الأحد، 10 أكتوبر 2010

أول مجلس للمعارف في الموصل

أواوين الاعدادية الشرقية بعدسة الفنان الفوتوغرافي بشار عدنان

أول مجلس للمعارف في الموصل
                     ا.د. إبراهيم خليل العلاف
                أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل

     ظلت الدولة العثمانية حتى أواخر القرن الثامن عشر ، تعد الخدمات التعليمية من اختصاص الأفراد والجماعات . لذلك سادت المؤسسات التعليمية الشعبية ، التي تمثلت بالكتاتيب والمدارس الدينية ، في مناطق العراق المختلفة . وكانت هذه المؤسسات آنذاك تلبي احتياجات المجتمع المختلفة كما أدت دورها في إعداد الفرد للحياة طبقاً للمثل الدينية والأخلاقية التي يدعو إليها الإسلام . وكانت المصدر الوحيد الذي يزود المجتمع بما يحتاجه من العلماء والأدباء والموظفين والتجار ومختلف المهن لخلو البلاد من معاهد العلوم الأخرى . 
   وقد نقل إلينا الأستاذ عبد الرزاق الهلالي في كتابه : " تأريخ التعليم في العراق في العهد العثماني 1638- 1917" والمنشور ببغداد سنة 1959 قوائم مفصلة بخريجي المدارس والمؤسسات الشعبية ، والذين برزوا في حياة العراق السياسية والثقافية ابتداء من سنة1749 .  
    وفي أعقاب ظهور الحاجة إلى تطوير أجهزة الحكم والمؤسسات العثمانية المختلفة مـنذ أواخر القرن الثامن عشر  استجابة لمقتضيات التجديد والتحديث ، كان الجهاز التعليمي في مقدمة الميادين التي اتجهت إليه يد الإصلاح . لذلك ظهرت المدارس الرسمية ( الحكومية ) الحديثة التي تقوم على النمط الأوربي من حيث وجود منهج مدرسي يتضمن مفردات المواد الدراسية ، وأهداف تدريسها . ويتولى تدريس المواد معلمون مؤهلون . وتتسم المدارس الحديثة كذلك بوجود كتب مدرسية مؤلفة في ضوء محتوى المنهج المدرسي ، وبامتحانات منظمة وجداول دروس  أسبوعية . 
    وكان من معالم الإصلاح التعليمي البارزة ، صدور قوانين وأنظمة ترمي إلى نشر التعليم الحكومي وتخليص التعليم من سيطرة علماء الدين ووضعه تحت إشراف الدولة.   
     وفي 20 أيلول سنة 1869 أصدرت السلطات العثمانية قانون المعارف العام (( معارف عمومية نظامنامه سي )) الذي نشأ بموجب نظام مدني كامل للتعليم الرسمي التابع للدولة مباشرة . وقد نص القانون على تأليف مجلس عام للمعارف ومجالس معارف في الولاية من مدير المعارف وهو رئيس المجلس ويساعده معاونان وبضعة موظفين . كما يضم المجلس أعضاء من الأهالي . وأما اختصاصاته فتتلخص في الإشراف على تنفيذ الأوامر والتعليمات التي ترد من وزارة المعارف ، وتدقيق ميزانية مديرية المعارف وتفتيش المدارس والعمل على رفع مستواها وإرسال تقرير سنوي إلى وزارة المعارف عن أحوال التعليم في الولاية . ويعكس قانون المعارف العام مدى تأثير النظام التعليمي العثماني بنظام التعليم الفرنسي ، وذلك في نقاط عديدة أهمها ، كما يشير الاب جون جي دسكن ، في أطروحته للدكتوراه المقدمة إلى جامعة بتسبرك في الولايات المتحدة الأميركية والمكرسة لدراسة أصول النظام التعليمي الرسمي في العراق ، إشراف الدولة على جميع التدريسات في المدارس وتكوين مجالس المعارف.
      ولم تترك الإصلاحات التعليمية آثاراً واضحة في العراق إلا بعد سنة 1869 ، ذلك في عهد مدحت باشا ( 1869 - 1872 ) الذي سعى لربط الولايات العراقية الثلاث : بغداد والموصل والبصرة بعضها مع بعض الآخر، وإقامة نظام حكومي مركزي يسهل عليه تحديث البلاد وإصلاح أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.  
     وفيما يتعلق بمجالس المعارف ، فان العراق لم يشهد تأسيسها إلا بعد سنة 1880 . ففي سنة 1884 صدرت الأوامر من استانبول بتأسيس مجلس معارف ولاية بغداد . وسرعان ما تأسست  مجالس مماثلة في كل من ولايتي الموصل والبصرة ، وكانت في كل ولاية مديرية للمعارف تضم مديراً للمعارف وبضعة موظفين بينهم المحاسب والكاتب وأمين الصندوق . كما ألفت لجان للمعارف في بعض الولاية والاقضية .
     وتشير المصادر التاريخية إلى أن دائرة معارف ( تربية ) الموصل تأسست سنة 1894 وكانت تشغل حيزاً من بناية حكومية عرفت آنذاك باسم ( ملكية قشلة سي ) وتشغل الآن بناية المستشفى العسكري ووحدة التدريب التابعة للمديرية العامة للتربية قرب حديقة الشهداء . وكان توفيق بك بن أحمد باشا أول مدير للمعارف يساعده مجموعة من الموظفين هم: علي صائب، ومحمد أمين الشربتي، والسيد شاكر . أما في سنة 1912 فقد كانت دائرة المعارف تضم جليل بك ( المدير ) وعلي صائب أفندي ، ( الباشكاتب ) ومحمد أمين أفندي ( الكاتب الأول ) ومحمد شكري ( الكاتب الثاني ) وإبراهيم أفندي ( مفتش اللواء ) ونقلت إلينا التقارير الحكومية السنوية التي كانت تصدر آنـذاك باسم (( السالنامات )) أسماء أعضاء مجلس معارف الموصل لسنوات عديدة . فلقد أشارت سالنامة ولاية الموصل لســـنة 1330 ( 1912 ) مثلا إلى أن مجلس معارف الموصل كان يتألف على النحو التالي : جليل بك ( تركي ) مدير المعارف رئيساً محمد أفندي الشعار ( وكان عالماً وشاعراً توفي سنة 1912 ) ،موسى كاظم مدير المدرسة الإعدادية ، يوسف أفندي الرمضـــاني ( رئيس العلماء في الموصل توفي سنـة 1948 ) صالح السعدي وهو من علماء الدين ونائب المـوصل  في مجلس المبعوثان ( وقد شغل منصب رئيس بلدية الموصل ) وعثمان أفندي مدير دار المعلمين .












بناية مديرية التربية القديمة في الموصل وكانت تقع في الدواسة والصورة بعدسة الفنان الفوتوغرافي كوفاديس 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تقديم الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف* لكتاب الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي الموسوم ( رجال ونساء الخدمات المجتمعية في الموصل خلال العهد العثماني )

                          الاستاذ جاسم عبد شلال النعيمي يهدي الدكتور ابراهيم  خليل العلاف عددا من مؤلفاته المنشورة      تقديم  الاستاذ الدكت...