رثاثة بقلم: الاستاذ سامي مهدي

رثاثة
بقلم: الاستاذ سامي مهدي

كنت حتى اليوم أغبط الذين يترددون على شارع المتنبي كل يوم جمعة ، فأنا مثلهم كنت أتردد على هذا الشارع ، كل يوم جمعة ، خلال أكثر من ثلاثة عقود . ولكنني توقفت عن ذلك منذ عشر سنوات .
اليوم ، وفي نوبة مفاجئة ، قررت أن أذهب إلى هناك ، لأرى كيف أصبح حال هذا الشارع ، وماذا تغير فيه ليصبح شارعاً لنزهة أسبوعية يتباهى بها من يذهبون إليه ويعرضون صورهم التي التقطوها فيه على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي ؟
ذهبت واصطحبت معي أم نوار ، فاستأجرنا أكثر من سيارة ، ودفعنا الكثير ، وتحملنا عناء الطريق وعذاب السيطرات ، حتى وصلنا ساحة الميدان ، ثم نزلنا وذهبنا إلى هناك راجلين .
نعم ، لقد تغيرت أشياء كثيرة ، في شارع الرشيد ، وفي شارع المتنبي نفسه ، ولكن نحو الأسوء ، فقد عمّت الرثاثة وزال ما كان للأشياء هناك من بهاء ، فلم نر إلا اطلالاً وخرائب .

قصيدة :

أشياء رثة

رثّةٌ هذه الطرقاتْ
والبيوتْ
رثّةٌ .. والوجوهْ
كلُّ شيءٍ هنا أدركتْه الرثاثةُ
حتى الهواءْ
رثَّ من فرطِ ما استنشقوه
وما نفثوهْ
وتراهم يدبّونَ
لا يعجلونَ ولا يأبهونْ
وتراهم يقيتون أرواحهم بتراتيلَ
لا تستطيعُ بلوغ السماءْ .

رثّةٌ هذه الطرقاتْ
رثّةٌ هذه الحدقاتْ
والعيونُ مغيَّبة في محاجرها
في انتظارِ رياحٍ تغيّرُ شكلَ الحياةْ .