الأربعاء، 27 فبراير 2013

تغيير الشعب؟ مقال بقلم الاستاذ خالد القشطيني

تغيير الشعب؟
خالد القشطيني

لاحظت في كل هذه الانتفاضات التي اجتاحت العالم العربي أن المعارضين غالبا ما جعلوا إسقاط النظام الهدف الأول. لا أحد سأل من أين جاء زين العابدين وسواه؟ إنهم أبناء هذه الأمة. والحكام على دين شعوبهم. لقد جرب العراق تغيير النظام عشرات المرات ولم تتغير الأحوال، بل ساءت. المطلوب حقا هو تغيير الشعب وليس تغيير النظام. ولكن كيف تتخلص من مائتي مليون شخص وتأتي في مكانهم بمائتي مليون طفل تربيهم تربية عصرية سليمة تقوم على العلم والعلمانية وحرية التفكير؟ هذا مشروع خيالي. وبغياب هذا المشروع ما الذي يمكن عمله؟

يتحدثون بحماس عن إجراء انتخابات شرعية. لقد جربها العراق الآن، فما الذي حصل؟ جربوها في مصر وفلسطين أيضا. ما الذي يمكن أن تفعله إذا كان الناخبون يريدون منك حل مشكلاتهم، مشكلات القرن الواحد والعشرين بأساليب وقيم وعقلية القرن الحادي عشر؟ وحالما تفشل يدعون لتغيير النظام. دعا المثقفون الليبراليون في العراق للسير في مظاهرة احتجاجية ضد غلق النوادي الثقافية ومنع المواطنين من مزاولة حقوقهم المدنية. لم يشارك في هذه المظاهرة أكثر من مائتي شخص. وبعد أيام قليلة تدفق عشرة ملايين عراقي ... في مسيرات عزاء الحسين. يخوض الليبراليون الآن حملة باسم «فصل الدين عن الدولة». كيف سينجحون أمام هذه الملايين التي أجلت الخلاص إلى ما بعد الموت. وأجل الأحرار والمهنيون خلاصهم ليوم الهجرة للغرب؟

يتعطش آخرون ويحلمون بظهور شخص من طراز أتاتورك. ولكن كان بيننا رجل من هذا الطراز، الحبيب بورقيبة. ورفضناه واتهمناه بالعمالة للاستعمار. وهو ما سنفعله مع أي أتاتورك جديد يظهر. الحقيقة أنه كان بيننا مثل هؤلاء الرجال وقتلناهم وطفشناهم. إننا أمة ترفض الخلاص بإباء وإصرار، لأنها تؤمن بخلاص من نوع آخر. وعندهم طلقة يضعونها في رأس كل من يشوش عليهم ويتحداهم في مسعاهم هذا. وربما لا ألومهم على ذلك. فكل من جاءوا ووعدوهم بالخلاص كذبوا عليهم وضللوهم ورموا بهم في متاهات وحروب زادتها ألما على ألم.

ولئلا أكذب أنا أيضا عليهم أقول إن الطريق الوحيد للخلاص طريق طويل يتوقف على هذه المعادلة:التعليم + حرية الفكر = النهوض + الخلاص

لا فائدة من القراءة والكتابة من دون حرية فكر، ولا فائدة من حرية الفكر إذا لم تكن قادرا على القراءة والكتابة. وعندما يتوافر طرفا المعادلة ستعرف من تنتخب وكيف تحاسب من تنتخبه؟ فتتحول الديمقراطية من نقمة إلى نعمة ويحل العقل والعلم محل الخرافة والأوهام وتنجو من الخداع والغش والاستغلال باسم الدين.

المصدر : عن الشرق الاوسط

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...