الجمعة، 7 يونيو 2013

تركيا والحرب العراقية - الإيرانية*



الفصل الأول

تركيا والحرب العراقية -  الإيرانية*
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
من كتاب :"نحن وتركيا "

 مقدمـة

- 1 -

تكتسب معرفة موقف تركيا من الحرب العراقية - الإيرانية أهمية كبيرة، وذلك لسببين، أولهما: الروابط التاريخية والجغرافية والدينية والاقتصادية التي تربط العراق بتركيا، وثانيهما: لما تحتله تركيا من مكانة متميزة في المنطقة كان يمكن أن تؤهلها لأن تقوم بدور ايجابي في إنهاء النزاع.
ينصرف بحثنا هذا لمتابعة ورصد الموقف التركي من الحرب العراقية- الإيرانية، ويتألف من قسمين، فضلاً عن المقدمة، يتناول القسم الأول المحركات المختلفة التي كانت تتجاذب الموقف التركي من الحرب. أما القسم الثاني فقدّم أَبان كتابة هذه السطور نظرة متوقعة لمستقبل ذلك الموقف.





- 2 -

محركات الموقف التركي من الحرب العراقية - الإيرانية
ثمة عناصر ومحركات عديدة كانت تتجاذب الموقف التركي من الحرب العراقية - الإيرانية أبرزها مايلي:

أولاً: تأكيد تركيا على مبدأ الحياد في النزاع وعدم التدخل
انتهجت تركيا منذ قيام الجمهورية سنة 1923 سياسة خارجية واضحة المعالم أكـدها الرئيس التركي الراحل مصطفى كمال أتاتورك حيت رفع شعار: ((السلم في الداخل.. السلم في الخارج))، وقد اكتسبت سياسة تركيا الخارجية أسسها وفقاً لهذا المبدأ، وقد حرص القادة الأتراك على انتهاج سياسة الحيـاد في النزاعات، وعدم التدخـل، وحل المشاكـل الإقليمية بالطرق السلمية([1]). ومنذ اندلاع الحرب العراقية- الإيرانية، ظلّ القادة الأتراك يلتزمون بهذا المبدأ، ويعربون عن أسفهم لقيام الحرب. يقول بولند اولصو رئيس الوزراء التركي الأسبق بصدد هذا الموقف:

((إننا نشعر بالأسى الشديد إزاء الحرب الدائرة بين

دولتين صديقتين لنا، وأنه من أكبر أمنياتنا أن

تنتهي تلك الحرب))([2]). ويقول:
((حاولنا جهدنا إنهاء القتال، لكننـا لم نتمكن من
تحقيق نتائج ايجابية علينا مواصلة الجهـود
لإنهاء القتال للأسف هناك تدخل دولي لإبقاء
العالم الإسلامي منقسماً))([3]).

أما كنعان افرين، الرئيس التركي الأسبق، فقد أعرب عن قلقه، مرات عديدة، لاندلاع الحرب([4]). وكان القادة الأتراك يحاولون من خلال تلك التصريحات تأكيد موقفهم الحيادي من الحرب، وإحجامهم عن التدخل إلى جانب أي من الطرفين المتحاربين، ويبدو أن العراق خلافاً لإيران قد تفهم هذا الموقف، حتى أنه لم يقدم أي طلب إطلاقاً إلى تركيا بشأن تدخلها الدبلوماسي أو حتى العسكري في الحرب. وقد أكد ذلك المسؤولين الأتراك، في تصريحاتهم حين كانوا يواجهون التهم من النظام الإيراني أو التنظيمات السرية المرتبطة به. ففي 1993 صرّح ناطق تركي في أنقرة حين زيارة نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية العراقي لتركيا: "أن تركيا ستحافظ بصراحة على موقفها الحيادي من الحرب العراقية - الإيرانية"([5]) . وفي 28 أيار 1986 أوضحت الحكومة التركية في ردها على تهديدات ما يسمى بـ ((منظمة الجهاد الإسلامي)) بالاعتداء على المصالح التركية في الخارج إذا استمرت أنقرة في مساندة العراق كما تزعم المنظمة" بأن تركيا تلتزم منذ بداية النزاع الإيراني- العراقي حياداً تاماً بين الطرفين المتحاربين اللذين تشترك معهما في الحدود"([6]).
لقد سعت تركيا، استناداً إلى مبدأ الحياد،إلى الاحتفاظ بعلاقات متوازنة مع البلدين المتحاربين وذلك بما يؤمن مصالحها، وخاصةً الاقتصادية منها. وبالرغم من موقع تركيا الحساس بين إيران والعراق، وما يمكن أن يخلقه من مشاكل نتيجة الحرب بين الدولتين، فإنها وسعت علاقاتها مع الطرفين وخاصةً في الجوانب السياسية والاقتصادية([7]). وتتضح هذه المسألة من خلال متابعة ورصد الزيارات العديدة التي قام بها المسؤولون الأتراك على اختلاف مستوياتهم لكل من إيران والعراق خلال سني الحرب، كما تبدو واضحة من حجم التبادل التجاري لتركيا مع كلاً من البلدين كما سنرى.
ويعتقد البعض من الباحثين أن تطور العلاقات بين تركيا وإيران، وبين تركيا والعراق جاء نتيجة لدوافع اقتصادية بحتة([8]). ويبدو أن تصريحات بعض المسؤولين الأتراك كانت تساعد في الذهاب بهذا الاتجاه.يقول توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي الأسبق:

((ان انفتاح تركيا على الأقطار العربية في هذا الوقت

بالذات جـاء لدوافع اقتصادية بحتة. باعتبـار أن

الأقطار العربية سوق استهلاكية من الدرجة الأولى))([9]).

ثانياً: محاولة تركيا الاستفادة من الحرب لتطوير اقتصادها
دخلت تركيا عقد السبعينات من القرن الماضي بفائض في ميزان المدفوعات وبمعدل نمو يبلغ سبعة في المئة سنوياً، مما أدى إلى اعتبارها نموذجاً للبلدان النامية، لكن ازدهار هذا البلد كان يكشف عن ضعف كبير إزاء أزمة الطاقة 1972-1974، والارتفاع الدرامي للأسعار الذي زلزل النظام الاقتصادي العالمي([10]). وقد تفاقمت مشاكل الاقتصاد التركي وظهرت على النحو التالي([11]):
1- نقص فادح في العملة الصعبة ناجم عن اعتماد بمقدار 80٪ على النفط الأجنبي المستورد، هذا فضلاً عن عدم الكفاءة في نظام
 التصدير، مما تؤدي بدوره إلى عجز في استيراد النفط الضروري
والمواد الخام والسلع الأساسية.
2- معدل تضخم مرتفع يقدر بنحو 70 - 80٪ المصحوب بنسبة من البطالة تتراوح ما بين 15- 20٪([12]).
3- مشاكل خطيرة في إعادة جدولة الديون تهدد جدارة البلاد التسليفية في مايخص الصفقات المالية للمستقبل.
4- حالة الركود الواضحة كانت وراء منع القطاع الصناعي من أن يعمل إلاّ بنسبة 50٪ من طاقته([13]).
وخلال السنتين 1978 و 1979 عانت الحياة اليومية التركية نقصاً شديداً في المحروقات والحاجيات الضرورية ([14]). كما تدنت العملة التركية مرات مع ارتفاع في الأسعار. وكان هناك مليون تركي (6٪ من القوة العاملة) يعملون في الخارج([15]).
أما مشاكل الطاقة في تركيا، فقد كانت حادة، فالثمانون في المئة التي تستوردها من النفط مصدرها العراق وليبيا والاتحاد السوفيتي (سابقاً)، وقد بلغت قائمة حساباتها النفطية مايتراوح بين 3 و 4 مليارات دولار، أي أن أكثر مما يعود عليها من الصادرات، أي أنها أقل بلدان العالم استهلاكاً للطاقة بمعيار المعدل الفردي([16]) .
لقد بادر حلفاء تركيا بمن فيهم الولايات المتحدة الأميركية، على مدى سنة 1979 إلى عقد عدة لقاءات للبحث والحض على إنقاذ الاقتصاد التركي المنهار والذي هبط معدل النمو فيه في السنة 1979 إلى الصفر([17]). ووجدت الولايات المتحدة والحلفاء الغربيين، خاصة أن إيجاد الحلول اللازمة التركية الاقتصادية مسألة مهمة لهم باعتبار أن مصلحتهم تكمن في استمرار أوضاع تركيا الداخلية، لذلك فقد دعموا ميزان مدفوعاتها وقدّموا لها قروضاً جديدة .
ففي السنة المالية 1980 خصصت الولايات المتحدة (450) مليون دولار لتركيا منها (252) مليوناً مساعدات عسكرية و (198) مليوناً معونة اقتصادية ([18]).
كما وافقت (15) دولة غربية بالإضافة إلى اليابان على منح تركيا مساعدات مالية بقيمة (1.16) مليار دولار لمساعدتها في مواجهة أوضاعها الاقتصادية المتردية، وقد تم اتخاذ هذا القرار في أعقاب اجتماع عقد في باريس منتصف نيسان 1980 ودام يوماً واحداً وشمل ممثلين عن النمسا وبلجيكا وكندا والدانمارك وفلنـدا وفرنسا وألمانيا الغربية وإيطاليا واليابان ولوكسمبرج وهولندا والنرويج والسويد وسويسرا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية([19]). كما قدمت السعودية قرضاً مقداره (250) مليون دولار إلى تركيا في السنة ذاتها، وبهذا القرض أصبحت السعودية ثالث أكبر المساهمين في مساعدة تركيا بعد الولايات المتحدة وألمانيا الغربية ([20]).
في أيار 1980 صرّح كوركوت اوزال (وكان يعد آنذاك كبير المخططين الاقتصاديين آنذاك) بأن بلاده تسعى للحصول على عون اقتصادي مقداره مليار دولار، وكمية إضافية من النفط الخام تبلغ (5) ملايين طن (سنة 1980) في الأقطار العربية المنتجة للنفط . وأوضح أوزال، وكان يزور قطر، أن بلاده تحتاج إلى (3) مليارات دولار (سنة 1980) لتحقيق بعض الانتعاش الاقتصادي منها (مليار دولار) سيؤمنها الغرب والمنظمات الدولية بما فيها صندوق النقد الدولي، وأعرب عن أمله في أن رئيس الوزراء التركي (آنذاك) سليمان ديميريل سيزور أقطار الخليج العربي ويتمكن من الحصول على مبلغ المليار دولار المتبقي فيها([21]).
كما أعلن توركوت اوزال، وكان يرأس وفداً تركياً إلى مفاوضات جدولة الديون التركية مع الدول الغربية في تموز 1980 أن هذه الدول وافقت على إعادة جدولة (3) مليارات دولار من ديون تركيا الرسمية([22]).
هذا وقد اختلطت الصعوبات الاقتصادية الخطيرة بوضع غير مستقر طبع الحياة السياسية في تركيا طوال الثلاثين سنة الماضية، فعلى سبيل المثال أدى العنف في 1978 - 1979 إلى مقتل ألفين وثلاثمائة شخص في مقابل خمسمائة قتيل في عقد الستينات.
وقد أدى تحول العنف إلى ظاهرة مدينية مع تدفق القرويين على المدن الرئيسة واستقرارهم في الأكواخ المحيطة بها، وبسبب انعدام فرص العمل أمام هؤلاء كانت الخصومات تشتعل بينهم وتؤدي إلى حلقة مفرغة من العنف([23]).
ومع بدء الحرب العراقية- الإيرانية، وقبلها بقليل، كانت هناك إشارات قليلة في أفق الاقتصاد التركي تدعو إلى التفاؤل، فقد أعلن مجلس الوزراء في 25 كانون الثاني 1980 عن إجراءات اقتصادية جديدة من ضمنها إنشاء دائرة لرأس المال الأجنبي، تسمى بـ ((مؤسسة الرأسمالية الأجنبية)) وترتبط مباشرة برئاسة مجلس الوزراء التركي، وأخرى لتطوير الصادرات، كما تبنى مجلس الوزراء كذلك ((سياسة وطنية)) من أجل الحصول على مساهمات محلية وأجنبية للتنقيب عن النفط، وأعلن عن رفع أسعار على خدمات عامة وسلع منتقاة، إضافة إلى بعض إجراءات التقشف الأخرى. وربما كان تعزيـز الصادرات أهـم عنصر في برنامج استعادة الاقتصاد التركي لعافيته([24]).
ويعد شهر كانون الثاني 1980 نقطة تحول للاقتصاد التركي من ناحية اجتياز تركيا السياسة الاقتصادية المحدودة داخلياً، وإتباعها سياسة الانفتاح نحو الخارج، وإبدائها الأولوية لمبادئ المنافسة في الأسواق، وفي شباط 1980، اتخذت الحكومة التركية الجديدة بعض التدابير الاقتصادية الفعّالة والجدّية، وذلك بغية التوفيق بين العرض والطلب، وزيادة الدخل العام، إلى جانب هذا اتخذت التدابير الايجابية الفعّالة لزيادة الإنتاج في كافة القطاعات وتشجيع استثمار رؤوس الأموال الأجنبية في تركيا([25]).
ثم جاءت الحرب العراقية- الإيرانية التي اندلعت في الرابع من أيلول 1980 لتستفيد منها تركيا في تطوير اقتصادها وإقالته من عثرته، ولكي نقف على طبيعة الاستفادة، لابد من أن نتابع تطور العلاقات الاقتصادية التركية مع كل من العراق وإيران خلال سنين الحرب.

أ- العلاقات الاقتصادية التركية مع العراق
 تبنى توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي آنذاك، سياسة اقتصادية تركزت على مايلي:
1- زيادة إنفتاح تركيا اقتصادياً على الأقطار العربية وخاصةً أقطار الخليج العربي ومنها العراق.
2- أن التعاون مع العراق أصبح يشمل كل الجوانب الاقتصادية والفنية المشتركة، فهناك تعاون في مجال النقل البري والجوي والسكك
 الحديد والاتصالات([26]).
3- بالإضافة إلى خط أنبوب النفط التركي القائم آنذاك والذي يمر عبر الأراضي التركية ويصدر إلى المواني التركية في أدنة، فقد تم
الاتفاق في 1984 على إنشاء خط أنبوب آخر يخصص لنقل النفط
الخام من العراق([27]).
4- كان لزيارة توركوت اوزال إلى العراق (أيار 1984) الأثر الكبير في تطوير العلاقات العراقية- التركية، وتم خلال الزيارة بحث مجالات التعاون الاقتصادي والتجاري وإمكانية توسيعها خدمةً لمصالح البلدين([28]).
5- أن تركيا تستورد مايزيد على (8.5) مليون طن سنوياً من النفط
الخام العراقي اعتباراً من سنة 1981 وإلى الآن وهو في زيادة على الأكثر([29]).
6- إن العلاقة بين العراق وتركيا أصبحت الآن أكثر تطوراً خاصةً في
الجوانب الاقتصادية، حيث يحتل العراق المركز الأول في استيراداته
من تركيا وثاني بلد من حيث الصادرات التركية إليه([30]).
7- في 11 تشرين الأول 1984 وقّع العراق وتركيا على محضر تنفيذ  مشروع التوسيع الثاني للخط العراقي- التركي للنفط الخام، وتساعد عملية التوسيع هذه على رفع طاقة التصدير لتصبح مليوناً و (550) ألف برميل يومياً، كما زيدت الطاقة التصديرية للخط الأصلي من (700) ألف برميل سنة 1982 إلى حوالي (مليون) برميل يومياً
منتصف تموز 1984([31]) .
8- أن السيد وحيد خلف أوغلو وزير الخارجية التركي آنذاك، صرّح لمراسل وكالة الأنباء القطرية في أنقرة في أيار 1986 أن تركيا يمر بها خط أنابيب نفط عراقي ينقل (47.5) طن سنوياً([32]).
9- في 4 آذار 1987 بدأت في اسطنبول مباحثات رسمية بين العراق وتركيا حول مسائل النقل البري بين البلدين وإمكانية تعديل الاتفاقية
الموقعة سنة 1977 الخاصة بالنقل، بحيث تنسجم مع الأوضاع
ومتطلبات المرحلة الحالية([33]).

ب- العلاقات الاقتصادية التركية مع إيران
شهدت العلاقات الاقتصادية بين إيران وتركيا في ظل الحكم الإيراني الجديد مزيداً من التطور قياساً لما كانت عليه في عهد الشاه، وهذا التطور يبدو أكثر وضوحاً من خلال مايلي:
1- بلغت قيمة استيرادات تركيا من إيران في سنة 1980 أكثر من
(800) مليون دولار. أما أعوام 1
976، 1977، 1978، فإن مجموع قيمتها لم يكن يتجاوز ألـ ( 762) مليون دولار.
2- أما صادرات تركيا إلى إيران، ففي الوقت الذي لم تكن تتجاوز فيه قيمة هذه الصادرات (128) مليون دولار لنفس الأعوام السابقة
 ارتفع هذا الرقم في 1981 إلى ماقيمته (233) مليون أو نصف مليون دولار([34]). أما خلال الفترة من كانون الثاني إلى أيلول
 1985 فبلغ (768.117) مليون دولار([35]). والجدول الملحق يبين حجم العلاقة وتطورها خلال الفترة من
1980 وحتى أيلول 1985([36]).
3- عقدت في آذار 1982 اتفاقية ثنائية بين تركيا وإيران تقرر بموجبها أن تقوم إيران بتزويد تركيا بما يتراوح بين (60-100) ألف  برميل من النفط يومياً([37])، وعدت الاتفاقية من أكبر الاتفاقيات التي تعقدها إيران مع دولة خارجية، حيث أن قيمة المبادلات التجارية
بلغت خلال 1983 حوالي مليار و 800 مليون دولار([38]).
4- وهناك مشروع إنشاء خط أنبوب الغاز الإيراني إلى تركيا الذي تم التوقيع عليه في 13 أيلول 1983 بين الطرفين([39]) .
5- وخلال زيارة توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي إلى إيران
 (نيسان 1984) نجح أوزال اقتصادياً، كما أشار إلى ذلك المراقبين،
وتوقع أوزال بأن حجم التبادل بين إيران وتركيا سيصل في عام
الزيارة إلى ثلاثة بلايين دولار، وتم التوقيع على عدة عقود بمبلغ
(800) مليون دولار، ووصلت حصة تركيا من العملات الصعبة
عن قيمة مبيعاتها إلى إيران حوالي 1.4 بليون دولار([40]). واتفق
الطرفان على حل المشاكل المتعلقة بالمواصلات وتجارة الفولاذ
 والسلع الأساسية، أكد المسؤولون الأتراك في حينه" بأن حجم
 التعاون المتبادل سيصل إلى أقصى معدل له في ختام السنة الإيرانية
 التي تبدأ في 21 آذار 1985". وقال وزير الصناعات الثقيلة
الإيراني" بأن الاختناقات في طريق تطوير التعاون التركي
-
الإيراني قد تمت إزالتها"([41]).
6- في أواسط 1984 بدء العمل في بناء جسر كبير يربط الأراضي التركية بالأراضي الإيرانية في المنطقة الجبلية([42])، وانتهى العمل به  أواسط 1985 وسمي بجسر (قطور)([43])، ووصل وزن البضائع
المستوردة والصادرة عن طريق هذا الجسر في 1
985 مايقرب من
الثلاثة ملايين طن، وقد استطاعت تركيا بفضل هذا الجسر زيادة
صادراتها إلى إيران بمعدل (500) في المئـة في أعقاب سقوط
الشاه ([44]).
7- في تشرين الثاني 1985 قام وزير الدولة التركي للشؤون الاقتصادية مصطفى تيتز بزيارة إيران يرافقه وفد كبير، وقد أجرى محادثات مع وزير الخارجية الإيراني آنذاك علي أكبر ولايتي، وعبّر المسؤول التركي عن ارتياحه للتطورات الحاصلة مابين البلدين الذي شهدته، ودعا الجانب الإيراني إلى "ترسيخ العلاقات الاقتصادية فيما يتعلق بالجوانب العلمية والتكنولوجية"، وعبّر ولايتي من جانبه عن رغبة حكومته بتوسيع مجالات التعاون مع تركيا لاعتبارات دينية وتاريخية، والتقى الوزير التركي بوزير الصناعات الثقيلة الإيراني بهزاد نبوي، وتباحث الجانبان بشأن تعزيز العلاقات بينهما. وأكد مصطفى تيتز وزير الدولة التركي بأن "تركيا مستعدة لإقامة مشاريع توليد القوة الكهربائية في إيران" وذلك في مقابلة وزير الطاقة الإيراني حسن ملا نوري زاده، وردّ الوزير الإيراني قائلاً: "تركيا هي الشريك التجاري الأول لإيران خلال الربع الأول من هذه السنة (1985)، وأضاف" إن إيران ستشتري البضائع التي تحتاج إليها من تركيا وبالمقابل تزود تركيا بعض احتياجاتها، وقد توصل الطرفان إلى اتفاقية للتفاهم المتبادل"([45]). ومهما يكن من أمر فإن العلاقة بين تركيا وإيران قد أصبحت أكثر تطوراً خلال الحرب خاصة في الجوانب الاقتصادية([46]).
إنّ تركيا، كما قال وحيـد خلف اوغلـو وزير الخارجية التركية في حديث لمراسل وكالة الأنباء القطرية في أنقرة، تحرص على الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع العراق وإيران، إذ أنها تشتري على سبيل المثال ستة ملايين طن من النفط من إيران وتصدر إليها سلعاً قيمتها (1.2) بليون دولار أمريكي، كما تشتري حوالي (5) ملايين طن نفط من العراق وتصدر إليه سلعاً بقيمة بليون دولار"([47]). وهذا يؤكد بأن تركيا تعمل منذ بدء الحرب وحتى الآن على أن تكون علاقاتها الاقتصادية مع كلا البلدين المتنازعين متوازنة، وبما يؤمن مصالحها الاقتصادية، وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن تركيا، في الوقت ذاته، تسعى لأن تزيد من ارتباط إيران والعراق بها، وبالتالي يصعب إذا مااستجدت ظروف الانعتاق من تلك العلاقة وبذلك تضمن تركيا علاقات اقتصادية متبادلة مع الدولتين حتى بعد انتهاء الحرب([48]).
لذلك فقد كان الموقف التركي هذا عرضةً للانتقاد من بعض الأوساط العربية والأجنبية، ومن ذلك المقال الذي نشرته مجلة التضامن في عدد
(150) الصادر سنة 1985 بعنوان: ((المصلحة من هذه المواقف التركية؟))، ومما جاء في المقال: "أن اتخاذ موقف متساوي المسافة بين البلدين المتحاربين العراق
وإيران، إنما يخلو من الحكمة، كما يخلو من المنطق ومبادئ العدالة"، وأضاف كاتب المقال إلى ذلك قوله: "وإذا كانت مثل هذه المواقف لم تعد أمراً مقبولاً، والحرب توشك أن تنهي عامها السادس بتصعيد خطير من جانب إيران، فإن أي مسلك من أي جهة، ينطلق من نظرة قصيرة المدى، ويرمي إلى تحقيق منافع جراء استمرار الحرب، لم يعد أمراً غير مقبول فقط، بل هو أمر ينطوي على مخاطر غير محسوبة ومؤذٍ لمن يسلكه على المدى البعيد"، وتساءل الكاتب في ختام مقاله: "لمصلحة من تلعب تركيا هذا الدور؟"([49]).
ووصف الدكتور علي نوري زاده خبير الشؤون الإيرانية في مجلة الدستور التي تصدر في لندن، موقف تركيا من الحرب وحرصها على اتخاذ موقف متساوي المسافة بين البلدين المتحاربين بأنه ((لعبة مزدوجة)) تلعبها أنقرة مع طهران وبغداد([50]).
وطالبت صحيفة (ترجمان) التركية في عددها الصادر في 14 شباط 1987 الحكومة التركية بعدم التغاضي عن التدخل الإيراني في الشؤون التركية ومحاولات دعم بعض التنظيمات، وقالت يجب أن "لاتغرنا صفقات تجارية... تم تحقيقها"([51]).

ثالثاً: السعي للقيام بدور سياسي
عانت تركيا من الأزمة القبرصية في سنة 1974، والمقاطعة الأميركية لها في 1975 عزلةً عن المجتمع الدولي، لذلك حاولت كسب الدعم العربي في الأمم المتحدة، وأرسلت لهذا الغرض مبعوثي (نوايا حسنة) إلى العواصم العربية، وخفضت تركيا التمثيل الدبلوماسي مع (إسرائيل) إلى مستوى مفوضية في أواخر الستينات من القرن الماضي، لكن المراقبين كانوا يعتبرون أن هذه الحركة لم تكن سوى إجراء تزييني، وليس دليلاً على أن لدى تركيا أية نية لقطع علاقاتها مع إسرائيل([52])، هذا فضلاً عن وجود حزب في تركيا آنذاك، هو حزب الخلاص الوطني يدعو إلى علاقات أوثق مع الأقطار العربية([53]).
وكما هو معروف فإن تركيا صارت تهتم بالمسألة الفلسطينية، والنزاع العربي- الإسرائيلي، وتحاول أن يكون لها موقفاً متوازناً من هذه القضية فهي، على الرغم من حرصها على تطور علاقاتها مع الأقطار العربية، حافظت بنجاح على علاقات دبلوماسية هادئة مع إسرائيل وقد عبّر وحيد خلف اوغلو وزير الخارجية التركي آنذاك من الموقف التركي المتوازن هذا بقوله: "أنقرة تؤمن بأن إقامة علاقات طيبة مع جميع الأقطار العربية، وكذلك الدول الأخرى يسهم في تحقيق السلام في المنطقة" أما عن احتفاظ تركيا بعلاقاتها مع إسرائيل فيقول: "إن وجود علاقات بين تركيا و إسرائيل يتيح لأنقرة التعرف على مختلف وجهات النظر، والعمل على تحقيق السلام في المنطقة.. لكنه أشـار إلى أن العلاقات الدبلوماسية بين أنقـرة وتل أبيـب في مستواها الأدنى([54]).
لقد عملت تركيا خلال السنوات القليلة الماضية إلى تعزيز سياسة خارجية أكثر استقلالية، ويبدو أن وعي تركيا لدورها في النظام السياسي العالمي قد تغير بشكل دراماتيكي، فلم يعد مجرد دور قائم على التطابق مع الولايات المتحدة الأمريكية كما كان في سنوات الحرب الباردة، وإنما يحافظ تقنياً على موقف موالٍ للغرب مع مرونة وتأكيد إضافيين على توسيع علاقاتها مع محيطها الجغرافي، وهو مايتطلب حسن استخدام هوية فريدة التعريف بها كأمة هي جزء من التحالف الغربي، وفي الوقت نفسه إسلامية وآسيوية في شخصيتها([55]).
وتأسيساً على ذلك وجدت تركيا نفسها ملزمة لأن تبحث لها عن دور سياسي تبرز فيه بعد رجوعها إلى جذورها الشرقية وتحسين علاقاتها مع الأقطار العربية من خلال الأمم المتحدة أو منظمة المؤتمر الإسلامي([56])، وليس مثل الحرب العراقية- الإيرانية من حدث يساعدها على تعزيز موقفها الإقليمي ليس بين دول المنطقة، وإنما بين حلفائها الغربيين، كذلك أعلن الرئيس التركي كنعان ايفرين سنة 1983:

((نحن نأسف للحرب العراقية- الإيرانية ونقلق من ذلك،
إنّ تركيا بذلت وما زالت تبـذل كل الجهود لإنهاء هذه
الحرب بالطرق السلمية))([57])
وخلال زيارته للسعودية (1984) أعلن الرئيس التركي كنعان ايفرين عن استعداده للذهاب إلى طهران إذا كان مثل هذا العمل ضروري لإنهاء الحرب، كما حاول توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي أثناء زيارته لإيران (نيسان 1984) أن يطرح فكرة وساطة تركيا، إلاّ أن زيارته لم تحقق أي شيء في هذا المجال لأن المسؤولين الإيرانيين آنذاك رفضوا قيام تركيا بمثل هذا الدور([58]) .
وشاركت تركيا في لجنة المساعي الحميدة التي انبثقت عن المؤتمر الإسلامي في كانون الثاني 1981 لحل النزاع وجلب الطرفين إلى مائدة المفاوضات([59])، وإن تركيا لم تضع ثقلها في اللقاءات مع الإيرانيين([60]). ويبدو أن ذلك يرجع إلى سببين:
أولهما: سعي تركيا لتثبيت وجودها الاقتصادي في إيران .
ثانيهما: معرفتها بعدم ارتياح إيران لهذه اللجنة وامتناعها عن التعاون  معها.
وقد عبّر عن ذلك علي أكبر ولايتي وزير الخارجية الإيراني في مقابلة مع صحيفة ميليت التركية في 2 آب 1984 حين قال:

((إنّ إيران تعبر عن ارتياحها للموقف التركي، لكنها
قلقة تجاه لجنة المساعي الحميدة الإسلامية، لأنها
لاتتوخى العدالة))([61])

إنّ ذلك لم يمنع القادة الأتراك من الاستمرار في تصريحاتهم التي تؤكد حرصهم على ضرورة إيقاف الحرب وتسوية النزاع، فقد أكد وحيد خلف اوغلو وزير خارجية تركيا في حديث أدلى به لمراسل وكالة الأنباء القطرية في أنقرة بتاريخ 29 أيار 1986 أن تركيا تبذل كل ما في وسعها من أجل وقف الحرب العراقية- الإيرانية متبعة ما وصفه بالأسلوب الهادئ، إلاّ أنه اعترف بأن هذه الجهود لم تصادف نجاحاً حتى الآن، وقال:

((إنّ تركيا تستغل في جهودها على هذا الصعيد علاقات
الصداقة وحسن الجوار التي تجمعها مع كل من العراق
وإيران، وكذلك عضويتها في لجنة المساعي الحميدة
المنبثقة من منظمة المؤتمر الإسلامي والمكلفة بالبحث
عن حل لهذا النزاع))([62])

ونفى وزير الخارجية التركي "أن يكون كل من العراق وإيران يتزودان بأسلحة تنقل عبر تركيا.." وقال: "إنّ البلدين يحصلان على أسلحتهما من جميع المصادر فيما عدا تركيا"([63]).

 النظرة المتوقعة لمستقبل تركيا من الحرب
كان هنـاك رأيان متناقضان بشـأن مستقبل موقف تركيا من الحرب العراقية- الإيرانية، نلخصهما كما يلي:

الرأي الأول
يذهب إلى أن تركيا تريد إنهاء الحرب بين العراق وإيران، وتستند وجهة النظر هذه إلى عدد من الاعتبارات أهمها ما يلي:
1- إنّ انتهاء الحرب لاينهي العلاقات الاقتصادية لتركيا مع هذين
القطرين، وهي ماتحرص على تطويرها، بل بالعكس من ذلك
، فقد    يحتاج البلدان: العراق وإيران لتركيا في إعادة بناء مادمرته
الحرب، ومن الممكن أن تتطور العلاقات الاقتصادية بين تركيا وكلا البلدين بعد الحرب .
2- إنّ تركيا تحرص باستمرار على تأكيد حيادها في النزاع والتحذير من خطورة استمرارها وتهديدها لاستقرار المنطقة، خاصة وأنها تخشى من أن تكون طرفاً بالنزاع إذا ماتوسعت دائرته، وقد أكد القادة
والمسؤولين الأتراك هذا الموقف في كل لقاءاتهم الرسمية مع قادة وزعماء المنطقة([64]).
3- إنّ الرأي العام التركي لايؤيد استمرار الحرب، ويدعو إلى ضرورة
إنهائها، وليس من المعقول أن تتجاهل الحكومة التركية مايجري حولها، كتب الدكتور عمر اوغلو يقول:

((إن الرأي العام التركي يشجب استمرار هـذه الحرب
الطويلة بين الجارين المسلمين، فضلاً عن ان الأتراك
يعتقدون بالمثل القائل: إنـك لن تشعر بالأمان عندما
تلتهم النيران بيت جارك))([65])

4- إنّ التحسن الذي طرأ على الاقتصاد التركي خلال الحرب لم يساهم كثيراً في حل مشاكلها الاقتصادية. فلقد أكد تقرير اقتصادي أعده
فريق من الخبراء والباحثين الاقتصاديين الأتراك نشر في أنقرة
مؤخراً "بأن ديون تركيا الخارجية قد ارتفعت مع بداية عام 1987 إلى (32) مليار دولار أمريكي، بينما ارتفعت الديون
الداخلية إلى خمسة ترليون (مليون مليون) ومليار ليرة تركية. ومما جاء في التقرير كذلك: "إن الحكومة التركية
كانت بحاجة إلى (180)
مليار ليرة تركية شهرياً في سبيل تسديد فوائد الديون الداخلية، ولهذا
قامت بضخ الأوراق النقدية بكميات هائلة دون رصيد مما نتج عن ذلك انخفاض قيمة الليرة التركية وازدياد نسبة التضخم في البلاد،
وتضمن التقرير كذلك: "أن مقدار الديون الداخلية يضاف لها الفوائد عام 1987 سيصبح 7 ترليون و 300 مليار ليرة تركية. أما بالنسبة للديون الخارجية، فإنه يترتب على الحكومة تدبير مبلغ (4.5)
مليار دولار من أجل تسديد الأقساط وفوائد الديون الخارجية المستحقة في عام 1987"، وذكر التقرير: أن ديون تركيا الخارجية كانت
عام 1983 حوالي 71 مليار أو (619) مليون دولار أي ارتفعت خلال السنوات الخمس الماضية بنسبة 4.3 بالمائة([66]).

الرأي الثاني
يذهب إلى أن تركيا لاتريد إنهـاء الحرب لعوامـل اقتصادية بالدرجـة الأولى أو على الأقـل لاتؤيد إلى درجـةٍ ماالسرعة فـي حل النزاع([67]). وتستند وجهة النظر هذه على عدد من الاعتبارات أبرزها مايلي:
1- إنّ المسؤولين الأتراك لازالوا يؤكدون على أنهم انفتحوا على الوطن العربي لعوامل اقتصادية بحتة.
2- إنّ تركيا لم تبادر لاتخاذ أي خطوة مباشرة للتوسط في النزاع، ويذكر الدكتور عمر أوغلـو "أن ذلك يرجـع إلى علمها بعـدم نجاحها مقدماً"([68]). كما أنها لم تضع ثقلها لصالح إنهاء الحرب في اللقاء مع الإيرانيين وذلك يعود لمحاولاتها تثبيت نفوذها الاقتصادي وزيادة ارتباطها بإيران اقتصادياً، وهي تسعى لأن تكسب ود إيران كنظام
وكدولة([69]).
ومهما يكن من أمر فإن تركيـا في علاقاتها المتوازنة حاولت أن تمسك العصا من الوسط وتحكم دورها المستقبلي في علاقاتها مع الدولتين وقد تكون هذه نواياها، وليس هناك نوايا خفية إلاّ في مسألة واحدة هي، تنسيق مواقفها مع الدول الغربية والولايات المتحدة، ومن المحتمل أن تكون تركيا النافذة الأميركية للإطلال على العراق وإيران([70]).
ومما يؤكد ذلك الدور الذي قامت به تركيا أثناء أزمة الرهائن في إيران سنة 1979 وكيف أن السفير التركي كان من بين أوائل الدبلوماسيين الذين بادروا لإطلاق سراح الرهائن([71]). ويذهب البعض إلى القول بأن تركيا هي الدولة القادرة على الوقوف أمام الطروحات والسلوك الإيراني الداعي إلى تصدير الثورة وبالتالي يمكن أن تكون طرفاً مؤثراً في حلف أمني لضمان أمن الخليج العربي، وأن لتركيا أقلية قومية في إيران يقدر عددها بحوالي (9) ملايين نسمة، ويمكن لهذه الأقلية أن تكون أداة ضغط على النظام الإيراني([72]).
إنّ الدور الذي يمكن أن تقوم به تركيا في المستقبل المنظور يخدم هدفين أولهما داخلي يتعلق بـدور السلطة الجديدة وتعزيز هيبتها. وثانيهما خارجي يتعلق بمقدرتها على القيام بدور متميز قد يخدم، بالإضافة إلى مصالح تركيا القومية، مصالح الدول الغربية وخاصةً الولايات المتحدة الأميركية طمعاً بالمزيد من المساعدات العسكرية والاقتصادية([73])، وإلى شيء من هذا القبيل يشير توركوت اوزال حين يقول:
((إننا قادرون على تغيير موازين القوى في العالم
أن هناك نحو87 مليون تركي في الاتحاد السوفيتي
كما أن نصف سكان إيران من الأتراك))([74])
وقال في مناسبة أخرى:
((لاننسى أن الأتراك قادرون على لعب دور متميز
في المنطقة لأنهم مسلمون جيدون))([75])
وقــال:
((إنّ على السعودية ودول الخليج أن تعي جيداً أن
مستقبلها واستقرار المنطقة يعتمدان على استقرار
تركيـا، وإن تركيـا باتت  عامل استقرار على
الأخص في الشرق الأوسط  في أعقاب التطورات
الأخيرة في إيـران))([76])
ويؤكد الأميركان الدور المستقبلي لتركيا في المنطقة ويعلقون أهمية كبيرة على ذلك، فقد لاحظ القائد الأعلى السابق للحلفاء في أوربا الجنرال الكسندر هيغ أن الدفاع عن شرق تركيا الذي يشكل حماية لمصادر النفط في الخليج العربي يعتمد بشكل واضح على القوات التركية([77]). أما الستراتيجي الأميركي (البرت فوستر) فيقول: "بأن تركيا هي حجر الزاوية الذي لاغنى عنه بالنسبة لأي قوة عسكرية غربية يمكن التعويل عليها"([78]). فالغرب لايمكن أن يتخلى عن تركيا، وكذلك تركيا ارتبطت بالغرب منذ 1935 ولحد الآن. لكن تركيا تبحث عن دور هو مزيج من الدور الأمريكي والغربي المعدل في تركيا والمهمة الصعبة أمام تركيا هي:
1- تطوير علاقات متعددة الأبعاد مع الأقطار العربية أو الابتعاد على الأقل عن أية خطورة تسيء إلى الأقطار العربية.
2- الاستمرار في الاحتفاظ بروابط التعادل مع الغرب.
لقد أقامت تركيا علاقات متوازنة مع إيران والعراق بالرغم من الحرب، وسعت إلى إيجاد أرضية معينة تنطلق منها، لكي تكون وسيط بين الطرفين المتنازعين، وموقف تركيا من الحرب، كما سبق أن قدّمنا، تحدده كل تلك المتغيرات السالفة الذكر، ولكن الذي يبدو واضحاً، كما يقول أحد الكتّاب: أن تركيا لاتعمل منفردة بهذا الاتجاه، وإنما هناك القيد الغربي والأميركي على تحركها نحو المنفعة. ومن هنا جاء حيادها أشبه بحياد الولايات المتحدة والدول الغربية، إذ أنه حياد مشوب بالحذر والشك خاصة، وأن تركيا تنطلق في سياستها الخارجية دائماً من منطلق المصلحة القومية التي تعد الأساس المحرك لكل اتجـاه تركي مدفوع بالأزمة الاقتصادية التي تواجهها والعلاقة المتداخلة التي تفتقـد المصداقية مع الولايات المتحدة، فقد اكتفى المسؤولون الأتـراك بالتصريحات المبهمـة والتي تأخذ أكثر من اتجاه([79]).
إنّ الولايات المتحدة بذلت جهوداً كبيرة من أجل تنمية الدور التركي في المنطقة العربية، وقد ذكرت الدراسة التي أشرنا إليها آنفاً، والمقدمة إلى الكونكرس الأميركي سنة 1980 والمنشورة سنة 1982 إلى اعتبارات ستراتيجية عسكرية واقتصادية وسياسية وإقليمية تساعد تركيا على استعادة فعاليتها العسكرية وحيويتها الاقتصادية، وتشير الدراسة إلى أن "مستقبل تركيا هو في القلب من المصالح الستراتيجية بالنسبة للاتحاد السوفيتي ومنطقة الشرق الأوسط، وأنه إذا مارغب الكونكرس في مساعدة تركيا للقيام بهذا الدور فلابد من ملاحظة الاعتبارات التالية([80]):
1- الاعتبارات الستراتيجية والعسكرية، تتلخص بضرورة تشجيع ترتيبات التعاون الدفاعي الملحوظة في اتفاقية التعاون الدفاعي والاقتصادي الموقعة في أنقرة في العاشر من كانون الثاني 1980، والموافقة على رفع المستوى الراهن للمساعدة العسكرية في ضوء ما تسهم به مبيعات السلاح بالآجل، وكذلك المنح، وبما يحسن من الاستعداد العسكري لتركيا.
2- الاعتبارات الاقتصادية باستمرار زيادة دعم ميزان المدفوعات التركي
بمبالغ على شكل منح، ووضع برنامج دعم فني للقطاعات الأكثر
حاجة في الاقتصاد التركي بما في ذلك إنتاج الطاقة محلياً والصناعات
التصديرية، وإتاحة الفرصة لحكومة الولايات المتحدة للعمل مع
الحكومة التركية من أجل حوافز أكبر للاستثمارات الخاصة، وخاصة
في الصناعات التي تنطوي على احتمالات تصديرية، وربط المساعدة
مباشرة بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة لإعادة بناء الاقتصاد التركي.
3- الاعتبارات السياسية ومنها ضرورة النظر في تقديم مساعدة فنية لقوات الأمن الداخلي التركية لتحسين قدرتها على معالجة الإرهاب والعنف وعدم الاستقرار.
4- اعتبارات إقليمية في السياسة الخارجية تتعلق بالمسألة القبرصية من
جهة وإقامة علاقات صداقة بين اليونان وتركيا باعتبار أن "خدمة
مصالح الولايات المتحدة في شرق
الأوسط تحتاج إلى علاقات صداقة متينة مع كل من البلدين الحليفين في الأطلسي، علماً بأن الخطر المباشر على المصالح الأميركية يكمن في المشكلات السياسية
والاقتصادية التي تواجهها تركيا.
وأخيراً، لابد أن نتساءل هل أن هناك احتمال لأن تخرج تركيا عن حيادها لطرف ما، كأن يكون العراق أو إيران؟ وهل من الممكن أن يسعى العراق لتطوير الموقف الحيادي لتركيا بإتجاه إدانة الطرف المعتدي وإجباره على إنهاء الحرب. أن هناك مؤشرين لابد من أخذهما بنظر الاعتبار حين الإجابة على السؤالين هما:
1- وجود حكم يعتمد الأيديولوجية الدينية المتشددة المتمثلة بالقيادة
الخمينية في إيران
المجاورة لتركيا العلمانية، ويدعونا هذا لإيراد ماذكره التقرير الأميركي المشار إليه آنفاً، بصدد هذه الظاهرة. أن
التقرير يتساءل عن
حظوظ الفئات الدينية المتشددة في إحراز قوة
سياسية للإطاحة بالنظام العلماني في تركيا وإقامة جمهورية إسلامية؟
ويقول بأن 99٪ في المئة من الأتراك مسلمون والسنة بينهم هي
الطائفة الأكبر، ولكن الدين مفصول عن الحياة الرسمية منذ خمسين
سنة، وإن تركيا تعد أكثر الدول علمانية في الشرق الأوسط([81]).
وأن أتاتورك سعى إلى إحلال القومية محل الدين كمصدر للعمل
القومي وإن الزعماء الدينيين التقليديين لم يستطيعوا اجتذاب إتباع
سياسيين، ولا يوجد في تركيا مقابل لشخصية الشاه المسيطرة كمركز
للنظام العصري المتقدم في الحياة السياسية، فمنذ وفاة أتاتورك،
صاحب الشخصية القوية، تعاقبت على قيادة تركيا
مجاميع من الساسة
المحترفين، الذين لم يستطع أحدهم احتكار السلطة واحتكار الهيبة،
وبعبارات أحد المسؤولين الرسميين الأتراك في الولايات المتحدة فإنه
"ليس لدى تركيا شاه، وليس فيها سافاك، ولا آيات الله"([82]).
2- إن هناك، بغض النظر عن ظاهرة تزايد استغلال الدين في تركيا،
 كما هو الحال في بعض بلدان الشرق الأوسط([83]) محاولات يبذلها
النظام الإيراني لتشجيع
بعض الحركات الدينية في تركيا([84]) بحجج مختلفة منها أن تركيا تسمح بقيام عمليات فوق
أراضيها موجهة ضد إيران المجاورة([85]). أو أنها تسخر القواعد
العسكرية ضد إيران، وقد أصبحت مهاجمة تركيا وقادتها التاريخيين
من المذياع الإيراني حالة يومية([86])، لذلك توقعت بعض الصحف أن
تحدث تطورات دبلوماسية سلبية في العلاقات الإيرانية
- التركية
وذلك في أعقاب
قيام النظام في إيران بإثارة القلاقل والتدخل في
الشؤون الداخلية لتركيا وخاصة في مجال دعم التنظيمات
الدينية
والانفصالية في تركيا مادياً ومعنوياً كمنظمة المقاتلين المسلمين
وحزب العمال الكردستاني.
لقد حذرت الحكومة التركية النظام الإيراني، ونسبت الصحف
التركية الصادرة في 18 كانون الثاني 1987 إلى مصادر حكومية
قولها أن: "توركوت اوزال رئيس الحكومة التركية استدعى سفير
إيران في أنقرة، وحذره من الاستمرار في هذا الأسلوب "وأضافت الصحف" أن أوزال أبلغ السفير كذلك بقلق حكومته
من التطورات الأخيرة في الحرب العراقية
- لإيرانية، وقيام إيران
بتصعيد هذه الحرب، الأمر الذي من شأنه أن يخلق مخاطر جدية
على أمن المنطقة، ودعا إلى ضرورة وقفها، وأبدى استعداد حكومته
مجدداً للقيام بدور جديد في هذا المجال"(
87).
والخلاصة أن تركيا ظلّت تأمل في أن تضع إيران نهاية للحرب، وإلى شيء من هذا القبيل أشار وزير الخارجية التركي وحيد خلف اوغلو في مقابلة أجرتها معه صحيفة (ترجمان) حين قال:


((إن إيران لن تصغِ لأيـة جهة على الإطلاق إلاّ تركيا
وحدها،وأنه لايوجد بلد في العالم بمقدوره إنهاء
الحرب غير تركيا))
وأضاف وزير الخارجية:
((أن تركيا تنتظر من البلدين اقتناعها بأن أحدهما لن
يقدر على إلحاق الهزيمة بالآخر، وإن تركيا عندما
يأتي هـذا اليوم سنقوم بدعوة الطرفين إلى مائدة
المفاوضات وعقد الصلح بينهما))([87]) .

وهكذا فقد كان من الضروري أن يهتم العراق ويتابع التطور الحاصل في العلاقات التركية- الإيرانية، ومعرفة طبيعتها وأبعادها، وتذكير الأتراك، بأن عليهم أن يقوموا بدور فاعل في إنهاء الحـرب والجلوس إلى مائـدة المفاوضات وحل النزاع بالطرق السلمية([88]).













هوامـش البحـث:


* قدّم هذا البحث إلى ندوة مركز الدراسات التركية بجامعة الموصل (الإقليمية حالياً) والتي انعقـدت في 25 آذار 1987 بعنوان ((موقف تركيا من الحرب العراقية-
الإيرانية
)).



([1]) للتفاصيل أنظر: صباح محمود أحمد (إعداد) سياسة تركيا الخارجية، معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية، الجامعة المستنصرية، (بغداد، 1985)،
 ص 14.   
([2]) حسيب عارف العبيدي: (موقف الجمهورية التركية من الحرب العراقية-
 الإيرانية)
، في كتاب آسيا وأفريقيا والحرب العراقية- الإيرانية، معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية، الجامعة المستنصرية، (بغداد، 1986)، ص 313 .
([3]) المصدر نفسه، ص 314 .
([4]) مركز البحوث والمعلومات، التقرير الشهري، السنة (2)، العدد (1)، 1982، ص 43، كما ورد في العبيدي، المصدر السابق، ص 313 .
([5]) مجلة الصياد، العدد 2023 لسنة 1983 .
([6]) جريدة السياسة الكويتية 29 أيار 1986 .
([7]) العبيدي، المصدر السابق، ص 310 .
([8]) المصدر نفسه، ص 312 .
([9]) المصدر نفسه، ص 302 .
([10]) للتفاصيل أنظر: دائرة الشؤون الخارجية والدفاع القومي، إدارة أبحاث الكونكرس الأميركي، تركيا: صعوبات وآفاق، ترجمة مؤسسة الأبحاث العربية، (لندن، 1980)، ص 40، وسنشير إليه بـ ( تركيا، صعوبات وآفاق).
([11]) المصدر نفسه، ص 40.
([12]) كان يمكن لهذه النسبة العالية من البطالة أن ترتفع أكثر، لولا هجرة اليد العاملة التركية إلى الوطن العربي وخاصة ليبيا، وقد وصف توركوت اوزال رئيس الوزراء التركي في حديث نشره في جدة يوم 31 آذار 1986، العلاقات التركية- السعودية بأنها ممتازة مشيراً إلى وجود (100.000) مواطن تركي يعملون في السعودية. أنظر: جريدة السياسة الكويتية، 1 نيسان 1986 .
([13]) تركيا: صعوبات وآفاق، ص 13 .
([14]) المصدر نفسه، ص 8 .
([15]) المصدر السابق، ص 8 .
(16) Washigton post , Dcc . 37, 1979 .
([17]) تركيا: صعوبات وآفاق، ص ص 8، 9.
([18]) المصدر نفسه، ص 9.
([19]) نشرة (عالم النفط)، المجلد (12)، العدد (40)، أيار 1980، ص 8.
([20]) ويذكر أن انباء سابقة كانت قد أشارت إلى احتمال تقديم السعودية قرضاً مقداره (600) مليون دولار لتركيا أي ما يعادل حصتي الولايات المتحدة وألمانيا الغربية. أنظر: عالم النفط ، 22 آذار 1980، وكذلك نشرة عالم النفط ، المجلد (12) العدد (40 ) أيار 1980، ص 9.
([21]) المصدر نفسه، ص 10.
([22]) عالم النفط، المجلد (12)، العدد (51)، 16 تموز 1980، ص 9.
([23]) لقد تحولت هذه الظاهرة إلى قضية سياسية ، لفت إليها انتباه حلفاء تركيا ولهذه الظاهرة بعدها الديني، كما يشير التقرير الأمريكي المشار إليه، حيث أن
المسلمين السنّة يشتبكون في نزاع مع الشيعة الذين يقدر عددهم بنحو عشرة في المئة من مجموع السكان، وحيت تثير قضية العنف القلق
بين حلفاء تركيا فإن الكثيرين يعتقدون أن المشكلة الكردية، على المدى الطويل، هي الأكثر تهديداً من المشكلة الطائفية في مايخص وحدة الأراضي التركية، فالأكراد الذين يعيشون في المنطقة الشرقية ويبلغ تعدادهم بين خمسة وستة ملايين يتقاطعون مع الخطوط الطائفية، إذ أن بعضهم شيعي وينظر إليهم على أنهم أكثر تقدمية من السنة المحافظين الذين لهم طموحات انفصالية تقليدية، وبسبب مخاوف الأتراك من مسألة الحكم الذاتي للأكراد يقول التقرير الأمريكي، فقدمت الحكومة بتردد في مطلع 1979 على إنشاء علاقات تعاون مع النظام الجديد في إيران الذي يتبع سياسة مقاومة للحركات الكردية. أنظر: تركيا: صعوبات وآفاق، ص ص 56 - 57. 
([24]) تركيا: صعوبات وآفاق، ص 9.
([25]) للتفاصيل أنظر: صبرية أحمد لافي: (الرأسمال الأجنبي في تركيا والمشاريع
الاستثمارية)، مجلة آسيا وأفريقيا، معهد الدراسات الآسيوية والأفريقية،
الجامعة المستنصرية، العدد
(3،1 تشرين الأول، 1985، ص 60-61
(بالرونيو).
([26]) جريدة السياسة (الكويتية)، العدد 5801، 1984.
([27]) جريدة الثورة 4 آب 1984.
([28]) جريدة الثورة 29 أيار 1984.
([29]) العبيدي، المصدر السابق، ص 301.
([30]) مركز البحوث والمعلومات، التقرير الشهري العدد (1)، 1983 كما ورد في العبيدي، المصدر السابق، ص 310، ورد في التقرير الإحصائي السنوي
التركي (1985) أن الصادرات التركية إلى العراق بلغت ماقيمته سنة 1982 ( 610.438 ) مليون دو
لار، وفي سنة 1981 (319.558) مليون دولار، وفي سنة 1984 (934.380) مليون دولار. أنظر:
Statiscal Yearbook at Turkey, 1985, ( Ankara , 1985 ),  p . 354.
([31]) جريدة الجمهورية 11 تشرين الأول 1984.
([32]) جريدة السياسة 29 أيار 1986.
([33]) جريدة الثورة 5 آذار 1987.
([34]) العبيدي، المصدر السابق، ص 311.
(35) Turkey, Monthly Economic Newspaper, February, 1986,   p. 2.
([36]) وكالة الأنباء العراقية، النشرة الاقتصادية، 10 آذار 1982؛ كما ورد في العبيدي، المصدر السابق، 211.
([37]) المصدر نفسه، ص 212.
([38]) المصدر نفسه، ص 316.
([39]) المصدر نفسه، ص 313.
(40) Turkey, Monthly Economic Newspaper, Nov, 1985, p. 4 .
([41]) كان هناك طريق قديم ضيّق يربط إيران بتركيا عند قرية اسمها بازركان.
([42]) يبلغ طول الجسر كيلوا متراً ونصف، وعرضه ستون متراً، ويخترقه خطان للسكة الحديد وطريق رئيس كبير لعبور الشاحنات والسيارات الكبيرة ويقع الجسر غربي مدينة خوى وسط سلسلة جبال قطور. أنظر: مجلة الدستور، لندن، العدد (421- 422)، السنة 1986.
([43]) المصدر نفسه .
(44)  Turkey, Monthly Economic Newspaper, Nov, 1985, p. 4.
([45]) تحتل إيران المركز الثالث في حجم استيراداتها من تركيا. أنظر: مركز البحوث والمعلومات، التقرير الشهري، السنة (2)، العدد (1)، 1983، ص 42؛ ورد في العبيدي، المصدر السابق، ص 310.
([46]) جريدة (السياسة) 29 أيار 1986.
([47]) العبيدي، المصدر السابق، ص 316.
([48]) دياب نبهان: (المصلحة من هذه المواقف التركية)، مجلة التضامن، لندن، السنة (3)، العدد (150)، 1985، ص 23.
([49]) علي نوري زاده: (تفاصيل نسف جسر العلاقات.. بين طهران وأنقرة)، مجلة الدستور، العدد (421 - 422)، 1986.
([50]) جريدة الجمهورية 25 شباط 1987.
([51]) للتفاصيل أنظر: تركيا: صعوبات وآفاق، ص 62؛ وكذلك، غازي فيصل (مترجم) تركيا والدول العربية في الشرق الأوسط، معهد الدراسات الآسيوية
والأفريقية، (بغداد، 1985)، ص ص 4
- 5.
([52]) حزب الخلاص الوطني يتزعمه الدكتور نجم الدين اربكان، تأسس سنة 1972، وهو حزب ديني تقليدي، وقد حصل أربكان على (48) مقعداً في مجلس النواب التركي سنة 1973، لكنه خسر نصف مقاعده في انتخابات عام 1977. وترى بعض الأوساط أنه يمثل التيار الإسلامي في تركيا وأن الآمال تنعقد عليه في أحداث ثورة إسلامية.. أنظر: مجلة الحوادث، بيروت 4 أيار 1979، ويميل حزب الخلاص الوطني إلى استخدام عناصر الترابط بين الأتراك والعرب، ويدعو إلى تكوين كتلة إسلامية من تركيا والأقطار العربية، لمواجهة المخططات الصهيونية والماسونية (والبابوية) هؤلاء الذين يريدون السيطرة على العالم، ويبدو أن الحزب لم يدرك طبيعة النظام العنصري الذي قام في إيران، فاستبشر به عند قيامه وأصدر سليمان امري نائب أمين عام حزب الخلاص القومي في السادس من كانون الأول 1979 بياناً أعلن فيه أن حزب الخلاص القومي يعارض استخدام القواعد التركية من قبل الولايات المتحدة للتدخل في إيران. أنظر: تركيا: صعوبات وآفاق، ص 65. ومما يلحظ فإن التجمعات الإسلامية في تركيا تعبر عن رأيها من خلال عشرين صحيفة توزعها بشكل واسع منها ترجمان Tercuman وبوكنBu Gun  وتعبر هذه الصحف عن ارتياحها للتوجه التركي نحو العرب. أنظر: فيصل، المصدر السابق، ص8.
([53]) جريدة السياسة الكويتية 29 أيار 1986.
([54]) أنظر: تركيا: صعوبات وآفاق، ص 67 وكذلك:
Mivhael M. Boll, "Turkcy Botween East and west: T" e Regional.
Alternative , "The world Today , september, 1979,  p . 360 .
([55]) لايمكن إغفال أن إحصائيات التجارة الخارجية أشّرت ارتفاعاً سريعاً لقيمة   الاستيرادات التركية من منشأ عربي. فابتداءً من سنة 1974 سجلت ارقاماً لم تتوقف عن التصاعد (692654000) دولار في سنة 1974، و (814710000) دولار في سنة 1975، و (977753000) دولار في سنة
1976
، و (1078306000) دولار في سنة 1977، ويشكل النفط
18-19٪ من مجموع المشتريات التركية، وبعد 1974 قامت بعض الدول النفطية كالعراق والكويت والسعودية ببذل الجهود لدعم الاقتصاد التركي من خلال حصول تركيا على احتياجاتها النفطية بأسعار تفضيلية، أو من خلال زيادة مشترياتها من المواد الأولية أو المصنعة في تركيا، حيث مثلت صادرات تركيا إلى الأقطار العربية في سنة 1974 مايقارب (621) مليون دولار. أنظر فيصل، المصدر السابق، ص ص 14- 15.
([56]) مركز البحوث والمعلومات، التقرير الشهري، السنة (1)، العدد (1)، 1983،
ص 43
؛ كما ورد في العبيدي، المصدر السابق، ص 313.
([57]) مركز البحوث والمعلومات، التقرير الشهري، السنة (3)، العدد (5)، 1984، ص 81؛ كما ورد في العبيدي، المصدر السابق، ص 313.
([58]) جاء على لسان رئيس الوزراء التركي بأن انضمام تركيا إلى لجنة الوساطة
الإسلامية جاء اعتقاداً منها بأن اللجنة ستكون أكثر فعالية في وضع حد مبكر
للحرب بين العراق وإيران. أنظر: العبيدي، المصدر السابق، ص 314.
([59]) المصدر السابق، ص ص 315 - 316.
(60) Omer KURKCUOGLV, Arab and Tutkish puplic opinion Attitudeos towargs Questions of the two Nations, presented to Conterence at Turkish – Arab Relations, Jorden , 25 – 28 April, 1985, p . 25 .
([61]) جريدة السياسة 29 أيار 1986.
([62]) المصدر نفسه.
([63]) جريدة الثورة 7 آذار 1987.
(64) See, Kurkcuoglu. Op. cit, p. 20 .
([65]) للتفاصيل أنظر: جريدة الجمهورية 9 آذار 1987.
([66]) أنظر العبيدي، المصدر السابق، ص 316.
) 67) Kurkcuoglu. Op. cit, p. 19 .
([68]) العبيدي، المصدر السابق، ص 308.
([69]) المصدر نفسه، ص 316.
([70]) تركيا: صعوبات وآفاق، ص 65.
([71]) العبيدي، المصدر السابق، ص ص 308، 314.
([72]) المصدر نفسه، ص 310.
([73]) المصدر نفسه، ص 314.
([74]) المصدر والصفحة نفسهما.
([75]) المصدر والصفحة نفسهما.
([76]) تركيا: صعوبات وآفاق، ص 22.
([77]) العبيدي، المصدر نفسه، ص 315.
([78]) المصدر نفسه، ص ص 315 - 316.
([79]) للتفاصيل أنظر: تركيا: صعوبات وآفاق، ص ص 11، 74 - 76.
)80) Georg Havris " slam and the Modern : State in Turkey" Middlr East Review, Summer, 1979,  p. 21 . 
تركيا: صعوبات وآفاق، ص 59.
([81]) أنظر: تركيا: صعوبات وآفاق، ص 59. 
([82]) للتفاصيل أنظر: تركيا صعوبات وآفاق، ص 59.
([83]) كشفت جريدة حريت التركية النقاب عن رسائل تهديد وزعت على عدد من
الشخصيات التركية في العاصمة أنقرة تحمل توقيع (منظمة المقاتلين) تدعو فيها مستلمي هذه الرسائل إلى الانضمام إلى صفوف الجيش
الإيراني.
جريدة الثورة 7 كانون الأول 1986. أما جريدة مليت فقد أشارت إلى أن أجهزة المخابرات التركية قد توصلت إلى أدلة حول وجود علاق
ة بين (حزب العمل الكردستاني الأبوجولر) والمخابرات الإيرانية (السافاما) والتي تدعم هذا التنظيم مادياً ومعنوياً. جريدة الثورة 1 تشرين الثاني 1986.
([84]) ذكرت جريدة (حريت) بأن النظام الإيراني وضع خطة تهدف إلى القيام بعمليات إرهابية واسعة في تركيا وذلك من أجل إثارة حفيظة الأمن التركي لكي يقوم بطرد الإيرانيين اللاجئين الذين وصل عددهم حوالي المليون نسمة.
([85]) أنظر: جريدة العراق 20 تشرين الثاني 1986 و 1 كانون الثاني 1987 جريدة الجمهورية 25 شباط 1987.
([86]) أنظر: جريدة الثورة 1 تشرين الثاني 1986، 7 كانون 1986.
(87)
(88) تقارير وكالة الأنباء العراقية، أنقرة 18 كانون الثاني 1987؛ جريدة الثورة 91 كانون الأول 1987.
(89)  See, Kurkouoglu, Op . cit, 20 , Torcuman, 23 – 8 – 1984,  p . 10 .
(90) ثمة مواقف تركية تعزز هذا الرأي منها أن تركيا، رفضت عرضاً ايرانياً بتقديم مبلغ مليار دولار لحكومة تركيا، مقابل إغلاق خط الأنابيب الذي ينقل النفط من العراق إلى ميناء صورتيول التركي. أنظر: جريدة الأهرام 5 أيار 1984. العبيدي، المصدر السابق، ص 301، هذا فضلاً عن أن الرأي العام التركي بدأ يدرك طبيعة مخاطر النظام الإيراني على تركيا نفسها، خاصة من خلال دعمه للقوى المعادية. أنظر: جريدة الثورة 9 تشرين الثاني 1986؛ جريدة الجمهورية 11 آذار 1987.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...