الجمعة، 7 يونيو 2013

تركيا وحرب الخليج الثانية



الفصل الثاني

تركيا وحرب الخليج الثانية*
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
من كتاب "نحن وتركيا "

اجتذبت الموقف التركي من حرب الخليج الثانية ثلاثة عناصر(1): أولها الطموحات التركية المتعلقة بالقيام بدور أكبر في المنطقة. وثانيها الضغط الأميركي على الحكومة التركية للانضمام إلى تحالف سريع التشكل ضد العراق في أعقاب أحداث الثاني من آب 1990، ودخول الجيش العراقي إلى الكويت. وثالثها ضغط المعارضة، وخاصة المتمثلة بالجيش والأحزاب السياسية الرئيسة، لمنع أي تورط في الحرب. ومن هنا توزع الموقف التركي بين الاندفاع والتردد والقلق، وهذا مادعا أحد المراقبين لأن يقول: إن تركيا " خاضت حرب الخليج دون أن تخوضها، بمعنى أنها حُسبت في عداد الدول التي خاضتها، دون أن تتكلف عناء الحرب، وكلفتها الباهظة، وما كان سينجم عن مشاركتها من مضاعفات في المستقبل البعيد"(2).
ومع أن تركيا انضمت إلى الحملة الإعلامية التي قادتها، على نحو خاص، الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون والتي تعرض لها العراق قبيل إحداث آب 1990، هذا فضلاً عمّا أثارته الحكومة والصحافة التركيتـان من ضجة حول مصادرة بعض أجزاء ماعُرف بالمدفع العملاق الذي قيل أن العراق يبنيه، فقد حرصت الحكومة العراقية القائمة آنذاك على ان تكون تركيا أول دولة غير عربية، تتوجه إليها بعد الثاني من آب 1991(3). فقد حمل النائب الأول لرئيس الوزراء العراقي آنذاك من رئيس الجمهورية العراقي إلى الرئيس التركي الأسبق توركوت اوزال(4) يدعوه فيها إلى نظرة شاملة مُعمقة للعلاقات، بجذورها التاريخية، ولوحدة الأمن الإقليمي، والمصالح المشتركة، والتجارة الواسعة، وحيوية أنبوب النفط العراقي للبلدين، إلى جانب أن دخول القوات العراقية إلى الكويت هو شأن عربي، ولن تكون له أية نتائج مسيئة على تركيا التي تعتمد على النفط العراقي في تلبية أكثر من 60٪ من احتياجاتها(5).
أجاب الرئيس أوزال بأن: "تركيا تواجه ضغوطاً، لكنها لن تفرط بمصلحتها ومصيرها وأن سياستها تستند إلى الحياد تجاه النزاعات والخلافات التي تحدث في المنطقة، وهي حريصة على أن تسهم في إحلال السلام والاستقرار والأمن في المنطقة(6)، وأضاف: (أن العراق إذا ماانسحب من الكويت، فإن بالإمكان ايجاد حل سياسي، وذلك لأن دخول القوات العراقية إلى بلد مجاور له، أثار حفيظة جيرانه، رغم أن هذا الدخول لايبدو موجهاً بصورة مباشرة إلى تركيا)(7).
 وهنا ردّ المبعوث العراقي قائلاً: "أنه لازالت هناك إمكانية حقيقية لإيجاد هذا الحل، وأرجو أن يكون لتركيا دور إيجابي في مثل هذه المحاولة مع أننا نعرف أنكم قد تتعرضون إلى ضغوط من جانب الولايات المتحدة ". فرد عليه الرئيس التركي على الفور قائلاً:" نعم هناك ضغوط كبيرة، وعلى أية حال كنّا نتمنى ألاّ يحصل ماحصل، ونرى أن تنسحبوا الآن بسرعة"(8).
قام جيمس بيكر وزير الخارجية الأمريكي (آنذاك) بزيارة إلى أنقرة صباح يـوم 8 آب، فاستقبله الرئيس أوزال وبلغه ببساطه أنه رفض عرض العراق للوقوف على الحياد، فرد بيكر أن ذلك غير كافٍ(9). وينقل الباحثان بيـار سالنجر واريك لوران في كتابهما (حرب الخليج: الملف السري)(10) جانباً مما دار بين اوزال وبيكر، ومن ذلك أن بيكر قدّم شكره لأوزال قائلاً: "رغم أن هذا ليس الهدف الأول من مباحثاتنا، فالمهم التعرض إلى كيفية وشروط استخدام قواعدكم العسكرية"، فاندفع اوزال في جواب يتصف بالعمومية: "لتركيا علاقات وثيقة بالغرب منذ إعلان الجمهورية عام 1923، ولكننا نحافظ أيضاً على علاقات تقليدية وتاريخية مع العالمين العربي والإسلامي"، فرد بيكر قائلاً: "صحيح، الأزمة الراهنة تكشف أهمية بلادكم الاستراتيجية، ودورها في الحلف الأطلسي، ولذلك نريد معرفة ماإذا كان بامكاننا استخدام هذه القواعد "، وهنا تساءل أوزال قائلاً: "في أي إطار حضرة سكرتير الدولة (الوزير)؟"، فردّ بيكر: قائلاً: "هناك عدة بدائل، أقصاها، واقعاً، الهجوم على العراق"، فابتسم اوزال محرجاً" هذا دقيـق جداً يمكن لقواتكـم استخدام قواعدنا في اطـار مهام حلف الأطلسي العادية، ولكن الاحتمال الذي تشيرون إليه.. فقاطعه بيكـر قائلاً: "طبعاً، أية مبادرة ستخضع لموافقة حكومتكم المسبقة"، فقال أوزال: "اعتقد أنه بامكاننا أن نتفق على النحو الآتي: "سنلبي طلباتكم إذا أصبح التدخل العسكري"، فردّ بيكر متسائلاً (ضرورياً؟) فهز الرئيس التركي رأسه سلباً: "لا أفضل كلمة (محتوماً)"، فوافق بيكر وطرح مشاركة تركيا في القوة المتعددة الجنسيات المشكلة بهدف ما أسماه بـ (حماية السعودية)، وقد بدا اوزال الذي كان يرافقه وزير خارجيته متحفظاً، أجاب بيكر: " في أي حال، هذه مسألة لابد أن تسوى بين تركيا والمملكة العربية السعودية، وليس بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وبعد ذلك طرح المسؤولون الأتراك مباشرة ما يمثله انضمام بلادهم إلى فرض العقوبات ضد العراق من تضحيات مالية، وجواباً على بيكر، قدروا الخسائر بـ (6) مليارات دولار، عندها وعد وزير الخارجية الأميركي بمساعدة أميركية، وأضاف: "إنّ حكومة الكويـت الشرعية، وهي في المنفى الآن عرضت المساهمة بهذا المجهود للتخفيـف من الأضـرار المالية التي قـد تلحق بتركيا!!".
أسرع الرئيس التركي أوزال يوم 9 آب ليصدر قراراً بغلق أنبوبي النفط العراقي اللذين ينقلان 60٪ من مجموع صادرات العراق النفطية إلى العالم، بعد أن أوعزت الولايات المتحدة إلى السعوديين والكويتيين لتعويض تركيا عن خسائرها من إغلاق أنبوبي النفط اللذين تبلغ عائدات تركيا منهما مايقارب الـ (مليار) دولار سنوياً، كما أوعزت تركيا بقطع علاقاتها التجارية مع العراق، وهي تجارة تقدر قيمتها بـ (ملياري) دولار(1[1]).
ويبدو أن تركيا، حين أقدمت على غلق أنبوبي النفط استخدمت هذين الأنبوبين لتحقيق مصلحة مزدوجة، فهي أولاً أرادت أن تضغط على العراق، وثانياً لتحصل على تعويضات تفوق أرباحها من الأنبوبين، دفعتها إليها السعودية ودول الخليج واليابان وأوربا، وحصلت كذلك على مساعدات سخية من دول المنطقة مقابل مشاركتها في نظام أمني وإقليمي مقترح، لحماية هذه الدول ومنابع النفط فيها([2]1).
لقد أقدمت تركيا أبان المدة الواقعة بين آب 1990 وتشرين الأول 1991، على اتخاذ سلسلة من التدابير والإجراءات إزاء العراق، ومن ذلك أنها زادت في عدد القوات المتمركزة على الحدود مع العراق إلى
(100.000) جندي بعد أن أرسلت قرابة 35000 جندي آخر للانضمام إلى نحو 65000 ألف جندي منتشرين في المنطقة الجنوبية الشرقية على الحدود مع العراق
([3]1). كما انتزع اوزال يوم 14 آب 1990 قراراً من مجلس النواب يقضي بمنح حكومة يلدرم اكبولوت القائمة آنذاك، صلاحيات استثنائية تخولها حق ارسال قوات تركية إلى خارج البلاد دون العودة إلى مجلس النواب، وتشمل الصلاحيات التي سعى يلدرم الحصول عليها بموجب المادة (92) من الدستور التركي: "تخويل حق إرسال قوات تركية إلى خارج البلاد، واستقبال قوات أجنبية، ومنح صلاحية إعلان الحرب، واستخدام القوات المسلحة والأراضي التركية للأغراض العسكرية وغيرها من الأمور التي تدخل في إطار وشروط المسائل المتعلقة بالحرب". إلاّ أن المجلس ربط الصلاحيات الاستثنائية التي منحها للحكومة، بموافقات مسبقة من المجلس الوطني الكبير (البرلمان التركي) ومجلس الأمن القومي الأعلى([4]1).
تقول مصادر وزارة الخارجية التركية، أن بيكر لم يطرح في زيارته لتركيا، طلب واشنطن الذي يقضي بفتح الجيش التركي جبهة ثانية من الشمال ضد العراق وهو الأمر الذي رفضه الرئيس التركي اوزال في وقت مبكر، وقال إن تركيا لا تفكر بذلك([5]1).
أما صحيفة الهيرالد تربيون فقد نقلت في 7 تشرين الثاني 1990 عن مسؤولين أميركيين رافقوا بيكر قولهم أن تركيا ترى أن قيام الحرب ضد العراق الذي يشكل معها حدوداً طويلة سيجعل الأمن التركي في خطر، وأشار أولئك المسؤولين إلى أن تركيا ترى أن القوات الدولية تأتي وتذهب، ولكن تركيا باقية ومحاددة للعراق إلى الأبد، ولهذا فهي حريصة على ألاّ تتخذ عملاً ضد العراق يخلق عداوة بين البلدين، وقال المسؤولون أن وجهة النظر التركية هذه صحيحة تماماً، ومثال على ذلك أن تركيا خسرت من جراء اشتراكها في المقاطعة الاقتصادية للعراق (7) مليارات دولار صافي أرباح لها في تعاملها مع العراق بينما لم يف (الحلفاء) بتعهداتهم لتعويض هذا المبلغ([6]1).
مهما يكن من أمر، فإن المسؤولين الأتراك استمروا برفضهم لطبيعة المعالجة العراقية للموقف من الكويت، ورفضهم الاعتراف بالكويت على أنها المحافظة العراقية التاسعة عشرة، ولقد وصف مثلاً وزير الدولة التركي آنذاك (ايسين شلبي) أثر اجتماعه مع وزير النفط العراقي آنذاك (عصام الجلبي) في منطقة الخابور أواسط آب 1990 أن أنقرة ترى أن إعلان العراق ضم الكويت إليه غير مقبول([7]1).
وسرعان ماأعلنت الحكومة التركية عن استعدادها لإرسال قوات تركية إلى منطقة الخليج العربي "بحجة الإسهام في تطبيق قرار الحصار الاقتصادي الصادر من مجلس الأمن ضد العراق" وسمحت للطائرات الأميركية باستخدام قاعدتي (انجرليك) و (باطمان) في العمليات العسكرية ضد العراق، وأمدّ الأتراك، المخابرات الأمريكية بالمعلومات التي لديهم عن القوات العراقية، والمناطق العسكرية والإعلان عن تنسيق مهم في هذا المجال([8]1).
في الوقت نفسه أكدت الحكومة التركية عن تأكيدها الالتزام بمواصلة الحظر الصارم الذي فرضته الأمم المتحدة ضد العراق، وأعلنت عن رغبتها في الحصول من العراق على التعويضات في سبيل تغطية الأضرار التي لحقت بها، كما تصدت الحكومة التركية، وبكل قوة للتظاهرات والمسيرات المؤيدة للعراق، أو التي نددت بتورط تركي في الحرب ضد العراق، وأدانت الوجود الأميركي في المنطقة([9]1).
كما أقدمت السلطات التركية على تخفيض تدفق مياه نهر الفرات إلى العراق وسوريا بحوالي (170) متراً مكعباً في الثانية في المدة من 28 كانون الثاني إلى 3 شباط 1991، بوصف ذلك جزءاً من قرار توسيع نطاق الحظر الاقتصادي المفروض على العراق. وهنا لابد من الإشارة إلى أن وزارة الخارجية التركية، نفت في 11 شباط التقارير القائلة بخفض تركيا تدفق المياه إلى العراق، وأشارت إلى أن هناك أسباباً فنية جعلت تركيا تخفض التدفق مع أن صحيفة جمهوريت هي التي قالت، قبل يومين من صدور النفي، أن تركيا تعاقب العراق بخفض تدفق مياه الفرات إليه عبر سوريا، إلى (200) متر مكعب في الثانية، وقد أبدت الصحف والأحزاب التركية المعارضة، مقاومة شديدة لأية محاولة من قبل الحكومة التركية لاستخدام المياه سلاحاً (20).
وما أن هدأت موجة القصف الجوي الآتية من القواعد التركية، بواقع طلعة أميركية كل خمس دقائق على مدى ثلاثة وأربعين يوماً ابتدأت من فجر 17 كانون الثاني 1991، حتى عرض أوزال دوراً آخر لبلاده للتشجيع على تقسيم العراق، ثم إعادة جمعه في مشروع يفتت الكيان الدستوري العراقي، وتقوم هذه الخطة التي عرفت بـ (خارطة أوزال) على "تقسيم البلاد إلى ثلاثة أجزاء على أساس عرقي، ثم جمعها في (كونفدرالية): عربية، كردية، تركمانية ملحقة بتركيا بضمانات إقليمية(21). ويبدو أن اوزال هنا يتفق تماماً مع المخطط البريطاني لاقتسام نفط الشمال في ضوء إعادة رسم الخارطة السياسية للمنطقة التي تقوم على أساس التفتيت، وقد تنبه عدد من المسؤولين وقادة الرأي العام التركي إلى خطورة ما يدعو إليه اوزال وحذروه من التمادي في سياسته تلك(22).
لكن اوزال استمر في مساعيه على هذا المنوال حيث سعى خلال الحرب وبعدها لفتح قنـوات اتصال مستمـرة ومباشرة ومكثفـة مع بعض القيادات الكردية العراقية. وقد بدأت الاتصالات في شكل رسائل متبادلة عبر وسطاء أميركيين وأتراك بين الرئيس اوزال وعدد من هؤلاء القادة في لندن قبل نشوب العمليات البرية ثم تبلورت في ثلاثة اجتماعات عقدت في أنقرة في الأسبوع الثاني من آذار 1991 بين مسؤولين في الخارجية والاستخبارات التركية من ناحية، وبعض القادة من ناحية أخرى. وقد استهدفت تلك الاتصالات اطلاع تركيا على تطورات الأوضاع في شمال العراق، ومناقشة ما أسموه آنذاك، بـ (حقوق وأوضاع التركمان في العراق) فيما بعد الحرب، فضلاً عن وضع حد لعلاقات التعاون التي قيل أنها كانت قائمة بين أكراد العراق آنذاك وحزب العمال الكردستاني في تركيا، وقد صرّح أحد القادة الأكراد في العراق آنذاك (جلال الطالباني) بأن تركيا تعهدت خلال المباحثات بأن "تبذل مابوسعها للتعريف بالقضية الكردية وستكون صوتاً للأكراد العراقيين في أوربا وأمريكا، وتساند إقامة علاقات سياسية مباشرة بين الحركة الكردية في العراق والإدارة الأمريكية"، ولكن وزارة الخارجية التركية سرعان مانفـت في 14 آذار 1991 أن يكون الجانب التركي قد قـدّم في هـذه المباحثات أية وعـود أو التزامات بالدعم السياسي للأكراد العراقيين(23).
وعقب إخماد القوات العراقيـة للحركة الكرديـة المسلحة في نيسان 1991، اقترحت القيادة التركية خطة إقامة ماسمي بـ (مناطق آمنة) في شمال العراق، بحجة مواجهة مشكلة نزوح نصف مليون نسمة، معظمهم من الأكراد، من شمال العراق إلى جنوب شرقي تركيا والسعي لإعادتهم إلى بلادهم. ولقد رحبت الولايات المتحدة بهذه الخطة وتبنتها وذلك بأن تولت قيادة قوة مؤلفة من (17.500) جندي أمريكي وبريطاني وفرنسي وهولندي وايطالي وقامت ببناء مناطق- معسكرات لاستقبال أولئك النازحين(24).
على صعيد آخر وافقت تركيا في تموز 1991 على أن تتركز في مناطقها الجنوبية والشرقية وفي قواعد انجرليك، باطمان، وسيلوبي، قوة غربية (برية وجوية) للتدخل السريع تتألف من (3-5) آلاف جندي منهم (1000) جندي تركي، تعززها قوات أميركية محمولة جواً من الأسطول السادس في البحر المتوسط ، وذلك بهدف ردع العراق، كما قيل، من أن يشن في المستقبل عمليات عسكرية واسعة النطاق ضد الأكراد.. وطبقاً لما أعلنته الخارجية التركية في 24 تموز 1991 ورئيس الوزراء التركي آنذاك (مسعود يلماز) في 28 تموز 1991، فإن قيادة هذه القوات يتولاها ضابط أمريكي وآخر تركي، وإن الدول المشاركة فيها، أي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وبلجيكا وإيطاليا وهولندا، أخبرت رسمياً بأن أية عملية عسكرية لهذه القوات عبر الحدود يجب أن تخضع لموافقة تركيا، وأن تلك القوى لايمكنها استخدام الأراضي أو الأجزاء أو المياه التركية في شن عمليات هجومية ضد العراق دون الحصول على موافقة صريحة من الحكومة التركية، وبالرغم من نفي مسعود يلماز في 28 تموز 1991 إمكانية استخدام الولايات المتحدة هذه القوة في شن عملية عسكرية ضد العراق لتدمير منشآته النووية، فإن الدلائل أشارت إلى استخدام الولايات المتحدة لتلك القوات خارج نطاق الهدف المعلن (حماية الأكراد) لتهديد استقلال العراق وسلامته والنيل من سيادته الوطنية(25).
إن قرارات وتدابير اوزال تلك، وبصرف النظر عن التبريرات الرسمية لها، شكلت نقطة تحول في السياسة التركية إزاء العراق والوطن العربي كله، خاصة في مجال التعاون الستراتيجي المعلن في آذار 1991 بين أنقرة وواشنطن، والذي يجعل تركيا، تقوم بدور (خاص) و (متميز) في حماية المصالح الأميركية في المنطقة وتهديد العراق والحيلولة دون قيامه بما يتطلبه أمنه الوطني والقومي(26).
وهنا لابد من التساءل عن الأسباب التي جعلت تركيا تقدم على اتخاذ ذلك الموقف؟ إنّ الإجابة على هذا السؤال تتطلب الإشارة إلى أن اوزال مارس سياسة براغماتية واضحة المعالم، ففي مقابلة له مع محطة التلفزيون الأميركية (CNN سي. إن. إن) يوم 24 أيلول 1990 ركّز أوزال على ثلاثة أمور هي(27):
أولاً: إن الموقف التركي الذي وصفه بـ ( الايجابي) من قرار الحظر
 الدولي ضد العراق شكّل الأساس الذي ارتكزت عليه بقية الدول في تنفيذ القرار.
ثانياً: أن هذا الموقف يكلف تركيا خسائر اقتصادية باهظة، فكما قال اوزال "فهناك انبوبا النفط اللذان ينقلان أكثر من 50٪ من نفط العراق، أن ذلك يكلفنا الكثير، إلاّ أنه ليس أمامنا خيار آخر".
ثالثاً: أن على الولايات المتحدة، والأطراف المعنية أن تتحمل تعويض
الخسائر
الاقتصادية التركية وأن يكون موقفها عملياً (فالغيوم
والعواصف كثيرة، إلاّ أن المطر لم ينزل بعد).
إذن، فإن أوزال لم يخفِ نزعته في الحصول على ثمن كبير لموقفه من العراق، عندما أبلغ جمع من الصحفيين الأتراك كانوا يرافقونه في سيارته في أثناء جولة له في جنوب البلاد: "إن على الغرب ألاّ ينسى دور تركيا. فنحن من حكم هذه المنطقة لسنوات طويلة، ومن حقنا اليوم أن تكون لنا حصة عظيمة"، وقد فهم الصحفيون إشارة أوزال، فأعلنوا في اليوم التالي أن رئيسهم يعني (إننا نريد جزءاً من أرض العراق)، وهو الأمر الذي حفّز السفير الأميركي في أنقرة لتطويق تصريحات الرئيس اوزال، وتفسيرات الصحافة لها فوصفها بأنها (ثرثرة)، في وقت لم تكن الحرب فيه قد اندلعت بعد(28).
إن الموقف التركي المتشدد من العراق قام على المقامرة بـ (المضمون القليل) لكسب الكثير في (مستقبل غامض)، وصار على تركيا أن تلعب دور الشد في لعبة سحب الأطراف من الحافات الخارجية للعراق، لتظهر الولايات المتحدة وأوربا، أنها الأقدر على لعب دور من هذا النوع، ولتطالب بمكافأة سياسية ومالية كبيرة من الكويتيين والسعوديين الذين كانوا على استعداد لتعويض تركيا ببضعة مليارات من الدولارات الأميركية(29)، وقد كشف مراسل هيئة الإذاعة البريطانية B.B.C.  في أنقرة النقاب عن أن تركيا حصلت من الدول الخليجية خلال السنتين 1990 و 1991 على مامجموعه ستة آلاف مليون دولار على شكل مساعدات نقدية وشحنات من النفط. كما تعهدت السعودية والكويت والإمارات، فضلاً عن الولايات المتحدة، بتمويل صندوق لتركيا بمليار دولار لشراء (160) طائرة اميركية وذلك مكافأة لها على دورها في الحرب مع العراق(30)، ويبدو أن الدفع استمر حتى انتهاء العمليات العسكرية وخروج الجيش العراقي من الكويت، فقد تواردت الأنباء عن أن دولة الكويت ستدفع لتركيا ألف مليون دولار مساعدات مجانية حتى في السنوات الخمس القادمة تعويضاً عمّا سمي بخسائرها من جراء العدوان على العراق، وقد جاء هذا الإعلان إثر الزيارة التي قام بها (سليمان ديميريل) للكويت برفقة وفد كبير ضم الخارجية وعدداً من كبار الضباط ورجال الأعمال والصحفيين، وقد صرّح ديميريل أن التجارة بين تركيا والكويت قد هبطت من (100) مليون دولار إلى (5) ملايين دولار بسبب عدم تمكن الشاحنات من استخدام الطريق البري المار بالعراق، وقال إن مبلغ المليار دولار من الكويت سيخصص لصندوق الدفاع التركي(31).
كان اوزال، فضلاً عن قناعته بأن الأميركيين قد اوعزوا إلى حلفائهم بتعويض تركيا عن خسائرها، ينظر إلى مسألة دخول القوات العراقية إلى الكويت على أنه توسيع للدور الإقليمي للعراق على حساب أدوار أخرى في المنطقة، منها تركيا التي كانت قد بدأت، منذ انتهاء الحكم العسكري، ببناء علاقات اقتصادية وسياسية واسعة مع الدول العربية، وخاصة الخليجية منها(32).
وهنا لابد من تأكيد حقيقة أساسية في الموقف التركي من الحرب، وهي أن الحكومة التركية واجهت في اندفاعها المضاد للعراق موقفاً معارضاً واسع النطاق عبّرت عنه قوتان مهمتان في تركيا، هما: الجيش والأحزاب السياسية الرئيسية، فالجيش التركي هو الذي حال دون الانخراط في الحرب معبراً عن المناخ الشعبي التركي العام الذي خشي من الانخراط في الحرب لدواعٍ متعددة؛ منها الخوف من الحرب ومضاعفاتها، والإساءة إلى منطقة تشدها إلى تركيا أهم وأعمق الروابط سواء على مستوى جيوبولتيكي أو على مستوى التاريخ والدين والمصالح المشتركة (33)، فقد استقال مثلاً رئيس أركان الجيش (نجيب تورمتاي) احتجاجاً على رغبة اوزال التي عرضها في اجتماع مجلس الأمن القومي المنعقد في 2 كانون الأول 1990 لزج تركيا في الحرب مع العراق، وقد نقل عن تورمتاي قوله: "انني لا أتلقى الأوامر من بوش"(34)، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أن وزيرين للدفاع في تركيا قد استقالا خلال الأزمة وهما (صفا غيراي) و (حسني دوغان) الذي خلف غيراي.
تساءل (سامي كاوين) المحرر السياسي في جريدة ملليت التركية في حينه عن عواقب استقالة الجنرال تورمتاي بالنسبة إلى سياسة تركيا مستقبلاً إزاء الخليج فقال: لان البعض يرى أن هذا كان (تحذيراً) من جانب الجيش لعدم تقديم أية تعهدات أخرى بزيادة توريط البلاد في الأزمة، وهذا سيكون بمثابة الكابح لسياسة اوزال، وأنه قد يؤدي إلى اتخاذ مواقف أكثر حرصاً وتوازناً من قبل الحكومة(35).
واللافت للنظر أن غالبية أفراد الجيش التركي كان يسودها الشعور بأن على تركيا ألاّ تتدخل عسكرياً أبداً في أي صراع مسلح في الخليج، وكان من أسباب استقالة الجنرال تورمتاي الخلاف المتفاقم مع اوزال حول سياسة البلاد إزاء المشكلة حتى أن هناك من قال بأن الجنرال تورمتاي عارض رغبة الرئيس اوزال في إرسال وحدة عسكرية إلى الخليج، وفي السماح للولايات المتحدة باستخدام القواعد العسكرية في الأراضي التركية، وفي دراسة مسألة فتح (جبهة ثانية) في حال نشوب حرب(36). وهنا لابد من الإشارة إلى أن الزعيم التركي ورئيس الجمهورية الأسبق كنعان ايفرين وقف ضد المشاركة في هذه الحرب(37).
ومهما يكن من أمر فإن العسكريين الأتراك غضبوا للأسلوب الذي كان اوزال شخصياً يعالج به الأزمة، واتخاذه القرارات من دون الرجوع إلى الجهات المناسبة. لذلك، فإن اوزال، طبقاً لما أورده مراسل رويتر في أنقرة، بدأ بعد إستقالة تورمتاي وغيراي ودوغان باستبدال معارضي سياسته من الوضع في الخليج بغيرهم من المؤيدين لتلك السياسة"(38).
أما بالنسبة للأحزاب السياسية المعارضة، فقد أسهمت هي الأخرى في تأمين الموقف الكابح للمشاركة التركية في الحرب ضد العراق، حتى أن زعامات القوى السياسية التركية أعربت عن شكوكها بتصورات اوزال المبنية على أن الموقف التركي التابع للغرب سيحقق لتركيا مصالح كبيرة من بينها قبول تركيا ضمن المجموعة الأوربية، بيد أن الرئيس اوزال كان يجابه هذا الموقف المعارض بالقول أن الموقف يتيح لتركيا (فرصتها التاريخية) لتحقيق أهدافها، وقد ظلّ اوزال مستمراً في اعتقاده بأن حرب الخليج قد حققت منافع كبيرة لتركيا(39).
لقد واجه اوزال معارضة شديدة، حتى أن الكثيرين في صفوف المعارضة أدركوا أن اوزال تخطى (حدوده الدستورية) وصلاحيات
(منصبه التشريفي)، وقد علّق الدكتور (هيت لوري) أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن على ذلك بقوله: "إن أسباب التذمر الشديد التي تبدو جلية في الصحافة ودوائر المعارضة التركية، ترجع إلى أن اوزال انفرد باتخاذ جميع القرارات التي تتعلق بأزمة الخليج، ولم يشرك أحداً معه أو يصغي لآراء مناوئيه"
(40).
إنّ الأحزاب السياسية الرئيسة، ما أن شعرت بمحاولة الحكومة التركية زج البلاد بالحرب حتى بدأت حملة من الاحتجاجات والمظاهرات، وكان الحزب الاجتماعي الديمقراطي الشعبي في مقدمة هذه الأحزاب، فقد صرّح السكرتير العام للحزب (حكمت جتين) أن الحزب قرر بدء حملة واسعة ضد الحرب في الخليج، وأضاف أن الشعب التركي لايريد الحرب و (البرلمان) لايريد الحرب وحتى (الجيش) لايريد الحرب، وكما كرر السيد اردال اينونو زعيم الحزب انتقاداته لسياسة اوزال بشأن أحداث الخليج ووصف ادعاءاته بأن الأسلحة التي حصلت عليها تركيا كانت حصيلة موقفه من الأحداث بأنها (تصرف مغفل). أما دنيز بايكال السكرتير العام الجديد للحزب فقد وصف تصرف الحكومة التركية حيال مسألة الخليج بأنه تصرف عاجل وغير موزون، وقال بأن نتيجة هذا التصرف تكبد الأتراك خسائر تقدر بـ (ثلاثة) مليارات، واستطرد يقول: "إن تركيا، وعلى مر السنين، فقدت الكثير من أبنائها في حروب خارجية ولكنها لم تحصل على أية نتيجة وإن تدخلنا في هذه الأزمة لن يؤدي إلى أي شيء ايجابي"(41).
أما سليمان ديميريل زعيم حزب الطريق الصحيح المعارض فقد انتقد سياسة اوزال وقال: "بأن تركيا فعلت أكثر مما فعل الآخرون معتقدة بذلك أنها هي المسؤولة عن إدارة المنطقة"، وأضاف: "أنه ليس من الضروري أن تقوم تركيا بزج نفسها في أتون الحرب ارضاءً لقوى خارجية لها مصالح في المنطقة". واستطرد ديميريل قائلاً: "أن موافقة تركيا على قبول التعويضات في سبيل تغطية الأضرار التي لحقت بتركيا يعد احتقاراً للشرف التركي وهذا يعني أن تركيا تبيع القوات المسلحة مقابل النقود" وقال: "اننا لسنا (جندرمة) ولا حراساً لمصالح الغرب بالأجرة إن الكرامة والاعتبار لاتباعُ مقابل المادة، ذلك سيؤدي من ثم إلى بيع تركيا بثمن بخس ولا يبقى لها اعتبار"(42).
في بداية كانون الثاني 1991 أكد ديميريل أن الولايات المتحدة هي التي تؤجج نار الحرب في الخليج، وانتقد بشدة سياسة الرئيس التركي اوزال تجاه الأحداث وانقياده وراء السياسة الأميركية التي أضرت بمصالح تركيا، وسخر ديميريل من تبجحات اوزال من أن بوش يطلعه على آخر التطورات في الخليج. وقال: "أنها قد زادت من معارضة الشعب لتوريط تركيا في حرب ليست لها أية مصلحة بها"، ووصف ديميريل استدعاء الحكومة لقوة التدخل السريع الأطلسية بأنه قد حَطَّ من قيمة تركيا(43).
وفي بغداد أكد السيد (اوغوس خان أصيل تورك) الأمين العام لحزب الرفاه التركي ابان زيارته لها في 31 كانون الأول 1990، موقف حزبه الرافض للسياسة التركية الموالية للولايات المتحدة، وجدد وقوف الشعب التركي إلى جانب الشعب العراقي في مواجهة التهديدات الأميركية الإسرائيلية الأطلسية، واستنكر ماأسماه الغزو الغربي للأرض المقدسة في السعودية، وقال: "أن وجود القوات الغازية يشكل تهديداً للسلام والأمن في المنطقة"، وأشار تورك إلى اهتمام وسعي الشعب التركي لتطوير العلاقات مع شعب العراق، لما بين الشعبين من روابط دينية وتاريخية مشتركة(44).
وعقد الحزب اليساري الاشتراكي مهرجانات جماهيرية في اسطنبول ندد فيها بالوجود الأميركي في المنطقة. وجاء في كلمة (فيد ايلسفر) الرئيس العام للحزب في أحد هذه المهرجانات: ان الولايات المتحدة استغلت الأوضاع في المنطقة للتدخل في شؤونها. وأضاف: أن الولايات المتحدة تخطط منذ فترة بعيدة لاحتلال منابع النفط والتحكم بمصير المنطقة، كما قام ممثلو الحزب وجماهيره بالتجمع أمام مبنى القنصلية الأميركية في اسطنبول ورفعوا شعارات (لا للحرب)(45).
وانتقد نهاد سزكين الرئيس العام للحزب الشيوعي الاتحادي التركي منح الحكومة صلاحيات استثنائية منها مثلاً صلاحية الحرب. وقال: "أن هذه الصلاحيات التي لامسوغ لها وضعت تركيا في موقف محرج للغاية أمام العراق". وأكد أنه لايوجد أي خطر يهدد تركيا، وحذر في أثناء اجتماع عقدته قيادة الحزب من الوقوع في أتون الحرب وقال: "يجب علينا أن نكون حذرين في أية خطوة لكي لانلجأ إلى الحرب"، ووصف قيام مجلس النواب بمنح الحكومة صلاحيات إعلان الحرب وبغالبيته أصوات حزب الوطن الأم الحاكم الممثلين في المجلس، بأنه مؤثر في وضع تركيا الانشقاقي والتي وصل برلمانيوها إلى مرحلة التحريض والتهديد بالحرب(46).
وقال (ايدن أياس) مساعد رئيس حزب الخضر التركي: "إن على الحكومة أن تفكر جلياً وأن لاتقدم على مغامرة لاتحمد عقباها". وأضاف: "أننا نؤمن بالعيش بسلام دون سلاح.. وأننا نتصدى لأي عمل عسكري في هذه المنطقة من العالم". وأكد أن من يدعم الخلافات مادياً وعسكرياً بين دول المنطقة هم تجار السلاح الذين يمثلون سياسات حكومية وهم مجرد وسطاء"(47).
وقال بولند اجويد رئيس وزراء تركيا الأسبق: "أن لدى الشعب التركي انطباعاً بأن الولايات المتحدة تريد إقحام تركيا في الحرب ضد العراق، وأكد أن السياسة التقليدية لتركيا كانت قائمة على الامتناع عن التدخل في المشاكل العربية(48).
وذكر مراسل وكالـة الأنباء العراقية في أنقرة في 14 كانون الأول 1990 أن زعيمي حزبي المعارضة اردال اينونو وسليمان ديميريل اتفقا على توحيد جهودهما ومواصلة مساعيهما لإجراء الانتخابات النيابية المبكرة وذلك بوصفها وسيلة لإنقاذ تركيا من الأزمات التي تعصف بها(49).
وحاول بعض قادة المعارضة وأساتذة الجامعات عقد ندوة في 2 شباط 1991 تحت شعار: (هذه الحرب ليست حربنا وندعو لإنهائها) في أنقرة. إلاّ أن الحكومة حالت دون عقدها، وقد علّق اردال اينونو زعيم الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي المعارض على موقف الحكومة من الندوة فقال: "أن الحزب الحاكم (حزب الوطن الأم) لايريد لأحزاب المعارضة أن تعبر عن أسباب رفضها لهذه الحرب"، وأضاف: "يبدو أن الرئيس اوزال يريد جرنا إلى الحرب خلال هذين الشهرين"(50).
ظهرت أصوات معارضة لسياسة أوزال من داخل المجلس النيابي ومن ذلك أن (قايا اردم) رئيس المجلس نفسه انتقد سياسة اوزال بشدة من خلال رسالته التي وجهها إليه لمناسبة العام الميلادي الجديد. ونقل مراسل وكالة الأنباء العراقية في أنقرة عن (قايا اردم) في رسالته: "إن على القوى الحاكمة، أو التي تعتقد بأنها حاكمة أن لاتحاول إقناع المواطنين بأنها وحدها القادرة على حل المشاكل، فليس هناك أحد فوق القانون والحقوق"(51).
وفي مقالة نشرها السيد ممتاز سويسيال عضو البرلمان التركي وأستاذ العلوم السياسية في جامعة أنقرة، في جريدة ملليت التركية، أدان مواقف الحكومة التركية تجاه العراق. وأكد أن سياستنا قد أضرت كثيراً بمصالح البلاد الوطنية والاقتصادية، وسخر من سياسة اوزال تجاه العراق ووصفها بأنها (سياسة لعب قمار)(52).
شاركت بعض الصحف التركية في مناهضة الحرب أيضاً، وعبّرت في مقالاتها عن غضب ملحوظ إزاء السياسة التركية الرسمية(53). فقد قالت صحيفة ملليت بأن مدينتي اسطنبول وأنقرة، بالرغم من الإجراءات الأمنية المشددة قد شهدتا تجمعات تم خلالها إعلان الاحتجاج على الحرب. وقالت بأن السلطات التركية اعتقلت عدداً من الشباب اثر قيامهم بإشعال النيران في منطقة داش قابي بالعاصمة احتجاجاً على السياسة التي تتبعها الحكومة التركية(54). وقال سامي كوهين المحرر في جريدة فليت اليومية أن هناك الكثير من القلق والكثير من الاهتمام، فالأتراك عموماً لايريدون التورط في نزاع مسلح، وعبّر بعض الصحفيين عن قلقهم من ربط بلادهم بشكل وثيق مع الغرب، وقالوا أن تركيا تخسر سبعة مليارات دولار سنوياً جراء التزامها بالحظر الاقتصادي ضد العراق(55).
ظهرت بعض الاعتراضات لاتجاهات اوزال بين وزرائه أنفسهم، ففضلاً عن موقف وزيري الدفاع المستقيلين أعلن وزير الخارجية علي بوزر في 8 أيلول 1990 "اننا لسنا بحاجة إلى ويلات الحرب" وأضاف:" ان العراق بلدٌ جارُ وصديقٌ عزيزٌ، وليس ببساطة أن ينتهي كل شيء ونتعامل بالحرب". وأعلن أنه كان في المعارضين لمنح الحكومة التركية الصلاحيات التي طلبتها في الثاني عشر من آب الماضي. وحين شعر بأنه لايستطيع الانسجام مع سياسة الحكومة، اضطر إلى الاستقالة في 10 تشرين الأول 1990(56).
لقد عبّـر الشعب التركي طوال فترة الأحداث واندلاع العمليات القتالية ضد العراق عن شجبه لهذه الحرب، بوسائل المظاهرات والمسيرات والعنف واستهداف المؤسسات الأميركية في تركيا. وقد حدثت سلسلة من الاشتباكات بين المتظاهرين وقـوات الأمن التركية في مواقـع مختلفة من المـدن التركية (57).
وبالرغم من أن أحزاب المعارضة تلك وقفت ضد أية محاولة لتورط الحكومة التركية في الحرب، إلاّ أن مواقفها تراوحت بين التحفظ والمطالبة بانسحاب العراق من الكويت وممارسة الضغط الاقتصادي، وقد أظهرت الحكومة العراقية تفهماً لهذا الموقف، ولم يمنعها ذلك من دعوة تلك الأحزاب وحثها على (تشكيل رأي عام تركي مضاد لأي صِدامْ عسكري بين البلدين، وبخاصة سد الطريق على احتمالات عبور البر العراقي في أي اتجاه من شمالي العراق)(58).
ويبدو أن الحكومة العراقية نجحت بهذا الاتجاه من خلال الاتصالات المباشرة التي أقامتها مع قادة تلك الأحزاب، حتى أن بعض الدراسات أشارت إلى أن قوى الرأي العام المعارض للانخراط في الحرب،كانت وسيلة رابحة ومؤثرة إلى حد بعيد، وخاصة في مجال منع الاشتراك في الحرب. وقد دلّت بعض استطلاعات الرأي على أن (74٪) من الشعب التركي عارضت المشاركة في الحرب ضد العراق(59)، وإذا كانت بعض أقسام من الرأي العام قد عارض الانخراط في الحرب لأسباب تتعلق بالروابط والقيم والتاريخ المشترك فإن قسماً آخر عارض الاشتراك في الحرب خشية أن تؤدي الحرب إلى هزيمة العراق وتعريض (التوازن العام في المنطقة إلى الخطر)، وقيام دولة كردية تهدد وحدة تركيا نفسها(60).
لقد فوجئت الولايات المتحدة الأميركية بسرعة موافقة اوزال على السماح باستخدام القواعد التركية لضرب الأهداف العراقية، وكذلك فوجئت بسرعته في حشد قوات تركية على حدود العراق الشمالية، الأمر الذي جعل العراق يترك قطعات كبيرة في هذه المنطقة دون أن يزجها في الحرب. ومع أن موقف اوزال هذا يعد خروجاً عن السياسة التقليدية لتركيا، التي رسمها أتاتورك والقائمة على مبدأ عدم التدخل في مشاكل الأقطار العربية والإسلامية، فإن اوزال انتهج سياسة إظهار التأييد القوي للولايات المتحدة، ومعاداة العراق رغبة منه في أن تحقق حرب الخليج لتركيا منافع كثيرة منها تمكنه من تعزيز الدور التركي في منطقة الشرق الأوسط وجمهوريات القوقاز وآسيا الوسطى الإسلامية وذلك بعد انهيار الاتحاد السوفيتي سابقاً. ويبدو أن اوزال في موقفه إزاء العراق كان يسعى للتخلص من الدور الإقليمي المنافس الذي يشكله العراق(61)، وقد أشارت معلقة وكالة اسوشيتدبرس (أمارتي بيث شيريدان) إلى موقف اوزال فقالت: "أن هناك من ينظر إلى اوزال على أنه انحرف عن السياسة الخارجية التي وضعها كمال أتاتورك في العشرينات من القرن الماضي، والقائمة على أساس الشعار القائل: السلام في الداخل والسلام في العالم وبذلك أثار اوزال حفيظة الطبقة البيروقراطية والمؤسسة العسكرية القوية بانتهاجه سياسة مؤيدة للغرب(62).
وهكذا فقد تحكم في الموقف التركي من حرب الخليج الثانية دافعان ذاتيان مضافان لعوامل التأثير الخارجي، ويتصل هذان العاملان بالنزوع للقيام بدور سياسي وحضاري في المنطقة، وقد أشار اوزال إلى شيء من هذا القبيل حينما قال في مقابلة تلفزيونية مع برنامج (22) يوماً قبل أسبوع من بدء الهجوم على العراق بقوله: "ان هدفنا أن نخرج من هذه الأزمة دولة إقليمية قوية، وأن لانتعرض إلى أية خسائر"(63). ويبدو أن هدف اوزال هذا يرتبط بهدف قومي أشارت إليه الصحافة التركية والأجنبية منذ مطلع سنة 1989 حيثما أكدت وجود تقرير سري وضعته رئاسة أركان الجيش، يطالب بدور أكبر للعسكر في رسم السياسة الخارجية للدولة ويوصي بتوجه تركيا نحو الشرق الأوسط. كما عبّر بعض زعماء تركيا في السنوات الأخيرة عن طموحهم في التوسع على حساب جيرانهم، ويرى المراقبون أن نزعة التمدد التركية تلك كانت تتجه إلى ثلاثة نواحٍ، هي:
أ- نحو الأقلية ذات الأصول التركية في الدول المجاورة، ومنها الأقلية التركمانية في العراق.
ب- نحو الأكراد سواء كانوا داخل تركيا أو خارجها.
ج- نحو منابع النفط في العراق(64).
وقد دلّت أزمة الخليج على أن تركيا ترى أن الأكراد يشكلون عاملاً مهماً في صناعة القرار السياسي والعسكري التركي. ولا يخفى أن تركيا تدخلت عسكرياً للسيطرة على الأكراد في العراق حين نشبت المواجهة العسكرية بين العراق والقوات الأميركية، وقد تحدثت مصادر تركية وغير تركية عن ماأسمته بـ (المصالح الحيوية لتركيا في شمال العراق) والتي قد تطلب تأمينها وحمايتها في مرحلة ما ومنها التحرك لضمه بالرغم من النفي الرسمي من قبل أنقرة لمثل هذا الاحتمال سواء خلال الحرب العراقية- الإيرانية، أو حرب الخليج وما أعقبها من تطورات في هذه المنطقة (65).
ويذهب بعض الكتّاب إلى أن اهتمام تركيا بشمال العراق ينبع من عدة اعتبارات لاتقتصر فحسب على مصالحها الاقتصادية المرتبطة بنفط كركوك حيث يمتد خط أنابيب مزدوج لنقل تصدير النفط العراقي عبر ميناء (يامور طالق) التركي على البحر المتوسط وتحصل منه تركيا على رسوم تتجاوز (300) مليون دولار سنوياً، وتغطي نحو 2/3 احتياجاتها النفطية قبل نشوء أزمة الخليج، فضلاً عن أهمية طريق تركيا- العراق البري في نقل معظم الصادرات التركية إلى العراق وبلدان الخليج العربي الأخرى عبر طريق الموصل- بغداد قبل الأزمة. وإنما تتعلق هذه الاعتبارات كذلك باهتمامات تركيا بأوضاع الأقلية التركمانية في العراق من ناحية، وتطورات القضية الكردية في العراق من ناحية أخرى، أضف إلى ذلك استمرار بعض القوى اليمينية التركية المتطرفة مثل حزب العمل القومي بزعامة (الب ارسلان توركيش) في التشبث بما يسميه بـ (حق تركيا التاريخي) في ضم الموصل- كركوك كجزء من أراضي تركيا بموجب الميثاق الوطني التركي الصادر سنة 1920(66).
ورغم أن اوزال، حينما كان رئيساً للوزراء، قد صرّح، في الأول من نيسان 1988 قبيل زيارته للعراق آنذاك، "بأن أراضي تركيا تكفيها، ولسنا من الباحثين عن مغامرات، لأن تورطنا في مغامرة في شمال العراق سيجعلنا نفقد مصالحنا الاقتصادية هناك"(67)، فإن أوساطاً كثيرة في تركيا باتت منذ مطلع شهر آب 1990 تتحدث عن ماأسمته بـ (حقوقها التاريخية الثابتة في شمال العراق) وأخذت هذه الأوساط تذكر بأن إقليم الموصل ظلّ حتى نهاية الحرب العالمية الأولى موضع تنازع فيما بينها وبين العراق. والملاحظة المهمة هنا اتساع رقعة الحديث عن هذا الموضوع في تركيا، بحيث لم يعد يقتصر على الحكومة فقط، وإنما شاركت أطراف أخرى ذات تطلعات توسعية، في الحديث عن ضرورة استعادة الموصل إذا جرى اقتسام العـراق بين الـدول المجاورة له(68).
ويربط بعض الكتّاب بين تلك النزعات التوسعية تجاه العراق بالمخزون النفطي الكبير في الموصل وكركوك من ناحية، وبالتطلعات التركية التي لم تتوقف منذ حصول سوريا والعراق على استقلالها، مما يعني رغبة تركيا للسيطرة على عموم نهر الفرات في سوريا والعراق حتى يصبح في النهاية نهراً تركياً داخلياً(69).
ومن المعروف أن تركيا وجدت من أزمة الخليج فرصة لتحقيق أهدافها لذلك سارعت على الفور لاتخاذ موقف مؤيد للسياسة الأميركية تجاه العراق، وأظهرت استعداداً كاملاً لخوض أي حرب ضد العراق لحساب الولايات المتحدة مقابل ثمن باهظ (مالي وتسليحي وعسكري)، وحشدت قواتها في مواجهة العراق، ومنحت القوات الأميركية كافة التسهيلات والامتيازات التي تحتاجها لاستخدام الأراضي والمطارات والموانئ والمنشآت العسكرية التركية ضد العراق(70).
لم تعد تركيا تأبه باحتجاجات العراق على العمليات العسكرية داخل الأراضي العراقية، بحجة مطاردة المتمردين الأكراد من عناصر حزب العمال الكردستاني التي تشكل في جوهرها انتهاكاً صارخاً لحرمة أراضي العراق وسيادته وسلامته الإقليمية. ويبدو أن استعراض القوة من جانب تركيا هذا جاء اثر اعتقادها بحدوث اختلال توازن القوى بينها وبين العراق لصالحها بعدما لحق بالقدرات العراقية من تدمير أو تحجيم بسبب حرب الخليج وقرارات مجلس الأمن بشأن شروط وقفها(71).
لقد واكب العملية العسكرية (الجوية والبرية) التي شنها الجيش التركي على عمق (16) كلم شمال العراق في آب 1991 لتعقب عناصر حزب العمال الكردستاني التركي وتدمير قواعده، حديث أوساط تركية عدة عن ضرورة إقامة منطقة عازلة في شمال العراق بحجة منع تسلل المتمردين الأكراد الأتراك عبر الحدود، أو تبني شن هجمات ثأرية سريعة على ماقيل أنه قواعد لأولئك المتمردين في شمال العراق على غرار العمليات الإسرائيلية في جنوب لبنان. ويبدو أن المؤسسة العسكرية كانت أكثر تفضيلاً للأسلوب الأخير خاصة وأن العملية الثالثة التي جرت في25 تشرين الأول 1991 سبقها مباشرةً تحذير رئيس الأركان للجيش التركي (دوغان جوريش) من أن أية عمليات جديدة للمتمردين الأكراد سيتم سحقها(72).
لقد بدأت الأصوات في تركيا ترتفع أخيراً بعد مرور قرابة ثلاث سنوات على حرب الخليج ووجود القوات الأجنبية في تركيا، وهي تحذر من أن تدخل الولايات المتحدة وحلفائها زاد من تعقيد المشاكل الداخلية في تركيا، وزاد من فعالية حزب العمال الكردستاني، وأن استمرار الوضع في شمال العراق بسبب التدخل الغربي سيضر بالعلاقات بين العراق وتركيا سواء الاقتصادية منها أو الأمنية حتى أن استفتاءً قد جرى في تركيا بين الرأي العام أظهر أن (80٪) من الشعب ضد بقاء القوات الدولية. وقد أشار بولند اجويد إلى ذلك في لقائه مع رئيس جمهورية العراق آنذاك ببغداد، والذي نشرت وقائعه في 27 كانون الأول 1992(73). فرد رئيس الجمهورية على ملاحظات اجويد بقوله: "ان وجود القوات الأجنبية التي تسمى بقوات المطرقة في ما يسمى بـ (المنطقة الأمنية) في شمال العراق أو وجودها في تركيا، هذا الوجود الذي ترافق مع الحرب على العراق من قبل قوى التحالف، أمر لايبعث على الراحة في نفوسنا"، "أن هناك تصريحات صدرت بعد أن التقت تركيا بعدد من الدول الغربية، تشير في ظاهرها إلى أن المسؤولين في تركيا مع وحدة العراق وأنهم يرفضون تقيسمه، وتساءل قائلاً: "وهذا القول سمعناه، ولكن ما هو الواقع؟" وأجاب: "إنّ مانراه على الواقع هو أن هناك تعاملاً مع الحالة القائمة في شمال العراق، كما لو كانت كياناً مستقلاً بذاته، سواء جاء هذا التعامل من تركيا أو من الدول الغربية نفسها" وأضاف قائلاً: "وهناك الخط 36 في الشمال والخط 32 في الجنوب. وإذاً عندما لم يقسم العراق فلا يكمن السبب في أن الدول الغربية أو تركيا قالت أنها ضد التقسيم، وإنما لأن شعب العراق لايريد ان يتقسم"، وختم حديثه بالقول: "إن تركيا مازالت تعطي تسهيلات لدول أجنبية لكي تقيم جيباً في داخل العراق، وما زالت هذه الدول الغربية تحاول أن تقدم مايسمى بالإغاثة لشعب العراق في هذا الجيب الأمني، في الوقت الذي تمنع على العراق تصدير نفطه وشراء احتياجات شعبه، سواء في الشمال أم في الجنوب، أم في الوسط، فالكلام شكل، ولكن التطبيق شكل آخر"(74).
مهما يكن من أمر، فإنه بعد أن انتهت الحرب، بدأ أن تركيا أخذت تبتعد عن مساراتها السابقة في الالتزام بمبدأ الحياد الإقليمي في نزاعات المنطقة، وحاولت استثمار التفاعلات السريعة التي أحدثتها حرب الخليج إلى أقصى حد، للقيام بدور جيو سياسي كدولة عظمى في النطاق الإقليمي بحيث أن طموحها لاينتهي فقط باستعادة النفوذ في المحيط العربي المجاور والامتداد به إلى منطقة الخليج العربي، حيث يمكن تحقيق مستوى عالٍ من المصالح التجارية، ولكنه يمتد من البوسنة والهرسك في الشمال الغربي حتى جمهوريات أذربيجان وتركستان وغيرهما من الجمهوريات الإسلامية في آسيا الوسطى(75). فهل تستطيع تركيا أن تحقق ذلك الدور؟ وما هو موقف القوى الإقليمية والدولية من تلك الطموحات؟! ولحين توفر الظروف الذاتية والموضوعية للإجابة على هذين السؤالين، لابد من القول بأن الحكومة العراقية كانت تدرك أن الوقت لن يطول لإعادة تنظيم العلاقات الثنائية بين العراق وتركيا، وأن أواصر العلاقة التاريخية بين الشعب العراقي والشعب التركي، قوية لكن طبيعة الظرف الدولي والعلاقة الرسمية بين تركيا والحلف الأطلسي والولايات المتحدة وبعض القوى التركية، جعل من تركيا إحدى الساحات التي تواجه العراق في تلك الظروف، وقد أكد نائب رئيس جمهورية العراق (آنذاك) أن هناك رغبة تركية لتحسين العلاقات الثنائية وأن السفير العراقي في أنقرة لمس تلك الرغبة في لقائه مع وكيل الخارجية التركية وأن هناك رفضاً للمنهج الذي كان يقوده حزب الوطن الأم وإن إحدى سمات رفض هذا المنهج هو سقوط هذا الحزب في الانتخابات النيابية الأخيرة التي نجم عنها فوز حزبي المعارضة: الطريق الصحيح والشعبي الاجتماعي الديمقراطي، وأضاف إلى ذلك قوله: "ورغم أن هذا هو شأن داخلي ومع تقديرنا للظرف الحالي والصراعات والضغوط الدولية فنحن واثقون من أن رئيس الحكومة التركية ديميريل، في قدرته، وفي ذكائه، وحنكته السياسية، وفي نظرته الجادة لمصلحة تركيا، وما له من دور لبدايات علاقة تركية عراقية من منظور ستراتيجي في بداية السبعينات من القرن الماضي، سيكون له رأي في تنظيم العلاقات مع العراق من جديد في إطارها الصحيح والسليم"(76).




















هوامـش البحث    


* منشور في مجلة (دراسات تركية) التي كان يصدرها مركز الدراسات التركية (الإقليمية حالياً)، العدد (4)، 1993.



(1) أطلق على الحرب الأميركية على العراق والتي ابتدأت ليلة 16/17 كانون الثاني 1991 مصطلحات عديدة، منها: عاصفة الصحراء، وحرب الخليج الثانية.
(2) أنظر: يوسف عبدالحميد: (تركيا رؤية ستراتيجية، انعكاس وفرة المياه على مستقبلها السياسي والاقتصادي)، مجلة صامد (الاقتصادي)، السنة (14)، العدد (89)، تموز- آب - أيلول 1992، ص 170.
(3) سعد البزاز: حرب تلد أخرى، التاريخ السري لحرب الخليج، ط 2، (عمان،
1992)، ص 279.
(4) توركوت اوزال، مهندس كهربائي ومتخصص بالاقتصاد كذلك. ولد في 13
 تشرين الأول
1927 في ملاطية جنوب شرقي تركيا، أكمل دراسته في قسم
 الكهرباء في جامعة استانبول الفنية سنة 1950 وذهب إلى الولايات المتحدة سنة 1952 للتخصص. عمل في البنك الدولي بواشنطن ومن
ذ سنة 1958 شغل منصب الأمين العام لهيئة التخطيط ،وعمل مستشاراً اقتصادياً في حكومة سليمان ديميريل، وبعد فوز حزبه حزب الوطن الأم في انتخابات سنة                                                                                                  1983 أصبح رئيساً للوزراء، وظلّ في منصبه حتى سنة 1989، حين غدا رئيساً للجمهورية بعد ترشيح نفسه لهذا المنصب، وقد استمر في سدة الرئاسة إلى أن توفي بالسكتة القلبية ظهر يوم 17 نيسان 1993، فخلفه سليمان ديميريل في رئاسة الجمهورية. أنظر: إبراهيم خليل أحمد وخليل علي مراد: إيران وتركيا، دراسة في التاريخ الحديث والمعاصر، ( الموصل، 1991)،
ص 340. 
(5) البزاز، المصدر السابق، ص 279.
(6) جريدة الجمهورية، بغداد، 7 آب 1990.
(7) المصدر نفسه.
(8) البزاز، المصدر السابق، ص ص 280 - 281.
(9) المصدر نفسه، ص ص 279 - 283.
(10) أنظر الطبعة العربية من كتاب سالنجر ولوران، حرب الخليج، الملف السري،
 (باريس،1990)، ص ص 198
- 200.
(11) البزاز، المصدر السابق، ص 283.
(12) محمد خليفة: (الدور التركي في الشرق الأوسط والخليج العربي: العوامل والمعالم)، مجلة المنبر، باريس، العدد (58)، كانون الأول/1990، ص 45.
(3[1]) للتفاصيل أنظر: هاني الياس الحديثي: (الموقف التركي من حرب الخليج)،
مجلة آفاق عربية، العدد (19)، كانون الثاني 1993، ص 73
؛ وكذلك  جريدة  القادسية، بغداد، 6 كانون الثاني 1990.
(4[1]) جريدة الجمهورية 31 آب 1990.
(5[1]) جريدة الثورة 9 تشرين الثاني 1990.
(6[1]) المصدر نفسه.
(7[1]) جريدة صوت الشعب، عمان، 30 آب 1990.
(8[1]) أنظر: جلال عبدالله معوض، ( تركيا والأمن القومي العربي: السياسة المائية والأقليات)، مجلة المستقبل العربي، السنة (15)، العدد (160)، حزيران، بيروت، 1992، ص 93؛ وكذلك الحديثي، المصدر السابق، ص73.
(9[1]) جريدة الجمهورية 18، 19 آب 1990.
(20) معوض، المصدر السابق، ص 99.
(21) البزاز، المصدر السابق، ص 287.
(22) الحديثي، المصدر السابق، ص 74.
(23) معوض، المصدر السابق، ص 103.
(24) المصدر نفسه، ص ص 103 - 104.
(25) المصدر نفسه، ص ص 104 - 105.
(26) المصدر نفسه.
(27) الحديثي، المصدر السابق، ص 73.
(28) البزاز، المصدر السابق، ص 283.
(29) المصدر نفسه، ص 282.
(30) مقتبس من جريدة القادسية في 28 كانون الثاني 1993. وقد أشارت جريدة   القادسية في 14 تشرين الثاني 1991، إلى أن السعودية عرضت على الحكومة التركية تزويدها بنفط مجاني قيمته 1.1 مليار دولار.
(31) راديو مونت كارلو ( باللغة العربية )، مساء 19 - 20 كانون الثاني 1993.
(32) الحديثي، المصدر السابق، ص 73.
(33) عبدالحميد، المصدر السابق، ص 170.
(34) جريدة الجمهورية 2 و 5 كانون الأول 1990.
(35) مقتبس من جريدة القادسية 1 كانون الثاني 1991.
(36) جريدة القادسية 1 كانون الثاني 1991.
(37) عبدالحميد، المصدر السابق، ص 170.
(38) جريدة القادسية 19 تشرين الأول 1990.
(39) الحديثي، المصدر السابق، ص 74.
(40) جريدة القادسية 11 كانون الثاني 1991.
(41) جريدة النداء، الكويت14كانون الأول 1990؛ جريدة الجمهورية 18 آب 1990.
(42) جريدة الجمهورية 18 آب 1990.
(43) جريدة الثورة 7 كانون الثاني 1991.
(44) جريدة القادسية 1 كانون الثاني 1991.
(45) جريدة الجمهورية 18 آب 1990.
(46) جريدة الجمهورية 18 آب 1990.
(47) جريدة الجمهورية 18 آب 1990.
(48) جريدة الجمهورية 8 كانون الثاني 1991.
(49) جريدة النداء، 14 كانون الأول 1990.
(50) جريدة الجمهورية 2 شباط 1991.
(51) جريدة القادسية 1 كانون الثاني 1991.
(52) جريدة القادسية 25 كانون الثاني 1993.
(53) عبدالحميد، المصدر السابق ، ص 171.
(54) جريدة الجمهورية 18 آب 1990.
(55) مقتبس من جريدة الجمهورية 14 كانون الثاني 1991.
(56) جريدة النداء 12 تشرين الأول 1990.
(57) أنظر: جريدة العراق، بغداد 19 آب 1990؛ وجريدة الجمهورية 18، 19 آب 1990 و 29 شباط 1991؛ جريدة الثورة 14 كانون الثاني 1991.
(58) البزاز، المصدر السابق، ص 285.
(59) عبدالحميد، المصدر السابق، ص 171.
(60) المصدر نفسه، ص 172.
(61) الحديثي، المصدر السابق، ص 74؛ وكذلك مقال الكاتبة (ويلر) في واشنطن بوست نقلته إذاعة صوت أميركا باللغة العربية مساء 21 أيار 1991.
(62) مقتبس من جريدة الجمهورية 14 كانون الثاني 1991.
(63) البزاز، المصدر السابق، ص 288.
(64) خليفة، المصدر السابق، ص 43.
(65) معوض، المصدر السابق، ص 102.
(66) المصدر نفسه، ص 102.
(67) المصدر نفسه، ص 102.
(68) خليفة، المصدر السابق، ص 43.
(69) المصدر نفسه، ص ص 43 - 44.
(70) المصدر نفسه، ص 44.
(71) معوض، المصدر السابق، ص 106.
(72) المصدر نفسه، ص ص 106 - 107.
(73) أنظر: جريدة الجمهورية 27 كانون الأول 1992.
(74) المصدر نفسه.
(75) البزاز، المصدر السابق، ص 288.
(76) جريدة القادسية 16 كانون الثاني 1992.








ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...