أنور الجندي في مسيرة دفاعه عن الفكر العربي والاسلامي
أ.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث -العراق
لا اعتقد أن أياً من شباب جيل الخمسينات من القرن الماضي وما بعده ، لم يقرأ للأستاذ أنور الجندي ( 1917 ـ2002) كتابا، أو مقالة في الدفاع عن الفكر العربي الإسلامي ، وفي رد مطاعن المستشرقين ، هذا الرجل الذي قضى (70) عاما في الكتابة ، من اجل رفع كلمة الحق ، والعدل بوجه الظلم والإجحاف الذي تعرضت إليه مسيرة الفكر العربي الإسلامي وخاصة منذ مطالع القرن العشرين ..
أنور الجندي رحمه الله ، كان باحثا صادقا ، لم يسع من اجل الجاه والمال والشهرة ، دعا إلى اليقظة والتنوير وكان يرى بان التنوير الحقيقي يكمن في تأكيد الهوية ، ومواجهة التغريب الذي يسعى لطمس معالم حضارة الأمة ، وتغيير وجهتها الحقيقية ، وصبغتها الإسلامية الحنيفية ، ويدعو الجندي إلى تبني مشروع حضاري إسلامي يكون بديلا للمشروع الحضاري الوافد الذي حاول السيطرة على مقدرات المسلمين والعرب خلال قرن ونصف من الزمان وقد أقام الإسلام منهجه الأصيل على أساس وحدة الفكر الجامع التي توسع دائرة الانتفاع والتعارف لتصل الإنسانية بعضها ببعض .
كتب الدكتور عبد الله الجبوري في ( موسوعة أعلام العرب ) عن أنور الجندي سنة 2000 (ج1، مؤسسة بيت الحكمة ببغداد) وقال عنه ((انه من الكتاب البررة الذين حملوا أمانة العلم ، ورفعوا لواء الجهاد الفكري )) وقد أتحف المكتبة العربية والإسلامية بأكثر من مائة كتاب فضلا عن المقالات والدراسات التي تعد بالآلاف ..
كتب في تراجم الأعلام ، ومعارك أئمة النقد والأدب ، وصولات علماء اللغة ، وعذاب أهل الآثار والمؤرخين وقادة حركة التحرر .. باختصار أن ما كتبه الجندي عبر السنوات الطويلة الماضية يعد توثيقا لحركة الثقافة والفكر العربيين في مواجهة التحديات . ومن مشهور مؤلفاته موسوعة الأدب المعاصر الموسومة ((موسوعة معالم الأدب العربي المعاصر )) وتضم ثلاثمائة دراسة في تراجم مائتي وثلاثين علما من أعلام الأدب العربي من سنة 1875 وحتى 1950 وتقع في خمسة آلاف صفحة ، موزعة على أعلام الأدب ، الشعر ، الصحافة ، القصة . ومنها أيضا : الكتاب المعاصرون ، الأعلام الألف ( أربعة أجزاء) ، و(العالم الإسلامي والاستعمار) و( أعلام لم تنصفهم حياتهم ) ، و(من أعلام الإسلام) ،
و( شخصية محمد صلى الله عليه وسلم) ، و ( معالم تاريخ الإسلام المعاصر) ، و(المسلمون في فجر القرن الوليد) ، و( القومــية العربية والوحدة الكبرى) ، و( المعاصرة في إطار الاصالة) ، و( نحن العرب) وقد نشرت هذه الدراسات بين سنتي 1957 و1963 في القاهرة .. ومن نتاجا ته بضعة موســوعات منـها ( موسوعة قضايا الدعوة الإسلامية من اليقظة إلى الصحوة) وقد أصدرتها جمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتية بـ( 10) مجلدات) ، ومقدمات العلوم والمناهج) ، و(في دائرة الضوء) بـ (50) كراسا ، و(العودة إلى المنابع دائرة معارف إسلامية) ، و(معلمة الإسلام) . هذا فضلا عن كتب أخرى من قبيل ( يوم في حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم) ، و( المعارك الأدبية في مصر منذ 1914 ـ1939) ، و(المرأة المسلمة في وجه التحديات) ، و(المدرسة الإسلامية على طريق الله ومنهج القرآن) ، و(المد الإسلامي في مطالع القرن الخامس عشر) ، و(ماذا يقرأ الشباب المسلم) ، و(المؤامرة على الفصحى وآخر ما نشره ( نجم الإسلام لا يزال يصعد) .
ولد أنور الجندي في مدينة ديروط التابعة لمركز محافظة أسيوط بصعيد مصر سنة 1917 . وكان أبوه يعمل في تجارة ألاقطان ، أما جده لوالدته فكان قاضيا شرعيا، حفظ الجندي، القرآن الكريم في كتاب القرية ، وعمل في بنك مصر موظفا وقد واصل دراسته في المساء وتخرج في الجامعة الأمريكية بالقاهرة متخصصا بالاقتصاد .. وقد قسم أنور الجندي رحمه الله حياته إلى ثلاثة مراحل أطلق على الأولى ( مرحلة نقد المجتمع) وتمتد من سنة 1940 إلى 1950 و( مرحلة معالجة الواقع) وتمتد من 1950 حتى 1964 وفي هذه المرحلة تناولت قضايا الوطنية والقومية ثم بدأت المرحلة الثالثة بسنة 1964 وهي( مرحلة تصحيح المفاهيم ومواجهة التغريب ومحاولات احتواء الأمة الإسلامية والعدوان عليها وعلى هويتها وشخصيتها الحضارية) .
كتب عنه محمود خليل بعد وفاته مقالة بعنوان ((أنور الجندي : الزاهد الرباني الدؤوب)) في موقع إسلام اون لاين الالكتروني بتاريخ 6 شباط 2002 فقال إن أنور الجندي أسس ( مدرسة الاصالة الفكرية العربية المعاصرة في الأدب). أما عصام ثليمة فكتب عنه في الموقع ذاته مقالة بعنوان ((أنور الجندي رجل بكته الأرض والسماء ) قال عنه انه عاش للإسلام وعاش بالإسلام ، عاش للإسلام ينافح عنه ويدافع عن مبادئه .
أما الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فكتب عنه في الموقع نفسه يقول أن هدف الجندي من كتاباته كان تقريب الثقافة العامة لجمهور المتعلمين ، لذلك اتسم أسلوبه بالوضوح والبساطة .
أجاد اللغة الإنكليزية ، وهذا مما ساعده على مناقشة المستشرقين ودعاة التغريب . بدأ رحلة الكتابة وعمره لم يكن يتجاوز ال(17) عاما ، وقد شجعه على الكتابة اثنان هما : الإمام حسن ألبنا ، والدكتور احمد زكي أبو شادي . وقد فتح له أبو شادي صفحات ( مجلة ابولو) الأدبية ليكتب فيها مقالاته منذ سنة 1933 . وتعد سنة 1940 محطة مهمة في حياته الفكــرية ، فبعد قراءته لكـتاب ( وجهة الإسلام whather Islam ) لهاملتون جب H.Gibb ومجموعة من المستشرقين ، أخذ على نفسه عهدا بأن يدافع عن الثقافة والفكر العربي والإسلامي ، وينبه قراءه إلى خطورة الغزو الفكري الأجنبي .
ومنذ الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان يكتب مقالاته في (مجلة المجتمع) المصرية ذات التوجه الاشتراكي ومن قبلها وبعدها في مجلات عديدة مصرية وعربيــة منــها ( الرسالة ) و
( الاخوان المسلمون) , ( منابر الإسلام) و (البلاغ) و( كوكب الشرق) و( الاعتصام) (المصرية) و( دعوة الحق) المغربية و( حضارة الإسلام ) السورية ومجلة العربي (الكويتية) ومجلة العرفان اللبنانية ومجلة العالم الإسلامي ( السعودية) .
وبالرغم من علاقاته بالإمام حسن ألبنا ، وبجماعة الإخوان المسلمين فقد حظي بتقدير الرئيس جمال عبد الناصر الذي منحه جائزة الدولة التقديرية سنة 1960 ، وضمه عضوا عاملا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القـاهرة . كما أفسح له المجال لنشر آرائه وأفكاره بكل حرية . وقد أرخ الأستاذ أنور الجندي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وكتب عنهم ثلاثة كتب هي :
ا1 . الأخوان المسلمون في ميزان الحق
ا2 . قائد الدعوة : حياة رجل وتاريخ مدرسة
ا3 . حسن ألبنا : الداعية الإمام والمجدد الشهير
من اوائل كتبه كتاب (كفاح الذبيحين فلسطين والمغرب) وكتاب (اخرجوا من بلادنا) يقصد المستعمرين وكتاب ( السطان عبد الحميد والخلافة الإسلامية) .. وكتاب تاريخ ( الصحافة الإسلامية ) وكتــاب( تحفظات على مناهج التعليم والتربية الغربية) . وقد خصص جانبا من مؤلفاته للكتابة عن رموز التنوير الإسلامي أمثال( الشيخ عبد العزيز الثعالبي رائد الحركة والنهضة الإسلامية 1879 ـ 1944) ، و( محمد فريد وجدي رائد التوفيق بين العلم والدين) و( زكي مبارك : حياته من أدبه) و ( عبد العزيز جاويش من رواد التربية والصحافة والاجتماع) و( محمد الخضر حسين) و ( احمد زكي الملقب بشيخ العروبة ) و( مصطفى صادق ألرافعي ودفاعه عن الإسلام) و( محمد رشيد رضا وخصائص المنهج الذي رسمه للتربية الإسلامية في العصر الحديث ) , و(العلامة مالك بن نبي) و ( الشيخ المفتي محمد عبده) و ( طه حسين : حياته وفكره في ضوء الإسلام) و ( احمد شوقي أمير الشعراء في ندواته) ، و( أزمة مي زيادة ) ، و(سعد زغلول: أسماره في مسجد) و( ومائدة طلعت حرب) و( بين مالك بن نبي وطه حسين) وكامل كيلاني) و( احمد خيرت : من رواد الأناشيد العربية . وترجم لقادة التحرر أمثال ( عمر المختار) و( عبد القادر الجزائري) .. وفي كتابه (اليقظة الإسلامية في مواجهة التغريب) حذر من كتابات ممثلي الثقافة الغربية في بلداننا العربية والإسلامية . كما تصدى لكتابات المستشرقين في كتابه (سموم الاستشراق والمستشرقين في العلوم الإسلامية) . ومن المناسب أن نشير إلى أن مركز الملك فيصل للدراسات في الرياض بالسعودية وحده يضم اكثر من ( 591) كتابا ودراسة لأنور الجندي وهذا دليل على انه كان بحق مكتبة متنقلة .
لم ينقطع حتى وقت قريب من وفاته مساء 13 من ذي العقدة 1422هـ 28 كانون الثاني / يناير 2002 ) عن الكتابة وكان يواصل مع صحف ومجلات كثيرة منها مجلة (منار الإسلام) التي تصدر في أبو ظبي ومجلة (المسلمون) السعودية .. وقد حرص في كل سني حياته أن لا يأخذ ثمن كتاباته ، بالرغم من فقره وقد عرف بزهده وبتواضعه وبساطته لذلك عد رجلا ربانيا ، زاهدا في الدنيا وزخرفتها قانعا بالقليل من الرزق ، وظل في بيت متواضع بحي شعبي في القاهرة وعندما توفى نعاه صديقه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بقوله إن هذا الرجل الكبير المعروف بغزارة الإنتاج ، وبالتفرغ الكامل للكتابة والعلم ، فقد سخر قلمه طيلة اكثر من نصف قرن ، لخدمة الإسلام وثقافته وحضارته ودعوته وأمته .. وقد خلف وراءه ثروة طائلة من الكتب والموسوعات في مختلف آفاق الثقافة العربية والإسلامية .. رحم الله الجندي وجزاه خيرا على ما قدم .
أ.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث -العراق
لا اعتقد أن أياً من شباب جيل الخمسينات من القرن الماضي وما بعده ، لم يقرأ للأستاذ أنور الجندي ( 1917 ـ2002) كتابا، أو مقالة في الدفاع عن الفكر العربي الإسلامي ، وفي رد مطاعن المستشرقين ، هذا الرجل الذي قضى (70) عاما في الكتابة ، من اجل رفع كلمة الحق ، والعدل بوجه الظلم والإجحاف الذي تعرضت إليه مسيرة الفكر العربي الإسلامي وخاصة منذ مطالع القرن العشرين ..
أنور الجندي رحمه الله ، كان باحثا صادقا ، لم يسع من اجل الجاه والمال والشهرة ، دعا إلى اليقظة والتنوير وكان يرى بان التنوير الحقيقي يكمن في تأكيد الهوية ، ومواجهة التغريب الذي يسعى لطمس معالم حضارة الأمة ، وتغيير وجهتها الحقيقية ، وصبغتها الإسلامية الحنيفية ، ويدعو الجندي إلى تبني مشروع حضاري إسلامي يكون بديلا للمشروع الحضاري الوافد الذي حاول السيطرة على مقدرات المسلمين والعرب خلال قرن ونصف من الزمان وقد أقام الإسلام منهجه الأصيل على أساس وحدة الفكر الجامع التي توسع دائرة الانتفاع والتعارف لتصل الإنسانية بعضها ببعض .
كتب الدكتور عبد الله الجبوري في ( موسوعة أعلام العرب ) عن أنور الجندي سنة 2000 (ج1، مؤسسة بيت الحكمة ببغداد) وقال عنه ((انه من الكتاب البررة الذين حملوا أمانة العلم ، ورفعوا لواء الجهاد الفكري )) وقد أتحف المكتبة العربية والإسلامية بأكثر من مائة كتاب فضلا عن المقالات والدراسات التي تعد بالآلاف ..
كتب في تراجم الأعلام ، ومعارك أئمة النقد والأدب ، وصولات علماء اللغة ، وعذاب أهل الآثار والمؤرخين وقادة حركة التحرر .. باختصار أن ما كتبه الجندي عبر السنوات الطويلة الماضية يعد توثيقا لحركة الثقافة والفكر العربيين في مواجهة التحديات . ومن مشهور مؤلفاته موسوعة الأدب المعاصر الموسومة ((موسوعة معالم الأدب العربي المعاصر )) وتضم ثلاثمائة دراسة في تراجم مائتي وثلاثين علما من أعلام الأدب العربي من سنة 1875 وحتى 1950 وتقع في خمسة آلاف صفحة ، موزعة على أعلام الأدب ، الشعر ، الصحافة ، القصة . ومنها أيضا : الكتاب المعاصرون ، الأعلام الألف ( أربعة أجزاء) ، و(العالم الإسلامي والاستعمار) و( أعلام لم تنصفهم حياتهم ) ، و(من أعلام الإسلام) ،
و( شخصية محمد صلى الله عليه وسلم) ، و ( معالم تاريخ الإسلام المعاصر) ، و(المسلمون في فجر القرن الوليد) ، و( القومــية العربية والوحدة الكبرى) ، و( المعاصرة في إطار الاصالة) ، و( نحن العرب) وقد نشرت هذه الدراسات بين سنتي 1957 و1963 في القاهرة .. ومن نتاجا ته بضعة موســوعات منـها ( موسوعة قضايا الدعوة الإسلامية من اليقظة إلى الصحوة) وقد أصدرتها جمعية الإصلاح الاجتماعي الكويتية بـ( 10) مجلدات) ، ومقدمات العلوم والمناهج) ، و(في دائرة الضوء) بـ (50) كراسا ، و(العودة إلى المنابع دائرة معارف إسلامية) ، و(معلمة الإسلام) . هذا فضلا عن كتب أخرى من قبيل ( يوم في حياة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم) ، و( المعارك الأدبية في مصر منذ 1914 ـ1939) ، و(المرأة المسلمة في وجه التحديات) ، و(المدرسة الإسلامية على طريق الله ومنهج القرآن) ، و(المد الإسلامي في مطالع القرن الخامس عشر) ، و(ماذا يقرأ الشباب المسلم) ، و(المؤامرة على الفصحى وآخر ما نشره ( نجم الإسلام لا يزال يصعد) .
ولد أنور الجندي في مدينة ديروط التابعة لمركز محافظة أسيوط بصعيد مصر سنة 1917 . وكان أبوه يعمل في تجارة ألاقطان ، أما جده لوالدته فكان قاضيا شرعيا، حفظ الجندي، القرآن الكريم في كتاب القرية ، وعمل في بنك مصر موظفا وقد واصل دراسته في المساء وتخرج في الجامعة الأمريكية بالقاهرة متخصصا بالاقتصاد .. وقد قسم أنور الجندي رحمه الله حياته إلى ثلاثة مراحل أطلق على الأولى ( مرحلة نقد المجتمع) وتمتد من سنة 1940 إلى 1950 و( مرحلة معالجة الواقع) وتمتد من 1950 حتى 1964 وفي هذه المرحلة تناولت قضايا الوطنية والقومية ثم بدأت المرحلة الثالثة بسنة 1964 وهي( مرحلة تصحيح المفاهيم ومواجهة التغريب ومحاولات احتواء الأمة الإسلامية والعدوان عليها وعلى هويتها وشخصيتها الحضارية) .
كتب عنه محمود خليل بعد وفاته مقالة بعنوان ((أنور الجندي : الزاهد الرباني الدؤوب)) في موقع إسلام اون لاين الالكتروني بتاريخ 6 شباط 2002 فقال إن أنور الجندي أسس ( مدرسة الاصالة الفكرية العربية المعاصرة في الأدب). أما عصام ثليمة فكتب عنه في الموقع ذاته مقالة بعنوان ((أنور الجندي رجل بكته الأرض والسماء ) قال عنه انه عاش للإسلام وعاش بالإسلام ، عاش للإسلام ينافح عنه ويدافع عن مبادئه .
أما الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي فكتب عنه في الموقع نفسه يقول أن هدف الجندي من كتاباته كان تقريب الثقافة العامة لجمهور المتعلمين ، لذلك اتسم أسلوبه بالوضوح والبساطة .
أجاد اللغة الإنكليزية ، وهذا مما ساعده على مناقشة المستشرقين ودعاة التغريب . بدأ رحلة الكتابة وعمره لم يكن يتجاوز ال(17) عاما ، وقد شجعه على الكتابة اثنان هما : الإمام حسن ألبنا ، والدكتور احمد زكي أبو شادي . وقد فتح له أبو شادي صفحات ( مجلة ابولو) الأدبية ليكتب فيها مقالاته منذ سنة 1933 . وتعد سنة 1940 محطة مهمة في حياته الفكــرية ، فبعد قراءته لكـتاب ( وجهة الإسلام whather Islam ) لهاملتون جب H.Gibb ومجموعة من المستشرقين ، أخذ على نفسه عهدا بأن يدافع عن الثقافة والفكر العربي والإسلامي ، وينبه قراءه إلى خطورة الغزو الفكري الأجنبي .
ومنذ الخمسينات والستينات من القرن الماضي كان يكتب مقالاته في (مجلة المجتمع) المصرية ذات التوجه الاشتراكي ومن قبلها وبعدها في مجلات عديدة مصرية وعربيــة منــها ( الرسالة ) و
( الاخوان المسلمون) , ( منابر الإسلام) و (البلاغ) و( كوكب الشرق) و( الاعتصام) (المصرية) و( دعوة الحق) المغربية و( حضارة الإسلام ) السورية ومجلة العربي (الكويتية) ومجلة العرفان اللبنانية ومجلة العالم الإسلامي ( السعودية) .
وبالرغم من علاقاته بالإمام حسن ألبنا ، وبجماعة الإخوان المسلمين فقد حظي بتقدير الرئيس جمال عبد الناصر الذي منحه جائزة الدولة التقديرية سنة 1960 ، وضمه عضوا عاملا في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في القـاهرة . كما أفسح له المجال لنشر آرائه وأفكاره بكل حرية . وقد أرخ الأستاذ أنور الجندي لجماعة الإخوان المسلمين في مصر وكتب عنهم ثلاثة كتب هي :
ا1 . الأخوان المسلمون في ميزان الحق
ا2 . قائد الدعوة : حياة رجل وتاريخ مدرسة
ا3 . حسن ألبنا : الداعية الإمام والمجدد الشهير
من اوائل كتبه كتاب (كفاح الذبيحين فلسطين والمغرب) وكتاب (اخرجوا من بلادنا) يقصد المستعمرين وكتاب ( السطان عبد الحميد والخلافة الإسلامية) .. وكتاب تاريخ ( الصحافة الإسلامية ) وكتــاب( تحفظات على مناهج التعليم والتربية الغربية) . وقد خصص جانبا من مؤلفاته للكتابة عن رموز التنوير الإسلامي أمثال( الشيخ عبد العزيز الثعالبي رائد الحركة والنهضة الإسلامية 1879 ـ 1944) ، و( محمد فريد وجدي رائد التوفيق بين العلم والدين) و( زكي مبارك : حياته من أدبه) و ( عبد العزيز جاويش من رواد التربية والصحافة والاجتماع) و( محمد الخضر حسين) و ( احمد زكي الملقب بشيخ العروبة ) و( مصطفى صادق ألرافعي ودفاعه عن الإسلام) و( محمد رشيد رضا وخصائص المنهج الذي رسمه للتربية الإسلامية في العصر الحديث ) , و(العلامة مالك بن نبي) و ( الشيخ المفتي محمد عبده) و ( طه حسين : حياته وفكره في ضوء الإسلام) و ( احمد شوقي أمير الشعراء في ندواته) ، و( أزمة مي زيادة ) ، و(سعد زغلول: أسماره في مسجد) و( ومائدة طلعت حرب) و( بين مالك بن نبي وطه حسين) وكامل كيلاني) و( احمد خيرت : من رواد الأناشيد العربية . وترجم لقادة التحرر أمثال ( عمر المختار) و( عبد القادر الجزائري) .. وفي كتابه (اليقظة الإسلامية في مواجهة التغريب) حذر من كتابات ممثلي الثقافة الغربية في بلداننا العربية والإسلامية . كما تصدى لكتابات المستشرقين في كتابه (سموم الاستشراق والمستشرقين في العلوم الإسلامية) . ومن المناسب أن نشير إلى أن مركز الملك فيصل للدراسات في الرياض بالسعودية وحده يضم اكثر من ( 591) كتابا ودراسة لأنور الجندي وهذا دليل على انه كان بحق مكتبة متنقلة .
لم ينقطع حتى وقت قريب من وفاته مساء 13 من ذي العقدة 1422هـ 28 كانون الثاني / يناير 2002 ) عن الكتابة وكان يواصل مع صحف ومجلات كثيرة منها مجلة (منار الإسلام) التي تصدر في أبو ظبي ومجلة (المسلمون) السعودية .. وقد حرص في كل سني حياته أن لا يأخذ ثمن كتاباته ، بالرغم من فقره وقد عرف بزهده وبتواضعه وبساطته لذلك عد رجلا ربانيا ، زاهدا في الدنيا وزخرفتها قانعا بالقليل من الرزق ، وظل في بيت متواضع بحي شعبي في القاهرة وعندما توفى نعاه صديقه الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي بقوله إن هذا الرجل الكبير المعروف بغزارة الإنتاج ، وبالتفرغ الكامل للكتابة والعلم ، فقد سخر قلمه طيلة اكثر من نصف قرن ، لخدمة الإسلام وثقافته وحضارته ودعوته وأمته .. وقد خلف وراءه ثروة طائلة من الكتب والموسوعات في مختلف آفاق الثقافة العربية والإسلامية .. رحم الله الجندي وجزاه خيرا على ما قدم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق