واظن مشاور الدليم يذكر حديثنا معه منذ مدة في هذا الشأن وانفاذ الشيخ علي السليمان ورجاله عليهم لانه لم يكن للحكومة ان تؤدبهم نظرا لوجودهم في المنطقة الفرنسية فلو كان الامر كما يقولون بأن بيني وبينهم صلات واني اشجعهم على الثورة ضد الفرنسيين لكنتم رأيتموهم على ولائنا ولما كانوا يتجاوزون على اطراف العراق ويعيثون فيها نهبا وسلبا ...منذ رجوعي من باريس في اوائل سنة 1920 وانا على يقين بأنه سيأتي يوم تنجلي فيه الحقيقة ويتضح للامة الفرنسية انني لست عدوا لها وان ما عمل ضدي ان هو الا نتيجة اطماع خصوصية لفريق اراد ان يستفيد من وجود الجيوش الفرنسية في سوريا ...وما الاشاعات التي يثيرونها علي من وقت لاخر الا ذريعة لستر معايبهم يموهون بها على العالم بأن الخلل الطارئ على ارادتهم في سوريا ان هو الا نتيجة اعمالي الخاصة دون ان يعترفوا بخرق سياستهم وادارتهم ...انا وبلادي [العراق] عرضة للأهواء والاغراض وهدفا لتضارب نفوذ الدولتين الحليفتين [بريطانيا وفرنسا] ...ذلك الامر الذي خفت منه قبل وقوعه حتى اني صرحت لاول مرة أما مؤتمر باريس [1919] بجوابي على سؤال من الرئيس [وودرو ويسن رئيس الولايات المتحدة الامريكية ] بأني لااريد ان تقسمونا كالغنائم وتجعلوا بلادنا مرسحا [مسرحا ] لتضارب نفوذ الدول العظمى ، ولكن هكذا قضى الله فكان ما كان في سوريا ولم يكتف الاعداء بذلك بل لازالوا يسعون وراء غايات بعيدة يسترونها بما يوجهون الي من التهم وكأنهم لم يكتفوا بما جلب على هذه البلاد العربية التعيسة من الويلات بل هم مثابرين على العمل يريدون الوصول الى اكثر من ذلك والحكم لله . واقبلوا خالص تحياتي ..فيصل " .
________________________________________
تعليق : ومنذ 100 سنة والحال على ماهو عليه : البلاد العربية على وضعها تتجاذبها الدول الكبرى للاسف الشديد .................ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل - العراق الموصل 8-11-2020
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق