النخب الحاكمة في العراق المعاصر
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وأحد الاخوة ، طلب مني ان اكتب شيئا عن (النخب الحاكمة في العراق المعاصر ) ، وطبيعي ان صفحات الفيسبوك لاتتسع لمثل هكذا دراسات وكتابات مهمة وحساسة وضرورية الا اذا كانت موجزة .
واوجز واجيب واقول اولا علينا ان نحدد مفهوم النخبة فالنخبة مصطلح متداول ومعروف وهو في ابسط التعاريف الجامعة المانعة مجموعة صغيرة من الأشخاص المسيطرين يمتلكون قوة سياسية مؤثرة كبيرة ، وقدرات اقتصادية ضخمة .. وتتجسد النخبة وهي بالانكليزية اElite بمجموعة من الأشخاص الأكثر قدرة من غيرهم على التحكم بمقدرات الدولة والمجتمع بسبب ما لديهم من نفوذ وعلاقات داخلية وخارجية .
وللاسف ، أقول ان العراق حُكم منذ تشكيل الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 وحتى لحظة كتابة هذه السطور (12-1-2021) من قبل نخب سياسية احتكرت السلطة والمال معا .. ولم تكن تمثل من مجموع الشعب العراقي اكثر من 5% بمعنى ان نسبة 5% من الشعب العراقي تملك وتحكم في حين ان 95% من الشعب العراقي لايملكون ولايحكمون .
وهذه الحالة تنطبق على كل مراحل تاريخ العراق المعاصر ، فكان لكل فترة تاريخية زمنية (نخبها ) ؛ ففي العهد الملكي 1921 -1958 ، كانت هناك نخبة حاكمة ، وبعد ثورة 14 تموز 1958 ، وخلال فترة حكم الزعيم عبد الكريم قاسم 1958-1963 كانت هناك نخبة حاكمة .. وبعد سقوط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم في 8شبط 1963 ومجيء حزب البعث في مرحلته الاولى في عهد الرئيس العراقي عبد السلام محمد عارف 1963-1966 ومن ثم مجيء شقيقه عبد الرحمن محمد عارف 1966-1968 كانت هناك نخبة حاكمة ، وبعد انقلاب 17 تموز 1968 وتسلم حزب البعث السلطة ، وحتى الاحتلال الامريكي في 9 نيسان 2003 كانت هناك نخبة حاكمة ، وبعد الاحتلال 2003 وحتى اليوم هناك نخبة حاكمة .
وفي كل الاحوال لم يكن عدد النخبة الحاكمة يزيد على ال(150) شخصا وقد يصل الى (200) شخصا أو يزيد قليلا .
وأقصد المتحكمين الرئيسيين والمسيطرين الفعليين على السلطة وبالاسماء نستطيع ان نورد اسماؤهم واسماء من يتبعهم ؛ ففي العهد الملكي كانت هناك الاسرة المالكة الحاكمة ، وعدد من المسيطرين على مقدرات الحكم الذين تداولوا السلطة منذ سنة 1921 حتى 1958 .
على سبيل المثال تشكلت خلال العهد الملكي (59) وزارة حكمت العراق منذ 1921-1958 وتولى الحكم ( 23) رئيس وزراء وتناوب على كراسي الحكم في ال(59) وزارة (175) وزيرا .
كانت النخبة الحاكمة تتألف من شخصيات معظمهم من الضباط والمدنيين الذين خدموا في العهد العثماني وما بعده منهم عبد الرحمن النقيب ونوري السعيد وجعفر العسكري وعلي جودت الايوبي ووتوفيق السويدي وناجي شوكت وصالح جبر ومحمد الصدر وحكمت سليمان وطه الهاشمي وعبد المحسن السعدون وياسين الهاشمي وعبد الوهاب مرجان وفاضل الجمالي ورشيد عالي الكيلاني وناجي السويدي وساسون حسقيل وخليل كنة وسعيد قزاز ومنير القاضي واحمد مختار بابان ومصطفى العمري ونديم الباجه جي ورفيق عارف وغازي الداغستاني وجلال بابان وضياء جعفر وغيرهم .
وفي عهد الزعيم عبد الكريم قاسم 1958 -1963 ، كان هناك فضلا عن الزعيم ، احمد صالح العبدي ، وفاضل عباس المهداوي ، ومحمد حديد وهديب الحاج حمود وعبد الجبار الجومرد وعبد السلام محمد عارف وابراهيم كبة وطلعت الشيباني واسماعيل العارف وجلال الاوقاتي ونزيهة الدليمي ومحمد نجيب الربيعي ومحمد مهدي كبة وخالد النقشبندي ومصطفى علي وجابر عمر وحسن الدجيلي وماجد محمد امين وعبد الفتاح الشالي وهاشم جواد وفيصل السامر ، وناجي طالب ووصفي طاهر وماجد محمد امين ، ومحمد سلمان حسن وفؤاد عارف ومحمد مهدي الجواهري وغضبان حردان السعد .
وبعد سقوط نظام حكم الزعيم عبد الكريم قاسم في 8 شباط 1963 جاءت نخبة حاكمة جديدة سيطرت على مقدرات الحكم منذ سنة 1963 الى سنة 1968 تشكلت من عدد من المدنيين والعسكريين منهم عبد السلام محمد عارف وعبد الكريم فرحان وسعدون حمادي وطاهر يحيى وحسن مصطفى النقيب وخير الدين حسيب ومنذر الونداوي واحمد حسن البكر وحردان عبد الغفار التكريتي وخالد مكي الهاشمي وعبد الستار عبد اللطيف وصالح مهدي عماش وحازم جواد وطالب شبيب وعلي صالح السعدي وحازم جواد وعبد الرحمن البزاز وعبد الرحمن محمد عارف وعزت مصطفى ومحمود شيت خطاب واحمد عبد الستار الجواري وحميد خلخال وبابا علي الشيخ محمود ومهدي الدولعي وياسين خليل وعبد الكريم هاني وناجي طالب ومسارع الراوي وعبد العزيز الوتاري وشكري صالح زكي وابراهيم فيصل الانصاري وغيرهم .
وبعد انقلاب 17 تموز 1968 وصلت الحكم نخبة جديدة متمثلة بأحمد حسن البكر وصدام حسين وطه ياسين رمضان وسعدون حمادي وخير الله طلفاح وعدنان خير الله وطه محي الدين معروف وعلي حسن المجيد وحمادي شهاب وحامد يوسف حمادي وامين عبد الكريم وهمام عبد الخالق وعبد الجبار محسن وعدي صدام حسين وعبد الجبار شنشل وتايه عبد الكريم وعدنان الحمداني ومحمد محجوب وغانم عبد الجليل وماهر عبد الرشيد وقصي صدام حسين وعبد حمود وحسين كامل ومحمد سعيد الصحاف وناجي الحديثي وشفيق الكمالي وغيرهم .
بعد الاحتلال الامريكي للعراق في التاسع من نيسان سنة 2003 واسقاط نظام حكم البعث وصدام حسين حرص المحتلون الامريكان على المجيء بمن تعاون معهم قبل 2003 الى السلطة ؛ فشكلوا مجلس الحكم ومن بعد ذلك تشكلت نخبة حاكمة سيطرت على الحكم في العراق وتسيدت الاحزاب الدينية الصدارة .
ولعل من أبرز من حكم ويحكم العراق منذ سنة 2003 الى اليوم اياد علاوي واحمد الجلبي وابراهيم الجعفري وعادل عبد المهدي ونوري كامل المالكي وعدنان الباجه جي وغازي الياور ومحمد بحر العلوم وابراهيم بحر العلوم وسمير الصميدعي وعلي الاديب وباقر جبر الزبيدي وعبد العزيز الحكيم وعبد الفلاح السوداني واحمد شياع البراك وحميد مجيد موسى وعبد الكريم المحمداوي وجلال الطالباني وعقيلة الهاشمي وسلامة الخفاجي وموفق الربيعي ومحسن عبد الحميد وموفق الربيعي ونصير كامل الجادرجي ورجاء حبيب الخزاعي وصون كول جابوك وبرهم صالح وفؤاد حسين وحميد الكفائي وعز الدين سليم وعامر عبد رسن جعفر الموسوي وفالح الفياض وصفية السهيل وحيدر العبادي ونسرين برواري وايهم السامرائي ومهدي الحافظ وهاشم الشبلي وغيرهم .
الخلاصة ، فان العراق منذ تأسيس دولته الحديثة سنة 1921 وحتى ساعة كتابة هذه السطور ، لم يحظَ بالنخبة الحاكمة التي تليق به ، وتليق بتاريخه وتليق بشعبه الصابر ذو التاريخ المجيد .
وللاسف كل النخب الحاكمة عملت لنفسها ، ولمن حولها الا في بعض فترات استثنائية اوخر العهد الملكي أو في فترة قليلة من حكم عبد الرحمن محمد عارف او في فترة السبعينات في عهد حكم احمد حسن البكر .
ومن هنا نأمل في ان تتيسر الظروف للحكومة الحالية حكومة السيد مصطفى الكاظمي - والرجل خبير في تاريخ وذاكرة العراقيين - ان تعيد للعراق هيبته وقوته ، وان تتصدى للمشكلات ، وتدير سفينة البلد وفق ما يشتهي ابناءه من معالجة قضايا الفقر ، والضعف ، والبطالة ، والمرض والجهل .
وهذا لايكون الا عندما تتظافر جهود كل القوى السياسية الحاكمة ، والقوى الشبابية الممثلة لثورة تشرين العظمى 2019 في ايجاد أُسس جديدة لدولة جديدة . 12-1-2021
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق