معجم العقل المقاوم وأوهام كنعان مكية
بقلم : الدكتور عبد الستار الراوي
1 ـ الدكتور كنعان محمد مكية، باحث أكاديمي ، عراقي المولد ، أمريكي الجنسية ، غادر برفقة عائلته العراق صيف 1968،
أ ـ نشر عام (1990) كتاباً بعنوان : (جمهورية الخوف) بإسم سمير الخليل، وقد تولت إيران طبعه وترويجه.
ب ـ أنتج فيلما بإشراف وتمويل المخابرات الامريكية، تناول عملية الانفال العسكرية التي نفذها الجيش العراقي، أثناء الحرب العراقية الايرانية،
كلا العملين : (الكتاب والفيلم) يحملان معنى واحدا ؛ هو الدعوة الى تغيير النظام السياسي في العراق بالقوة الامريكية المسلحة .
2 ـ تبنى هذا النهج وأكده مجدداً في كتابيه اللاحقين : (القسوة والصمت)، و(النصب).
3- كنعان مكية باحث متمرس في " مركز دراسات الشرق الاوسط " في (جامعة هارفرد) ،بمدينة بوسطن، ويُعد خبيرا بالشأن العراقي والمستشار المفضل لدى الادارة الامريكية، وهو عضو في (فريق عمل المبادئ الديمقراطية) المؤلف من حوالي 30 عراقيا، يجتمعون ضمن إطار (مشروع مستقبل العراق) التابع لوزارة الخارجية الامريكية.
4 - وصفت المهمة السياسية التي عهدت إلى (المستشار) بأنها من أكثر المهمات حساسية في مسيرته، فمن خلالها طرح أفكاره حول (ضرورة شن الحرب الامريكية على العراق، وضرورة بناء نظام جديد).
5 ـ تمت بلورة هذه الافكار على مدى 10 سنوات، ولكنها بلغت ذروتها في (3-10- 2002) حين إنعقدت في ( معهد أمريكان إنتربرايز) في واشنطن، ندوة تبحث مستقبل العراق بعد الحرب الأمريكية المتوقعة عليه، وكان للبحث الذي ألقاه مكية في الندوة تأثير خاص، إذ حظي بحماس الادارة الامريكية.
خلاصة البحث:
آ ـ غزو أمريكي للعراق.
ب ـ إقامة نظام فيدرالي.
ج ـ بناء (عراق جديد) غير عربي !!
6 ـ بلغ إعجاب إدارة البيت الابيض بأفكار مكية، أن إلتقاه الرئيس جورج بوش شخصيا، في المكتب البيضوي، وبرفقة شخصين آخرين . تم ذلك كله في إطار التحضير الامريكي لإحتلال العراق، حيث جدد مكية في هذا اللقاء تأكيداته التي سبق وأن ذكرها في ندوة (3-10- 2002) بأن عموم العراقيين، سوف يستقبلون القوات الامريكية (المحررة) بـ(الزهور)، وسيأخذون الجنود المحررين بالاحضان!!.
7 ـ أعاد نائب الرئيس (ديك تشيني) صياغة عبارة مكية بقوله: (إن قواتنا ستٌعتبر قوات تحرير من قبل العراقيين الذين ستشرق وجوههم بالترحيب والابتسامات).
8 ـ وسط حملة إعلامية كبرى، لم تزل صورتها ماثلة في الذاكرة، حطت المروحية الرئاسية على متن حاملة الطائرات -إبراهام لنكولن- يوم (1-5-2003)، حيث أعلن الرئيس بوش وهو يرتدي بدلة المحارب المنتصر، عبارته الشهيرة : (أن المهمة إنتهت) !!
9 ـ قلبت المقاومة الوطنية معادلة كنعان مكية على رأسها،، وأحالت إبتسامات تشيني الى غضب عنيد. ولم يعد بوسع بوش حيال الصدمة العراقية، التي بثت الهلع في أفئدة المارينز، لم يعد بوسع الرئيس الامريكي أمام العذاب الاكبر، سوى حل واحد، هو تسويق الذرائع ونشر الآمال الكاذبة:
آ ـ لا تقلقوا فما الحوادث الراهنة سوى إنتكاسة مؤقتة!!.
ب ـ إن قلة من البعثيين المتطرفين مازالوا يثيرون المتاعب!
ج ـ إن التمرد يلفظ أنفاسه الاخيرة ( بوش آذار-مارس 2005 )
10 ـ الانفاس الاخيرة التي يترقبها الرئيس الامريكي، طالت أمداً، فعقب مرور عام واحد فقط على تصريحه عاد في 13-3-2006 ليقول:( أتمنى لو كان بوسعي أن أقول لكم، أن العنف يتلاشى، وإن الطريق أمامنا ممهد، إنه لن يكون كذلك، سيكون هناك المزيد من القتال العنيف، والكثير من أيام الكفاح، وسنرى مزيدا من صور الفوضى والاشلاء في الايام والشهور القادمة.)
11 ـ إستحال التقويم اليومي الامريكي الى لغة تكتظ بالخسائر والارزاء، ولم يعد عقل الحرب يجرؤ على قول الحقيقة أو يقترب من الواقع، إلا بمزيد من الوعود والاكاذيب، بعد أن ألزم الفعل العراقي المقدام البيت الابيض على وضع زهور كنعان مكية فوق نعوش القتلة والغزاة.
12 ـ الفصل الآخر من السيرة المضادة لهذا (النموذج) من (كائنات) العراق الامريكي الجديد، هو الوصف الرومانسي للعدوان، ففي الليلة الاولى لقصف مدينة بغداد بالقنابل والصواريخ الامريكية.
هتف كنعان مكية فرحا، وهو يتابع مشهد التدمير والدخان والحرائق، الذي كانت تبثه الـ(CNN)، وهو يردد : ( إنها حقا سمفونية ضوئية رائعة تلك التي تعزفها قوات التحرير الامريكية في سماء بغداد هذه الليلة)!!
13 ـ يقول بلال الحسن في كتابه : (ثقافة الاستسلام ص24-26)، بعد إحتلال العراق، قام كنعان مكية بزيارة علنية للكيان الصهيوني ( وكان قد قام بثلاث زيارات سرية سابقة إلى تل أبيب حسب قوله!!) وإحتفت به جامعة (تل أبيب) ومنحته شهادة الدكتوراه الفخرية، وأجرى في (تل أبيب) مقابلة مع صحيفة (يديعوت أحرونوت)، أعرب فيها عن أمنيته في إطالة أمد إحتلال أمريكا للعراق، بقوله: (أتمنى جدا أن تطول مدة الفترة الانتقالية في العراق، ريثما نوفق في صياغة الكينونة العراقية من جديد).
14 ـ بعد الاعلان عن (زهور مكية) :
آ ـ كتب الراحل البروفيسور إدوارد سعيد مقالة إنتقد فيها مواقف كنعان مكية بشدة .
ب ـ وكان الكاتب جوزيف مسعود أستاذ العلوم السياسية والفكر العربي الحديث في (جامعة كولومبيا) قد طرح سؤالا عن السياق الامريكي الذي ينتج كاتبا مثل كنعان مكية، فيقول: إن العنصريين الامريكيين البيض لم يعودوا قادرين على توجيه إتهاماتهم لخصومهم - السود مثلا - بشكل مباشر، فسعوا الى إبراز طائفة من الباحثين السود تتبنى (عقدة الاضطهاد)، وتُحمل الاسود مسؤولية تخلفه، وتعفي العنصرية البيضاء من هذه المسؤولية، وبدأت هنا عملية ترقية هذا النوع من الباحثين السود، بإسناد بعض المناصب السياسية والاكاديمية، وقد إقتنع أصحاب القرار في الولايات المتحدة، بضرورة توسيع هذه الإستراتيجية،، وبرز فؤاد عجمي، كأهم صوت معاد للعرب ومؤيد لاسرائيل، متفقا بذلك مع الكٌتاب البيض الامريكيين في عنصريتهم ضد العرب، وقد ظهر كنعان مكية في السياق نفسه (كمُطبل ومُزمر للجيوش الامريكية، التي ناشدها بإستمرار أن تغزو بغداد).
ـ
من مآثر سيرة كنعان مكية، انه طالب في مؤتمر لندن كانون الاول- ديسمبر
2002 بكتابة دستور (للعراق القادم) يقرّ الحرية الجنسية، وينص على منح
(حقوق) للشواذ والمثليين .
* http://www.aswat-hurra.com/index.php?news=2069
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق