الجمعة، 10 يوليو 2020

ناحية المحلبية في محافظة نينوى


ناحية المحلبية في محافظة نينوى 


ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل



كثيرا ما أشجع الشباب ، وخاصة من خريجي اقسام التاريخ ان يكتبوا عن قراهم .. عن موقعها ، وعن علاقتها بالموصل ، وكم نبعد عن مركز المدينة عن تاريخها ، وسبب تسميتها عن وضعها الاقتصادي وعلى ماذا تعتمد في حياتها عن وضعها الاجتماعي عن مدارسها ومستوصفاتها ومراكزها الصحية عن وضعها الثقافي عن من هم شيوخها عن عشائرها عن شعراءها وكتابها وفنانيها عن ابرز اثارها وعن معالمها التاريخية والحضارية والاثارية عن ابرز رجالاتها وغير ذلك .
اليوم أُريد أن اتحدث لكم  عن ناحية مهمة لها تاريخ هي ( ناحية المحلبية) ، واهلها الطيبون الاصلاء ، ومواقفهم الوطنية ..المحلبية بليدة عريقة لها تاريخ ثر .. كتب عنها البلدانيون العرب ، وكتب عنها المؤرخ محمد امين العمري في كتابه ( منهل الاولياء ) . وقال ان المحلبية (  مدينة صغيرة بين الموصل وسنجار .. كانت عامرة من قديم الزمان والان (القرن19) هي آثار ورسوم .
 ويعلق الاستاذ سعيد الديوه جي المؤرخ المعروف ، وهو من حقق الكتاب هذا بقوله : جاء عنها في كتاب (معجم البلدان ) لياقوت العمري وسماها ( كورة تل المحلبية ) : انها بُليدة بين الموصل وسنجار ، وهي "  قصبة كورة المرج من تلعفر وجميعها أملاك لإهلها ،  وليس للسلطان فيها ،  إلا خراج يسير"  أي قليل وهي قرية كبيرة في الوقت الحاضر (1967) مشهورة بالزراعة كان قد خربها تيمورلنك في الفرن 14 الميلادي وقبل قرن عمرها بعض سكان تلعفر وفيها بساتين اكثر اشجارها الزيتون والرمان يجاور القرية خرائب (يعني آثار ) المحلبية القديمة .
يقول الشيخ سفر الحمداني ان المحلبية لها تاريخ قبل الميلاد وآثارها لا زالت موجودة مثل ( تل خميرة) ،  وهي الآن عبارة عن قلعة في الوسط محاطة بقلاع ،  وهناك  تلول منتظمة هندسية الشكل ، وتل ( بليوس)  قرب العين الأثري...
 المحلبية الحالية ، قامت  بالقرب من الخرائب  بنتها عشيرة المولى والبو دولة " الحمدانيون" في القرن الثامن عشر. ثم توالت الهجرات من قبل العشائر والبيوتات من عشائر شتى . وسكان المحلبية اغلبهم عشائر عربية أكبرها المولى والبو دولة ، وطي والعبيد والحديديين والجبور والعنزة . وهناك خمس وخمسون قرية تابعة للناحية

أما الاستاذ يونس محمود الحمداني فيقول أن  الرأي السائد عند البلدانيين والجغرافيين القدماء أن أسم المحلبية مشتق  من نبات (المحلب ) وهي شجرة عطرية طيبة الرائحة تستعمل بذورها في الطعام والمطابخ وأعوادها في صناعة العصي( مثل الخيزران ) وتمتاز هذه العصي (العكازة ) بأنها تحتفظ  برائحتها العطرية على مر السنوات وكانت هذه الشجيرات منتشرة بصورة كثيفة في منطقة المحلبية.
 ليس في المحلبية نهر جار  ماعدا عين ماء المحلبية . وللاسف ومنذ سنة 2007  جفت .  وكما هو معروف  فإن  قصبة المحلبية  تقع أسفل سلسلة جبلية وأطئة تمتد من تلعفر إلى جبل حمرين هذه السلسلة تشكلت فيها وديان عميقة تجري خلال سهول المحلبية جنوبا ولاتزال آثار السدود العظيمة وهي من العصر العباسي  باقية إلى يومنا  هذا .
وتدل الاثار أن المغول عاثوا في المحلبية دمارا وقد عثر على شاهد قبر في خرائب المدينة جنوبا وعلى شاهد القبر كتابة نصها  ( الشهيد شهاب الدين أحمد قتل مظلوما سنة 660 هجرية 1261 ميلادية . وشاهد القبر موجود لحد الان ومحفوظ في جامع عمر بن الخطاب في المحلبية .
أما النكبة الكبرى فقد جاءت على يد (تيمور لنك) في القرن الخامس عشر الميلادي . وكان هناك طريقا دارسا واضح الاثار قبل سنوات يسميه الناس  (طريق تيمورلنك تيمور يولي ) وهو  الطريق الذي سلكه بعد اجتياح العراق والتوجه نحو الغرب إلى سوريا وتركيا والدليل على حدوث الدمار الشامل لان المحلبية كانت تكثر فيها الأبار داخل البيوت وأثارها باقية إلى الآن بأعداد كبيرة . .
ويذكر  المؤرخ ياسين العمري في كتابه ( منية الادباء في تاريخ الموصل الحدباء )  أن تيمورلنك جعل المحلبية  أثرا  بعد عين وقتل جميع سكانها وكانت هذه الحوادث حوالي 1420 ميلادية .  وبقيت المحلبية خالية منذ ذلك التاريخ وأصبحت منطقة تسكنها القبائل والبدو الرحل أثناء فصل الربيع والصيف لكثرة المراعي ووجود الماء حتى حوالي  سنة 1832 1835 عندما نزح إليها جد عائلة ال ياغوب مصطفى من تلعفر وسكن فيها ثم لحق به جد عائلة البو صالح من عشيرة البو دولة ومن ثم اجتماع حول هاتين العائلتين  مع عوائل أُخرى إخرين محسوبة عليهما  وأغلب سكان المحلبية الآن ينتمون إلى هاتين العائلتين .

يقول الاستاذ عبد القادر علي إن المحلبية الحديثة تأسست 1832 بعد أن قدم اليها المرحوم مصطفى يعقوب (ياغوب ) المولى من منطقة السراي في تلعفر وقام ببناء بيت له ولاخوانه ثم تولت العوائل من تلعفر  تنتقل اليها. أما بالنسبة للعشاير الموجودة في المحلبية. عشيرة المولى وعشيرة البودولة الحمدانيين والشيخولية والحديدين والجبور وطي وغالبية  أهلها من التركمان والمنطقة كلها تتحدث باللغة التركمانية.واهلها من أطيب الناس وتراهم في المواقف الصعبة كأنهم عائلة واحدة.
وقد اشار صاحب كتاب (الخراج ) إبن قدامة الى ان المحلبية معروفة بوجود اشجار النخيل وتحدث عن جودة تمرها وبلحها حتى ان احد اسواق الموصل اشتهر ببيع تمر المحلبية .كما ذكر انها كانت غنية بالمزارع الواسعة والمساحات الخضراء .
وقال المؤرخ ياسين العمري في كتابه (منية الادباء ) ان المحلبية من اعمال الموصل عند فتح الموصل في عهد عمر بن الخطاب سنة 637 ميلادية و من فتحها القائد الاسلامي عياض بن غنم .ويوجد بالقرب من المحلبية طريق يسمى (تيمور يولي ) اي طريق تيمور وهويؤدي الى قرية عداية ومنها الى الحضر وتكريت ... ويينا انا عانت من غزو المغول للموصل سنة 1260 وسقطت بأيدهم بعد سقوط الموصل وتلعفر ومما يؤكد ذلك شاهد قبر وجد في خرائب المحلبية يعود كما كان مكتوبا عليه للشهيد شهاب الدين احمد الذي قتل مظلوما سنة 660 هجرية -1262 ميلادية ..
يقول الاستاذ سعيد الديوه جي في تعليق له عن المحلبية انها في الوقت الحاضر ويقصد السنة ( 1967) من القرى الكبيرة وهي ناحية يزيد عدد سكانها على الف نسمة ولهم مزارع واسعة وبساتين يزرع فيها الزيتون والرمان وبيوت سكانها مبنية بالحجارة والجص .كان اجدادهم قد سكنوها قبل قرن ونصف قرن ولا تزال تجاورها خرائب ( آثار) واسعة هي خرائب المحلبية القديمة .
في المحلبية احياء قديمة منها (محلة ياغوبلي محله سي)  اي محلة ال ياغوب اي ال يعقوب وهو مؤسسها في العصر الحديث و(محلة صالح لي محله سي)  أي محلة ال صالح وهو قريبه اي قريب يعقوب .. وهناك محلة العرب عرب محله سي ومحلة علي وهب محله سي والحي العسكري وحي القادسية وحي الشهداء والمحلبية القديمة كان فيها الحي القديم وحي العرب .

المحلبية اذا ناحية تبعد عن الموصل 35 كيلومترا غربا وعن تلعفر 31 كيلومترا الى الجنوب الشرقي عند سفوح جبل علان .وتعد من القصبات التاريخية العريقة يرقى تاريخها الى الالف الثالث قبل الميلاد وخلال العهد الاشوري كانت عامرة بالسكان ومن بقاياها اثار تل باليوز وهي من القلاع الاشورية وهناك مجموعة من التلال الاثارية التي تقع بالقرب من المحلبية .وخلال العصور الاسلامية كانت كورة المحلبية تابعة لكورة اسكي موصل .
في العصور الحديثة يقول المؤرخ التلعفري الاستاذ رشيد عبد القادر الرشيد
ان من اعاد تأسيس قصبة المحلبية رجل اسمه مصطفى يعقوب وهو من الموالي قدم اليها من محلة السراي بتلعفر سنة 1835 تقريبا وبنى له ولاولاده علي وعبوش ويوسف وعبد الرحمن دورا سكنية ثم التحق به عدد من الناس منهم صالح حسين وكانت بين الرجلين علاقة مصاهرة وشيئا فشيئا كثر قدم السكان الى المحلبية وكان هؤلاء يهتمون بالزراعة وتربية المواشي .
سكان المحلبية يعتمدون في معيشتهم على زراعة الحنطة والشعير ويملكون اراضيهم كما يملكون بساتين التين والرمان والزيتون وهناك احصائية تقول ان عدد اشجار الزيتون يصل الى 5000 شجرة مثمرة وكانت هذه الاشجار تسقى من عين المحلبية التي اشرت اليها .ويعتمد البعض من سكان المحلبية على الري ويمتلك اهاليها الاغنام والابقار وعندهم حقول للدواجن ويبدو ان السكان ومنذ خمسين سنة اتجهوا الى الوظائف الحكومية والالتحاق بالجيش . ومع هذا فهناك في المحلبية اليوم ( دائرة محطة زراعة النخيل ) وهي اول محطة من نوعها في المنطقة لتشجيع زراعة النخيل .

من الطريف ان اقول مع الاخ المؤرخ رشيد عبد القادر الرشيد ان غالبية سكان المحلبية من اعقاب السيد مصطفى ياغوب اي من الموالي ومن اعقاب علي الدولة وهم انفسهم اعقاب صالح حسين البقال الذي اشرت اليه انفا مع وجود اسر كردية وجماعات من ابناء العشائر العربية الذين عملوا في الرعي .
كانت المحلبية تابعة لقضاء تلعفر حتى سنة١٩٨٦بعد ذلك أصبحت تابعة الى قضاء الموصل وكان السيد عصام احمد رشان اول مدير لناحية المحلبية . وقد تولاها عدد من مدراء النواحي ومنذ ان استحدثت ناحية المحلبية كما يقول الاستاذ يونس محمود الحمداني ، بموجب المرسوم الجمهوري رقم (100) سنة 1971 . وقد الغيت الناحية بعد ذلك بمرسوم جمهوري سنة 1987 واعيد استحداثها ثانية في سنة 2000 وعين السيد ليث مشحن رافع مديرا لها وما زالت تتبع قضاء الموصل . وادناه اسماء مدراء ناحية المحلبية من سنة 1971 الى سنة 2005
 1
 عصام أحمد رشان - 1971/8/15 - 1973/9/13
2
مؤيد غانم المحروق - 1973/9/12- 1975/9/12
3
مولود عبدالله احمد- 1975/9/15- 1978/8/4
 4
ممتاز هاشم جاسم - 1978/8/5-1982/8/15
5
ناظم صادق جعفر -1982/8/15- 1985/9/15
6
يوسف عبدالهادي عبد الرسول- 1985/9/15- 1987/12/15
7
ليثم مشحن رافع 2000/10/4 - 2001/9/23
 8
سبهان محمد شبيب -2001/9/24 -2003/4/9
9
عبدالرازق علي محمد - 2003/7/24 -2005/7/26
 10
 عبدالرحمن حسن إبراهيم أغا - 2005/9/4

تتبع الناحية ( 52) قرية ابرزها تل زلط - السحاجي - الشيخ ابراهيم - تل هصر - نزازة - عداية ويبلغ مجموع سكان مركز الناحية (14) الف نسمة حسب احصاء سنة 2012 .
في ناحية المحلبية عشرة مساجد منها مسجد عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وهناك مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية منها مدرسة المحلبية الابتدائية للبنين ومدرسة المحلبية الابتدائية للبنات وثانوية المحلبية للبنين واخرى للبنات ومركز صحي ومختبر للتحليلات المرضية ومستوصف بيطري ودوائر حكومية . منها مديرية ناحية المحلبية ومديرية شرطة ناحية المحلبية ومركزشرطة المحلبية ودائرة الاحوال المدنية ودوائر للماء والمجاري والاطفاء والكهرباء كما ان فيها شعراء وكتاب وفنانون وفرق رياضية وسأعود اليها ثانية .
وفي المحلبية ملعبان لكرة القدم ومسبح مغلق ومسقف وقاعة للمناسبات وهناك مكتبة عامة لكنها مهملة وخالية من الكتب للاسف اتخذت مركزا للانتخابات ولاوجود للمتنزهات والحدائق ولااية اماكن ترفيهية او ملاعب للاطفال

الشخصيات البارزة في المحلبية قديما الحاج يونس آغا صالح البودولة ، والحاج سعيد أغا صالح البودولة ، والحاج محمد علي ياسين صالح واحمد الحاج يونس صالح البودولة والأستاذ محمود يونس صالح والأستاذ عبدالجبار إبراهيم صالح  و الحاج فتحي حمزة والحاج محمد شريف كرموش والحاج حسين علي ياغوب والحاج ابراهيم يوسف ياغوب و ياسين ابراهيم بكر والمرحوم احمد حمو بكر .
وفي الوقت الحاضر من الشخصيات البارزة في المحلبية الأستاذ عبدالجبار إبراهيم صالح ، والشيخ عبدالرحمن حسن إبراهيم آغا رئيس عشيرة البو دولة ، ومدير ناحية المحلبية والشيخ فاضل محمد علي ياسين شيخ البو صالح في المحلبية ، وعصام أحمد قدو من القدو ، وعبدالله فتحي حمزة من البو وهب ، وزهير عبدالقادر من البو كرموش وعلي حسين ياغوب ، ومحمد احمد حمو من ال بكر ، والمقدم نجم سعيد من ال حموش ، والدكتور سالم احمد فنوش ، وحسين حسن علي من ال شيخو ، وعامر وسمي علي من الحديديين ، وسعيد احمد مراد من ال مراد.

كانت المحلبية منذ سنوات بعيدة تمتاز بعين الماء الجاري والتي كانت سببا في قيام الكثير من البساتين وخاصة أشجار التين والرمان . إلا انها للاسف الشديد جف ماؤها وغار . ومنذ سنة 2007  طالها الاهمال فاندثرت تلك البساتين العامرة ، ولم يبق منها الا القليل القليل اما بخصوص سكانها فالغالبية هم من التركمان من عشائر المولى والحمدانيين وهناك من العرب أيضا من الحديديين والجبور وغيرهم من قبائلنا العريقة.
ارجو ممن لديه معلومات اضافية التعليق والاضافة لتتكون لدينا صورة متكاملة عن هذه الناحية التاريخية العريقة .

 وفيما يتعلق بتاريخ الكهرباء الوطنية في ناحية المحلبية
 فإن الكهرباء  وصلت يوم الأحد 10 أذار 1974 فقد جاء فريق من المهندسين وعمال مديرية كهرباء نينوى  وقاموا بتثبيت مكان أعمدة الإنارة وباشر قسم من العمال  بحفر مكان أعمدة الانارة وفي يوم الخميس 21 تشرين الثاني 1974 وصل محافظ نينوى فليح حسن الجاسم وقائمقامي الموصل وتلعفر ومدير بلدية الموصل ومدير شرطة نينوى ومهندسين وفنيين وعمال مديرية كهرباء نينوى وكان في استقبالهم مدير الناحية الاستاذ مؤيد غانم المحروق وتم إفتتاح كهرباء ناحية المحلبية ▪


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....