منارة الحدباء والجامع
النوري الكبير
ا.د.
إبراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث
المتمرس – جامعة الموصل
الجامع النوري الكبير ،
ويسميه الموصليين (جيمع الكبيغ أي الجامع الكبير) ،
تمييزا له عن أول جامع بناه المسلمون في محلة رأس الكور حين دخلوا الموصل
وفتحوها سنة 16 هجرية -637 ميلادية واقصد (المسجد الجامع) أو (الجامع الاموي ) ويسمى اليوم (جامع المصفي)
والمصفي أي مصطفى مصفي الذهب وهو تاجر
موصلي معروف قام بتعميره وفيه
منارة بسيطة بدائية .
والجامع النوري الكبير
في الموصل بمنارته ( الحدباء) معلم بارز من معالم مدينة الموصل وعندما تذكر الموصل
تذكر الحدباء أي منارة الحدباء والجامع يقع في الجانب الايمن من مدينة الموصل في
محلة قريبة من محلتي السرجخانة وحمام المنقوشة والمحلة التي يقع فيها الجامع وهي بين المحلتين تسمى ( محلة الجامع الكبير ) .
هذا الجامع بناه صاحب
الموصل نور الدين زنكي بن عماد الدين زنكي وال زنكي هؤلاء حكموا الموصل في القرن
السادس الهجري الثاني عشر الميلادي ودولتهم كانت تسمى ( الدولة الاتابكية ) .
مدينة
الموصل و منارة الحدباء صنوان فإذا ماذكرت منارة الحدباء ذكرت الموصل واذا
ما ذكرت الموصل ذكرت الحدباء ..هذه المئذنة التاريخية التي بناها حاكم الموصل نور
الدين محمود سنة 566 هجرية 1170 ميلادية ، والمعمار الذي بناها هو البناء الشهير ( الشيخ عمر الموصلي) وهو من ارادها ان تكون مائلة حتى تنساب مع
الرياح الغربية التي تهب على الموصل .
إرتفاع المئذنة مع القاعدة (55) مترا وطول الجامع ( 65) مترا
وعرضه ( 17 ) مترا ومساحته الكلية ( 5850 ) مترا مربعا والى جانب مئذنة الحدباء هناك قبة
واحدة و (5) مآذن صغيرة بناها وجددها الوطني الاقتصادي الموصلي مصطفى الصابونجي 1880-1954) .
في سنة 1939 قام
المعمار الموصلي الشهير عبودي طنبورجي بتعمير المئذنة ومعالجة فتحة فيها ولذلك قصة
رويتها عندما كتبت عن المعمار الموصلي عبودي طنبورجي ..
إرتبط بناء الجامع النوري الكبير بحكام الموصل من آل زنكي
عماد الدين وإبنه نور الدين وهما من أول من تنبه لحروب الفرنجة التي تعرف أيضا
بالحروب الصليبية التي ابتدأت سنة 1095 ميلادية واستهدفت بيت المقدس .. وهما من
ربى صلاح الدين الايوبي في احضانهما وهو من شكل جبهة عسكرية تمتد من الموصل وحلب
ودمشق والقاهرة وهو من حرر القدس وخاض معركة حطين .
الجامع
النوري الكبير هو ثاني مسجد جامع في الموصل بعد المسجد الجامع في محلة رأس الكور –
الكوازين والذي يعرف اليوم بجامع مصفي الذهب .
والمنارة
تتألق من قاعدة وبدن وقسمها السفلي يعد من انفس النماذج الزخرفية التي استخدمت في
تحلية المآذن الاسلامية والقاعدة محلاة من الجوانب الاربعة بزخارف متنوعة العناصر
وقد اطرت بشريط مشغول بنجيمات متصلة تتمركز في وسطها دوائر والمنارة مبنية بالاجر
والجص والرخام المهندم والحلان الموصلي وبدن المئذنة مزين بالزخارف الهندسية
والانطقة والاشرطة الزخرفية وعددها سبعة انطقة تختلف زخارفها عن بعضها البعض وقد
كلف بناء الجامع في حينه ( 60 ) الف دينار من الذهب ..ومن
دفع المبلغ من جيبه الخاص الشهيد نور الدين زنكي وعندما قدم له المعمار الشيخ عمر
الموصلي قائمة الحساب القاها في نهر دجلة فسأله المعمار قائلا له انها قائمة
الحساب فأجابه ( الحساب يوم الحساب ) .
تعرض الجامع النوري الكبير لكثير من التدمير خلال سيطرة عناصر داعش على
الموصل 2014-2017 ومعارك تحرير الموصل منهم وقاموا بتفجير المنارة التاريخية التي
عمرها 850 عاما للاسف الشديد في 21 حزيران 2017 وكما هو معروف فان زعيم تنظيم
القاعدة ابو بكر البغدادي خطب فيه واعلن ما اسماه الخلافة الاسلامية في تموز 2014
.
بعد التحرير بذلت الجهود من اجل التفكير بصيغ لإعادة بناء الجامع النوري
الكبير وابتدأت حملة عالمية من اجل اعادة هذا الصرح العالمي الكبير
في حزيران 2018 ....بدأ الحديث عن حملة اعمار الجامع النوري الكبير واعادة بناء منارة الحدباء
مع بناء واعمار الدور القريبة المجاورة وقد جاء في جريدة الصباح (البغدادية ) بعددها
الصادر يوم الثلاثاء 26 حزيران 2018 ان المشروع سينطلق بعد ان تبرعت دولة الامارات
العربية بنحو خمسين مليون دولار وسيوفر المشروع 1000 فرصة عمل .وثمة اتفاق مع
اليونسكو وبدعم اماراتي ووساطة فرنسية على اعمار منارة الحدباء والجامع النوري
فضلا عن بناء متحف تابع للجامع وتأهيل الدور القريبة منه وسيستغرق المشروع ثلاث
اعوام والحمد لله العمل عند كتابة هذه السطور جار ِ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق