الاستاذ أحمد سامي الجلبي (رحمه الله ) يصافح الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف أمام بناية مركز دراسات الموصل وبينهما ولده الاستاذ صميم الجلبي (أخذت قبيل وفاته بوقت قصير تشرين الثاني 2009 )
احمد سامي الجلبي وكتابه : "صفحات مطوية من تاريخ الصحافة الموصلية "
ا.د. إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث – جامعة الموصل
احمد سامي الجلبي- رحمه الله -رائد من رواد الصحافة الموصلية المعاصرة، بل هو رائد متميز له فضل كبير في إرساء أسس المدرسة الصحفية الموصلية التي تربينا في أحضانها منذ أكثر من أربعين عاما.. وأكاد اجزم بان لا احد من مثقفي الموصل، وقادتها السياسيين ، والمؤرخين والأدباء والمفكرين ، والعلماء، ألا ومر بهذه المدرسة ، أو أسهم في ترسيخ أركانها أو نهل من عبيرها الفواح.
وجريدة فتى العراق، التي كانت وما زالت، ثمرة يانعة من ثمار هذه المدرسة،استطاعت وعبر السنوات الطويلة أن تثبت، بالدليل القاطع ، أنها مرآة حقيقية لكل ماجرى على ارض هذة المدينة المعطاء من أحداث، ووقائع سياسية، واقتصادية واجتماعية وثقافية.. لقد كانت نبض المدينة.. تتحسن بأحاسيس الموصليين الاصلاء، وتتألم لآلامهم، وتعكس أحلامهم ورؤاهم نحو الحياة والمجتمع والوطن والأمة .. ويقينا أن ( فتى العراق) ، هذة المدرسة الصحفية الرائعة، والمبدعة ، ارتبطت بال ألجلبي، منذ صدورها سنة 1934 وماتزال.. وإذا ماذكر الجلبيون : إبراهيم ومحمود، واحمد سامي، ونبيل ، والآن صميم احمد سامي .. ذكرت فتى العراق ، لذلك نحرص اليوم على أن تظل فتى العراق صفحة بيضاء ناصعة لايخط على متونها ألا ما يحفظ لهذه المدينة كرامتها، ولهذا الوطن سيادته، ولهذه الأمة قدرها في أن تظل الأمة الوسط .. أمة التسامح .. أمة المحبة .. أمة البناء والديمومة ، والتواصل مع قيم الإرث العظيم ومع مبادىء الإنسانية النبيلة ..
عرفت أحمد سامي الجلبي ليس من خلال كتاباته ، ومقالاته، ومحاضراته، وأحاديثه، وذكرياته التي تجدها في هذا الكتاب.. أو نجد بعضها على الأقل .. بل عرفته عن كثب .. أنسانا نبيلا ، ومجاهدا بالحرف والكلمة الطبية .. أنسانا مبدئيا لايحيد عن قول الحق .. ولا يعرف ألا الحق ، ولايريد أن يجاهر إلا بالحقيقة والحقيقة وحدها .. يكره المداهنة .. ويحتقر الطمع والجشع، والمكابرة ، والتذلل ، والكسب الرخيص والتكالب على السمعة، والجاه، والمناصب، والمال.. لذلك فأن له في قلبي وعقلي ، وأنا واحد من أبناء هذة المدينة، مكانة متقدمة .. كنت أسمعه وأناقشه، وأحاوره، وأتعلم منه ، فهو صاحب فكر نير ، ومتقدم وفوق هذا وذلك .. هو أصيل في أخلاقه ، وفي ممارساته ، وفي تعامله وفي نظرته ورويته للماضي والحاضر والمستقبل..
ويقينا أن القارئ، والباحث، وطالب الدراسات العليا، والأستاذ بل وكل إنسان تهمه الصحافة سيجد في ماكتبه احمد سامي الجلبي فائدة ومنفعة ولذة .. خاصة وأنه حرص على أن ينقل بأمانة، قصة الصحافة في بلدتنا الكريمة هذه.. هذه القصة بكل أبعادها وملابساتها ومنغصاتها ..حلوها ومرها.. كانت صادقة وأمينة .
الكتاب نشر من قبل دار الفتى بالموصل سنة 2006 وقد قدم كاتب هذه السطور له ، بناء على طلب مؤلفه في حينه .وفي الكتاب مباحث عديدة أبرزها الصحافة مسيرة ورسالة ،الصحافة نشأتها ،أهمية الصحافة المحلية ، نشأة الصحافة الموصلية ،أسلوب العمل في الصحافة الموصلية ،أنماط الصحافة في الموصل ،خصائص الصحافة الموصلية ،إسهامات المرأة الموصلية في الكتابة الصحفية ،توثيق تاريخ الصحافة الموصلية ،حكايات صحفية من الموصل ،التواقيع المستعارة في الصحافة الموصلية ،أجيال عرفتهم الصحافة الموصلية ،نماذج من الصحافة الموصلية .
من أعلام الصحافة الموصلية الذين ذكرهم الأستاذ ألجلبي: احمد سعد الدين زيادة وإبراهيم الجلبي ومحيي الدين ابو الخطاب والدكتور عبد الجبار الجومرد وغربي الحاج احمد ومحمود الجلبي وأمين عبد الله اغا وعبد الباسط يونس ويونان عبو اليونان ومحمد رؤوف الغلامي وعلي الجميل واحمد سامي الدبوني .في الكتاب صور لجرائد وجلات صدرت في الموصل منها مجلة إكليل الورود وصحف فتى العرب والتعاون والجداول والحقيقة والفكر العربي ونداء الجماهير والواقع والرائد والشبيبة والفنار وصوت الأمة والأخبار التجارية والذكرى والوميض ووحي القلم والإنشاء وأ ب ت واللواء والهدى والأساس والعاصفة وصدى الاشتراكية والمستقبل وصدى الأحرار والمثال والراية والروافد وفتى العرب وصدى الاشتراكية والنضال والفجر والهدى والموصل ونصير الحق والهلال والأديب والكشكول واللواء والمساء والرقيب ومن قبل هذه الصف كانت هناك صحف تصدر في الموصل منذ أواخر القرن التاسع عشر وما بعد ذلك منها موصل ،النجاح ونينوى وجكة باز والبلاغ والموصل والبلاغ والعهد والإخلاص والجزيرة والعمال والمعارف وفتى العراق ودليل الموصل .
كان للصحافة في الموصل مكانة رائدة ،ففي الموصل صدرت أول مجلة في تاريخ العراق هي اكليل الورود 1902 وفي الموصل صدرت أول جريدة هزلية ساخرة هي جكة باز 1910 وفي الموصل صدرت أول جريدة عمالية في العراق هي جريدة العمال وشعارها "ياعمال اتحدوا" 1931 وفي العراق صدرت أول جريدة في العهد الجمهوري بعد ثورة 14 تموز1958 بساعات هي جريدة الرائد وفي الموصل تنبأت أول جريدة في العراق بسقوط النظام الملكي هي النضال وكانت صحف الموصل سياسية وأدبية ورياضية وعمالية وتجارية وحزبية وجامعية وتربوية ودينية بمعنى أن الموصل شهدت كل أنماط الصحافة .كما أن صحافة الموصل كانت صحافة ملتزمة بقضايا الوطن جادة في اطروحاتها وقد عكست كل تطلعات الناس ومشاكلهم فأستحقت التقدير والإعجاب .
للأستاذ الجلبي آثار غير مطبوعة تنتظر النشر منها : " أحداث ومواقف" و"بشير الصقال عالما ومجاهدا "و" الحركة الادبية في الموصل" و "رجال في ذاكرتي" و "رواد من الموصل "و" ثلاث صحف موصلية هي فتى العراق والعمال والنضال" الفه مع الاستاذ عبد الغفار الصائغ . .أما آثاره المطبوعة فأهمها كتابه عن غربي الحاج احمد والكتاب الذي نتحدث عنه .
الأستاذ احمد سامي الجلبي يرى ان الصحافة رسالة لذلك- وكما قال الأستاذ يسار محمد الدرزي في توطئة الكتاب- فأن الأستاذ ابا صميم رحمه الله يؤرخ للصحافة الموصلية ويحرص على أن يقدم في الكتاب كل ما يعين الصحفي الشاب اليوم على ان يتحلى بالآداب والتقاليد الصحفية النبيلة خاصة وانه كان يمتلك خبرة واسعة بالصحافة تحريرا وكتابة وتصميما وتنضيدا وتصحيحا . فلقد رافق والده المرحوم إبراهيم ألجلبي منذ الخمسينات من القرن الماضي وعاش التجربة الصحفية وتنفس روائح حبر المطابع وتدفأ في برد الشتاء بقصاصات ورق الجرائد ثم ابتعد عن الصحافة يوم توقفت الفتى في 26 كانون الثاني 1969 وعاد إلى الصحافة ليعيد الفتى في عام 2003 وظل كذلك حتى وفاته مطلع 2009 .وكان إلى جانبه كما يقول في معركة إعادة جريدة فتى العراق ولده صميم والمهندس الأستاذ يسار الدرزي وأخيه وصديقه كما يقول : " المؤرخ الكبير الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف بجهوده الثقافية المتميزة والمتمكنة بأعتباره أول من وثق تاريخ الصحافة الموصلية .فضلا عن كونه من كتاب فتى العراق المخضرمين،وممن مارس العمل الصحفي منذ مرحلة الستينات من القرن الماضي " .
وهكذا ولدت فكرة تجميع ما تبقى من الصفحات المطوية والذكريات الصحفية لاخراجها الى النور وهي تحمل ما تبقى في سجل الذاكرة من حكايات مسيرة صحفية عايش غالبية أحداثها واسهم في صنع بعضها .لذلك يحتل الكتاب أهمية كبيرة لأنه يوثق تجربة صحفية مثيرة على المستويين النظري والعملي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق