الأحد، 16 يونيو 2013

تسعة عشر مقطعاً شعر: أديب كمال الدين

تسعة عشر مقطعاً

شعر: أديب كمال الدين

1.

حين خرجَ الحرفُ من الحربِ، دخلَ إلى الصحراء التي سلّمتْه إلى الجبلِ الذي سلّمه بدورهِ إلى الغيمةِ التي سلّمتْه بدورِها إلى البحرِ الذي سلّمه إلى الموتِ الذي قادهُ بدورهِ إلى نَفْسِه.

وهكذا عادَ الحرفُ إلى الحربِ مِن جديد!

2.

الرقصةُ،

أعني الرحلة،

كانتْ كاذبة

لأنّها كانتْ مليئةً بدموعِ التماسيح

وطبولِ السحرةِ المُزَيَّفين.

3.

مَنْ سيصدّقُ أنَّ الأرضَ تمطر

والسماء تهتزُّ مما ترى!

4.

الحرفُ بكى

ثُمَّ اشتكى.

فاحتارت النقطةُ فيه

وفي دلاله الذي لا يُطاق،

وهي لا تدري أنّها سبب بكائه

وشكواه،

أنّها سبب بلواه.

5.

مِن المهمِ أنْ لا ننهار.

ولكي لا ننهار

ينبغي أنْ نرممَ أجسادَنا المنهارة

ليلَ نهار

وهي تُلّوحُ تلويحةَ الوداع.

6.

بعد أن انتهى الراقصون من رقصتِهم العنيفة

خرجوا في صفٍّ طويل

ليدخلوا في قاعةِ الموتِ الهادئةِ حدّ الرعب

ويتعرّوا

واحداً بعد الآخر.

نعم،

فالموتُ لا يحبُّ الا العُراة!

7.

خرجَ الطاغيةُ من القبرِ ثانيةً.

خرجَ ليؤدّبَ بالسوطِ مَن كانَ يشتمه

في غيابه القصير!

8.

يقولون إنَّ البلادَ جميلة.

وهم يتناسون، عن سابقِ قصدٍ وإصرار،

ذكْرَ اسمِها ومكانِها وعنوانها

أو ذكْرَ صندوقِ بريدِها الملآنِ بالوحوش.

9.

التماثيلُ أشدُّ كذباً من صانعيها.

التماثيلُ أشدُّ كذباً

من وجوهِ طغاتِها وملوكِها.

10.

المرأةُ تتلفّت

ذاتَ اليمينِ وذاتَ الشمال

مثل قلب الشاعر.

لكنّها تريدُ أنْ تلهو قليلاً فقط

بينما الشاعرُ يريدُ أنْ يبتكرَ شمساً

تشرقُ وسط ظلامِ روحه المعذَّبة

حدّ اللعنة.

11.

علاماتُ الاستفهامِ كثيرة

أراها تتراقصُ فوق الرؤوس

كلّ ليلة.

فأتوقفُ عن الكتابةِ حيناً

وعن الكلامِ المُباحِ حيناً آخر.

12.

في حربِ الحرف

ثمّة رايات لكلِّ شيء.

13.

يفاجئُ المطرُ ذاكرتي دائماً

بأكاذيبه الجميلة

فأستقبله فرحاً بدموعي.

14.

أنفقَ الحرفُ عمرَه وهو يحلمُ بمُستقرّ.

فلم يحظَ، في نهايةِ المطاف،

إلا بحقيبةِ سفر

وجواز سفرٍ وهميّ

صادرٍ عن مملكةِ النقطة،

المملكة التي لا وجود لها بالطبع

إلا خارج حدود الجغرافيا.

15.

انهارتْ المرآةُ أمامي

على الأرض

حين انهارتْ

صورةُ المرأةِ في قلبي.

16.

كي تُكملَ العدد

ينبغي أنْ يمتلكَ موتُكَ

أبواباً لا تُحصى ولا تُعَد!

17.

في بابِكِ لم أجدكِ

مثلما كانَ الوعد،

بل وجدتُ جثّتي

مطروحةً في الطريق.

فحملتُها، بهدوءٍ، فوق ظهري

ومضيت دونما هدف.

18.

حين طرقتُ بابَ حياتي التي نُحِتَتْ

من الخشبِ العتيقِ كاللعنة

خرجتْ إليَّ الشياطين من كلِّ شقّ!

19.

سيبدأُ الحرفُ الليلة

كتابةَ قصيدته الجديدة

ليكتشفَ أنَّ النقطة

لم تكتفِ ببناءِ سجنٍ كبيرٍ له

بل أعدّتْ له منصّةَ الشنقِ أيضاً!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض

  النجف والقضية الفلسطينية .........في كتاب للدكتور مقدام عبد الحسن الفياض ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ال...