مواقع التواصل الاجتماعي والوعي الموازي
بقلم : الاستاذ إيهاب شوقي
اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما مواقع فيسبوك وتويتر وسيلة للوعي والتحريض والحشد، واصبح اعتماد عدد كبير لايستهان به من الشباب في تلقي المعلومة على عاتق هذه المواقع، وبرغم ايجابيات التواصل العديدة، الا ان هناك مخاطر للاعتماد الغير مدقق على المعلومات والاعتماد على تشكيل الوعي من مصادر غير معلومة التوجه، ولاسيما في عصر اصبحت الميديا فيه اكثر جذبا من الكتاب.
استطلعت شبكة الاخبار العربية اراء بعض المثقفين والسياسيين في ماهية المخاطر القادمة من انتشار هذه المواقع وتزايد الارتباط بها على الوعي الجمعي وكذلك الوضع السياسي.
يقول الكاتب والباحث السيد شبل:
تلعب مواقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك وتويتر"، دورًا غاية في الخطورة في إطار كونها أداة من أدوات النظام العالمي الجديد الرامي لزعزعة الإنتماء الوطني والقومي لصالح نموذج "المواطن العالمي" الذي تتلقفه الشركات عابرة القارات وتوظفه القوميات "المتسيّدة" لصالح خدمتها - وفقًا لنظرية نهاية التاريخ التي يؤمن بها غالب القادة الغربيين اليوم-..
مضيفا أنها قد نجحت عبر مراحل متعددة في محو ذاكرة الكثيرين، وتشويه الثوابت لديهم، وأستعانت على ذلك بما لدى غالبية متعلمي شعوب العالم العربي - أقل من 40 عام - من جهل عام وطبائع تميل إلي الإنقياد للنموذج الغربي الحداثي - كواحدة من سلبيات التربية التي لا تراعي الجانب النفسي وتتوقف عند مرحلة حشو المعلومات، واستطاعت خلال بضع سنوات في ظل انسحاب تام لدور الدولة المصرية في أن تحتل مكانها كمهيمنة وموجهة وقائدة ومُرهبة في أحايين كثيرة.. "الإرهاب الفكري
".. فمن خلال الدفاع عن سلوك أو رأي ما ودعمه بحقائق مجتزأة من سياقها أو بأكاذيب تأخذ شكل الحقائق، وبالإلحاح على ذلك "إستراتيجية التكرار"، يصبح هو السائد والخروج عنه جرم يتسبب لصاحبه في انتقادات كثيرة مما يدفعه للنكوص والعودة إلي الحظيرة الآمنة التي لا يلقى فيها لوم أو عتاب - ونحن هنا نتحدث عن الفرد قليل الخبرة محدود المعلومات –، ولكن قد يمتد الإرهاب لقامات فكرية فيحجِّم إن لم يكن يمنع -ضعيفي العزم منهم- دورهم الإيجابي المطلوب للتصويب ودفع عجلة التغيير في الإتجاه السليم.
كذلك فإن واحدة من أبرز سوءات هذه المواقع هي أنها صارت المصدر الوحيد للأخبار لدى قطاع عريض من الشباب، للدرجة التي دفعت عدد من المواقع الإخبارية الهامة للتعاقد سرًا مع مسؤولي صفحات تحظى بعدد كبير من المتابعين، حتى يقوم المسؤلون عنها بنشر أخبار هذا الموقع دون غيره.. وهذا بعد تجاري يحقق لأصحابه أرباحًا ولا يمكن إغفاله في إطار البحث داخل هذا العالم المبهم والمتشعّب فوق تصور أي شخص سوى مؤسسيه.
ويختتم شبل كلامه بالقول: بالإضافة إلي كل ماسبق، فإن هناك العديد من الصفحات الموجهة والتي تحظى بشعبية كبيرة يقوم القائمون على أمرها باختيار ما يناسب هواهم من الأخبار وترك ما لا يناسبه، بل وتفرض على متابعيها ومتلقي أخبارها نموذجًا للإستجابة يتصرفون بناءًا عليه كل هذا يتم بطريقة ناعمة تناسب طبيعة الشبكة العنكبوتية وقوتها الذكية غير الغشيمة أو الصدامية.
ويقول الدكتور محمد فكري الجزار الاستاذ بكلية الاداب جامعة المنوفية:
في المجتمعات المختلة بنيويا ، المضطربة ممارسة ، الفاقدة للمعايير ، يصبح كل متاح للجميع مكانا تتجلى فيه كل الصفات السابقة . ومواقع الاتصال الاجتماعي أبرز الأمثلة على هذا . عليها ، نجد الجميع ، حيث الحق في الكلام في أي شيء وبأي طريقة حق للجميع ، وحيث الأخطاء ، بل الخطايا الذهنية غير قابلة للتصحيح ، فهي ثابتة في مواضعها بحجة "حرية الرأي" و"وجهة النظر" والتي تضفي عليها وجاهة الوجود ، فضلا عن المشروعية ..
هنا ، أعني في مواقع التواصل الاجتماعي ، يوجد المثقف والمفكر والفيلسوف على قدم المساواة تماما مع الأمي الذي لا يحسن من أمره شيئا ، فضلا عن أن يحسن خطاب الآخرين . وأنت لا تحتاج أكثر من اسم وبريد إلكتروني وبعض المعلومات ، ولا يهم في كل هذا أن يكون حقيقيا أو وهميا ، فشرط الصدق ــ هنا ــ مرفوع تماما ، وربما كان ارتفاعه مقصود تماما أيضا ، لحماية الحق في التعبير كما يروج .
وإشكالنا مصريا ، وربما عربيا ، أن السياسة من عاديات حياتنا وأهم هذه العاديات ، وهكذا صارت مواقع التواصل الاجتماعي بنفس الصفات السابقة مواقع تواصل سياسي . ونظرا لما حدث فيما سمي بالربيع العربي وقيادة مواقع التواصل الاجتماعي ، دخلت مؤسسات رسمية على الخط ، في محاولة لصناعة رأي عام ، بدءا من الجيش والمخابرات ومرورا بالقضاء ووصولا إلى الإعلام ، ويكفي أن يجاور عنوان الصفحة بين قوسين : "صفحة غير رسمية" .
ولما كان توجيه الرأي العام غير مشروط بالصدق في الغالب ، فقد زاد على الصراع بين المعرفة والجهل صراع آخر بين الصدق والكذب . ولما لم يكن الخلاف على صفحات هذه المواقع منذورا للحسم ، فقد صارت مواقع للتقاطع الاجتماعي وليس التواصل مطلقا . ودخول المؤسسة/المؤسسات الوطنية على لعبة الأفراد ، أدخل أيضا ما هو أخطر ، أعني أجهزة المخابرات العالمية ، ولم يكن لمثل هذا التجمع الهائل والحديث اللامتناهي في كل شيء أن يكون بمنأى عن تلك الأجهزة التي ربما لم تكتف بالمراقبة وجمع المعلومات بل اصطنعت لنفسها صفحات بأسماء أفراد لتمارس لعبة التوجيه هي الأخرى إلى جانب جمع المعلومات ، ولعل هؤلاء الأفراد أصبحوا أصدقاء مقربين جدا لكثيرين ، لعلي من بينهم دون أن أدري .
إنها مواقع للفوضى الاجتماعية تحت اسم التواصل ، فإضافة لما سبق ، نجد صفحات جنسية ، وأخرى إلحادية ، وثالثة طائفية ، والغريب أن مثل هذه الصفحات أو المجموعات تمتلك أكبر العضويات عددا . إننا على هذه المواقع لا نتمزق اجتماعيا فحسب ، بل تسقط قيم كل شيء بدءا العلم وانتهاء بالأخلاق ، بحيث يمكننا الزعم ــ باطمئنان ــ أن الوطن نفسه يسقط ، فماذا يصنع كل هذا غير صناعة قوى احتجاجية تفتقر إلى وضوح المطالب ، فلا يكون أمامها إلا أن تلتقط من هنا شيئا ومن هناك شيئا ، لتمرر مشروعية استمرارها في الاحتجاج ، لتقوم القوى السياسية أو المخابراتية باستثمارها للتحول من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي ، ليكون ما نراه في شوارعنا من دم ونار .
والمواجهة الحقيقية ليست في الرقابة على هذه المواقع ، بل بعلاج ما بدأنا به ، أعني علاج الخلل البنيوي في المجتمع ، وتنظيم ممارسات أفراده وجماعات بما يحقق مصالحهم ، وتبني معايير موضوعية لتكافؤنا كأفراد ضمن منظومة اجتماعية واحدة .. يومها ، ويومها فقط ، سيكون لدينا مواقع للتواصل الاجتماعي حقيقة وليس افتراضا .
ويقول الباحث عمرو صابح:
مواقع التواصل الاجتماعى لعبت دوراً هاماً فى نشر الأحداث وتصدير الأفكار وربط الشباب ببعضه حول العالم ولها أثار اجتماعية وسياسية خطيرة لم تدرس بعد على النحو الكافي ، ومن أشد عيوبها كونها مرتع خصب لانتشار الشائعات وقلب الحقائق كما أنها تقدم إعلام سريع بدون محتوى عميق.
ويقول الكاتب والمفكر الناصري الدكتور صفوت حاتم:
برغم ايجابيات وسائل التواصل في تبادل الوعي والافكار، الا انها وباعتبارها عشوائية وغير مقننة، فإنها يمكن ان تكون وسيلة لنشر افكار وآراء وثقافة غير مدققة وغير علمية ويسهل ترديدها وتكرارها وتحولها لوعي ثابت يمكن الاعتماد عليه.
وهذه الوسيلة تختلف عن وسائل الاعلام الاخري كالتليفزيون، في ان المتلقي لها ليس سلبيا بل يمكنه ان يشارك ويوضح ولكن ولتأثيرها الجاذب لوقت المشارك فقد اختفت معها الثقافة واختفى معها الكتاب، بحيث اصبحت معها المعلومات عشوائية مما يجعلها مضرة في معظم الأحيان.
وعن تأثيرها على الثورات بالنجاح او الفشل، يضيف الدكتور صفوت، أنه لايمكن الحكم الآن فالوقت مبكر على ذلك، وسيتضح بعد تقييم الثورات نفسها، هل هي ثورات ناجحة ام فاشلة، فمثل هذه المواقع كمثل الاحزاب والتنظيمات السياسية، الا انها اصبحت اكثر اهمية من الاحزاب بسبب الاقبال والمشاركة، وهو الشئ الذي تفتقده الاحزاب.
ويختتم الدكتور صفوت كلامه بتوقع ان تصبح هذه المواقع هي المصدر الاول للمشاهدة والمتابعة وتلقي المعلومة وستتفوق على التليفزيون ووكالات الانباء نظرا لتزايد الاقبال عليها والشغف بها.
*http://www.anntv.tv/new/showsubject.aspx?id=84693
بقلم : الاستاذ إيهاب شوقي
اصبحت وسائل التواصل الاجتماعي ولاسيما مواقع فيسبوك وتويتر وسيلة للوعي والتحريض والحشد، واصبح اعتماد عدد كبير لايستهان به من الشباب في تلقي المعلومة على عاتق هذه المواقع، وبرغم ايجابيات التواصل العديدة، الا ان هناك مخاطر للاعتماد الغير مدقق على المعلومات والاعتماد على تشكيل الوعي من مصادر غير معلومة التوجه، ولاسيما في عصر اصبحت الميديا فيه اكثر جذبا من الكتاب.
استطلعت شبكة الاخبار العربية اراء بعض المثقفين والسياسيين في ماهية المخاطر القادمة من انتشار هذه المواقع وتزايد الارتباط بها على الوعي الجمعي وكذلك الوضع السياسي.
يقول الكاتب والباحث السيد شبل:
تلعب مواقع التواصل الإجتماعي "فيس بوك وتويتر"، دورًا غاية في الخطورة في إطار كونها أداة من أدوات النظام العالمي الجديد الرامي لزعزعة الإنتماء الوطني والقومي لصالح نموذج "المواطن العالمي" الذي تتلقفه الشركات عابرة القارات وتوظفه القوميات "المتسيّدة" لصالح خدمتها - وفقًا لنظرية نهاية التاريخ التي يؤمن بها غالب القادة الغربيين اليوم-..
مضيفا أنها قد نجحت عبر مراحل متعددة في محو ذاكرة الكثيرين، وتشويه الثوابت لديهم، وأستعانت على ذلك بما لدى غالبية متعلمي شعوب العالم العربي - أقل من 40 عام - من جهل عام وطبائع تميل إلي الإنقياد للنموذج الغربي الحداثي - كواحدة من سلبيات التربية التي لا تراعي الجانب النفسي وتتوقف عند مرحلة حشو المعلومات، واستطاعت خلال بضع سنوات في ظل انسحاب تام لدور الدولة المصرية في أن تحتل مكانها كمهيمنة وموجهة وقائدة ومُرهبة في أحايين كثيرة.. "الإرهاب الفكري
".. فمن خلال الدفاع عن سلوك أو رأي ما ودعمه بحقائق مجتزأة من سياقها أو بأكاذيب تأخذ شكل الحقائق، وبالإلحاح على ذلك "إستراتيجية التكرار"، يصبح هو السائد والخروج عنه جرم يتسبب لصاحبه في انتقادات كثيرة مما يدفعه للنكوص والعودة إلي الحظيرة الآمنة التي لا يلقى فيها لوم أو عتاب - ونحن هنا نتحدث عن الفرد قليل الخبرة محدود المعلومات –، ولكن قد يمتد الإرهاب لقامات فكرية فيحجِّم إن لم يكن يمنع -ضعيفي العزم منهم- دورهم الإيجابي المطلوب للتصويب ودفع عجلة التغيير في الإتجاه السليم.
كذلك فإن واحدة من أبرز سوءات هذه المواقع هي أنها صارت المصدر الوحيد للأخبار لدى قطاع عريض من الشباب، للدرجة التي دفعت عدد من المواقع الإخبارية الهامة للتعاقد سرًا مع مسؤولي صفحات تحظى بعدد كبير من المتابعين، حتى يقوم المسؤلون عنها بنشر أخبار هذا الموقع دون غيره.. وهذا بعد تجاري يحقق لأصحابه أرباحًا ولا يمكن إغفاله في إطار البحث داخل هذا العالم المبهم والمتشعّب فوق تصور أي شخص سوى مؤسسيه.
ويختتم شبل كلامه بالقول: بالإضافة إلي كل ماسبق، فإن هناك العديد من الصفحات الموجهة والتي تحظى بشعبية كبيرة يقوم القائمون على أمرها باختيار ما يناسب هواهم من الأخبار وترك ما لا يناسبه، بل وتفرض على متابعيها ومتلقي أخبارها نموذجًا للإستجابة يتصرفون بناءًا عليه كل هذا يتم بطريقة ناعمة تناسب طبيعة الشبكة العنكبوتية وقوتها الذكية غير الغشيمة أو الصدامية.
ويقول الدكتور محمد فكري الجزار الاستاذ بكلية الاداب جامعة المنوفية:
في المجتمعات المختلة بنيويا ، المضطربة ممارسة ، الفاقدة للمعايير ، يصبح كل متاح للجميع مكانا تتجلى فيه كل الصفات السابقة . ومواقع الاتصال الاجتماعي أبرز الأمثلة على هذا . عليها ، نجد الجميع ، حيث الحق في الكلام في أي شيء وبأي طريقة حق للجميع ، وحيث الأخطاء ، بل الخطايا الذهنية غير قابلة للتصحيح ، فهي ثابتة في مواضعها بحجة "حرية الرأي" و"وجهة النظر" والتي تضفي عليها وجاهة الوجود ، فضلا عن المشروعية ..
هنا ، أعني في مواقع التواصل الاجتماعي ، يوجد المثقف والمفكر والفيلسوف على قدم المساواة تماما مع الأمي الذي لا يحسن من أمره شيئا ، فضلا عن أن يحسن خطاب الآخرين . وأنت لا تحتاج أكثر من اسم وبريد إلكتروني وبعض المعلومات ، ولا يهم في كل هذا أن يكون حقيقيا أو وهميا ، فشرط الصدق ــ هنا ــ مرفوع تماما ، وربما كان ارتفاعه مقصود تماما أيضا ، لحماية الحق في التعبير كما يروج .
وإشكالنا مصريا ، وربما عربيا ، أن السياسة من عاديات حياتنا وأهم هذه العاديات ، وهكذا صارت مواقع التواصل الاجتماعي بنفس الصفات السابقة مواقع تواصل سياسي . ونظرا لما حدث فيما سمي بالربيع العربي وقيادة مواقع التواصل الاجتماعي ، دخلت مؤسسات رسمية على الخط ، في محاولة لصناعة رأي عام ، بدءا من الجيش والمخابرات ومرورا بالقضاء ووصولا إلى الإعلام ، ويكفي أن يجاور عنوان الصفحة بين قوسين : "صفحة غير رسمية" .
ولما كان توجيه الرأي العام غير مشروط بالصدق في الغالب ، فقد زاد على الصراع بين المعرفة والجهل صراع آخر بين الصدق والكذب . ولما لم يكن الخلاف على صفحات هذه المواقع منذورا للحسم ، فقد صارت مواقع للتقاطع الاجتماعي وليس التواصل مطلقا . ودخول المؤسسة/المؤسسات الوطنية على لعبة الأفراد ، أدخل أيضا ما هو أخطر ، أعني أجهزة المخابرات العالمية ، ولم يكن لمثل هذا التجمع الهائل والحديث اللامتناهي في كل شيء أن يكون بمنأى عن تلك الأجهزة التي ربما لم تكتف بالمراقبة وجمع المعلومات بل اصطنعت لنفسها صفحات بأسماء أفراد لتمارس لعبة التوجيه هي الأخرى إلى جانب جمع المعلومات ، ولعل هؤلاء الأفراد أصبحوا أصدقاء مقربين جدا لكثيرين ، لعلي من بينهم دون أن أدري .
إنها مواقع للفوضى الاجتماعية تحت اسم التواصل ، فإضافة لما سبق ، نجد صفحات جنسية ، وأخرى إلحادية ، وثالثة طائفية ، والغريب أن مثل هذه الصفحات أو المجموعات تمتلك أكبر العضويات عددا . إننا على هذه المواقع لا نتمزق اجتماعيا فحسب ، بل تسقط قيم كل شيء بدءا العلم وانتهاء بالأخلاق ، بحيث يمكننا الزعم ــ باطمئنان ــ أن الوطن نفسه يسقط ، فماذا يصنع كل هذا غير صناعة قوى احتجاجية تفتقر إلى وضوح المطالب ، فلا يكون أمامها إلا أن تلتقط من هنا شيئا ومن هناك شيئا ، لتمرر مشروعية استمرارها في الاحتجاج ، لتقوم القوى السياسية أو المخابراتية باستثمارها للتحول من العالم الافتراضي إلى العالم الواقعي ، ليكون ما نراه في شوارعنا من دم ونار .
والمواجهة الحقيقية ليست في الرقابة على هذه المواقع ، بل بعلاج ما بدأنا به ، أعني علاج الخلل البنيوي في المجتمع ، وتنظيم ممارسات أفراده وجماعات بما يحقق مصالحهم ، وتبني معايير موضوعية لتكافؤنا كأفراد ضمن منظومة اجتماعية واحدة .. يومها ، ويومها فقط ، سيكون لدينا مواقع للتواصل الاجتماعي حقيقة وليس افتراضا .
ويقول الباحث عمرو صابح:
مواقع التواصل الاجتماعى لعبت دوراً هاماً فى نشر الأحداث وتصدير الأفكار وربط الشباب ببعضه حول العالم ولها أثار اجتماعية وسياسية خطيرة لم تدرس بعد على النحو الكافي ، ومن أشد عيوبها كونها مرتع خصب لانتشار الشائعات وقلب الحقائق كما أنها تقدم إعلام سريع بدون محتوى عميق.
ويقول الكاتب والمفكر الناصري الدكتور صفوت حاتم:
برغم ايجابيات وسائل التواصل في تبادل الوعي والافكار، الا انها وباعتبارها عشوائية وغير مقننة، فإنها يمكن ان تكون وسيلة لنشر افكار وآراء وثقافة غير مدققة وغير علمية ويسهل ترديدها وتكرارها وتحولها لوعي ثابت يمكن الاعتماد عليه.
وهذه الوسيلة تختلف عن وسائل الاعلام الاخري كالتليفزيون، في ان المتلقي لها ليس سلبيا بل يمكنه ان يشارك ويوضح ولكن ولتأثيرها الجاذب لوقت المشارك فقد اختفت معها الثقافة واختفى معها الكتاب، بحيث اصبحت معها المعلومات عشوائية مما يجعلها مضرة في معظم الأحيان.
وعن تأثيرها على الثورات بالنجاح او الفشل، يضيف الدكتور صفوت، أنه لايمكن الحكم الآن فالوقت مبكر على ذلك، وسيتضح بعد تقييم الثورات نفسها، هل هي ثورات ناجحة ام فاشلة، فمثل هذه المواقع كمثل الاحزاب والتنظيمات السياسية، الا انها اصبحت اكثر اهمية من الاحزاب بسبب الاقبال والمشاركة، وهو الشئ الذي تفتقده الاحزاب.
ويختتم الدكتور صفوت كلامه بتوقع ان تصبح هذه المواقع هي المصدر الاول للمشاهدة والمتابعة وتلقي المعلومة وستتفوق على التليفزيون ووكالات الانباء نظرا لتزايد الاقبال عليها والشغف بها.
*http://www.anntv.tv/new/showsubject.aspx?id=84693
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق