الثلاثاء، 11 مايو 2010

محمد عطا الله (1945-2007 ) والطواف حول مملكة الحلم


محمد عطا الله (1945-2007 ) والطواف حول مملكة الحلم
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
مع انه كان قد شغل الناس بمتابعة نشاطاته التاريخية، والأدبية ، والتربوية، طيلة الأربعين سنة الماضية، إلا انه رحل بصمت، وللأسف لم تتوفر لنا الفرصة للكتابة عنه أو التذكير به، بسبب الظروف الصعبة التي مر بها العراق ولا يزال، لكن الأمر ينبغي إن لا يظل هكذا، فرجل مثل الدكتور محمد عطا الله محمد سعيد لايمكن إن ينسى .. ويقيناً إن الأستاذ الدكتور عمر محمد الطالب قد سعى لإنصافه حين كتب عنه في موسوعته:( موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين) ،والتي أصدرها مركز دراسات الموصل سنة 2008 بضع صفحات،ومما يحمد عليه الطالب، رحمه الله، أنه وقف قليلاً عند إنتاجه القصصي المتمثل بمجاميعه التي نشرها، وكذلك برواياته التي أحدثت صدى كبيراً في حينه.
ولد محمد عطا الله في مدينة الموصل سنة 1945، وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة والإعدادية في مدارسها " وقد جايلته ، فهو وانأ من مواليد السنة 1945، وقد سافرنا إلى بغداد لنلتحق بكلية التربية وبقسم التاريخ بالذات.. وقد تخرج محمد عطا الله بدرجة الشرف سنة 1969، وعاد إلى الموصل ليعمل مدرسا في إحدى المدارس المتوسطة، وقد اختير ليكون معاونا للمدير العام للتربية في محافظة نينوى ثم مديراَ لمحو الأمية بعد ذلك .. ولم يقف عند هذا الحد بل أصر على إكمال دراسته، فنال الماجستير من قسم التاريخ كلية الآداب –جامعة بغداد عن رسالته الموسومة: (( مقاصد المؤرخين المسلمين من كتاب السير والتراجم في القرنين الثاني والثالث الهجريين، والثامن والتاسع الميلاديين ))في سنة 1996 .كما حصل على الدكتوراه من قسم التاريخ بكلية الآداب- جامعة الموصل وبأشراف الأستاذ الدكتور هاشم يحيى الملاح في أيلول من سنة 2002 .
عرفته شخصيا ، باحثا، ومؤرخا، وقرأت له بعض الدراسات في عدد من المجلات الثقافية ومنها مجلة أفاق عربية، وأتذكر إنني ناقشته في بعض ما ورد فيها وكانت حول موضوعين اثنين هما: النظرية الدينية في كتابة التاريخ ،ونظرية الرجل العظيم في تفسير التاريخ.
تابعه الأستاذ الدكتور صباح نوري المرزوك في كتابه :"معجم المؤلفين والكتاب العراقيين 1970-2000" والذي نشره بيت الحكمة ببغداد سنة 2002 ورصد بعض نتاجاته ومنها:
1. سبع أغنيات لتموز (تقديم ) الموصل، 1978
2. الطواف حول مملكة الحكم،قصص قصيرة، مكتبة المنتدى العربي، الموصل 1986
3. الغرانيق (قصة) ، بغداد، 2000
4. كلاب سائبة، (مسرحية) بغداد 1994
وذكر عنوان رسالته للماجستير كما أشار إلى بحثه الموسوم: (( مقاصد المؤرخين المسلمين من كتاب السير والتراجم في القرنين الثاني والثالث الهجريين، والثامن والتاسع الميلاديين)) ، المنشور في مجلة المورد، المجلة 27، العدد (1) 1999.
كما حرص الأستاذ محمد عطا الله إن يذكر في كل عمل نشره جانباً من نشاطاته، وكثيرا ما كان يبوب ذلك، فعلى صعيد إنتاجه المسرحي أشار إلى عدد من الأعمال هي على التوالي:
1. مسرحية "ابن سراب يبدأ من نقطة معلومة" إخراج الفنان على إحسان الجراح، الموصل، 1975 (مخطوطة)
2. مسرحية "حكماء الملك زرزور " إخراج الفنان صبحي صبري ، الموصل، 1976، (مخطوطة)
3. مسرحية "المؤلف والبطل" إخراج الفنان شفاء العمري، جامعة الموصل، 1976، أخرجت في جامعة صلاح الدين بعد ترجمتها إلى اللغة الكردية 1986 ونشرتها جريدة القادسية، 1981 كما نشرتها مجلة الفنون (الأردنية) ، العدد 219، آب 1994.
4. مسرحية "مشاهد من كوميديا الآيات الكاذبة"، إخراج الفنان راكان العلاف، الموصل، 1981، أخرجت في محافظة ديالى ، نقابة الفنانين 1981، نشرت في جريدة القادسية 1981.
5. مسرحية " إمبراطور للبيع" إخراج الفنان محمد نوري طبو، الموصل، 1986، (مخطوطة).
6. مسرحية "كلاب سائبة" نشرت في كتاب أصدرته دائرة الشؤون الثقافية العامة، بغداد، 1994.
7. مسرحية" فضيحة اضطهاد الدجاج الأمريكي"، نشرت في كتاب صدر عن دائرة الشؤون الثقافية العامة، بغداد 2000، أخرجها الفنان سامي عبد الحميد.
أما في مجال القصة فقد أشار إلى مجموعته الموسومة:" الطواف حول مملكة الحكم" وقال بأنها نشرت من قبل دار ابن الأثير للطباعة والنشر-جامعة الموصل سنة 1984.. وخلال السنوات 1988-1990 نشر مجموعة قصصية بعنوان: "رسائل الليل"، وتتألف من 20 قصة كتب معظمها في اسبانيا وظهرت منجمة في عدد من الصحف والمجلات العراقية والأردنية . ثم جمعت في كتاب كما ظهرت له عن طريق دار الشؤون الثقافية العامة ببغداد سنة 2001مجموعة قصصية بعنوان:" طيور الحب والحرب" وفي سنة 2004، صدرت له مجموعة قصصية بعنوان:"قطة وثلاثة بيوت".
كانت للدكتور محمد عطا الله دراسات وبحوث نشرت في عدد من المجلات، هذا فضلا عن عدد كبير من المقالات التي ظهرت في الصحف اليومية العراقية والعربية .. ومن دراساته التي نشرت في المجلات:
1.دراسة في (6) حلقات عن "الماسونية" نشرت في مجلة التربية الإسلامية، بغداد 1964-1965.
2. فلسفة التاريخ عند(غوستاف ) لوبون ، نشرت في مجلة الأقلام (العراقية) تشرين الأول 1967 .
3. النظرة الإسلامية إلى التاريخ، نشرت في مجلة الوعي الإسلامي (الكويتية) العدد (96) ، يناير/ كانون الثاني 1973.
4. الوعي التاريخي، دراسة نشرت في مجلة النبراس، التي كانت تصدرها المديرية العامة للتربية في محافظة نينوى، 1975.
5. النظرية الدينية إلى التاريخ، دراسة نشرت في مجلة آفاق عربية، بغداد، العدد(5)، السنة 1976.
6. نظرية الرجل العظيم في تفسير التاريخ، دراسة نشرت في مجلة (الجامعة) كانت جامعة الموصل تصدرها، آذار 1976.
لم يكن الدكتور محمد عطا الله، من المثقفين المنزوين في أبراج عاجية، بل كان يعمل وسط الناس ويجد لذة في ذلك ، فلقد كنت أراه يتفقد يوميا مدارس محو ألامية ، حينما عمل مديرا لمحو ألامية في الموصل.. كما اعتاد الجلوس في المقاهي الأدبية مع زملائه من الأدباء والكتاب والشعراء وأساتذة الجامعة .. وقد انتخب ليكون عضوا في المجلس الوطني (مجلس النواب) ممثلاً عن محافظة نينوى مع عدد من زملائه وللدورة عام 2000. كما كان عضوا نشيطا ومؤسسا في الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق ،وفي جمعية المؤرخين العرب،وفي اتحاد المؤرخين العرب ، وفي نقابة المعلمين، وقد كرم مرات عديدة كان منها حصوله على وسام الإبداع من محافظة نينوى يوم 18 كانون الثاني 2000 لمناسبة يوم العلم . وقد روى لي الصديق الأستاذ ثامر معيوف مدير إعلام جامعة الموصل إن الدكتور محمد عطا الله كان يتحمس لكل نشاط تقيمه مديرية الثقافة الجماهيرية في الموصل أواسط السبعينات من القرن الماضي وذكر على سبيل المثال مشاركته لزميليه سالم العزاوي وثامر معيوف .
كانت رؤية الدكتور محمد عطا الله للتاريخ ترتكز على إن المؤرخين العرب، وخاصة الرواد منهم، استمدوا مناهجهم من مناشئ عديدة ، ومع إن أساليبهم متعددة ، إلا أنهم اتفقوا على إعطاء الإحداث الماضية وصفاً شاملاً استهدف قبل أي شئ تحويل هذه الإحداث من كم مهمل إلى حالة فيها من الحركة والديناميكية الشئ الكثير ، ومن هنا تأتي أهمية دراسة التاريخ وروايته للناس الإحياء وبما يساعدهم على معرفة ماصنعه إسلافهم.. كان يؤمن مع ادوارد كار صاحب كتاب ما هو التاريخ ؟ بان التاريخ هو حوار متصل بين المؤرخ ووقائعه، فالوقائع لاتساوي شيئاً بدون مؤرخ والمؤرخ لايستطيع إن يقول شيئا في حالة غياب الوقائع.
وبسبب اهتماماته الأدبية ، فقد ربط في رسالته للماجستير وأطروحته للدكتوراه بين الأدب والتاريخ ويقينا انه ، مثلي ،وقد تخرج من قسم الشرف بكلية التربية / جامعة بغداد أواسط الستينات من القرن الماضي تلقى كما تلقيت أنا تدريبا منهجيا في أصول التاريخ على يد المؤرخ العراقي المبدع زكي صالح رحمه الله والذي كان يوجهنا لقراءة كتاب ايمري نف " المؤرخون وروح الشعر " كان الدكتور محمد عطا الله يقول " وكما انه لايمكن إبداع رواية أدبية بارعة من دون خيال يعبر بأسلوب أدبي ، كذلك لايمكن كتابه تاريخ من دون منهج يبتكره المؤرخ أو يقلد فيه من سبقوه "
لن ادخل في تفاصيل إبداع محمد عطا الله الأدبي قصة ورواية ومسرحية ، فذلك يحتاج إلى جهد خاص وقد يتفرغ لذلك أحد طلبته، لكن لابد من القول إن محمد عطا الله عشق التجديد و آمن بنظرية التقدم ولم يتوقف عن الحلم كان يحلم ببلد جميل يلبي طموحاته كانسان ، يأخذ فيه الإنسان حقه من الحياة والرفاهية والثقافة والعلم لذلك سخر من المؤسسات القائمة المتهرئة والنظم الاجتماعية البالية في كثير من مجاميعه القصصية ، ولم يكن صديقنا الأستاذ الدكتور نجمان ياسين مغاليا عند تقويمه لواحد من نتاجات محمد عطا الله وهو مجموعته القصصية الموسومة "رسائل الليل" التي نشرها اتحاد الكتاب العرب بدمشق سنة 2001، إذ قال :" كل كاتب حقيقي يجلب معه قواعده الخاصة، وهانحن أمام كاتب لن نبذل جهدا كبيرا لندرك انه موهوب، وانه نسيج نفسه، كاتب جريح يشدو مثل بلبل مقطوع العنق، لايكف عن الغناء.." " يسكب عسل الطمأنينة في نفوسنا... بقدر ما يشعل الحرائق في الأعماق، وفي أعالي الجبال ، ليكون الإنسان صقراً يحلق في الأعالي، قريبا من النجوم، بعيداً عن الوديان والسهول التي تشده إلى التراب بقوة..." أن رسائل الليل قبل كل شئ أسلوب أدبي اهتدى إليه محمد عطا الله بدوافع الحب والوفاء لاصدقاءه من الأدباء والشعراء والكتاب والفنانين والأطباء أمثال محمود جنداري، ونجمان ياسين، ومهين الصراف، وعبد المنعم عبد الحميد، أنها أشبه بالمذكرات المروية بطريقة قصصية تستند إلى وقائع حياتية حية .
رحمك الله يا أبا سفانة وغفر لك، فلقد ظللت ، وأنت تعيش حياتك المليئة بلحظات الفرح والتعاسة والحكمة والغضب والشجاعة والخوف ، تحلم وتناضل من أجل أقامة مملكة الحلم.. حيث الحب والصدق والألفة والمودة.
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور إبراهيم العلاف ورابطها التالي :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2010/02/1908-1995.html
** الصورة المرفقة بعدسة الفنان المبدع صبحي صبري ..وتضم شعراء وادباء الموصل مع شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري وهم من اليمين الى اليسار الدكتور القاص المرحوم محمد عطا الله والكاتب والصحفي المرحوم سالم حسين الطائي والشاعر عبد الوهاب اسماعيل ثم الجواهري والدكتور الشاعر ذو النون الاطرقجي والشاعر معد احمد الجبوري والكاتب الصحفي لؤي الزهيري والقاص المبدع المرحوم محمود جنداري.. وتاريخ الصورة هو 1980 عند استضافة المركز الثقافي والاجتماعي لجامعة الموصل الشاعر الجواهري والذي رافقه الى الموصل الناقد الكبير الاستاذ الدكتور علي جواد الطاهر .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية بقلم : الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف

  فاروق عمر فوزي وكتابه : تجربتي في الكتابة التاريخية الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل أجا...