كنيسة القديسة بربارة
بيت القس اسحق كدو
الالهة القابلة
قنطرة في كرمليس
بيت في كرمليس
مزارالقديسة بربارة
كرمليس
............. مدينة الجمال في سهل نينوى
ا.د. ابراهيم
خليل العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس – جامعة الموصل
ومن اقضية محافظة
نينوى (قضاء الحمدانية ) ومركزه بغديدا أو قرقوش يقع جنوبي شرقي مدينة الموصل
بقرابة (25) كيلومترا وعن قصبة برطلة تبعد بنحو (5) كيلومترا وعن قره قوش بنحو (4)
كيلومترا وعن النمرود (كالح ) الاثرية بنحو (22) كيلومترا . وهي قريبة من الطريق
الذي يربط بين مدينتي الموصل واربيل .وفي القضاء نواح هي ناحية برطلة وناحية
النمرود . ومن قرى قضاء الحمدانية (كرمليس ) وهي واحدة من بين (32) قرية تتبع قضاء
الحمدانية .
وكرمليس أو كرملش
بالسريانية بلدة جميلة هي اكبر من قرية وسكانها من المسيحيين اتباع الكنيسة
الكلدانية كما ان فيها قليل من الشبك .
ومما يلحظ على
كرمليس من الناحية الطوبوغرافية اي من ناحية الجغرافية الطبيعية انها بلدة تجثم
فوق هضبة اثرية تاريخية واسعة تعلو على السهل الذي يحيط بها وترتفع عنه بحوالي
(5-10) مترا وتحيط بها العديد من التلال الاثرية المعروفة ويقينا ان كرمليس او
كرملش بلدة آشورية وهذه حقيقة لايجادل فيها احد ومن التلول التي توجد حولها (تل
غنم) الاثري ويقع الى الشمال منها و(تل بربارة) هذا فضلا عن كثير من الاثار التي
كانت تسمى بالخرائب ومنها مثلا (خربة عيسى) وتقع الى الشرق من قصبة كرمليس وتلال
(خاتون خمرة ) و(مرتفعات بيرشير ) و(تل ربان يوخنا ) و(تل بيسدي ) و( تل عروي )
وهكذا فان كرمليس تقع في منطقة اثرية واهلها كثيرا ما يعثرون على قطع فخارية تنتشر
في المنطقة .
وفي المدونات
التاريخية ما يشير الى ان عالم الاشوريات البريطاني ( رولينصون ) كان من اوائل
الاثاريين الذين كتبوا عن كرمليس واشاروا اليها وكان هذا من خلال ما عثر عليه
لايارد الاثاري البريطاني الكبير من الالواح الفخارية التي عثر عليها خلال عمله في
الموصل في القرن التاسع عشر وثمة ملاحظة ان رولنصون لم يعطنا تفسيرا لموقع كرمليس
لكنه قال انها تعد مدينة دينية كانت مكرسة لعبادة أحد الالهة الاشوريين .
وكرمليس بلدة
قديمة عريقة لها تاريخ وتاريخ ثر يعود الى اكثر من سبعة الاف سنة وقد ورد ذكرها في
كثير من المدونات التاريخية القديمة والوسيطة والحديثة وهي مركز ديني كما انها
مركز ثقافي وتجاري كانت في العصور الوسطى اي منذ القرن الخامس الميلادي الى القرن
الخامس عشر الميلادي مركزا للبطرياركية لكنها ككل بلدات وقصبات الموصل تعرضت لكثير
من الاحداث في القرن الثالث عشر واقصد الغزو المغولي وما بعده غزو القبائل البدوية
التركمانية وحكم الجلائريين والفرس الصفويين والعثمانيين لكنها ظلت تقاوم التحديات
مع انها تعرضت لكثير من التدمير والتخريب وخاصة خلال فترة سيطرة القائد المغولي
تيمورلنك 1393-1403 ميلادية .
كانت كرمليس
ولازالت محط انظار الرحالة والمستشرقين والاثاريين ذلك ان اسمها ارتبط بالكثير من
المعارك والحملات الكبرى في التاريخ ومنها مثلا حملة داريوس دارا الاول (485 ق.م)
وداريوس دار الثالث والاسكندر الكبير (331 ق.م)، وحملة الامبراطور الروماني
طرايانوس للشرق (114م) وغزوات المغول (1236م) وغزوة نادر شاه (1743م)، وغيرها. وكل
من كتب عنها أكد انها بلدة آشورية عريقة .
في كتابه ( منية
الادباء في تاريخ الموصل الحدباء ) ذكرها المؤرخ الموصلي نن القرن 19 الميلادي
ياسين بن خير الله الخطيب العمري فقال ان من اعمال الموصل بعد فتحها على ايدي
العرب المسلمين سنة 16 هجرية – 637 ميلادية نينوى وكرمليس وباجرمي وباعذرا .وقال
ايضا: " كرمليس قديمة شبيهة بالبلد ولها سوق عامر وتجارة كثيرة الغلات "
.ويبدو ان العمري اقتبس هذا من كتاب (معجم البلدان ) للبلداني العربي ياقوت الحموي
.
اما جمال بابان
المحامي فقال عن كرمليس في الجزء الاول من كتابه ( اصول اسماء المدن والمواقع
العراقية ) انها " بليدة من شرق الموصل على بعد 16 ميلا منها تابعة الى
الحمدانية يسكنها (2000) نسمة طبعا هذا كلام يرجع الى الستينات اهلها من المسيحيين
ولغتهم السورث والسورث السريانية الجديدة ولكرمليس ذكر في المصادر القديمة قال
ياقوت الحموي البلداني العربي صاحب كتاب (معجم البلدان ) (كرمليس كأنها مركبة من
(كرم وليس) قرية من قرى الموصل شبيهة بالمدينة من اعمالها نبنوى في شرقي دجلة ..
وفيها سوق وحمامات مشهورة وبيوتها مثل بيوت الموصل واهلها كلهم نصارى ، وذكرها حمد
الله المستوفي القزويني .وقد عانت كرمليس ماعانت أيام الغزو المغولي كما قال ابن
العبري في اخبار سنة 633 هجرية اي 1235 ميلادية واورد عمر بن متي قصة طويلة جرت
حوادثها في كرمليس في ايام الجاثليق ايشوعياب الخامس البلدي المتوفى سنة 1175
ميلادية .وفي ايام الجاثليق سبريشوع بن المسيحي جرت ملحمة عظيمة في اربيل وكرمليس
سنة 1236 ميلادية ونوه القلقشندي صاحب كتاب ( صبح الاعشى ) بكرمليس وذكرها المؤرخ
السمعاني فقال انها مدينة في حدود آثور ومادي وفي كرمليس ثلاث كنائيس وهي كنيسة
ماركوركيس وكنيسة بربارة وكنيسة الطاهرة وورد اسم كرمليس في مؤلفات الرحالة وعلماء
الاثار والتاريخ منذ القرن الثامن عشر منهم نيبور والمنشئ البغدادي وكلوديوس جيمس
ريج وجون استون لايرد ورولنصون وبلاس" .
اما لماذا سميت
كرمليس بهذا الاسم فالجواب على ذلك هو ان كلمة كرمليس كلمة اكدية وهي (كار –
مليسي) (Kar – Mulissi) أي (مدينة الجمال) ويبدو ان التسمية اطلقت عليها ابان سيطرة
الاكديين على البلاد الاشورية خلال حكم ملكهم سرجون الاكدي (2371-2316 ق.م) .يقول
الدكتور عامر عبد الله الجميلي استاذ الاثار القديمة في جامعة الموصل :" ان
رمز الإلهة ننليل_NINLÍL ( الصيغة باللغة السومرية ) ، زوجة الإله إينليل_ENLÍL ، ويعني إسمها : (سيدة الهواء والخصوبة والولادة ) ، وكان من بين
وظائفها الرئيسية هي (التوليد أي القابلة ) ، و عرفت باللهجة الآشورية الأكدية
بصيغة مولّيسّي_mulissi وأن ( كار موليسي) جاءت من صيغة ( مولّيسّي_mulissi) ، ومنها جاءت تسمية (كرمليس ) وهي : مدينة الإلهة ننليل (
مولّيسي ) ( كرمليس - حالياً - شرقي نينوى . وظهر رمز هذه الإلهة في المشاهد
الفنية ، والنحتية الرافدينية مرتبطاً بالنخلة والتوليد والرحم" .
ويقول الباحث
الاستاذ قصي يوسف مصلوب :" كرمليس او (كار مليسو ) ، او ( كرمش) او ( اير
ايلو بانو) اسماء اشورية كثيرة لبلدة عريقة كان لها شان عظيم في العصور الأشورية
الثلاثة فهي المدينة المقدسة لديهم وأهل كرمليس بعد مضي ثلاثة وأربعين قرن من
تسميتها لايزالون يلفظون اسمها كالسابق ( كار ملش) أي ( مدينة مليسو أو مليشو )
وتعود هذه التسمية للسنة 2376 ق م."
في احصاء سنة
1957 وهو احصاء سكاني مهم في تاريخ العراق الحديث كان عدد نفوسها (1876 ) نسمة ومع
انها واجهت عهودا نزح فيها الكثير من سكانها الا انها كانت تضم قرابة ال ( 7000)
نسمة ونفوسها قدر سنة 2008 بما يقارب ال(5000) نسمة يعيشون بأمن وسلام خاصة بعد
تحريرها من سيطرة عناصر داعش على الموصل 2014-2017 .
في بلدة كرمليس
العديد من الاديرة والكنائس .فمن الاديرة : دير مار كوركيس – دير مار يونان – دير
مار يوحنا – دير بنات مريم .ومن الكنائس (كنيسة الاربعون شهيدا - كنيسة القديسة
بربارة – كنيسة مريم العذراء – كنيسة مار أدي الرسول) . كتب عنها الاستاذ حبيب
حنونا كتابا بعنوان ( تاريخ كرمليس ) طبع اكثر من مرة آخرها سنة 2010 كما كتب عنها
الاستاذ بهنام سليمان متي ايضا مقالا متوفرا على شبكة المعلومات العالمية
(الانترنت) .وورد ذكرها في عدد من المدونات الورقية والالكترونية وبأكثر من لغة
منها العربية والسريانية والانكليزية .
تتوفر اليوم في
كرمليس كل مرافق المدينة الحديثة من دور سكنية قديمة مبنية بالجص والحجر واخرى
حديثة مبنية بالسمنت والحديد وفيها اسواق قديمة وازقة ودرابين وفيها شوارع حديثة
ومولات ونواد رياضية وفرق رياضية ومنتديات ثقافية ، ورياض للاطفال ومستوصف كرمليس
(في السبعينات من القرن الماضي كان يعمل به مجدي منصور نوح قاشا) ومدارس ابتدائية
ومتوسطة واعدادية ومجلس لوجهاء واعيان كرمليس ومراكز لخدمة الانترنت ولابد ان نشير
الى ان احد المتبرعين ممن كانوا يعيشون في خارج العراق وهو الاستاذ سركيس اغا جان
، قدم لكرمليس الكثير من الانجازات في هذا المجال ففضلا عن ما ذكرنا بنى في كرمليس
مركزا لخدمات الانترنت وناديا ثقافيا بمساحة (2000) متر مربع وبناء مقبرة بمسافة
(3) دونم وانشاء دار للتعازي وروضة للاطفال ودار لمجلس الاعيان والوجهاء في القصبة
وقام ايضا ببناء (50) شقة للوافدين ورمم كنيسة مار كوركيس واشترى ارضا لتكون مبنى
للنادي الرياضي واهل دير الراهبات القديم ورمم وجهز دير الراهبات الجديد ورمم
كنيسة مار ادي وجهزها ما تحتاجه من اجهزة تكييف واعاد بناء المكتبة القديمة واثثها
ورمم مزار وكنيسة الشهيدة بربارة ووسعها وانشأ جسرا حديديا للمشاة ليسهل العبور
لاهل القرية الى مزار القديسة بربارة وبنى ( 20) لدارا لاسر من الارمن .واهتم
بعيادة السلام وجهزها بالادوية واضاف شبكة انابيب صالحة للشرب في القصبة القديمة
بمسافة (500) متر طولا ونصب مضخة ماء اضافية لضخ الماء من قره قوش الى القصبة وصب
شارع يربط القصبة القديمة بحي الشهداء وبطول (80) مترا .ووزع مستحقات شهرية الى
(122) عائلة نازحة وتولى طبع مجلة ( الكرمة ) ورمم واثث دار المطران والاباء
الكهنة وجهز جوقة موسيقى مركز مار يوسف الثقافي باجهزة التكييف كذلك خصص رواتب
للعاملين في حملات التنظيف وابتاع كراس للمعوقين وجهز بعض المدارس بالمستلزمات
التي تحتاجها وحفر بئرا في دير الراهبات لخدمة بنات القديسة حنة واشترى الكثير من
المولدات الكهربائية باحجام مختلفة ووزعها على الكنائس والهيئات والمجامع الخيرية
والثقافية والرياضية والدينية .وفوق هذا اشترى العديد من الباصات والسيارات لنقل
الطلبة والبنات الايتام والهيئات الخيرية والكنائس .
يقول الاب ثابت
حبيب كاهن رعية كرمليس وهو يتحدث عن كرمليس في 15 من تموز سنة 2017 :" كرمليس
بلدة مسيحية كلدانية تقع شرق مدينة الموصل (25) كم. وفيها خورنة مار ادي – كرمليس.
تحوي البلدة عدة كنائس ومزارات قديمة يعود اقدمها الى القرن السادس – كنيسة مار
كوركيس وكنيسة القديسة بربارة. تميزت بالنشاط الكنسي والاجتماعي والثقافي، كما
تعتبر على مر العصور محافظة على تقليد وطقوس ولغة كنيسة المشرق. في الاحصاء الكنسي
لسنة 2011 كان عدد العوائل المسيحية في البلدة ( 820) أي ما يقارب ال (3000 )
نسمة. سقطت بيد عصابات داعش يوم 6/8/2014. هجرها اهلها مرغمين نحو بغداد واقليم
كوردستان. وبلغ عدد العوائل التي هاجرت الى بلدان الجوار والغرب بسبب التهجير
القسري هو ما يقارب ال ( 200 ) عائلة. أما عدد العوائل الباقية في كرمليس هو نحو (
600 ) عائلة، تنتظر اعمار البلدة واستقرار الوضع الامني والخدمي من اجل العودة وقد
شكلت البطريركية لجنة برئاسة الاب ثابت حبيب وشرعت بترميم عدد من البيوت وهي
بانتظار انتهاء السنة الدراسية لتتمكن العائلات من العودة الى بلدتهم
الحبيبة" .
الف عنها الكاتب
حبيب حنونا كتابا بعنوان ( تاريخ كرمليس ) طبع اكثر من مرة آخرها سنة 2010 كما كتب
عنها الاستاذ بهنام سليمان متي وكتب عنها كثيرا ولايزال يكتب الاخ الاستاذ قصي
يوسف مصلوب وآخرون .
في سنة 1850 كان
الياس بن خوشابا بن عبدال مختارا لبلدة كرمليس .
انجبت كرمليس
الكثير من الشخصيات الذين اسهموا في بناء العراق وتكوينه في كل مجالات الحياة
السياسية والادارية والعسكرية والتعليمية والطبية والثقافية حال مدن العراق الاخرى
وقصباته واقضيته ونواحيه وقراه.
ويقينا ان
المسؤولين في محافظة نينوى مدعون للاهتمام بها وتقديم افضل الخدمات لأهلها في
المجالات الصحية والادارية والبلدية والتربوية والتعليمية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق