سليمان الصائغ 1886-1961 ومجلة النجم (الموصلية )
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث -العراق
لم تشهد الموصل ،منذ أن فرغ المؤرخان العمريان محمد أمين وياسين من كتابة مؤلفاتهما أواخر القرن التاسع عشر من اهتم بتدوين أخبارها حتى مطلع القرن ألعشرين ، حين ظهر سليمان صايغ واصدر كتابه ألشهير: " تاريخ الموصل" في ثلاثة أجزاء. وسليمان صايغ رجل دين مسيحي ولد في الموصل سنة 1886 ،وأتم دراسته اللاهوتية في مدارسها الدينية ثم اشتغل بالتعليم وإدارة المدارس، وصار عضوا في لجنة فحص المدارس الأجنبية، وترأس تحرير " جريدة الموصل" بعد معاودة صدورها عقب الاحتلال البريطاني للموصل سنة 1918 ، وعندما برزت مشكلة الموصل(1925-1926 ) كان عضوا نشيطا في( جمعية الدفاع الوطني) التي قامت بدور كبير في تأكيد عروبة الموصل إزاء مطالبة الأتراك بها .
أصدر سليمان صايغ مجلة (النجم) وهي مجلة شهرية ،دينية ،تاريخية، اجتماعية وذلك سنة 1928 . وقد جاء في ترويستها انها "مجلة علمية ادبية للبطريركية الكلدانية " مديرها المسؤول الخوري (المطران فيما بعد ) سليمان الصائغ " تصدر مرة في الشهر وطبعت في مطبعة النجم الكلدانية ومسجلة بالبريد تحت رقم 23 " . برز عددها الاول في 25 كانون الاول سنة 1928 واستمرت بالصدور عدة سنوات الى ان الغي امتيازها في 17 كانون الاول سنة 1954 .يقول الاستاذ بهنام عفاص في مقالة له بعنوان :"تاريخ المسيحية في العراق " ان مجلة "النجم" لصاحبها ورئيس تحريرها القس سليمان الصائغ (المطران فيما بعد) كان لها صدى واسعا في الاوساط الادبية والدينية العراقية ،وقد استمرت فترة طويلة في العطاء ومجلداتها الكثيرة الزاخرة خير شاهد على ماقدّمته من خدمات جلّى في ميدان الفكر والتراث..." وأسهم في تحريرها أبرز الادباء المسيحين وغير المسيحيين آنذاك" .
ومما ساعد سليمان الصائغ على اصدار مجلة النجم امتلاكه منذ سنة 1923 مطبعة النجم التي أسسها في مدينة الموصل ، وانتقلت بعد وفاته الى دير السيدة في القوش وكانت تطبع باللغتين العربية والكلدانية وفيها طبعت بعد ذلك مجلة النجم . كما طبعت فيها مجموعة من الكتب والكراريس الدينية المسيحية .
عندما كتبتٌ عن سليمان أالصائغ في كتابي :"شخصيات موصلية " قلت "أصدر سليمان الصايغ مجلة (النجم)، وقد ظهر في صدر صفحتها الاولى انها مجلة شهرية دينية تاريخية اجتماعية.
واهتمت المجلة، منذ صدورها سنة 1928 حتى توقفها سنة 1955، بالدراسات الدينية والثقافية والتاريخية. ويعد الصايغ من ابرز الكتاب الرواد الذين اهتموا بالمسرحية التاريخية في العراق، فمن خلالها حرص على تقديم الوقائع التاريخية باسلوب قصصي مشوق، وقد ذكر الاستاذ الدكتور عمر محمد الطالب في بحثه الموسوم: (سليمان صايغ: ادبه الروائي والمسرحي)، المنشور في مجلة بين النهرين، العدد (19)، 1975، بأن سليمان الصايغ، استخدم التاريخ لاغراض دينية، تربوية وحرص على جذب القارئ وتقديم الحقائق باسلوب بسيط خال من التعقيد، وكان همه الرئيس " نشر فكرة الاصلاح الاخلاقي والاجتماعي والتربوي".
وقد جاءت كتاباته شبيهة بكتابات الكاتب والصحفي المصري جرجي زيدان 1861 – 1914، وخاصة في رواياته التاريخية التي استهدفت من ورائها العمل على احياء وعي العرب لماضيهم المجيد.
لقد اهتم سليمان صايغ بالتاريخ، وبتاريخ مدينته الموصل بشلك خاص، لذلك ألف كتابه القيم (تاريخ الموصل) والذي صدر في ثلاثة اجزاء".اما في مقالي عن "الطباعة في الموصل " فقذ ذكرت :" ان سليمان صايغ اصدر مجلة (النجم)، وقد ظهر في صدر صفحتها الاولى انها "مجلة شهرية دينية تاريخية اجتماعية." وقد اهتمت المجلة، منذ صدورها سنة 1928 حتى توقفها سنة 1955، بالدراسات الدينية والثقافية والتاريخية. ويعد الصايغ من ابرز الكتاب الرواد الذين اهتموا بالمسرحية التاريخية في العراق، فمن خلالها حرص على تقديم الوقائع التاريخية باسلوب قصصي مشوق، ويشير الاستاذ الدكتور عمر محمد الطالب في بحثه الموسوم: (سليمان الصايغ: ادبه الروائي والمسرحي)، المنشور في مجلة بين النهرين، العدد (19)، 1975، الى ان سليمان صايغ، استخدم " التاريخ " لاغراض دينية، تربوية وحرص على جذب القارئ وتقديم الحقائق باسلوب بسيط خال من التعقيد، وكان همه الرئيس " نشر فكرة الاصلاح الاخلاقي والاجتماعي والتربوي."
كما يعد الصائغ من ابرز كتاب المسرحية التاريخية في العراق واكثرهم إنتاجاً، ولعل معرفته باللغتين الإنكليزية والفرنسية واطلاعه على ادابها، كانت في طليعة العوامل التي زودته بخبرة مسرحية جيدة وقد نشر في " مجلة النجم " حلقات مسلسلة من مسرحياته بين عامي 1930-1838، ثم أخرجها في كتب فنشر (مشاهد الفضيلة)سنة 1931 ، و(الامير الحمداني) سنة 1933 ، و(الزباء) سنة 1933 كذلك و(هوراس) عام 1952. اما مسرحية (يمامة نينوى)فلم يكتب لها الظهور الا على خشبة المسرح سنة 1947، وتبرز مسرحيات سليمان الصائغ كسائر المسرحيات التاريخية الفواجع التي تنتاب العظماء والمصائب التي تحل بهم كمأساة (يوسف الصديق) في مسرحية مشاهد الفضيلة، والمصير المؤلم التي تلقته الزباء ملكة تدمر، وماساة ناصر الدولة الحمداني الذي تآمر عليه أولاده، والنهاية المؤلمة لشميرام (يمامة نينوى) التي قتلت نفسها بعد أن دست السم لزوجها ظناً منها انه يخونها.
تحدث المؤرخ الموصلي الاستاذ بهنام حبابة الى الصحفي سامر الياس سعيد عن ذكرياته مع مجلة النجم فقال : "...انا شخصيا أحب التاريخ ، وأحببت التاريخ من خلال عملي كتربوي حيث تعينت في منطقة مانكيش فمنحتني هذه المنطقة العابقة بنكهة التاريخ والتراث الكثير لتدفعني لاستعين بمداد الكتابة في الحديث عن تاريخها ونشرت مقالا عنها في مجلة النجم الموصلية التي كان يرأس تحريرها الخوري سليمان الصائغ وكان هذا في عام 1954 ومازلت تواقا لأكتب عنها سلسلة من البحوث والدراسات لانها منطقة تستحق الحديث عنها كونها انجبت الكثير من رجالات الدين ..." .
اهتم سليمان الصايغ بالتاريخ، وبتاريخ مدينته الموصل بشلك خاص، لذلك الف كتابه القيم (تاريخ الموصل) والذي صدر في ثلاثة اجزاء.وكان ممن كتب في المجلة الصحفي المعروف رزوق عيسى . وقد اشار الاستاذ هاشم النعيمي في مقال له عن جريدة الزوراء "ان باحثا وصحفيا عراقيا هو رزوق عيسى صاحب مجلة المؤرخ كتب مقالة شهيرة اثارت جدلا في مجلة النجم (الموصلية) سنة 1934 تعليقا على ماورد في كتاب " تاريخ الصحافة العربية " للكونت فيليب دي طرازي من ان جريدة الزوراء اول جريدة عراقية ورد فيها بقوله : بيد انه وردت في بعض اسفار رجال الافرنج ومنهم الانجليز تلميحات واشارات الى ان اول صحيفة ظهرت في بغداد كانت تعرف باسم :"جرنال العراق" انشأها داود باشا الكرجي الوالي الشهير عندما تسلم منصب الولاية سنة 1816 وكانت تطبع في مطبعة حجرية وتنشر بلغتين العربية والتركية وتذاع منها وقائع القبائل وانباء القطر العراقي واخبار الدولة العثمانية وقوانين البلاد واوامر الوالي ونواهيه والاصلاحات الواجب اجراؤها واسماء الموظفين مع غيرها من الحوادث الخارجية وكانت توزع على قواد الجيش وكبار الموظفين واعيان المدينة واشرافها وتعلق منها نسخ على جدران دار الامارة ليطلع عليها من يهمه امر الوقوف على اخبار الدولة وتقدمها ..." وأضاف قائلا : " هذا ماعثرت عليه في كتب الرحالين ومنهم غروفس ، وفريزر ، وتيلر ، وزاد عليهم سجل اليوت المخطوط وحشر معهم اسفار رتش ، وبنكنهام، وبورتر ، وروسو "
من حسن الحظ ان مجلة النجم باتت اليوم متوفرة على الشبكة العالمية للمعلومات –الانترنت من خلال "المكتبة الرقمية للدوريات والوثائق التاريخية " التابعة للمركز الوطني للاعلام ودار الكتب والوثائق في العراق وفي 18 مجموعة جديرة بأن تكتب عنها رسالة ماجستير او اطروحة دكتوراه .وضمن ما وجدنا في اعداد المجلة ان الشماس روفائيل مازجي كان واحدا من كتابها وانها نشرت دراسة موسعة بعنوان :" الوحدة المسيحية " بقلم الاب اغناطيوس سبنسر 1799-1864 أكد فيها خطأ الاعتقاد بأن الغرب مٌعرض عن الدين غير مكترث له ولامهتم به " .وقال بأن من يعتقد ان من دلائل المدنية والرقي الاضراب عن واجبات الدين والاعراض عن الشرائع الالهية خاطئ " .وقد ساق الادلة على اهمية الدين والايمان في حياة الانسان بأعتبار ان ذلك يخلق لديه الاستقرار والطمأنينة النفسية والاجتماعية .
وفي عددها الصادر سنة 1949 نشرت المجلة مقالا عن " الندوة العمرية " التي كانت تعقد في دار الوجيه الموصلي السيد ناظم العمري وكان عنوان المقال: "المساجلات الموصلية في الندوة الموصلية " . وكان من كتاب النجم السيد عبد الرزاق الحسني المؤرخ العراقي المعروف ، والاستاذ يعقوب سركيس البحاثة العراقي المشهور .
كما قدمت المجلة عروضا للكتب الجديدة ومن الكتب التي كتبت عنها كتاب المؤرخ الموصلي عبد المنعم الغلامي :" بقايا الفرق الباطنية في الموصل " وكتاب "تاريخ العرب قبل الاسلام " الجزء الاول للدكتور جواد علي وكتاب "كوركيس عواد " جولة في دور الكتب الاميركية " زديوان الدكتور احمد زكي ابو شادي الموسوم " من السماء " ومجلة المجمع العلمي العراقي - عدد ايلول 1950 وكثيرا ما كانت هذه الاصدارات تصل المجلة على سبيل الاهداء .
واستطيع القول ان نخبة كبيرة من المثقفين العراقيين المعاصرين كتبوا في المجلة ومن الذين كتبوا فيها المقالات أو نشروا القصائد الدكتور عبد الرحمن الجليلي ، والدكتور عبد الباقي رمو ، والسادة عبد الكريم بني وفاضل كرومي والاب فرنسوا تورنر والقس قرياقوس حكيم والقس كوركيس كرمو والقس ميخائيل صائغ وميخائيل عيسى واسماعيل حقي فرج والدكتور احمد زكي ابو شادي وابراهيم بطرس ابراهيم واسحق عيسكو والقس بطرس موسى وجبرائيل بيداويد والدكتور جرجيس غزالة والشاعر ذو النون الشهاب وروفائيل بابو اسحاق وسالم حقي وسعيد الديوه جي ونعوم زرازير .
وكانت المواضيع التي تنشر في المجلة متنوعة ففيها موضوعات دينية ومنها موضوعات اجتماعية واخرى صحية وبيئية فعلى سبيل المثال لاالحصر نشرت المجلة في سنتها الحادية عشرة 1950-1951 موضوعات هي على التوالي قصيدة بعنوان : "النجم " ومقالات عن " الشبيبة العاملة الكاثوليكية الدولية " و" معنى التربية " وابن حوقل و" نظرة في اصل الاداب الارامية" و" النصرانية في المدائن " و" عقيدة الانتقال في التاريخ " و"الانفجارات الذرية " .ونشرت جانبا من مذكرات المبشر والرحالة دومنيكو لانزا ومقال بعنوان "من حقول التاريخ " واخر بعنوان :" حياة الامة بمستقبل جيلها " ومقال اخر بعنوان :" البابوية معجزة حية " ومقال بعنوان :" التعليم في روسيا السوفيتية " ومقال " المطالعة افة الثقافة " وقصيدة بعنوان "نغمة المزمار " وقصيدة بعنوان " رئيس العزف " ومقال عن شعر الاخطل واخر عن "الشعر الافرامي " . وقصيدة بعنوان :" نجمة السماء " .
وقد اهتمت المجلة بالاخبار والمناسبات ، فعلى سبيل المثال كتبت عن زيارة الملك فيصل الاول 1921-1933 ملك العراق الاسبق الى دير مار اوراها وتلبيته دعوة الغداء التي اقامها غبطة البطريرك الكلداني يوسف السابع غنيمة بطريرك الكلدان هناك تكريما له وارفقت بالخبر صورة للملك مع مضيفيه وهي صورة جميلة وتاريخية ونادرة . ونشرت برقية تهنئة البطريرك يوسف السابع غنيمة الى جلالة العاهل الاردني الملك طلال 1950 وخبر وفاة الملك الحسين بن علي في عمان بالاردن .كما تابعت انتخاب " هيئة الجمعية الخيرية للكلدان في الموصل " ، ونشرت رسالة من بغداد لوكيلها القس يوسف كادو عن " عيد قلب يسوع في كنيسة الكلدان ببغداد " .ونشرت مقالا عن" اليوبيل الفضي لسيدادة الحبر الجليل مار يوحنا نيسان مطران سنه –ايران " وصورته وقالت ان المطران من دهوك ومن مواليد 29 تموز 1880 .كما كتبت عن الاحتفال بعيد ميلاد جلالة الملك فيصل الثاني 1953-1958 ونشرت خبر وفاة الوجيه الموصلي خير الدين العمري رئيس بلدية الموصل لمدة 18 سنة واشارت الى مجهوداته في تعمير الموصل وتحديثها وقالت "كانت المجلة ناجزة الطبع يوم اهتزت ام الربيعين حزنا لنعي احد ابنائها البررة خير الدين العمري " .
واهتمت لتمويل طبعها بالاعلان ومن الاعلانات الطريفة التي نشرتها اعلان عن مؤسسة اولاد سوارس وشركاؤهم ومحلاتهم في مصر والشام وفلسطين والبنك العقاري المصري وسندات اليانصيب 15 يناير –كانون الثاني 1930 .وكثيرا ما كان عدد من المثقفين والمتابعين يتبرع للمجلة من خلال الاشتراك فيها . وممن أسهم في التبرع للمجلة كما جاء في احد اعدادها وضمن السنوات 1950-1951 الدكتور عبد الرحيم ممو والمحامي جميل سليمان والسادة انطوان يوسفاني وبطرس مروكي وخضر غزالة ويعقوب افرام منصور وادوار افرام وامين نعيم .
لم تكن مجلة النجم –كما كان يتصور البعض –مقتصرة على الامور الدينية او على الكتاب المسيحيين بل قدمت الكثير من الموضوعات الصحية والاجتماعية واسهم فيها عدد كبير من المثقفين العراقيين فهناك مثلا موضوع عن "الجسم الانساني " فيه معلومات مذهلة عن جسم الانسان ، وعن الغدة التي تجعل الشخص طويل القامة او قصيرها ، وكيف تختلف الشرايين عن الاوردة ؟ ، وما هي وظيفة الكبد ؟ وما هي اعضاء الحس ؟ وكم شعرة في رأس الانسان ؟ولماذا يشيب شعر الانسان ؟ . ومما أكده المقال اهمية التغذية الجيدة .كما اهتمت المجلة بالاثار العراقية والرحلات الجغرافية ومن ذلك نشرها متابعة لاثار قصر الاخيضر بعنوان :" وقفة بالاخيضر " .كما نشرت مقالا بعنوان :" تاريخ قديم لكنيسة اربيل " لمشيحزحا تعريب الحبر العلامة سيادة المطران بطرس عزيز .وقد وقف المقال عند عبد المسيح وكان من اربيل واقام في دمشق وانطاكيا وكرس نفسه لخدمة الكنيسة .
وفي السنة الثانية –العدد الثاني الصادر في 25 كانون الثاني 1930 نشرت النجم مقالا بعنوان : " الكلدان في ايام الدولة الاموية " . واهتمت مجلة النجم منذ صدورها وحتى توقفها بالدراسات الدينية والتاريخية.ويرجع ذلك إلى أن صايغ، كان يرى أن "التاريخ من العلوم الجليلة الفائدة، ومن الفنون الجزيلة العائدة لطبقات الهيئة الاجتماعية جمعاء، ومن علماء أعلام، وسوقة طغام".
لم يكن الاستاذ سليمان الصائغ كاتبا عاديا او مؤرخا عاديا بل كان مدرسة تربت على ايديها اجيال واجيال . وكانت مجلة النجم التي وقفنا عندها انفا احدى ابرز وسائله وادواته في التنوير والتثقيف وتيقظ الافكار وتوسيع قاعدة المثقفين واستحق بذلك الذكر فقد ترك الرجل بصمة واضحة في جدار العراق الحديث . وكان ممن اسهم في تكوينه وخاصة في الجوانب الدينية المسيحية والثقافية والفكرية والاجتماعية .لقد كان من محرري النجم الرئيسيين ولهذا فقد اقترن اسمه في تراثنا الفكري والثقافي والصحفي والطباعي والديني بأمرين اثنين مهمين هما " مجلة النجم" وموسوعة " بتاريخ الموصل " بأجزاءه الثلاثة .هذا فضلا عن عشرات المقالات والدراسات والمتابعات التي نشرها في النجم ومنها على سبيل المثال " الفلسفة عند العرب" ، و" تاريخ الطب في العراق " ، و" البلاد العربية في مطلع القرن السابع عشر" و" تاريخ أكد وآشور" .
إن سليمان الصايغ يعد من أوائل المثقفين العرب الذين نبهوا إلى مخاطر الصهيونية، وقد ربط من خلال دراسة له نشرت سنة 1933 بين مخاطر الصهيونية والشيوعية والماسونية على الفكر والوجود العربيين.
وسليمان صايغ يعد من الكتاب الرواد للمسرحية التاريخية في العراق، وقد حاول تقديم التاريخ بأسلوب قصصي، ولكنه ظل ملتزما بتصوير الواقع ، مما جعل مسرحياته تخرج من بين يديه وكأنها سرد تاريخي للأحداث والوقائع.والسبب في ذلك يرجع إلى انه أراد من وراء مسرحياته تحقيق أمرين مهمين : اولهما الغرض الديني والحرص على نشر فكرة الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي .وثانيهما جذب القارئ إلى التاريخ وتقديم الحقائق اليه بأسلوب بسيط خال من التعقيد، وقد بدا الصايغ في أكثر أعماله، مؤرخا يهتم بالحقائق من جهة، ويحرص على تأكيد مبدأ العبرة واستخلاص الدروس من الماضي من جهة أخرى.
ويبين الصايغ أسباب اهتمامه بتاريخ مدينته الموصل فيقول: ((وعلى هذا نجد اليوم تواريخ مسطرة لكل مدينة، اشتهرت بآثارها، وأخبار دولها ومشاهير رجالها. إلا أننا- لسوء الحظ -لم نجد للموصل الخضراء تاريخا خاصا بها يوقفنا على قدميتها، وينطوي على أخبارها... على الرغم من أن الاقدمين من فحول علماء الموصل، عنوا بتدوين تاريخها واستيعاب الطارف والتالد من أخبارها)).
ويضيف الصايغ إلى ذلك أن رغبته في خدمة أبناء وطنه" من العامة الذين لايستطيعون مطالعة مجلدات ضخمة للوقوف على أحوال الموصل"، هي التي دفعته لكتابه تاريخ لام الربيعين "فسمت التصنيف- وأنا المفلس- وتعنيت أمرا ليس من شأني ولا إنا من رجاله، رجاء نفع العامة ونيل رضى الخاصة، والمرء ... ممدوح أو مقدوح بنيته إذ إنما الأعمال بالنيات ، وما قصدي من هذا العمل إلا امحاض الخدمة لوطني". ويوضح منهجه في التأليف فيقول انه بعد مثابرة متواصلة على المطالعة مدة سنة ونيف " توفقت بعونه تعالى إلى وضع ها الكتاب، وقد سعيت جهدي في إحكام الرصيف ونقل الحقا يق التاريخية الممحصة من مواردها ومآخذها معتمدا على اشهر المؤرخين الذين هم النبراس المهتدي والعمدة المنتدب البهم كالطبري وابن الاثير وأبي الفداء وابن خلكان وشهاب الدين ألمقدسي وغيرهم من المؤرخين الحداث، وطنيين وغرباء هذا عدا ماتلقيته من أقوال مأثورة ونقلته من أوراق خطية قديمة".ثم قسمت الكتاب أبوابا وفصلته فصولا ... " .
وشكر المؤلف من شجعه وأعانه وزوده بالكتب والمعلومات وخص بالذكر نقيب الأشراف في الموصل السيد عبد الغني النقيب والحاج أمين ألجليلي والسيد عبد الله ال سليمان بك والسيد امجد ألعمري .
إن إعادة نشر كتاب تاريخ الموصل ،بأجزائه الثلاثة ،يعد إضافة نوعية في مجال توسيع دائرة الاهتمام بهذا الضرب من التاريخ المحلي، لأهمية ذلك في مرحلتنا الحاضرة التي تتطلب من جميعا أن نتعاون من اجل إبراز وجه الموصل الحقيقي والناصع، وإسهامات أهلها الحضارية عبر التاريخ.
لقد عكست "مجلة النجم " واقع الحياة الثقافية والاجتماعية في الموصل والعراق ، وعٌدت مراة لماحدث ابان صدورها لذلك فهي مصدر مهم من مصادر التاريخ الحديث ومما كانت المجلة تؤكده عند بدء كل سنة جديدة انها وهي تحث الخطى في مسيرتها تحرص ان تظل " صادقة العزيمة ثابتة المبدأ عنوانها الاخلاص فلا تتوخى في خدمتها الا النفع العام بنشر المبادئ الصحيحة وهذا كان شعارها منذما نشأت ..." .تحية لمجلة النجم ولمؤسسها المطران المؤرخ الاستاذ سليمان الصائغ ولكل الذين عملوا فيها المجد والخلود .
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث -العراق
لم تشهد الموصل ،منذ أن فرغ المؤرخان العمريان محمد أمين وياسين من كتابة مؤلفاتهما أواخر القرن التاسع عشر من اهتم بتدوين أخبارها حتى مطلع القرن ألعشرين ، حين ظهر سليمان صايغ واصدر كتابه ألشهير: " تاريخ الموصل" في ثلاثة أجزاء. وسليمان صايغ رجل دين مسيحي ولد في الموصل سنة 1886 ،وأتم دراسته اللاهوتية في مدارسها الدينية ثم اشتغل بالتعليم وإدارة المدارس، وصار عضوا في لجنة فحص المدارس الأجنبية، وترأس تحرير " جريدة الموصل" بعد معاودة صدورها عقب الاحتلال البريطاني للموصل سنة 1918 ، وعندما برزت مشكلة الموصل(1925-1926 ) كان عضوا نشيطا في( جمعية الدفاع الوطني) التي قامت بدور كبير في تأكيد عروبة الموصل إزاء مطالبة الأتراك بها .
أصدر سليمان صايغ مجلة (النجم) وهي مجلة شهرية ،دينية ،تاريخية، اجتماعية وذلك سنة 1928 . وقد جاء في ترويستها انها "مجلة علمية ادبية للبطريركية الكلدانية " مديرها المسؤول الخوري (المطران فيما بعد ) سليمان الصائغ " تصدر مرة في الشهر وطبعت في مطبعة النجم الكلدانية ومسجلة بالبريد تحت رقم 23 " . برز عددها الاول في 25 كانون الاول سنة 1928 واستمرت بالصدور عدة سنوات الى ان الغي امتيازها في 17 كانون الاول سنة 1954 .يقول الاستاذ بهنام عفاص في مقالة له بعنوان :"تاريخ المسيحية في العراق " ان مجلة "النجم" لصاحبها ورئيس تحريرها القس سليمان الصائغ (المطران فيما بعد) كان لها صدى واسعا في الاوساط الادبية والدينية العراقية ،وقد استمرت فترة طويلة في العطاء ومجلداتها الكثيرة الزاخرة خير شاهد على ماقدّمته من خدمات جلّى في ميدان الفكر والتراث..." وأسهم في تحريرها أبرز الادباء المسيحين وغير المسيحيين آنذاك" .
ومما ساعد سليمان الصائغ على اصدار مجلة النجم امتلاكه منذ سنة 1923 مطبعة النجم التي أسسها في مدينة الموصل ، وانتقلت بعد وفاته الى دير السيدة في القوش وكانت تطبع باللغتين العربية والكلدانية وفيها طبعت بعد ذلك مجلة النجم . كما طبعت فيها مجموعة من الكتب والكراريس الدينية المسيحية .
عندما كتبتٌ عن سليمان أالصائغ في كتابي :"شخصيات موصلية " قلت "أصدر سليمان الصايغ مجلة (النجم)، وقد ظهر في صدر صفحتها الاولى انها مجلة شهرية دينية تاريخية اجتماعية.
واهتمت المجلة، منذ صدورها سنة 1928 حتى توقفها سنة 1955، بالدراسات الدينية والثقافية والتاريخية. ويعد الصايغ من ابرز الكتاب الرواد الذين اهتموا بالمسرحية التاريخية في العراق، فمن خلالها حرص على تقديم الوقائع التاريخية باسلوب قصصي مشوق، وقد ذكر الاستاذ الدكتور عمر محمد الطالب في بحثه الموسوم: (سليمان صايغ: ادبه الروائي والمسرحي)، المنشور في مجلة بين النهرين، العدد (19)، 1975، بأن سليمان الصايغ، استخدم التاريخ لاغراض دينية، تربوية وحرص على جذب القارئ وتقديم الحقائق باسلوب بسيط خال من التعقيد، وكان همه الرئيس " نشر فكرة الاصلاح الاخلاقي والاجتماعي والتربوي".
وقد جاءت كتاباته شبيهة بكتابات الكاتب والصحفي المصري جرجي زيدان 1861 – 1914، وخاصة في رواياته التاريخية التي استهدفت من ورائها العمل على احياء وعي العرب لماضيهم المجيد.
لقد اهتم سليمان صايغ بالتاريخ، وبتاريخ مدينته الموصل بشلك خاص، لذلك ألف كتابه القيم (تاريخ الموصل) والذي صدر في ثلاثة اجزاء".اما في مقالي عن "الطباعة في الموصل " فقذ ذكرت :" ان سليمان صايغ اصدر مجلة (النجم)، وقد ظهر في صدر صفحتها الاولى انها "مجلة شهرية دينية تاريخية اجتماعية." وقد اهتمت المجلة، منذ صدورها سنة 1928 حتى توقفها سنة 1955، بالدراسات الدينية والثقافية والتاريخية. ويعد الصايغ من ابرز الكتاب الرواد الذين اهتموا بالمسرحية التاريخية في العراق، فمن خلالها حرص على تقديم الوقائع التاريخية باسلوب قصصي مشوق، ويشير الاستاذ الدكتور عمر محمد الطالب في بحثه الموسوم: (سليمان الصايغ: ادبه الروائي والمسرحي)، المنشور في مجلة بين النهرين، العدد (19)، 1975، الى ان سليمان صايغ، استخدم " التاريخ " لاغراض دينية، تربوية وحرص على جذب القارئ وتقديم الحقائق باسلوب بسيط خال من التعقيد، وكان همه الرئيس " نشر فكرة الاصلاح الاخلاقي والاجتماعي والتربوي."
كما يعد الصائغ من ابرز كتاب المسرحية التاريخية في العراق واكثرهم إنتاجاً، ولعل معرفته باللغتين الإنكليزية والفرنسية واطلاعه على ادابها، كانت في طليعة العوامل التي زودته بخبرة مسرحية جيدة وقد نشر في " مجلة النجم " حلقات مسلسلة من مسرحياته بين عامي 1930-1838، ثم أخرجها في كتب فنشر (مشاهد الفضيلة)سنة 1931 ، و(الامير الحمداني) سنة 1933 ، و(الزباء) سنة 1933 كذلك و(هوراس) عام 1952. اما مسرحية (يمامة نينوى)فلم يكتب لها الظهور الا على خشبة المسرح سنة 1947، وتبرز مسرحيات سليمان الصائغ كسائر المسرحيات التاريخية الفواجع التي تنتاب العظماء والمصائب التي تحل بهم كمأساة (يوسف الصديق) في مسرحية مشاهد الفضيلة، والمصير المؤلم التي تلقته الزباء ملكة تدمر، وماساة ناصر الدولة الحمداني الذي تآمر عليه أولاده، والنهاية المؤلمة لشميرام (يمامة نينوى) التي قتلت نفسها بعد أن دست السم لزوجها ظناً منها انه يخونها.
تحدث المؤرخ الموصلي الاستاذ بهنام حبابة الى الصحفي سامر الياس سعيد عن ذكرياته مع مجلة النجم فقال : "...انا شخصيا أحب التاريخ ، وأحببت التاريخ من خلال عملي كتربوي حيث تعينت في منطقة مانكيش فمنحتني هذه المنطقة العابقة بنكهة التاريخ والتراث الكثير لتدفعني لاستعين بمداد الكتابة في الحديث عن تاريخها ونشرت مقالا عنها في مجلة النجم الموصلية التي كان يرأس تحريرها الخوري سليمان الصائغ وكان هذا في عام 1954 ومازلت تواقا لأكتب عنها سلسلة من البحوث والدراسات لانها منطقة تستحق الحديث عنها كونها انجبت الكثير من رجالات الدين ..." .
اهتم سليمان الصايغ بالتاريخ، وبتاريخ مدينته الموصل بشلك خاص، لذلك الف كتابه القيم (تاريخ الموصل) والذي صدر في ثلاثة اجزاء.وكان ممن كتب في المجلة الصحفي المعروف رزوق عيسى . وقد اشار الاستاذ هاشم النعيمي في مقال له عن جريدة الزوراء "ان باحثا وصحفيا عراقيا هو رزوق عيسى صاحب مجلة المؤرخ كتب مقالة شهيرة اثارت جدلا في مجلة النجم (الموصلية) سنة 1934 تعليقا على ماورد في كتاب " تاريخ الصحافة العربية " للكونت فيليب دي طرازي من ان جريدة الزوراء اول جريدة عراقية ورد فيها بقوله : بيد انه وردت في بعض اسفار رجال الافرنج ومنهم الانجليز تلميحات واشارات الى ان اول صحيفة ظهرت في بغداد كانت تعرف باسم :"جرنال العراق" انشأها داود باشا الكرجي الوالي الشهير عندما تسلم منصب الولاية سنة 1816 وكانت تطبع في مطبعة حجرية وتنشر بلغتين العربية والتركية وتذاع منها وقائع القبائل وانباء القطر العراقي واخبار الدولة العثمانية وقوانين البلاد واوامر الوالي ونواهيه والاصلاحات الواجب اجراؤها واسماء الموظفين مع غيرها من الحوادث الخارجية وكانت توزع على قواد الجيش وكبار الموظفين واعيان المدينة واشرافها وتعلق منها نسخ على جدران دار الامارة ليطلع عليها من يهمه امر الوقوف على اخبار الدولة وتقدمها ..." وأضاف قائلا : " هذا ماعثرت عليه في كتب الرحالين ومنهم غروفس ، وفريزر ، وتيلر ، وزاد عليهم سجل اليوت المخطوط وحشر معهم اسفار رتش ، وبنكنهام، وبورتر ، وروسو "
من حسن الحظ ان مجلة النجم باتت اليوم متوفرة على الشبكة العالمية للمعلومات –الانترنت من خلال "المكتبة الرقمية للدوريات والوثائق التاريخية " التابعة للمركز الوطني للاعلام ودار الكتب والوثائق في العراق وفي 18 مجموعة جديرة بأن تكتب عنها رسالة ماجستير او اطروحة دكتوراه .وضمن ما وجدنا في اعداد المجلة ان الشماس روفائيل مازجي كان واحدا من كتابها وانها نشرت دراسة موسعة بعنوان :" الوحدة المسيحية " بقلم الاب اغناطيوس سبنسر 1799-1864 أكد فيها خطأ الاعتقاد بأن الغرب مٌعرض عن الدين غير مكترث له ولامهتم به " .وقال بأن من يعتقد ان من دلائل المدنية والرقي الاضراب عن واجبات الدين والاعراض عن الشرائع الالهية خاطئ " .وقد ساق الادلة على اهمية الدين والايمان في حياة الانسان بأعتبار ان ذلك يخلق لديه الاستقرار والطمأنينة النفسية والاجتماعية .
وفي عددها الصادر سنة 1949 نشرت المجلة مقالا عن " الندوة العمرية " التي كانت تعقد في دار الوجيه الموصلي السيد ناظم العمري وكان عنوان المقال: "المساجلات الموصلية في الندوة الموصلية " . وكان من كتاب النجم السيد عبد الرزاق الحسني المؤرخ العراقي المعروف ، والاستاذ يعقوب سركيس البحاثة العراقي المشهور .
كما قدمت المجلة عروضا للكتب الجديدة ومن الكتب التي كتبت عنها كتاب المؤرخ الموصلي عبد المنعم الغلامي :" بقايا الفرق الباطنية في الموصل " وكتاب "تاريخ العرب قبل الاسلام " الجزء الاول للدكتور جواد علي وكتاب "كوركيس عواد " جولة في دور الكتب الاميركية " زديوان الدكتور احمد زكي ابو شادي الموسوم " من السماء " ومجلة المجمع العلمي العراقي - عدد ايلول 1950 وكثيرا ما كانت هذه الاصدارات تصل المجلة على سبيل الاهداء .
واستطيع القول ان نخبة كبيرة من المثقفين العراقيين المعاصرين كتبوا في المجلة ومن الذين كتبوا فيها المقالات أو نشروا القصائد الدكتور عبد الرحمن الجليلي ، والدكتور عبد الباقي رمو ، والسادة عبد الكريم بني وفاضل كرومي والاب فرنسوا تورنر والقس قرياقوس حكيم والقس كوركيس كرمو والقس ميخائيل صائغ وميخائيل عيسى واسماعيل حقي فرج والدكتور احمد زكي ابو شادي وابراهيم بطرس ابراهيم واسحق عيسكو والقس بطرس موسى وجبرائيل بيداويد والدكتور جرجيس غزالة والشاعر ذو النون الشهاب وروفائيل بابو اسحاق وسالم حقي وسعيد الديوه جي ونعوم زرازير .
وكانت المواضيع التي تنشر في المجلة متنوعة ففيها موضوعات دينية ومنها موضوعات اجتماعية واخرى صحية وبيئية فعلى سبيل المثال لاالحصر نشرت المجلة في سنتها الحادية عشرة 1950-1951 موضوعات هي على التوالي قصيدة بعنوان : "النجم " ومقالات عن " الشبيبة العاملة الكاثوليكية الدولية " و" معنى التربية " وابن حوقل و" نظرة في اصل الاداب الارامية" و" النصرانية في المدائن " و" عقيدة الانتقال في التاريخ " و"الانفجارات الذرية " .ونشرت جانبا من مذكرات المبشر والرحالة دومنيكو لانزا ومقال بعنوان "من حقول التاريخ " واخر بعنوان :" حياة الامة بمستقبل جيلها " ومقال اخر بعنوان :" البابوية معجزة حية " ومقال بعنوان :" التعليم في روسيا السوفيتية " ومقال " المطالعة افة الثقافة " وقصيدة بعنوان "نغمة المزمار " وقصيدة بعنوان " رئيس العزف " ومقال عن شعر الاخطل واخر عن "الشعر الافرامي " . وقصيدة بعنوان :" نجمة السماء " .
وقد اهتمت المجلة بالاخبار والمناسبات ، فعلى سبيل المثال كتبت عن زيارة الملك فيصل الاول 1921-1933 ملك العراق الاسبق الى دير مار اوراها وتلبيته دعوة الغداء التي اقامها غبطة البطريرك الكلداني يوسف السابع غنيمة بطريرك الكلدان هناك تكريما له وارفقت بالخبر صورة للملك مع مضيفيه وهي صورة جميلة وتاريخية ونادرة . ونشرت برقية تهنئة البطريرك يوسف السابع غنيمة الى جلالة العاهل الاردني الملك طلال 1950 وخبر وفاة الملك الحسين بن علي في عمان بالاردن .كما تابعت انتخاب " هيئة الجمعية الخيرية للكلدان في الموصل " ، ونشرت رسالة من بغداد لوكيلها القس يوسف كادو عن " عيد قلب يسوع في كنيسة الكلدان ببغداد " .ونشرت مقالا عن" اليوبيل الفضي لسيدادة الحبر الجليل مار يوحنا نيسان مطران سنه –ايران " وصورته وقالت ان المطران من دهوك ومن مواليد 29 تموز 1880 .كما كتبت عن الاحتفال بعيد ميلاد جلالة الملك فيصل الثاني 1953-1958 ونشرت خبر وفاة الوجيه الموصلي خير الدين العمري رئيس بلدية الموصل لمدة 18 سنة واشارت الى مجهوداته في تعمير الموصل وتحديثها وقالت "كانت المجلة ناجزة الطبع يوم اهتزت ام الربيعين حزنا لنعي احد ابنائها البررة خير الدين العمري " .
واهتمت لتمويل طبعها بالاعلان ومن الاعلانات الطريفة التي نشرتها اعلان عن مؤسسة اولاد سوارس وشركاؤهم ومحلاتهم في مصر والشام وفلسطين والبنك العقاري المصري وسندات اليانصيب 15 يناير –كانون الثاني 1930 .وكثيرا ما كان عدد من المثقفين والمتابعين يتبرع للمجلة من خلال الاشتراك فيها . وممن أسهم في التبرع للمجلة كما جاء في احد اعدادها وضمن السنوات 1950-1951 الدكتور عبد الرحيم ممو والمحامي جميل سليمان والسادة انطوان يوسفاني وبطرس مروكي وخضر غزالة ويعقوب افرام منصور وادوار افرام وامين نعيم .
لم تكن مجلة النجم –كما كان يتصور البعض –مقتصرة على الامور الدينية او على الكتاب المسيحيين بل قدمت الكثير من الموضوعات الصحية والاجتماعية واسهم فيها عدد كبير من المثقفين العراقيين فهناك مثلا موضوع عن "الجسم الانساني " فيه معلومات مذهلة عن جسم الانسان ، وعن الغدة التي تجعل الشخص طويل القامة او قصيرها ، وكيف تختلف الشرايين عن الاوردة ؟ ، وما هي وظيفة الكبد ؟ وما هي اعضاء الحس ؟ وكم شعرة في رأس الانسان ؟ولماذا يشيب شعر الانسان ؟ . ومما أكده المقال اهمية التغذية الجيدة .كما اهتمت المجلة بالاثار العراقية والرحلات الجغرافية ومن ذلك نشرها متابعة لاثار قصر الاخيضر بعنوان :" وقفة بالاخيضر " .كما نشرت مقالا بعنوان :" تاريخ قديم لكنيسة اربيل " لمشيحزحا تعريب الحبر العلامة سيادة المطران بطرس عزيز .وقد وقف المقال عند عبد المسيح وكان من اربيل واقام في دمشق وانطاكيا وكرس نفسه لخدمة الكنيسة .
وفي السنة الثانية –العدد الثاني الصادر في 25 كانون الثاني 1930 نشرت النجم مقالا بعنوان : " الكلدان في ايام الدولة الاموية " . واهتمت مجلة النجم منذ صدورها وحتى توقفها بالدراسات الدينية والتاريخية.ويرجع ذلك إلى أن صايغ، كان يرى أن "التاريخ من العلوم الجليلة الفائدة، ومن الفنون الجزيلة العائدة لطبقات الهيئة الاجتماعية جمعاء، ومن علماء أعلام، وسوقة طغام".
لم يكن الاستاذ سليمان الصائغ كاتبا عاديا او مؤرخا عاديا بل كان مدرسة تربت على ايديها اجيال واجيال . وكانت مجلة النجم التي وقفنا عندها انفا احدى ابرز وسائله وادواته في التنوير والتثقيف وتيقظ الافكار وتوسيع قاعدة المثقفين واستحق بذلك الذكر فقد ترك الرجل بصمة واضحة في جدار العراق الحديث . وكان ممن اسهم في تكوينه وخاصة في الجوانب الدينية المسيحية والثقافية والفكرية والاجتماعية .لقد كان من محرري النجم الرئيسيين ولهذا فقد اقترن اسمه في تراثنا الفكري والثقافي والصحفي والطباعي والديني بأمرين اثنين مهمين هما " مجلة النجم" وموسوعة " بتاريخ الموصل " بأجزاءه الثلاثة .هذا فضلا عن عشرات المقالات والدراسات والمتابعات التي نشرها في النجم ومنها على سبيل المثال " الفلسفة عند العرب" ، و" تاريخ الطب في العراق " ، و" البلاد العربية في مطلع القرن السابع عشر" و" تاريخ أكد وآشور" .
إن سليمان الصايغ يعد من أوائل المثقفين العرب الذين نبهوا إلى مخاطر الصهيونية، وقد ربط من خلال دراسة له نشرت سنة 1933 بين مخاطر الصهيونية والشيوعية والماسونية على الفكر والوجود العربيين.
وسليمان صايغ يعد من الكتاب الرواد للمسرحية التاريخية في العراق، وقد حاول تقديم التاريخ بأسلوب قصصي، ولكنه ظل ملتزما بتصوير الواقع ، مما جعل مسرحياته تخرج من بين يديه وكأنها سرد تاريخي للأحداث والوقائع.والسبب في ذلك يرجع إلى انه أراد من وراء مسرحياته تحقيق أمرين مهمين : اولهما الغرض الديني والحرص على نشر فكرة الإصلاح الأخلاقي والاجتماعي .وثانيهما جذب القارئ إلى التاريخ وتقديم الحقائق اليه بأسلوب بسيط خال من التعقيد، وقد بدا الصايغ في أكثر أعماله، مؤرخا يهتم بالحقائق من جهة، ويحرص على تأكيد مبدأ العبرة واستخلاص الدروس من الماضي من جهة أخرى.
ويبين الصايغ أسباب اهتمامه بتاريخ مدينته الموصل فيقول: ((وعلى هذا نجد اليوم تواريخ مسطرة لكل مدينة، اشتهرت بآثارها، وأخبار دولها ومشاهير رجالها. إلا أننا- لسوء الحظ -لم نجد للموصل الخضراء تاريخا خاصا بها يوقفنا على قدميتها، وينطوي على أخبارها... على الرغم من أن الاقدمين من فحول علماء الموصل، عنوا بتدوين تاريخها واستيعاب الطارف والتالد من أخبارها)).
ويضيف الصايغ إلى ذلك أن رغبته في خدمة أبناء وطنه" من العامة الذين لايستطيعون مطالعة مجلدات ضخمة للوقوف على أحوال الموصل"، هي التي دفعته لكتابه تاريخ لام الربيعين "فسمت التصنيف- وأنا المفلس- وتعنيت أمرا ليس من شأني ولا إنا من رجاله، رجاء نفع العامة ونيل رضى الخاصة، والمرء ... ممدوح أو مقدوح بنيته إذ إنما الأعمال بالنيات ، وما قصدي من هذا العمل إلا امحاض الخدمة لوطني". ويوضح منهجه في التأليف فيقول انه بعد مثابرة متواصلة على المطالعة مدة سنة ونيف " توفقت بعونه تعالى إلى وضع ها الكتاب، وقد سعيت جهدي في إحكام الرصيف ونقل الحقا يق التاريخية الممحصة من مواردها ومآخذها معتمدا على اشهر المؤرخين الذين هم النبراس المهتدي والعمدة المنتدب البهم كالطبري وابن الاثير وأبي الفداء وابن خلكان وشهاب الدين ألمقدسي وغيرهم من المؤرخين الحداث، وطنيين وغرباء هذا عدا ماتلقيته من أقوال مأثورة ونقلته من أوراق خطية قديمة".ثم قسمت الكتاب أبوابا وفصلته فصولا ... " .
وشكر المؤلف من شجعه وأعانه وزوده بالكتب والمعلومات وخص بالذكر نقيب الأشراف في الموصل السيد عبد الغني النقيب والحاج أمين ألجليلي والسيد عبد الله ال سليمان بك والسيد امجد ألعمري .
إن إعادة نشر كتاب تاريخ الموصل ،بأجزائه الثلاثة ،يعد إضافة نوعية في مجال توسيع دائرة الاهتمام بهذا الضرب من التاريخ المحلي، لأهمية ذلك في مرحلتنا الحاضرة التي تتطلب من جميعا أن نتعاون من اجل إبراز وجه الموصل الحقيقي والناصع، وإسهامات أهلها الحضارية عبر التاريخ.
لقد عكست "مجلة النجم " واقع الحياة الثقافية والاجتماعية في الموصل والعراق ، وعٌدت مراة لماحدث ابان صدورها لذلك فهي مصدر مهم من مصادر التاريخ الحديث ومما كانت المجلة تؤكده عند بدء كل سنة جديدة انها وهي تحث الخطى في مسيرتها تحرص ان تظل " صادقة العزيمة ثابتة المبدأ عنوانها الاخلاص فلا تتوخى في خدمتها الا النفع العام بنشر المبادئ الصحيحة وهذا كان شعارها منذما نشأت ..." .تحية لمجلة النجم ولمؤسسها المطران المؤرخ الاستاذ سليمان الصائغ ولكل الذين عملوا فيها المجد والخلود .
شکرا للکل .. وخصوصا للاستاذ الدکتور ابراهیم العلاف .. قراءتی للحقائق التی ینشرها .. یجعلنی ان انظر الی الزمن الجمیل .. وأعتقد بأننا نتراجع الی حیث لانتمناه.. بفضل تهمیش الثقافة والمثقفون .
ردحذفالسلام عليكم اطلب منك معلومات عن اقاربي الحاج يونس عالله حسن العلاف
ردحذف