سيد أحمد عبد القادر الموصلي
سيد أحمد عبد
القادر الموصلي ..مطرب الموصل الاول 1877-1941
ا.د. ابراهيم
خليل العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس – جامعة الموصل
لايمكن للمؤرخ ان
يكتب عن الموسيقى في الموصل دون ان يقف عند سيد احمد عبد القادر الموصلي المشهور
عند اهل الموصل بابن الكفر (الكفغ) . وسيد أحمد بن سيد عبد القادر هو استاذ سيد اسماعيل الفحام ؛ فهو من
تنبه الى جمالية صوت اسماعيل الفحام عندما كان يمجد من على منارة جامع حمو القدو
في محلة الميدان ، وهو من اشار الى اهمية ان يتعلم الفحام قراءة المقام .
وسيد احمد عبد
القادر الموصلي من مواليد محلة الجامع الكبير سنة 1877 . كتب عنه الاخ الاستاذ قصي حسين ال
فرج مقالا في جريدة ( الحدباء ) الموصلية 23 آب سنة 1994 . وكتب عنه الاستاذ زكي
ابراهيم في كتابه ( الاغاني الشعبية الموصلية ) والذي اصدره سنة 1999 .كما كتب
استاذنا الدكتور عمر الطالب مقالا نشر في مجلة (موصليات ) التي يصدرها مركز دراسات الموصل في
جامعة الموصل عدد 11 حزيران سنة 2005 .ووردت عنه بعض المعلومات في عدد من المدونات
التاريخية المهتمة بالتراث الموسيقي الحديث في الموصل . وكان والد سيد احمد يعمل حائكا وقد
دخل سيد أحمد الكتاب وبعدها المدرسة الابتدائية الا انه تركها لضعف حال عائلته
ولفقرهم واضطراره للعمل مع والده في الحياكة . عمل ساعيا للبريد وبعدها عين موظفا
في مديرية اوقاف الموصل .
وثمة ارتباط بين
حركة آلة الحياكة واقصد بها (الجومة) ، (ولم يكد بيت في الموصل يخلوا منها في
القرن التاسع عشر ) ، وبين الموسيقى فالجومة تصدر اصواتا تجعل من يعمل عليها من
الحياك يحبون الموسيقى والانغام وطبيعي ارتبط تعلمه للموسيقى بتعلمه التجويد
والترتيل : تجويد القرآن الكريم وترتيله وهكذا كانت البداية دوما الآذان ثم
الوقوف حول قبة الجامع او من على منارته والتسبيح والتمجيد وخاصة في الفجر والمساء
وايام رمضان وهكذا نشأ سيد احمد عبد القادر الموصلي وهو يحب ويجيد قراءة القرآن
الكريم ، وقراءة المقام وما كان يسمى في الموصل ( التنزيلات الموصلية ) وهي نوع من
الموشحات والقدود الحلبية التي شاعت اواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين .
من اساتذة سيد
احمد ، القارئ علي حسين الصفو ، والملا عثمان الموصلي ، والقارئ ابراهيم العزاوي
قرأ القرآن الكريم عليهم كما قرأ المقام على يد الملاعثمان الموصلي ، والملا احمد
الزيدان ودرس الغناء على يد رشيد القوندرجي وهكذا تعددت الالوان الموسيقية التي
تعلمها سيد احمد ومنها التواشيح ، والتنزيلات ، والمقامات ، و(التقاطيق) أي
الاغاني الخفيفة السريعة . وقيل انه لم يكن يقلد اساتذته ، بل كان يبدع ويطور في المقام الذي
يقرأه مع رغبة في الانتقال المستمر من مقام الى آخر .كما كان يتمتع بصفة لايتمتع
بها غيره وهي انه كان ذو حضور طاغ في المجالس من حيث سرعة البديهة ، وقوة الشخصية
، والاريحية ، وطيبة النفس ، وخفة الدم ، والقدرة على الارتجال
ومن الطريف ان
الملا عثمان الموصلي قال فيه بعد ان سمعه يقرأ المقام بيتا من الشعر وهو :
أطربتنا بصوتك يا
أحمد ***** ومثلك في عصرنا لايوجد
من المحطات
المتميزة في حياة وسيرة سيد احمد انه عمل مغنيا وقارئا للمقام في عدد من مقاهي
الموصل منها (مقهى حيو الاحدب) في شارع حلب و(مقهى الصابونجي) مقابل المركز العام في باب الطوب و(
مقهى باباني) في باب السراي .
كما حرص على
اقامة المواليد (المولديات) او ما تسمى المناقب النبوية وقراءة التواشيح في بعض
بيوت وجهاء الموصل وكان هذا في الثلاثينات والاربعينات من القرن الماضي .
الشيء الجميل ان
سيد احمد سار على نهج استاذه الملا عثمان الموصلي كما كان على معرفة بما كان يقدمه
عدد من المطربين العراقيين والعرب امثال سلامة حجازي ، وام كلثوم وعبده حمولي ،
وسيد درويش وعبد الحي حلمي ، وفتحية احمد ، وليلى مراد ، وسليمة مراد وكان يردد
بعض اغانيهم من قبيل اغنية ( أراك عصي الدمع ) شعر الشاعر ابي فراس الحمداني التي
ادتها السيدة ام كلثوم ولحنها عبده حمولي ، وكل من سمعه قال عن صوته انه شجي سلس ،
وكان يؤدي المقام بدون تكلف لتمكنه من ادوات فنه ولاتساع حجم صوته ، وعندما ذاع
صيته اتصل به عدد من المسؤولين في شركة (بيضافون) وتعاقدت معه سنة 1924 على تسجيل
مجموعة من اغانيه كما اتفقت معه شركة (اوديون) سنة 1925 وسجل عددا آخر من اغانيه
التي رافقه فيها الموسيقار سامي الشوا وعلي محمود على الناي ويعقوب عزرا على العود
وغنى ايضا بصحبة مغنية عراقية ارتبط معها عاطفيا هي عزيزة العراقية لصالح شركة (
بوليفون) وكان معه ضابط الايقاع حسين عبد الله وصاحبه على العود عزوري .
وكان سيد احمد
الموصلي يختار كلمات شعراء كبار لأغانيه منهم المتنبي ، والبهاء زهير ، وعمر بن
الفارض ومن المناسب الاشارة الى انه غنى بعض زهيريات الشاعر الشعبي الموصلي الكبير
عبو المحمد علي .
ومن ابرز تلاميذ
سيد احمد الموصلي اسماعيل الفحام ، وسيد ابراهيم ابو الاستاذ زكي ابراهيم الملحن
الموصلي الكبير .
من تسجيلاته
قصيدة مغناة للشاعر الموصلي الملا حسن البزاز وهي ملحنة على عدة مقامات بانتقالات
عرف بها يقول فيها :
شجتني بذات البان
ورق صوادح
لهن بأعلى
الربوتين هدير
تذكرت عيشا
بالحمى راق ظله
فطابت عشيات به
وبكورِ
فنحن ومالي غيرهن
على الاسى
معين ولاغيري لهن
سمير
ومن قصيدة الشيخ
كاظم الازري التي غناها سيد احمد الموصلي وفيها :
زار والليل مؤذن
بالرحيل * ضيف طيف مبشرا بالقبول
مرحبا بالخيال
حيا فأحيا * وقضى حق مغرم عن ملول
يا خيالا ألمَ
دار خيال * حل الى أل وائل من سبيل
ومن اغانيه التي
كتبها ولحنها استاذه الملا عثمان الموصلي سنة 1923 اغنية ( للعاشق في الهوى دلائل
) ويقول فيها :
للعاشق في الهوى
دلائل * لا يسمع من كلام عاذل
يا من رحلوا و
خلفوني * أبكي أسفا على المنازل
من مقلته رمى
سهاما * قد كحلها بسحر بابل
الورد على الجفون
غض * و النرجس في الجفون ذابل
ناديت لسائق
المطايا * وان كنتَ الى العقيق واصل
سرتم سحرا و سار
كَليبي * و الركب سرى بذي المحامل
ومن اعماله هذه
القصيدة التي غناها في حلب سنة 1923 للشاعر ابراهيم بن محمد السفرجلاني الدمشقي
(1645-1700) وفيها :
بالذي في العقيق
نظم درا * وجلا تحت غيهب الشعر بدرا
والذي أودع
المباسم شهدا * ثم أجراه في المراشف خمرا
والذي خص أدعجيك
بشيء * لو رآه هاروت سماه سحرا
والذي كحل
الجفونُ وأمضى * حكمها في الفؤاد نهيا وأمرا
والذي هز من
قوامك رمحا * يتهادى من الشبيبة سكرا
والذي صاغ من
نفيس اللآلي * لك جسما من ناعم الخز أطرى
والذي صير
الشقائق طِرسا * خط فيه من البنفسج سطرا
من اغانيه
ومقاماته وتواشيحه المسجلة : شمس الضحى – للعاشق في الهوى دلائل - شربنا ماء مدنكم- اهوى قمرا –ان الذي في
العقيق – فجر النوى لاح – جسد ناحل – حمامات اللوى – وين الذي – يامن جيناك – قوم
بنيران فراكهم – ياقلب ويش طيحك – عبودي جاي من النجف- شجتني بذات البان – يا
لائمي –نهضا بني امتي – عبالي ما تفارقني- ذكرت بها تلك الربوع – مدحا لحضرة خير
العرب والعجم –طير المنية عضني – لو تسمع العود – تلولح ياذهب – نظري الى وجه
الحبيب – ياناس والله انمرد دلالي - أنتِ سوريا بلادي ... أنت عنوان الفخامة. ة
.ومن بستاته التي
غناها : حيك يابا حيك – زوروني بالسنة مرة – ومن اغانيه الموصلية :بالله افرشولو
بصدر الايوانا .
كتب الاستاذ زكي
ابراهيم في كتابه (الاغاني الشعبية الموصلية ) الذي اصدره سنة 1999 عن سيد احمد
عبد القادر الموصلي يقول ويلقب ب(ابن الكفر ) وهو من مواليد مدينة الموصل ويعد من
اشهر المغنين الموصليين في التاريخ الحديث ولد سنة 1877 ودرس العلوم الدينية على
يد الشيخ عثمان الديوه جي ودرس الغناء والمقام على يد الملا عثمان الموصلي والملا
ابراهيم العزاوي وقد سافر الى حلب بسوريا وسجل كثيرا من الاسطوانات منها اغان
ومنها مقامات ومنها تواشيح وابتهالات دينية .
وكان يغني في
المقاهي والحفلات العامة والخاصة . كان مطربا متميزا وقد اطرب اهل الموصل ممن
يتذوقون الموسيقى الراقية وكانوا يزدخحمون لسماعه ويهرعون لشراء اسطواناته من
الاسواق . كما ان اذاعة بغداد كانت تبث له عددا من اسطواناته بين فترة واخرى وقد
توفي في 15 من شعبان سنة 1360 هجرية الموافق لليوم السادس من ايلول سنة 1941 .
رحم الله سيد
أحمد عبد القادر الموصلي وجزاه خيرا فقد ترك لنا ارثا موسيقيا يُعتد به .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق