الخميس، 9 يوليو 2020

قبل 17 عاماً أحمد سامي الجلبي يكتب عن محيي الدين أبو الخطاب!!.............. أ.د.إبراهيم خليل العلاف


        قبل 17 عاماً أحمد سامي الجلبي يكتب عن محيي الدين أبو الخطاب!!

                                                                   أ.د.إبراهيم خليل العلاف
                                              مركز الدراسات الإقليمية -جامعة الموصل

        جميل أن نقف على رأي أحد رواد الصحافة الموصلية بما كان يكتبه زميله، وجميل جدا أن تسود المحبة بين الصحفيين،وهم يقيمون بعضهم البعض ويشيدون بما تنجزه أقلامهم من مقالات ودراسات وتحقيقات وما شاكل
 ذلك من فنون الصحافة وأساليبها.
        وفي العدد (526) من جريدة الحدباء الصادرة في 16حزيران 1992، كتب الأستاذ الصحفي الرائد أحمد سامي الجلبي ، رحمه الله، عن زميله محيي الدين أبو الخطاب مقالاً بعنوان:"أبو الخطاب .. رائد من رواد الصحافة الموصلية"، والمقال متميز ، بحق، لأنه استعرض شخصية أبو الخطاب، ونقده الاجتماعي وآثاره الأدبية، وجانبا من خصوماته ومساجلاته، وتأتي قيمة ماكتب الأستاذ ألجلبي في أن أبو الخطاب ظاهرة فريدة في الأدب والفكر والصحافة الموصلية منذ بداية الثلاثينات من القرن الماضي.
        ولد محيي الدين الشيخ شهاب وكنيته (أبو الخطاب) في الموصل سنة 1894 ،وتخرج في دار المعلمين، ثم التحق بدورة ضباط الاحتياط في استانبول أثناء الحرب العالمية الأولى(1914-1918 )، وشارك في الحرب ضمن جبهتي القفقاس ثم فلسطين واسر من قبل القوات البريطانية. وبعد إطلاق سراحه اثر انتهاء الأعمال الحربية عاد إلى الموصل وعمل في سلك التعليم والتحق بجمعية العلم السرية التي واجهت الاحتلال البريطاني، ودخل كلية الحقوق وتخرج منها ومارس المحاماة، واتجه نحو الصحافة وبدأت مسيرته مع جريدة المعارف ثم الرقيب، وفي 3 نيسان 1936 اصدر جريدته الشهيرة (الأديب) التي عرف بها وعرفت به وبعد أن توقفت عن الصدور، وكانت جريدة أدبية اجتماعية اقتصادية، أصبح المدير المسؤول لجريدة المساء لصاحبها عادل عوني والصادرة في تشرين الثاني 1938 وبعدها عمل في جريدة الهلال الصادرة في تشرين الثاني 1938 وبعدها عمل في جريدة الهلال الصادرة سنة 1941 وتركها ليصدر ثانية جريدته الأديب في 12 تشرين الأول 1945، وفي سنة 1953 عاد ليصدر جريدة (صوت الأديب) فتوفى رحمه الله.
        كان أبو الخطاب، كما يقول الأستاذ أحمد سامي الجلبي، ناقدا اجتماعيا من الطراز الأول، ويتضح ذلك من خلال عناوين المقالات التي كان يكتبها في هذا المضمار ومنها على سبيل المثال مقالاته الموسومة: (الغريب)،(من هو الفقير؟)، (نامت عيون الشعب عنكم يابؤساء)، (المعلم)،(احفظوا لي عقيدتي وعاطفتي)، (ولكم أن تحكموا)، (عواطف شاب نحو الجندية العراقية)، (وكانت تلك المقالات)، ويضيف الاستاذ الجلبي (فصولاً أدبية ممتعة)، فأبو الخطاب كان يتمتع بـ (سلامة الذوق)، و(بلاغة الأسلوب). فضلاَ عن ما كان يحمله من روح المداعبة والمرح.
        قيم الأستاذ الدكتور عبد الجبار الجو مرد أبو الخطاب تقييماً متميزا فقال مانصه: ( أبو الخطاب فريد عصره، ونابغة في الأدب، وكأني أراه قد سبق جيله بمئات السنين، ودليل قولي أن أبا الخطاب إذا سما إلى أوج الفلسفة ضاع علينا فهمه، وإذا غاص في لجة الأدب صعب علينا علمه)، ثم اتبع تقويمه هذا بأبيات من الشعر منها:
                     لم يكن كاتبا أبو الخطاب
                                               بل طبيب الأرواح والألباب
                     قلم ينفث البيان من السحر
                                               فتــــــــزهو خمــائل الآداب
        أما الأستاذ والمربي المعروف محمود الجو مرد فكتب عنه (28) مقالة في جريدة الهلال ابتدأت بالعدد (36) الصادر في 4 كانون الثاني 1942 بعنوان : (بطاقة أستاذي ابو الخطاب.. الكاتب الاجتماعي).
        واجه أبو الخطاب غبنا شديدا من سلطة الاحتلال البريطاني والسلطة الرجعية الحاكمة آنذاك، واعتقل لمرات متعددة بتهمة (اهانة الحكومة والسخرية منها)، وكان ذلك سنة 1951 وأحيل إلى المحاكم وتوكل للدفاع عنه محاميان بارزان هما الأستاذ محمود الجلبي ، وحازم المفتي ومما جاء في مطالعتهما أمام محكمة الجزاء الأولى في الموصل:((إن للأديب وصاحب الأديب خدمات جليلة، فعندما كانت البلاد تسقط تحت مطارق الظلم والطيش، كان صوت أبي الخطاب ينطق في الفضاء كالصواعق يرسل الشواظ، فيه نيران وفيه رعد وبرق يرسله كالحسم على أعداء البلاد من سادة وإقطاعيين وخونة مارقين ونفعيين ووصوليين)).
        المهم أن المحكمة اصدرا قرارها القاضي بالافراح عن أبي الخطاب. لكن مما ينبغي ذكره انه تعرض الاعتداء في آب 1952 من قبل مجهولين أوسعوه ضربا ،وأحدثوا في رأسه جروحا بليغة والغريب أن الشرطة كانت عاجزة، فاستنكر الناس في الموصل ومنهم المحامين هذا الاعتداء وطالبوا باتخاذ الإجراءات الحازمة ضد المعتدين.. كما وقفت الصحافة الموصلية معه وجاء في برقية أصحاب الصحف ((إن الحرية الصحفية في الموصل مضطهدة لايمكن أن تؤدي رسالتها بعد أن وقع الاعتداء على الأستاذ أبو الخطاب صاحب الأديب وعلى عينك ياتاجر!!)).
        عرف الأستاذ محيي الدين أبو الخطاب بلسانه اللاذع ونقده الساخر ورغبته في الدخول في خصومات كلامية مع عدد من زملائه الصحفيين والكتاب، ولعل خصوماته مع الأستاذ الباحث والمؤرخ عبد المنعم ألغلامي ، والصحفي الكبير الأستاذ عبد الباسط يونس من أشهرها، لكن تلك الخصومة لم تكن لتدم طويلاً ، إذ كان أبو الخطاب معروف  بطيبة قلبه، وصفاء سريرته كان ينهى تلك الخصومة التي تجد لها مساحة على صفحات الصحف. وقد حدثني من أثق بكلامهم أن أبو الخطاب كان يقف إلى جانب مرتبي الحروف في المطبعة ويملي عليهم مقاله الافتتاحي ودون أن يلجا إلى كتابته على ورق وقد أكد الأستاذ ألجلبي ذلك عندما قال : (أن أبا الخطاب كان ، بحق، كاتبا بارعا، وصحفيا متميزا)) رحم الله أبا الخطاب ورحم الله ألجلبي فلقد كانا صحفيان لايجود الزمان بمثلهما كثيرا.    


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....