منير بشير 1930-1995
منير بشير 1930-1995 وجميل بشير 1921-1977 ودورهما في رفد الموسيقى العراقية المعاصرة بالعديد من القطع والالحان الموسيقية
ا.د. ابراهيم
خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل
مما تفخر به
الموصل ، أنها كانت موطنا لعدد من الموسيقيين البارزين الذين رفدوا الحركة
الموسيقية العراقية المعاصرة بالعديد من الالحان والمقامات والتنزيلات والاغاني
المتنوعة .ومن حسن الحظ ان شهرتهم فاقت بحيث وصلت ليس الى بقية المدن العراقية
وانما الى كل الوطن العربي بمشرقه ومغربه وهذا مما يؤكد اصالة المدرسة الغنائية والموسيقية
الموصلية التي ترجع جذورها الى العصور الاشورية والعصور الاسلامية والفترة
العثمانية .
ومما يجعلنا نفخر
في الموصل ان لدينا اسرة موسيقية عراقية موصلية مسيحية انجبت موسيقيين كبارا
ابرزهم منير بشير واخوه جميل بشير هذه الاسرة التي ترجع اصولها الى قضاء زاخو وكان
تابعا للواء الموصل كان عميدها (بشير القس عزيز ) موسيقارا معروفا يعزف على العود
لابل كان واحدا ممن يصنع العود شأنه في ذلك شأن عواد الموصلي والد الاستاذين
الجليليين الباحثين في قضايا التاريخ والتراث واللغة كوركيس عواد واخيه ميخائيل
عواد .
وسأتحدث اولا عن
الاستاذ منير بشير ثم اتحدث عن اخيه الاستاذ جميل بشير .
اولا : جميل بشير
ولد الاستاذ منير
بشير سنة 1930 واكمل دراسته في الموصل ثم سافر الى بغداد ودخل فرع العود في معهد
الفنون الجميلة ببغداد وكان من ارصن المعاهد الفنية في العالم آنذاك ففيه اعمدة
الموسيقى العربية وخاصة الموسيقار المعروف الشريف محي الدين حيدر وكان عميدا لمعهد
الفنون الجميلة .
ومن حسن الحظ ان
استاذنا الكبير الاستاذ الدكتور عمر الطالب كتب عن منير بشير اكثر من مرة ومنها ما
كتبته في موسوعة اعلام الموصل في القرن العشرين ومما قاله ان منير بشير ما ان تخرج
من المعهد حتى عين معيدا فيه وصار يدرس مادة العود وكان يدرب التلاميذ على ذلك حتى
انه اسهم في تخريج اجيال من الموسيقيين العراقيين الذين رفدوا الاذاعة والتلفزيون
بخبراتهم واصبحوا يعملون في هذه المؤسسة وقد اسهم الاستاذ منير بشير في تشكيل
(فرقة الاذاعة الموسيقية ) اقصد اذاعة بغداد وكانت لديه العديد من المقطوعات
الموسيقية التي كانت تبث عبر اذاعة بغداد والاذاعات العراقية الاخرى ومنها اذاعة
صوت الجماهير فضلا عن ان تلفزيون بغداد كان يعرض هذه المقطوعات والتقاسيم الرائعة
التي كنا نستمتع بها حقا وكان من معزوفاته معزوفة مشهورة بعنوان : (القافلة
التائهة) وقد اشتهرت هذه المعزوفة حتى انه لقب من قبل أحد النقاد الموسيقيين بلقب
ذو (الأصابع الذهبية) ومما دفع هذا الناقد ان يطبق عليه هذا اللقب ان لمنير بشير
ارتجالات موسيقية ابداعية في العزف على العود والتفنن في اطلاق تعابير موسيقية
تدهش كل من يسمعه . وهنا ايضا لابد لي ان اشير الى ان منير بشير حاز على لقب( امير
العود ) وذاع صيته في كل دول الشرق الاوسط وكان يشارك في الكثير من المهرجانات
الموسيقية في العالم ومما كنا نحسه انه عندما كان يعزف على العود نشعر ونحن نسمعه
كأن ثمة علاقة روحية بينه وبين مستمعيه لقدرته الفائقة على جذب الجمهور وجعلهم
يتفاعلون معه تفاعلا ايجابيا لذلك اختير ليكون أمينا عاماً للمجمع العربي الموسيقي
كما اختير ليكون خبيراً دولياً لدى اليونسكو في شؤون الموسيقى.
مما يجب ان نذكره
ان الاستاذ منير بشير اسس ( مدرسة لتعليم الموسيقى للأطفال ) سنة 1968 .
في السبعينات من القرن الماضي قاد الاستاذ منير بشير حملة لتنشيط الحركة الموسيقية في العراق فُعقد لاول مرة مؤتمر للموسيقى في بغداد حضرته وفود من دول عديدة وصار بإمكان الموسيقيين العراقيين ان يعرفوا مدى ما وصلته الموسيقى العراقية وكان من ثمار ذلك ان الموسيقى العراقية صادرت تدرس في معهد برلين للموسيقى وهو معهد عالمي معروف كما بدأ النقاد يدرسون دور الاستاذ الموسيقار منير بشير في تطوير الموسيقى العربية وتحدث الاستاذ منير بشير لمجلة ( القيثارة ) العراقية سنة 1979 فقال :" بدأنا مع القسم الشرقي الذي فتحناه في مدرسة الموسيقى والباليه، وهذه خطوه أساسية من الخطوط التي تؤدي إلى تطوير ووضع (الميثود) إنطلاقاً مع تعاملي مع الموسيقى .وهكذا يجب العمل وفق تخطيط ستراتيجي بعيد المدى في عملية تطوير (الميثود) ويأتي بعدهم الآخرون ليستكملوا ما بدأوا به كل ما هو موجود إضافات بسيطة واجتهادات، وكيفية وضع صيغ وأسلوب طبيعي ينسجم مع المقام وتعليم الموسيقى الشرقية والغربية، وعندما نستمع إلى الاوركسترا السنفونية العراقية نجد أن العزف العراقي يختلف عن العزف الروسي للقطعة الموسيقية الواحدة إننا لا نريد لمعهد الدراسات النغمية ولمعهد الفنون أن ينجح فقط وإنما يجب فتح آفاق جديدة للمستقبل" .
ثانيا :جميل بشير
كان لمنير بشير
أخ موسيقي اسمه جميل بشير 1921-1977 وجميل بشير ايضا من مواليد الموصل سنة 1921
وهو اكبر سنا من الاستاذ منير لكنه اقل شهرة من الاستاذ منير وطبيعي فالاستاذ جميل
بشير عاش في جو موسيقي وكما قبت فالاب بشير كان موسيقيا يصنع العود ويعزف عليه وقد
درس الموسيقى على يد عدد من المبشرين الذين كانوا يأتون الموصل وخاصة من
الدومنيكان وفي سنة 1936 وهي السنة التي فتح فيها معهد للفنون الجميلة ببغداد
التحق به وبالتحديد التحق بفرع العود والكمان وكما فعل اخوه تعلم اصول العزف وبشكل
علمي على يد استاذه عميد المعهد الشريف محي الدين حيدر كما درس الكمان على يد
البروفيسور (ساندو البو) وتخرج بتقدير امتياز في سنة 1943 وقد اختاره استاذه ساندو
مساعدا له ومما يذكر ان لجميل بشير معزوفات كانت تقدم من دار الاذاعة والتلفزيون
اذاعة بغداد وتلفزيون بغداد وقد اتجه للعمل في وزارة التربية فعين مراقبا للاناشيد
والموسيقى كما كان يدرس في معهد الفنون الجميلة ببغداد بين سنتي 1952 وحتى سنة
1968 وتخرجت على يده اعداد كبيرة من الطلبة .
ومن الطريف ان
الاستاذ جميل بشير الف كتابا عن ( الاناشيد الوطنية ) .وتشير المدونات التاريخية
التي بايدينا الى ان لجميل بشير قطع موسيقية متوفر قسم منها حاليا على اليوتيوب
منها ( سماعي ديوان) ، (سماعي رست) ، ( سماعي جاركاه) ، ( سماعي نهاوند) ، ( سماعي
حجاز) و( فردوسي).
كما ان مؤلفاته الموسيقية : (بشرف سيجاه) و سماعي ديوان وصبا ويكاه و كابريس، أندلس، قيثارتي، همسات. و لونجا فراق، ملاعب النغم، تأمل حيره ورقصة جمانا، أيام زمان، صدفه، شارع الخليج.
كان لجميل بشير
ايضا سمعة موسيقية صادحة ليس في العراق وانما في العالم فكثيرا ما كانت الاذاعات
تستضيفه ليقدم من خلالها قطعه والحانه الموسيقية ومن ذلك اذاعات ال بي بي سي
واذاعة مونت كارلو واذاعة موسكو وكثيرا ما شارك في فعاليات موسيقية داخل العراق
وخارجه وقد كرم اكثر من مرة من ذلك تكريم وزارة الثقافة والاعلام في اليوم العالمي
للموسيقى سنة 1976 .
توفي رحمة الله
عليه في لندن سنة 1977 .
ان استذكار
الاخوين الموسيقيين منير وجميل ووالدهما جزء من حركة احياء الموسيقى العراقية
المعاصرة والضرورة تقتضي الاهتمام بتراثهما الموسيقي وجمعه وتحليله ودراسته
باعتباره جزءا من التراث الموسيقي الانساني .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق