الخميس، 14 فبراير 2013

سامي مهدي: الأحزاب العقائدية تتحول في السلطة إلى شمولية وأنا فخور بعملي الإعلامي والثقافي

سامي مهدي: الأحزاب العقائدية تتحول في السلطة إلى شمولية وأنا فخور بعملي الإعلامي والثقافي
عدنان الهلالي - 28/09/2012 -http://m.assafir.com/content/1348792265491772400/This%20week

منذ صدور مجموعته الأولى العام (1966)، يبدأ الشاعر العراقي سامي مهدي شعريته المتميزة في البحث والاستقصاء والسؤال، ومغادرة الفاصل بين: اليومي والكوني اللذين شكّلا ثيمة واضحة في أدبيته. حُزن الشعر/ الكتابة كان له حضور في تضاريس تجربته الشعريّة/ الثقافيّة التي امتدت من انعتاق رماده الشعريّ الأوّل في الستينيات إلى الآن، كما يكاد يتفق على ذلك كلّ من قَرَأهُ. لكن صاحب الفجيعة يؤمن أنّ هناك فرحاً شعرياً يمكن كتابته واستدعاؤه أيضًا، أجل.. ثمة سعادة خاصة، هي سعادة الإنسان في محيطه الضيق حين يكون متصالحاً مع نفسه، والكلام له.
صدر لمهدي ست عشرة مجموعة شعرية: رماد الفجيعة، أسفار الملك العاشق، أسفار جديدة، الأسئلة، الزوال، أوراق الزوال، سعادة عوليس، بريد القارات، حنجرة طرية، مراثي الألف السابع، الخطأ الأول، سعادة خاصة، مدونات هابيل بن هابيل، الطريق إلى الوادي، أبناء إيننّا، لا قمر بعد هذا المساء. ونشرت له أربعة كتب شعرية ترجمها عن الفرنسية والإنكليزية: جاك بريفير ـ قصائد مختارة، هنري ميشو ـ مختارات، مختارات من الشعر الإسباني المعاصر 1950 ـ 1975، سنابل الليل ـ مختارات من الشعر العالمي.
له في حقل الدراسات الأدبية والنقدية تسعة كتب: أفق الحداثة وحداثة النمط، وعي التجديد والريادة الشعرية في العراق، الموجة الصاخبة ـ شعر الستينيات في العراق، الثقافة العربية من المشافهة إلى الكتابة، المجلات العراقية الريادية ودورها في تحديث الأدب والفن 1945 ـ 1958، نهاد التكرلي ـ رائد النقد الأدبي الحديث في العراق، نظرات جديدة في أدب العراق القديم، تجربة توفيق صايغ الشعرية ومرجعياتها الفكرية والفنية، آرتور رامبو: الحقيقة والأسطورة. اقتربنا من عالم سامي مهدي الشعريّ/ الثقافي، فكان الحوار التالي.
÷ ماذا بقي من «رماد الفجيعة « في ذاكرة سامي مهدي الثقافية؟
ـ رماد الفجيعة هو عنوان ديواني الأول، الصادر العام 1966، وكان أول ديوان يصدر لشاعر من شعراء الستينيات في العراق، فهو الديوان الذي بشر، بقدر أو بآخر، بولادة جيل جديد مختلف من الشعراء بعد جيل الرواد، جيل الخمسينيات، جيل السياب والبياتي والملائكة. وقد رحبت الأوساط الأدبية به ترحيباً كبيراً في حينه، وكتب عنه الكثير عند صدوره، ولبث طويلاً في ذاكرة النقاد، وهو ما يزال يذكر من حين إلى آخر.
بقيت في ذاكرتي من هذا الديوان القصيدة الأولى فيه، قصيدة: من سيرة أبي ذر الغفاري: جندب بن جنادة، وهي قصيدة طويلة نسبياً، تتكون من ثلاثة مشاهد تحكي قصة صراع أبي ذر مع من أغواهم الملك والسلطان فاضطهدوا الناس وتناسوا الفقراء، وقد كتبتها بصيغة تجمع بين الوصف والسرد والتداعي في نسيج واحد، وكان فيها شيء من تأثير السياب. وأذكر أن هذه القصيدة خلقت لي بعض الإشكالات في أواخر الثمانينيات، فقد فسرها بعضهم عن عمد على طريقة (ولا تقربوا الصلاة) وحاول أصحاب هذا التفسير الإساءة إليَّ وتحريض السلطة عليّ.
وأذكر من رماد الفجيعة أيضاً القصائد التي حملت الهم الوجودي في تلك الحقبة المبكرة من حياتي، هذا الهم الذي لازمني حتى اليوم وأصبح السمة الأساسية في شعري، مثل قصائد: العبد والحجاب، والصوت واليقين، والبحر والأرض، والظمأ.
مناخ الحزن
÷ هل ثمة سعادة (خاصة) برأيك؟ ألا ترى أن اسم مجموعتك الشعرية كان مفاجئاً؟
ـ سعادة خاصة هو عنوان ديواني الثاني عشر. وجوابي على سؤالك هو: أجل.. ثمة سعادة خاصة.. هي سعادة الإنسان في محيطه الضيق حين يكون متصالحاً مع نفسه.. سعادته مع امرأة أو أسرة، سعادة أن يكون أباً وجداً، وأن يحيا حياة بسيطة متواضعة نظيفة هي واحته في صحراء العالم. ومن يقرأ هذا الديوان يجد فيه قصيدة طويلة هي من زاوية ما صورة شعرية لسيرتي الذاتية تعبر عن تصالحي مع نفسي، عنوانها: اللعبة العمياء. وإذا بدا لك عنوان هذا الديوان مفاجئاً، فهو ليس كذلك، عندي في الأقل. وقد كتب الدكتور عبد المطلب محمود دراسة مطولة عن هذه القصيدة حاول فيها اكتشاف سر سعادتي الخاصة.
÷ أنت أحد شعراء الستينيات في العراق، ما الذي ميّز جيلكم في رؤيته الثقافية للمتغيرات عن الأجيال التي تلته؟
ـ أظن أننا كنا أوسع ثقافة، وأعمق وعياً، وأصلب عوداً، وأقوى موهبة، وأغزر إنتاجاً، وقد أستثني من ذلك، من حيث الموهبة وإلى حد ما، بعض من عرفوا، أو سمّوا، بجيل السبعينيات. أما الأجيال المفترضة الأخرى فهي، موضوعياً، ليست بأجيال، بل مواهب فردية، وإطلاق صفة الجيل عليها، على وفق العقود الزمنية، هو تعبير مجازي أكثر منه تعبيراً موضوعياً. هناك عدد من الشعراء الموهوبين ظهروا في الثمانينيات والتسعينيات، ولكن ليس ثمة أجيال ذات رؤية شعرية متماسكة، رؤية تسوغ إطلاق صفة الجيل عليهم. وقد كتبت عن مسألة الأجيال كتابة مفصلة في كتابي: الموجة الصاخبة، خلاصتها: أن الأجيال لا تتشكل على وفق العقود الزمنية، بل تشكلها الظروف الموضوعية.
÷ أغلب من قرأ تجربتك يتفق على ثيمة (الحزن) في شعرك؟ كيف تسربت إلى نصوصك؟
ـ هذا صحيح.. الحزن مناخ يعم شعري كله تقريباً، فأنا، وإن كنت متصالحاً مع نفسي، لست على صلح مع الوجود (ولا مع المحيط) وديواني الخطأ الأول خاصة يعبر على نحو ما عن هذه الحقيقة. فالوجود لعبة عمياء، الإنسان فيها مجرد بيدق مهما كان وعيه وكانت إرادته، تلعب به إرادات أقوى منه ومن إرادته، وتدفعه أحياناً إلى طرق ومسالك لا يريدها ولا يرضاها، ويظل كذلك حتى يموت. وهذا هو مصدر حزني وقلقي الدائمين، وهو ما طبع أغلب شعري بطابع الحزن. لعلك تعرف أنني كتبت قصيدة عنوانها: الحزن، وهي قصيدة تتغنى به، وكتبت قصائد عديدة عن الموت منها قصيدتي الطويلة: الرحيل إلى هناك، وقصيدة قصيرة عنوانها: الطريق إلى الوادي، وهذا عنوان الديوان الذي نشرت فيه.
÷ كيف تفسر لنا تداخل اليومي مع الكوني في شعريتك: (حاشية الأرض) أنموذجاً؟
ـ يتداخل اليومي مع الكوني في شعري بسبب انشغالي بقضايا الوجود الكبرى في ما أظن، ومنها قضية الخلق وقضية الموت. فرؤيتي إلى الأشياء رؤية كونية في جوهرها، تحاول اكتشاف ما في باطنها العميق وما ينطوي عليه من دلالات بعيدة، ولذا كان الجزئي في شعري إشارة إلى الكلي، واليومي إلماحاً إلى الأزلي، وهذا لا يقتصر على قصيدة: حاشية الأرض، بل يكاد يشمل شعري كله.
خيانة ضرورية
÷ كيف ترى تجربة الترجمة بالنسبة إلى الشاعر؟ وهل صحيح أن الترجمة خيانة للنص الأصل؟
ـ سأتحدث لك عن تجربتي الخاصة في ترجمة الشعر عن اللغتين الفرنسية والإنكليزية. أنا أتفق مع المثل الإيطالي القائل إن الترجمة خيانة للنص الأصل، ولكنها ليست كسائر الخيانات، هي خيانة شريفة ومحببة ومفيدة جداً، خيانة لا بد منها، خيانة ضرورية، من أجل الاتصال بالشعر العالمي والاطلاع عليه والتفاعل معه. قمت شخصياً بترجمة مختارات من شعر جاك بريفير، وأخرى من شعر هنري ميشو، وثالثة من الشعر الإسباني الحديث في حقبة (1950 – 1975) ورابعة تضم مختارات من أشعار كل من: ميروسلاف هولوب، وباول تسيلان، وألان بوسكيه، وروبرت كريلي، وفرناندو بيسوا (قبل أن يترجم له الشاعر المغربي المهدي خريف) وياروسلاف سيفرت، وقد نشرت هذه الترجمات في أربعة كتب بين عامي 1988 ـ 2000.
تحدثت عن تجربتي هذه بالتفصيل في حوار مطول جداً أجراه معي الشاعر الفلسطيني هشام عودة ونشر في كتاب خاص بهذا الحوار صدر حديثاً عن دار دجلة للنشر في عمان. وقد قلت فيه: إنني مجرد هاو لترجمة الشعر، أي لست مترجماً محترفاً. وذكرت ثلاثة دوافع دفعتني إلى الترجمة هي: إعجابي الشخصي بالشعر الذي أترجمه، وحرصي على البقاء في تماس دائم وتفاعل مع اللغة التي أترجم عنها، وشعوري بحاجة الوسط الأدبي في بلادنا إلى الاطلاع على نماذج من الشعر العالمي لم يطلع عليها لسبب أو لآخر.
وفي ما عدا استثناءات قليلة لم أترجم من الشعر إلا ما راقت لي ترجمته ووجدت في نفسي القدرة الكافية على إعطاء نصه العربي حقه من الدقة والجمال والإشراق. وقد التزمت في الترجمة التزاماً صارماً بمنهج من خمسة مبادئ ذكرتها في حواري مع الشاعر عودة، ولو تحدثت عنها معك الآن لطال الحديث. وأخيراً أعتقد، لأسباب موضوعية، أن الشعراء هم خير من يترجم الشعر إذا توفرت لهم الإمكانات الأخرى.
÷ ما علاقة الشاعر /المثقف/ المبدع بحزب البعث؟ وهل من حاجة إلى الوقوف مع حزب يوصف بأنه حزب شمولي/قمعي؟
ـ كل الأحزاب العقائدية تتحول، حين تمارس السلطة، إلى أحزاب شمولية حتى لو ادّعت أنها أحزاب ديموقراطية، وهذا ينطبق عليها جميعاً سواء أكانت يسارية أم يمينية، علمانية أم دينية أم بين بين. وكثير من أنظمة الحكم التي لا تحكمها أحزاب، بل عوائل أو أفراد، هي أنظمة شمولية بشكل أو آخر، وهي لا ديموقراطية في الصميم. وأكاد أقول إن الديموقراطية مصطلح نسبي في جوهره حتى في الغرب، فهي لا تتحقق إلا بصورة نسبية، فقد تمنح في ظلها بعض الحريات، كحرية القول والكتابة وتشكيل الأحزاب، ولكنها تقيد الناس بقيود أخرى، وتسلبهم حقوقهم، وتسحقهم من حيث يدرون ولا يدرون، كما هو الحال في أغلب النظم الرأسمالية.
أما عني فإن علاقتي بالحزب بدأت وأنا بعد فتى صغير يعيش في محيط قومي، يوم لم يكن في الساحة سوى حزبين ثوريين هما الحزب الشيوعي وحزب البعث، بينما كانت الأحزاب الأخرى أحزاب شخصيات ووجوه، وكانت شائخة ومنخورة. ولم أكن يومها أفكر بالسلطة وامتيازاتها، بل أؤمن بمبادئ وأفكار، وأحلم بأحلام كبيرة لشعبي وأمتي كنت أظنها وشيكة التحقق. ولم أفكر بالامتيازات أو أسعى إليها حين أصبح الحزب يمسك بزمام السلطة، وبقيت طوال حياتي الحزبية عضواً في القاعدة الحزبية على المستوى التنظيمي برغم المواقع الوظيفــية المهمة التي شغلتها، وكنت أفرّق دائماً بين المبادئ وممارســات السلطة، وأتصرف كمناضل نقي ومثـالي تجاه نفسي وتجاه الآخرين.
وعلى أية حال تلك صفحة من حياتي قد طويتها، وتفرغت لنفسي وشعري وكتاباتي الأخرى، وإن بقيت جزءا من تاريخ شخصي أعتز بنظافته.
وللحقيقة أقول: إن انتمائي الحزبي لم يمنعني في كل الظروف، وفي جميع الأوقات، من كتابة شعري بحرية كاملة، فأنا لم أخضع هذا الشعر لأية محددات فكرية أو سياسية أو اجتماعية أو غيرها، ولم أتلق في كتابته أية تعليمات من أي كان، ولم يطلب مني أحد أن أكتب قصيدة في هذا الموضوع أو ذاك، ولم يمنع أحد نشر أية قصيدة من قصائدي، ولم يحاسبني أحد على أية قصيدة نشرتها، برغم أن شعري حافل بنقد السلطة إلى الحد الذي جعل ناقداً موضوعياً كالدكتور صالح هويدي يكتب عنه كتاباً بعنوان: الوعي الشقي – قراءة في البنية العميقة لشعر سامي مهدي، ودفع ناقداً آخر، مؤدلجاً حتى النخاع، وخصماً غير نزيه، إلى القول من دون تهذيب: إن في هذا الشعر «شيزوفرينيا شعرية»!
كنت أقول دائماً وعلناً، باللسان وبالكتابة: إن شعري هو مملكتي وحدي، وإنني حر في هذه المملكة حرية مطلقة، وهذا ما كان:
حرٌّ / لا مركزَ لي غيري / في فوضى الكلماتْْ / ذاتي / صَبَواتي / تيهي في الطرقاتْ / صوتي /ومِحَفَّة موتي / وغبار الشهواتْ / وبقايا ما لا أحصيه / ولا أنفيه من الزلاّتْ. / حرٌّ / أتقمّص آخر أشواقي / وأعانق ريح الفلواتْ.
فخر واعتزاز
÷ كيف ترد لو سئلت: كنت من المنظومة الإعلامية لحزب البعث؟ هل ندمت يوماً على شيء معين؟
ـ إذا كنت تعني المواقع التي شغلتها في المؤسسات الإعلامية والثقافية للدولة، فهذه حقيقة لا أنفيها ولا أخجل منها، فقد كان عملي الإعلامي والثقافي دفاعاً عن وطني وحريته وسيادته وكرامة شعبه، ونضالاً مخلصاً من أجل قضاياه الوطنية والقومية، في وقت كان فيه الوطن مثقلاً بتبعات الحصار الشامل، ومهدداً بأفدح الأخطار، وأولها أخطار الغزو الأجنبي، بعد سنوات قليلة من الاستقرار والنهوض والرفاهية. وليـــس في عمل كهذا ما يدعو إلى الندم، بل ما يدعو إلى الفخر والاعتزاز، لأن عملي في أجهزة الإعلام والثقافة مكنني، إضافة إلى ما تقدم، من مساعدة الكثير من الأدباء والمثقفين بشــتى أشكال المساعدات، وهو أمر اعترف به عديدون قولاً وكتابة، وما زالوا يفعلون حتى اليوم.
÷ كيف تقرأ المشهد الثقافي العراقي: شعراً ونثراً بعد الاحتلال في 2003؟ وهل لديك تواصل معه؟
لي تواصل مباشر محدود مع الأشخاص في الداخل، فأنا ألتقي ببعض الأصدقاء، ولكنني أتبادل الاتصالات الهاتفية والرسائل الإلكترونية مع الكثير من الأدباء والمثقفين، وأتابع ما ينشر في الصحف والمجلات المحلية من أخبار وتقارير عن الأنشطة الثقافية، وأقرأ بقدر معقول المقالات والنصوص الأدبية، وتصلني من حين إلى آخر بعض المنشورات والكتب الصادرة في البلاد، وانطباعي العام هو أن المشهد الثقافي فقير وضحل حد البؤس، وليــس هذا انطباعي وحدي بل هو الانطباع السائد بين الأدباء والمثقــفين الحقيقيين، وكثيراً ما أقرأ في الصحف اليومية المحلية مقالات بهذا المعنى.
لم أصمت
÷ كيف ترى ما حصل في البلاد العربية، الربيع العربي / الإسلاموي؟ وهل أنت متفائل بهذا التحول مستقبلاً؟
ـ حين قامت الثورة في تونس فرحت وكتبت قصيدة عنها هي قصيدة: عودة المنصف بن مبروك، وحين وقعت أحداث ليبيا ومصر استبشرت، وكتبت عن الأولى ثلاث قصائد هي: ملك الملوك، وبوابات أجدابيا، ونزهة الشهداء، وكتبت عن الثانية قصيدتين هما: أم البلاد، وموعدنا الجمعة. ولكن سرعان ما انتبهت إلى ما يحيط بهذه (الثورات) من شبهات، حين رعتها أميركا وباركتها وتدخلت في مساراتها تدخلاً مباشراً وغير مباشر، وأسهم حلف الناتو في بعضها بأسلحته وإمداداته، ورحب بها الكيان الصهيوني على طريقته، وهرعت الرجعية العربية بأموالها وأسلحتها وعلاقاتها الدبلوماسية لنجدتها.
وعندئذ سألت نفسي: أيمكن أن يفعل هؤلاء كل ما فعلوا حباً بالشعوب وحرصاً على حقوقها الديموقراطية؟ وكان الجواب: لا قطعاً، فهؤلاء هم أعداء أمتنا من محيطها إلى خليجها، وهم يسعون إلى سرقة أحلام الجماهير العربية وتوقها الأصيل إلى الحرية والعدالة الاجتماعية، ويريدون استباق ثوراتها الحقيقية التي كانت مراجلها تغلي في الباطن العميق لإجهاضها قبل أن تولد، ويحاولون تفتيت الأقطار العربية عن طريق اللعب بالأوراق الطائفــية والإثنية، ليبنوا شرق أوسط جديــداً تهيمن عليه أميركا وتنهب خيراته، ويتعملق فيه الكيان الصهيوني ويكتسب شرعية وجوده في المنطقة باعترافات صريحة أو ضمنية. وعندئذ أشرت إلى ذلك إشارة عابرة، ولكنها صريحة، في قصيدة: بوابات أجدابيا، وقلتها بوضوح في قصيدة: المتسلل، وعبرت عن شعوري بالإحباط في قصيدة: عصر جديد. وقد نشرت كل ما كتبت من القصائد عن هذا (الربيع) الملتبس في جريدة القدس العربي خلال الأشهر الأولى من العام الماضي.
÷ بعد تسع سنوات على الاحتلال هل من شيء بعد (سعادة خاصة/عام 2001) ؟ هل يصمت الشاعر بعد كل ما حصل؟
ـ أنا لم أصمت بل أصدرت بعد ديوان: سعادة خاصة، بل بعد الاحتلال، أربعة دواوين هي: مدونات هابيل بن هابيل، والطريق إلى الوادي، ولا قمر بعد هذا المساء، وأبناء إيننّا، وقد نشر اثنان منها في عمّان، وواحد في القاهرة، والرابع من منشورات بيت الشعر الفلسطيني. ولدي الآن ديوان لم ينشر بعد عنوانه: يحدث دائماً. ونشرت ثلاثة كتب في حقل الدراسات الأدبية هي: نظرات جديدة في أدب العراق القديم، وتجربة توفيق صايغ الشعرية ومرجعياتها الفكرية والفنية، وآرتور رامبو: الحقيقة والأسطورة، وعدا ذلك نشرت عشرات الدراسات والمقالات في الصحف والمجلات العربية، ولدي الآن مسودات ثلاثة كتب في حقل الدراسات والمقالات، بين جاهز للنشر وشبه جاهز.
(كاتب عراقي)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...