الجمعة، 8 أكتوبر 2010

جريدة جكه باز الموصلية أول جريدة هزلية في العراق !!

جريدة جكه باز الموصلية أول جريدة هزلية في العراق !!

أ .د. إبراهيم خليل العلاف


حين الفتُ كتابي ((نشأة الصحافة العربية في الموصل)) والذي طبعته جامعة الموصل سنة 1982، أشرت في الفصل الثالث وكان معنونا بـ "صحافة  الموصل في عهد حكومة الاتحاديين 1908_1918"، إلى أن الموصل شهدت بعد الانقلاب العثماني الذي تم في 23 تموز سنة 1908، ظهور عدد لا  بأس به من الصحف، فقد استمرت (جريدة موصل) التي صدر عددها الأول في 25 حزيران-يونيو 1885، وظهرت إلى جانبها ثلاث صحف هي نينوى  (صدر عددها الأول في 15 تموز-يوليو 1909) والنجاح (صدر عددها الأول في 12 تشرين الثاني-نوفمبر 1910) وجكه باز.
 وقد حصلت على جريدة  الموصل، وكانت أعدادها محفوظة لدى المرحوم الأستاذ الدكتور محمد صديق ألجليلي ثم فقدت بعد وفاته للأسف الشديد ، وحصلت على جريدة النجاح لدى المرحوم الأستاذ حسن خير الدين العمري، إما جريدة نينوى فحصلت على إعدادها لدى المرحوم الأستاذ متي فتح الله سرسم، وبحثت عن جريدة جكة باز (وتلفظ بالتركية جنة باز أي الثرثار أو المهذار ) دون جدوى وسألت في حينه رائد الصحافة الموصلية في الخمسينات المرحوم الأستاذ عبد الباسط يونس ولم أجد جواباً.

كتبت في كتابي أنف الذكر عن (جريدة جنه باز) مانصه: ((وكان إلى جانب تلك الصحيفتين السياسيتين اللتان صدرتا بعد إعلان الدستور العثماني في 23 تموز 1908 جريدة هزلية تركية-عربية باسم (جنه باز) أي الثرثار، وقد ظهر عددها الأول في 27 حزيران-يونيو سنة 1911 ورئيس تحريرها عبد المجيد خيالي)) . وقد اعتمدت في هذه المعلومات على كتاب المرحوم عبد الرزاق الحسني (تاريخ الصحافة العراقية) الذي لم يذكر عن جريدة جنة باز غير تلك الأسطر القليلة.
وقد ذهبت في كتابي إلى أن صاحب جريدة جنة بار ((عبد الله جبناز وهو رجل موصلي نشر بيانا دعا فيه أهل البادية إلى القيام بثورة ضد العثمانيين، وقد بعث بنسج من هذا البيان إلى ديار بكر والسليمانية وكركوك واقضيه ولاية الموصل. وقد صادر والى ديار بكر عدة نسخ منه وعليها طابع بريد الموصل، فأرسل به إلى والي الموصل الذي أمر بتفتيش دار (عبد الله جنباز) وأرسل مخفورا إلى الأستانة ليحاكم أمام ديوان الإدارة العرفية بتهمة الإخلال بالأمن العام)) . وقد وردت هذه المعلومات في مجلة لغة العرب (البغدادية ) لصاحبها الأب انستاس الكر ملي ، العدد 35،السنة (3)، صفر 1332 (كانون الأول-ديسمبر 1914).
وقفت عند هذا الحد وانتظرت قرابة (6) سنوات، ولم أحصل على أي عدد من جريدة (جكة باز) .. وبعد أن سجل (وائل علي احمد النحاس) رسالته في قسم التاريخ بكلية الآداب /جامعة الموصل بعنوان : (( تاريخ الصحافة الموصلية 1926_1958)) وكانت بإشرافي، طلبت منه السعي للحصول على الجريدة وقد بحث طويلاً ولم يعثر إلا على عدد واحد منها وقد فرحت كثيرا بذلك وحمدت (الدكتور وائل) على اكتشافه وأكدت له أن ذلك دليل على علو همته واجتهاده وأخبرت المرحوم عبد الباسط يونس بذلك، فشاركني فرحتي.

ذكر الدكتور وائل علي احمد النحاس في رسالته أن جريدة جكة باز صدرت في الموصل بتاريخ 27 من حزيران سنة 1911 وقد جاء في ترويستها أنها: (جريدة سياسية علمية فنية أدبية، فكاهية) كان صاحب الامتياز والمدير المسؤول عنها (عبد المجيد خيالي).. احتوت الجريدة أربع صفحات اثنتان باللغة العربية واثنتان باللغة التركية، وضمت كل صفحة ثلاث أعمدة طويلة وحجم الجريدة كان (41*28سم).. والعدد الذي عثر عليه الدكتور وائل هو العدد (13) الصادر في 25 رمضان 1329هـ الموافق 6ايلول -سبتمبر 1911.

ومع أن الجريدة ثبتت في صدر صفحتها الأولى بالتركية أنها جريدة (مزاجي غزته در) أي جريدة فكاهية أو هزلية، لكنها وضعت هذه الصفة بعد عبارة (جريدة سياسية، علمية، فنية، أدبية)، لذلك وجدنا أن العدد الذي اشرنا إليه يضم مادة إخبارية كثيرة، كما انه ضم أبوابا عديدة منها (حوادث) و(مقتطفات) و(انتقاد). وقد نشر في القسم التركي من الجريدة أنباء الترقيات، وفي باب حوادث أخبار عن رعايا الدولة العثمانية، وثمة أخبار عن تجريد حملة عسكرية ضد عشيرة شمر، وأخبار عن وضع الحدود العثمانية _الفارسية، وفي القسم الغربي ثمة مقال عن (مرض التيفوئيد في الموصل) كتبه رجل اسمه (فرج الله) وهناك أخبار عن اليمن ومصر والأناضول واستانبول نشرت تحت باب ((مقتطفات)).

لا نعرف متى توقفت (جريدة جكه باز) عن الصدور، إلا أن جريدة صدى بابل البغدادية لصاحبها داؤد صليوا (الموصلي) نشرت خبرا في عددها الصادرة يوم 5 تموز 1912 جاء فيه :( وقفنا على خبر تعطيل جرائد الموصل لأسباب واهية يرفضها العقل السليم ويمجها الذوق السليم...)، وأضافت تقول : (قاتل الله الغايات وبخ بخ لها من جرائد حرة أوقفت نفسها خدمة للأمة والوطن!!، والجرائد الثلاثة التي احتجبت هي :((نينوى، النجاح، جكة باز)) .ويبدو أن عوامل سياسية تتعلق بالصراع بين جماعة حزب الاتحاد والترقي التركي والمعارضة المتمثلة بالحزب الحر المعتدل وحزب الحرية والائتلاف، كانت وراء توقف تلك الصحف التي كانت، بحق علامة من علامات تنامي الوعي الدستوري المبكر في الموصل خاصة والعراق عامة .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...