الأحد، 16 مايو 2010

السيد عبد الغني النقيب- نقيب أشراف الموصل


السيد عبد الغني النقيب- نقيب أشراف الموصل

أ.د. إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث- جامعة الموصل

منذ أوائل السبعينات من القرن الماضي، كان اسم السيد عبد الغني النقيب، يتردد أمامي عندما كنت اكتب رسالتي للماجستير عن " ولاية الموصل: دراسة في تطوراتها السياسية 1908- 1922"" .. وأتذكر أنني سألت عنه الأستاذ الدكتور محمد صديق ألجليلي ، كما سألت الأستاذ عبد الرحمن صالح، والأستاذ سعيد الديوه جي، والأستاذ احمد علي الصوفي ، والأستاذ يوسف ذنون ، والأستاذ عبد الباسط يونس.. وقد كتبت في رسالتي سنة 1975 أن السادة ال النقيب نزحوا من الحجاز ،وأقاموا في حي يقع شمال مدينة الموصل منذ ( 950) سنة لأشغال منصب النقابة العلوية الشريفة . وقد نقلت هذه المعلومة من جريدة الموصل ( 15 آذار 1924 ) .كما استندت إلى هاري جارلس لوك Luok في كتابة: " الموصل وأقلياتها " الصادر بالانكليزية في لندن سنة 1925. وقد ذكرت في رسالتي بأن الجنرال فانشو قائد الجيش البريطاني الذي احتل الموصل سنة 1918 دعا وجهاء الموصل وأعيانها وأشرافها لاجتماع عقد في سراي الحكومة يوم 10 تشرين الثاني 1918 حضره الكولونيل جيرارد ليجمن الحاكم السياسي للموصل .وقد تولى نقيب أشراف الموصل السيد عبد الغني تقديم وجوه وأشراف الموصل من المسلمين إلى الجنرال فاشو ، في حين قام البطريرك عمانوئيل الثاني بتقديم وجوه المسيحيين. ومن أبرز من حضر الاجتماع من المسلمين سليمان بك الجليلي، وفيض أفندي النقيب، ومصطفى جلبي الصابونجي وعبد الباقي حمو القدو، وإسماعيل بك ألجليلي، وأمين أفندي المفتي، ونامق أفندي آل قاسم اغا، وضياء بك أل شريف بك، وناظم أفندي العمري . ومن المسيحيين داؤد أفندي يوسفاني، وهبرا أفندي، وعزيز أفندي ال عبد النور ، وحنا أفندي ال سرسم، والدكتور حنا خياط .
وقد أناب من حضر الاجتماع ،نقيب الإشراف السيد عبد الغني لألقاب خطاب بالمناسبة،ومما قاله أن الحرب كانت وبالا على الموصل و " أن الأيام الماضية من تلك الحرب شهدت أنفسا عظيمة ذهبت... ومابقي من بقي ، منا . ألا كمريض أشرف على الممات ويائس من الحياة ..".
المهم أن السيد عبد الغني النقيب وجد في الإنكليز منقذين للعراق من حكم الاتحاديين الذين خلعوا السلطان العثماني عبد الحميد الثاني 1876-1909 ، وتلك وجهة نظر الكثيرين آنذاك.. فمن هو السيد عبد الغني النقيب ومادوره في تشكيل كيان الدولة العراقية المعاصرة ؟ .
وجدت في أحدى المصادر الوثائقية ،والتي يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الماضي مايلي من المعلومات عن السيد عبد الغني النقيب.. انه رجل ينتسب إلى أسرة السادة الإشراف .. نزحت من الحجاز، وأقامت في الموصل لإشغال منصب النقابة الشريفية بطريق الإرث، كما تشهد بذلك الوثائق الرسمية ومن جملتها فرمان (مرسوم ) تاريخي يرتقى عهده إلى تيمورلنك في القرن الخامس عشر الميلادي مكتوب على جلد غزال، ومحفوظ باعتناء في سجلات هذه الأسرة الفاضلة .
ولد في شوال 1305 هـ 1الموافق للسنة 1887 ، وهو الابن الوحيد لنقيب أشراف الموصل المرحوم السيد حسن أفندي النقيب ( توفي في 18/2/1910) وقد تلقى العلوم الأولية والابتدائية في المدارس الأهلية ثم دخل المدرسة الرشدية ( المتوسطة) سنة 1317 رومية ( 1900 م ) وحاز على الشهادة وبعدها أكمل تحصيلة الإعدادية سنة 1322 رومية ( 1906 م ) . ولم يكتف بذلك بل أخذ بعض الدروس في العلوم النقلية والعقلية على يد الأستاذ الفاضل محمد أفندي الفخري، وهو عالم كبير ذاع صيته وعلت مرتبته في (الآداب العربية )..وعندما توفي نقيب الإشراف السيد حسن أفندي عهدت نقابة الإشراف في الموصل إلى ولده السيد عبد الغني بموجب منشور مؤرخ في غرة شهر رجب سنة 1328 هجرية-1910 " ومنذئذ انهالت عليه الرتب العلمية والدينية ومنها رتبة ( بورصة مدرسلكي)، ورتبة ( أزمير بايه سي) . وفي 3 تشرين الأول 1326 رومية-1910 خولته وزارة الداخلية العثمانية في اسطنبول الصلاحية الممتازة ليقوم وحده بتلاوة الأدعية الدينية في الحفلات الرسمية .
أشغل السيد عبد الغني النقيب العديد من المناصب، ففي أواخر العهد العثماني عينته الحكومة في 20 تموز 1327 رومية 1911عضوا في مجلس ( أخذ العسكر ) .وفي 22 تشرين الأول 1332-1916 عين عضواً في لجنة الزراعة التي كان يرأسها الوالي سليمان نظيف، وكان من واجبات اللجنتان السابقتان، التهيئة للحرب من خلال أعداد المجندين، وتوفير الحبوب .
خلال الحرب العالمية الأولى، والتي دخلت فيها الدولة العثمانية إلى جانب الألمان ، كلف السيد عبد الغني النقيب من قبل الحكومة العثمانية للعمل في لجنتين هما: ( لجنة التشويق) و ( لجنة الفارين ) ، وكان من مهام اللجنة الأولى حمل العشائر على الاشتراك في الجهاد ضد الحلفاء والوقوف مع الدولة في حربها .
أما اللجنة الثانية فهدفها " ردع الفارين" من الخدمة العسكرية، وتسهيل التحاقهم بوحداتهم، والمعاودة إلى حمل السلاح والقتال. ولما وجدت الحكومة ، أن ويلات الحرب ازدادت، وكثر الأيتام وازداد عدد الأرامل، وبدأ المهاجرون بالدخول إلى الموصل ، وخاصة من الارمن ، اختارته الحكومة ليكون رئيسا لجمعية حماية الأطفال وذلك في 2 تشرين الأول 1334 رومية -1918 .
سقطت الدولة العثمانية، وانتهت الحرب، ودخل الانكليز الموصل محتلين، ولم يكن لهم بد من التعامل مع السيد عبد الغني النقيب لمكانته الدينية والاجتماعية ، فكانوا يستشيرونه في الكثير من القضايا ، ولكنه كان يحاول الابتعاد عنهم فقرر اعتزال الحياة السياسية تماما ، لكن ترشيح فيصل ملكا على العراق ومجيئه والاستعداد لتتويجه في آب سنة 1921، جعل أبناء الموصل ووجهائها يرشحونه لكي يحضر نيابة عنهم حفل التتويج ببغداد. وقد حضر فعلا وكان الملك فيصل الأول، يحترمه ويجله ويستشيره ،وقد طلب منه تقديم ما يستطيع من جهود لخدمة العراق ومدينته الموصل ، فعاد ثانية لينتخب عضوا في مجلس إدارة لواء الموصل ، كما عين عضوا في ديوان الانتخابات للمجلس التأسيسي العراقي ، ثم أصبح نائبا عن الموصل في مجلس النواب .
شارك السيد عبد الغني النقيب في كل نشاطات الحركة الوطنية في الموصل وخاصة في جانبها السلمي . فلقد اعترض على الانتداب البريطاني واستنكر استمراره في أيار 1921 وكان من الذين وقعوا على برقية أرسلت إلى الملك فيصل في 17 حزيران 1922 قالوا فيها أنهم يرفضون كل ما يسمى استقلال العراق التام وقد وقع معه على البرقية الشيخ عبد الله النعمة ومكي ألشربتي وابراهيم عطار باشي ، ومصطفى الصابونجي، وحمدي جليمران، وعبد الأحد عبد النور ،ونجيب الجادر، وسليمان بك ألجليلي ،ومحمد سعيد ألجليلي، والشيخ إبراهيم الرومي، وأمين أغا آل داؤد اغا .
لقد استطاع السيد عبد الغني النقيب وعددا من وجهاء الموصل وأشرافها، أن يجمعوا صفوفهم ويتوجهوا وجهة وطنية عراقية انتظمت كافة الاتجاهات المتناقضة التي برزت بين التيارات الإسلامية ، والكمالية، والوطنية ،والقومية في الموصل .وقد بدأ هذا الاتجاه يتوضح منذ الاستفتاء على تتويج الأمير فيصل بن الشريف حسين شريف مكة المكرمة ،ملكا على العراق كما سبق أن قدمنا ..
انتخب السيد عبد الغني النقيب نائبا عن الموصل في الدورة الانتخابية الثانية، والممتدة من الأول من تشرين الثاني 1928 وحتى 13 حزيران 1929 وكان إلى جانبه خير الدين العمري وعبد الإله حافظ ، وحازم شمدين اغا، وضياء يونس وآخرون .. كما انتخب في الدورة الانتخابية الثالثة مع إبراهيم عطار باشي، واحمد ألجليلي ،وثابت عبد النور، وعبد الله الدملوجي، وجمال بابان .وقد امتدت الدورة من الأول من تشرين الثاني 1930 ودامت إلى 19 أيار سنة 1931 .وفي الدورة الانتخابية السادسة الممتدة من 8 أب 1935 حتى 29 تشرين الأول 1936 كان السيد عبد الغني النقيب نائبا عن الموصل كذلك. وفي الدورة الانتخابية التاسعة والممتدة من 12 حزيران 1939 حتى 31 تشرين الأول 1939 كان نائبا عن الموصل إلى جانب فريد الجادر، وطاهر الصابونجي ،وإبراهيم عطار باشي، ومتى سرسم وآخرون . وقد فصل الدكتور عدنان سامي في دور ونشاط نواب الموصل في أطروحته للدكتوراه التي قدمها قبل سنوات الى مجلس كلية الآداب / جامعة الموصل .
توفي السيد عبد الغني النقيب ،رحمه الله ، يوم 7 حزيران 1942 .
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور إبراهيم العلاف ورابطها التالي :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2010/02/1908-1995.html

هناك 3 تعليقات:

  1. الله يرحمه ويجعل مثواه الجنة وشكرا على تقرير الاكثر من رائع عن حياة جدي عبدالمطلب النقيب

    ردحذف
  2. رحم الله جدي السيد عبدالغني النقيب مع كامل تقديري واحترامي الجل للاستاد الدكتور ابراهيم العلاف لهذه المعلومات وجزاكم الله خير الجزاء .

    ردحذف
  3. ماهي اسماء اولاده رجاءا ؟؟؟؟؟

    ردحذف

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...