غلاف نشرة الثمرات الاولى 1938 تحررها نخبة من اعضاء لجنة الخطابة العربية لطلاب ثانوية الموصل طبعت في المطبعة الجديدة
"وحي الشباب "
نشرة لجنة الخطابة العربية في ثانوية الموصل 1937-1939
ا.د. إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
في الأول من كانون الثاني 2010 ، أرسل لي الأستاذ الصديق نزار المختار رسالة، وبرفقتها أربعة أعداد من نشرة "وحي الشباب " ،التي كانت لجنة الخطابة العربية في المدرسة الثانوية في الموصل قد أصدرتها .ومما اخبرني به أن هذه ألأعداد كان يحتفظ بها شقيقه الأستاذ برهان المختار - رحمه الله - عندما كان طالبا في تلك المدرسة .وقال لي الأستاذ نزار المختار أن نشرة وحي الشباب أو بالأحرى "مجلة وحي الشباب" لأنها صدرت بهيئة مجلة تضم عددا من الصفحات وصلت إلى 64 صفحة ،سبقتها نشرة بأسم "الثمرات الأولى " ،وأنك في دراستك عن "إعدادية الموصل "التي نشرت في تشرين الأول 2005 تطرقت إلى النشرة أو المجلة المذكورة ولكنك أسميتها " الشباب" واغلب الظن أنك قصدت "وحي الشباب " .وأضاف الأستاذ نزار المختار" إلى أن النشرات التي أرسلها لي قد أصابها التلف وفقدت بعض صفحاتها ولكن لازالت في الصفحات الباقية آثار لأولئك الشباب من أبناء الثانوية ومدرسيهم الأفاضل رحمهم الله جميعا ،آثار تحكي نشاطاتهم وتقتفي غبار عبقهم وما يميز نكهة سنوات الثلاثينات من القرن الماضي الطيبة الصادقة المعطاء ".وهكذا وجدت واقع تلك النشرات عندما شرعت بتقليب صفحاتها ومعايشتها وجدانيا وبما يتطلبه عملي كمؤرخ .
المهم ها أنا أقدم ما أرسله لي أستاذنا نزار المختار للقراء الكرام وخاصة من أبناءنا الطلبة والتمس منهم أن يضعوا تجارب من سبقهم أمام أنظارهم ويقتدوا بما فعل أولئك،وفي ظروف لم تكن أكثر ملائمة من ظروفنا الحالية .
وحي الشباب كما جاء في ترويستها : " نشرة أدبية اجتماعية يحررها فريق من طلاب المدرسة الثانوية ،وتقوم بترتيبها وإعدادها للطبع هيئة من أعضاء لجنة الخطابة العربية " . هيئة التحرير :محمد عزة العبيدي ،ذنون يونس الشهاب ، فخري نوري ، محمد توفيق حسين ، محمد الحاج خليل . والى جانب الترويسة آية قرآنية : " وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان " وهي من جهة يسار الترويسة .وتحت الترويسة ذكر تاريخ النشرة بالسنة الميلادية ،وعبارة "ثانوية الموصل " في الوسط ، ثم التاريخ بالسنين الهجرية .
ليس أمامي سوى أن أعرض ما توفر لي من النشرة- وهي كما قلت - أربعة أعداد وكما يلي :
1.العدد الأول الذي بأيدينا مؤرخ في السنة الدراسية 1937-1938 .ويغطي أحداث حفلة مباراة خطابية عامة جرت في صفر 1357 هجرية الموافق لسنة 1938 . وصفحاته تبدأ من الصفحة 3 وتنتهي بالصفحة 28 .
2.العدد الثاني الذي بأيدينا مؤرخ سنة 1938 ويبدأ من الصفحة 21 أي أن الصفحات من 1-20 ممزقة وينتهي عند الصفحة 52 وثمة صفحات اخرى غير موجودة .
3.العدد الثالث الذي بأيدينا مؤرخ في سنة 1938 ويغطي الاحتفال بذكرى مولد الرسول الأعظم في 12 ربيع الأول 1357 هجرية الموافق 1938 . وصفحاته تبدأ من الصفحة 9 وتنتهي بالصفحة 46 .
4.العدد الرابع الذي بأيدينا مؤرخ في مارت (آذار ) سنة 1939 الموافق ل"صفر سنة 1358 هجرية " . وتبدأ صفحاته من 1 وتنتهي بالصفحة 64 وهذا هو العدد المتكامل نوعا ما ولكن هناك نقص في نهاية صفحات النشرة .وعلى الأكثر فليس ثمة نقص كبير في الصفحات واعتقد أن النقص طال قائمة محتويات العدد .
من محاسن الصدف أن مدير ثانوية الموصل آنذاك "الأستاذ بهجة فيض الله النقيب " ،كتب مقدمة للعدد الذي صدر - كما قلت - في مارت 1939 قال فيها : " انه ابتداء من السنة الدراسية قبل الماضية أي السنة الدراسية 1937-1938 رأينا من الضروري جدا تشكيل لجنة خطابة عربية من تلاميذ مدرستنا لتعويدهم على الجرأة الأدبية وغرس ملكة الخطابة فيهم ولتعليمهم أصول إدارة الجمعيات والبرلمانات وأنظمتها ولإعطائهم حرية الكلام عما يجول في أفكارهم وفي معتقداتهم .فتشكلت أول لجنة بأكثر من خمسين عضوا من مختلف صفوف المدرسة بأشرافنا وإرشاد حضرة المدرس السيد سليم عبد الله عرنوق .وكان من جملة أعمال هذه اللجنة إقامة حفلة خطابية في يوم ولادة سيد الرسل محمد صلى الله عليه وسلم في 12 ربيع الأول 1356 هجرية ،وكذلك إقامة حفلة مباراة خطابية عامة دعي إليها أدباء البلدة وكبار موظفيها وأولياء أمور التلاميذ في شهر صفر 1357 .وكذلك إقامة حفلة خطابية ثانية في يوم ولادة الرسول الأعظم في 12 ربيع الأول 1357 " .
ثم أدرج المدير ما قامت به لجنة الخطابة وأعمالها البارزة ومنها إصدار ثلاث نشرات تحتوي على جميع الخطب والقصائد التي ألقيت في حفلة المباراة السابقة الذكر ،والنشرة الثانية تحتوي على جميع الخطب والقصائد التي ألقيت والتي لم يتسع الوقت لإلقائها في حفلة المولد النبوي الشريف للسنة الهجرية المنصرمة . أما النشرة الثالثة وسميت ب"الثمرات الأولى " فتحتوي على عدة مقالات وقصائد للتلاميذ من مختلف الصفوف .وقال المدير إن الشيء المهم الذي يلفت النظر في جميع الخطب والقصائد والمقالات في تلك النشرات الثلاث أنها "تحمس التلاميذ الشديد للعروبة وإخلاصهم لرمز القومية العربية صاحب العرش المفدى غازي الأول المعظم (ملك العراق 1933- 1939 )،وشهامتهم ونخوتهم نحو أبناء الشقيقة المعذبة فلسطين .ولقد وجب علينا أن نسمي هؤلاء التلاميذ بحق (وهذا شعورهم وهذه عقيدتهم ) بالتلاميذ الانجاب (النجباء ) .ورأت هذه اللجنة أن من واجبها أن تصدر نشرة رابعة في وسط هذه السنة الدراسية 1938-1939 وتسميها ب "وحي الشباب " .ولقد انتخب أعضاء هذه اللجنة هيئة خاصة مشكلة من خمسة أعضاء لجمع المقالات من التلاميذ وترتيبها والقيام بطبعها .ومعنى هذا أن الأعداد الثلاثة من النشرات التي عرضت لها قد تكون قد صدرت بأسم "الثمرات الأولى " .أما العدد الرابع فهو الذي صدر بأسم : " وحي الشباب " .ومما يقوي هذا الاعتقاد أن الأعداد الثلاثة التي بأيدينا من النشرة تفتقد الصفحات الأولى بما فيها عنوان النشرة وترويستها والمقدمة .أما النشرة الرابعة فهي الوحيدة التي تجعلنا نؤكد بأنها صدرت بأسم : " وحي الشباب " اعتمادا على وجود الصفحات الأولى سالمة وإشارة المدير إلى أن النشرات الأولى والثانية والثالثة صدرت بأسم الثمرات الأولى. أما الرابعة فسميت " وحي الشباب " .المهم أن الأعداد الثلاثة الأولى كانت بحجم 18x25 سم .أما العدد الرابع فصدر بحجم 26 x 20 سم .
أسهم في تحرير الأعداد الأربع عدد من الطلبة وكتبوا موضوعات طريفة ومهمة منها ماكتبه كل من الطالب فخري نوري حول "تأثير العرب على الغرب "، وماكتبه الطالب عز الدين ألعبيدي " لنعتز بالجيش " والطالب صبري أيوب "شرف المرء زينة دنياه " والطالب إسماعيل بهاء الدين " الغرور والطالب سليمان ناظم العمري "تعب كلها الحياة " والطالب عبد الغني الملاح "القمار ..القمار أو اسر بادت " والطالب فيصل فتاح " اثر المرأة في معترك الحياة " والطالب مؤيد عاصم عبد الحافظ " الأخلاق دعامة القوة والتقدم " والطالب محمد بن صالح زكريا "فوائد الطيران وتأثيره السلمي والحربي " والطالب إبراهيم إسماعيل "على شاطئ دجلة " والطالب هاشم إبراهيم " الحق للقوة " والطالب عبد الكريم محمد "حالة المرأة العراقية " والطالب محمد شيت الحاج عبد الله .والموضوعات هذه كلها ضمها العدد الصادر سنة 1938 والذي ضم كذلك قصائد لعدد من الطلبة منهم الطالب جرجيس فتح الله بعنوان :"السفور والحجاب " ومطلع القصيدة :
قالوا التمدن بالسفور فقلت ما
ضر التمدن غادة بحجاب
إن الحجاب إذا تهذب أمره
كان الكمال وزينة الآداب
يكسوا الفتاة جلالة ومهابة
ويصونها من وصمة المرتاب
أما الطالب ذنون يونس الشهاب فكانت له قصيدة بعنوان : " الوطن العزيز " قال فيها :
خض في غمار الهول لتخش العدا
إن الذي ابتعث النشاط مؤيدا
لا ترض بالجزء اليسير وانما
حاول لكي تحبي الجليل وتسعدا
واستبق شيمة يعرب لاتمحها
في فعلك الباغي تمد له يدا
ان الذي رفع الزمان جدوده
يأبى إباء الحر أن يستعبدا
وكان للطالب إبراهيم فيصل الأنصاري قصيدة بعنوان : " سنعيد المجد للوادي السعيد " وللطالب يوسف أمين قصير قصيدة بعنوان : " العرب وفلسطين " .كما كتب الطالب محسن إبراهيم مقالة أدبية قصيرة بعنوان : " الزهرة " .
في العدد الثاني (1938 ) الذي كتب مقدمته مدير المدرسة الأستاذ بهجت النقيب وقال فيها إن المدرسة ليست املاءا لأدمغة التلاميذ بما تشتمل عليه الكتب الدراسية من مواد كثيرة وإنما المدرسة لغاية أسمى من ذلك ألا وهي لتكوين روح طيبة وشعور حي في التلاميذ نحو أمتهم ووطنهم العزيزين ، نقرأ الكثير من المقالات منا ما كتبه الطالب هشام عبد الله الدباغ بعنوان : " سبل الوحدة العربية " وماكتبه الطالب عبد الله طاهر السردار "السبل إلى الوحدة العربية " والطالب جرجيس فتح الله "الشباب وأثره في حياة الأمم " والطالب هاشم إبراهيم " الإيمان بالمبدأ سبيل التقدم " والطالب إسماعيل بهاء الدين ألعبيدي : "الواجب "وثمة قصائد للطالب إبراهيم فيصل الأنصاري والطالب ذنون يونس الشهاب .
وفي العدد الثالث موضوعات حول ذكرى مولد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم كتبها ذنون يونس الشهاب، وعبد القادر ألعبيدي وعبد الله طاهر السردار، وكوكب علي الجميل،وعبد النافع محمود وهشام عبد الله الدباغ وعباس بلال وفخري نوري سليم وعبد الجبار خليل شنشل وهاشم إبراهيم الزبيدي ومحمد شيت الحاج عبد الله الإمام .
وفي العدد الذي صدر من نشرة "وحي الشباب " في اذار 1939 نجد كلمة لمدير ثانوية الموصل الأستاذ بهجت فيض الله النقيب تحدث فيها عن مهام لجنة الخطابة وأهدافها وأعمالها البارزة وقدم الشكر لأعضائها لمساهمتهم في خدمة لغة الضاد .وكتب "مدرس الأدب العربي في الصفوف العليا بثانوية الموصل الأستاذ السيد رشيد الخطيب " مقالة بعنوان : " جمل يستعان بها في تحليل الكلام الأدبي من شعر أو نثر فني " قال فيها إن الكلام الأدبي هو الكلام الجيد الذي يعجبك إذا قرأته أو سمعته وتمتلئ شغفا به إذا تدبرته وحللت معانيه وأخيلته وما اشتمل عليه من التشبيهات البديعة والاستعارات الجميلة " .أما السيد أمين طليع مدرس الاقتصاد في ثانوية الموصل فكتب عن "الأزمات الاقتصادية :أسبابها –علاماتها –أنواعها –معالجتها " .ووقف السيد فرنسيس بدرية مدرس الفسلجة والصحة عند " خطر التدخين وطريقة تجنبه " .وكتب الطالب في الصف الخامس الأدبي ذنون يونس الشهاب مقالة أدبية بعنوان " النفس الإنسانية الرهيبة " .وثمة مقالات كتبها عدد من الطلبة منهم محمد الحاج خليل "ماهي السعادة ؟ ومن هو الرجل السعيد ؟ " وهشام عبد الله الدباغ "عوامل النهوض الأدبي في البلاد العربية " وإسماعيل بهاء الدين ألعبيدي "الواجبات الإنسانية " وعبد الجليل قسطو "عبقرية عمر بن الخطاب "، وصبري أيوب "اثر التربية الأخلاقية " واحمد توفيق جليميران " شهيرات النساء في ميدان البطولة " وحكمة عارف " الفجر " وكوكب علي الجميل " آفة الفراغ يجب مكافحتها " ومحمد شيت الحاج عبد الله "القوة والاتحاد " ومجيد رشيد البرواري "المصايف العراقية " ومحمد صالح زكريا "المدنية والزواج " وعبد الباقي ناظم العمري "الإخاء ضروري للبشر " وقاسم محمد قلندر "الشباب روح الأمة وعنوان نهضتها " وعاصم ناظم العمري "الثبات " وفيصل فتاح " الانتحار جبن " وتوفيق يحيى الطائي "العرب بين الماضي والحاضر " وغالب فؤاد خلوصي "سميري " ، ومصلح بهاء الدين النقشبندي "تربية المرأة " وعبد الحليم احمد القطان " الدفاع عن الوطن من الإيمان " وعلي عبد الله الحمداني "السعي والعمل " وعزالدين ألعبيدي "المرأة " وجوزيف نعوم ددي "نحن ومدنية أوربا " .وفي العدد قصة بعنوان "دمعة " كتبها الطالب في الصف الثالث إبراهيم إسماعيل ومقالة مترجمة عن الانكليزية لمحمد عزة العبيدي بعنوان " فلتتمجد الإنسانية وليتمجد السلام .كما أن هناك قصائد لجرجيس فتح الله "آمال وأحلام بين فصلي الشتاء والربيع " ولمحمد توفيق حسين "الشهيد المجهول في فلسطين المجاهدة " ولذنون يونس الشهاب "نشيد المجاهد البطل " .ويسعدني ان اقتبس شيئا من قصيدة الشهاب ومطلعها :
نفوس أبت الظلما
ولاترضى بتنكيد
سعت في الارض لاتلوي
تصيح :الحق معبودي
وقد قدمت القصيدة بعبارة : "على هامش حوادث فلسطين الدامية " ويقصد الثورة الفلسطينية الكبرى وما بعدها .
يلحظ أن من كتب في وحي الشباب والثمرات الأولى من الطلبة ،قد تبوأ - فيما بعد- مكانة متميزة في مؤسسات الدولة والمجتمع في العراق ومن ذلك أن بعضهم قد تولى مناصب عسكرية كرئاسة أركان الجيش أو هناك من أصبح وزيرا ومربيا ومؤرخا وأستاذا جامعيا ، وقاضيا، وعالما ،وفقيها وكاتبا وشاعرا ودبلوماسيا وهذا أن دل على شيء، فإنما يدل على أن تلك النشرات والكتابة فيها أتت أكلها ،وحققت الأهداف المرجوة منها وأبرزها خلق جيل قادر على البناء محبا لعمله مخلصا لوطنه مما يستدعي الفخر والاعتزاز .رحم الله من توفي وأطال عمر من بقي على قيد الحياة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق