عثمان بن جني النحوي الموصلي
ا.د. ابراهيم
خليل العلاف
استاذ التاريخ
الحديث المتمرس – جامعة الموصل
منذ عقود ، وكنت
اتحدث مع عالم اللغة العربية اخي وصديقي الاستاذ الدكتور عبد الوهاب محمد علي
العدواني اشار الى ان عثمان بن جني الموصلي يتفوق على غيره من النحاة المشهورين ،
وان له اجتهادات نحوية لم يسبقه احد فيها ، وكان يطمح لان يكون منهج ابن جني هو ما
يدرس لوحده في علم النحو في اقسام اللغة العربية.
واليوم اريد ان اتحدث اليكم عن هذا العالم النحوي الموصلي ابن جني
والقى عليه قليلا من الضوء حتى يستذكره شبابنا وتستذكره شاباتنا كواحد من رموز
الموصل الذي يجب ان نعتز بهم وبدورهم في رفد الحضارة الانسانية .
وعثمان بن جني
عاش بين سنتي 941 و 1002 ميلادية . ولد في الموصل وتوفي في بغداد وقيل في الموصل
وله مؤلفات عديدة وصل عددها الى ال (70 ) كتابا قسم منها منشور والقسم الاخر غير
منشور لابل ومفقود .
ومن مؤلفاته :
(الخصائص ) وهو
يبحث في فقه اللغة وبنيتها وهو من اهم مؤلفاته ومن مؤلفاته الاخرى :
(الألفاظ المهموزة
(في الصرف، 1923م .
• (التصريف المملوكي
(في الصرف، 1885م .
• (تفسير أرجوزة أبي
نواس (في الأدب، 1966م .
• (التّمام في تفسير
أشعار هذيل (في الأدب، 1962م .
• (الخصائص (في اللغة،
1952-1956 .
• (سر صناعة الإعراب
(في الصرف، 1954 .
• ( عقود الهمز وخواص
أمثلة الفعل (في الصرف، 1923 .
• ( الفتح الوهبي على
مشكلات المتنبي (في الأدب، 1973م .
• (الفَسر (في الأدب،
1969-977م .
• (المُبهج في تفسير
أسماء شعراء الحماسة (في الأدب، 1348هـ .
• (مختصر العروض (في الأدب، 1972م .
• (مختصر القوافي (في الأدب، 1975 .
• (المذكر والمؤنَّث
(في اللغة، 1914 .
• (المحتسب في تبيين
وجوه شواذ القراءات والإفصاح عنها (في القراءات القرآنية، 1966-1969 .
• (المقتضب في اسم
المفعول من الثلاثي المعتل العين ( في الصرف، 1904 .
• (المسائل
الخاطريات (في اللغة، 1988 .
• (المُنصف شرح
التصريف للمازني (في الصرف، 1904
وابن جني هو
:" أبو الفتح عثمان بن جني المشهور عالم نحوي كبير، ولد بالموصل سنة 322 هجرية – 934 ميلادية
، ونشأ وتعلم النحو فيها على يد أحمد بن محمد الموصلي الأخفش(1) .وقد التقى ابن
جني بالمتنبي اكثر من مرة ، وكان المتنبي يحترمه ويقول فيه: " هذا رجل لا
يعرف قدره كثير من الناس" ، وكان إذا سئل عن شيء من دقائق النحو والتصريف في
شعره يقول: " سلوا صاحبنا أبا الفتح" .
ومع ان عددا من
الباحثين والمستشرقين اختلفوا في سبب تسميته بإبن جني ونسبه الا انه كما يقول من
الازد وكثيرا ما كان يقول انه عثمان بن جني الازدي وسبب تسميته بإبن جني هو انه
كان منذ طفولته ذكيا وعادة ما يُطلق على الذكي في الموصل جنيا .
ولد ابن جني ونشأ
في مدينة الموصل ، وأخذ العلم عن شيوخ مدينته وشُغِف خاصةً باللغة العربية
وعلومها، وتعمَّق ابن جني بدراسة اللغة العربية ونحوها وصرفها إلى أن اشتغل
بتدريسها في الموصل وبغداد ومدن عراقية اخرى منها واسط .
درس ابن جنِّي
على عدد من الشيوخ ابرزهم أحمد بن محمد المُوصِلي الشافعي، المعروف بالأخفش ، وابو
علي الحسن بن احمد بن عبد الغفار الفارسي .
كتب عنه كثيرون
منهم الدكتورة خديجة الحديثي استاذة النحو العربي رحمها الله و الدكتور مهدي
المخزومي استاذ النحو الكبير والدكتور فاضل صالح السامرائي وكتب عنه المستشرق كارل
بروكلمان وآخرين كثيرون .
وابن جني الذي
عرف ب( بالجدية والدقة والامانة العلمية ) هو أوَّل من شرح ديوان المتنبي
وكان كثيرا ما يستشهد بأشعاره، ويُسمِّيه (شاعرنا) وعندما بلغ ابن جني خبر وفاة
المتنبي في سنة 354هـ - 965 ميلادية رثاه بقصيدة طويلة .
درَّس ابن جني
علوم اللغة والنحو والصرف والادب والقراءات القرآنية والخط العربي واجتمع حوله عدد
من الطلاب وقد تخرَّج على يديه عدد من الطلاب ابرزهم عمر بن ثابت الثمانيني،
اللغوي المشهور، و الشريف الرضي، الشاعر المشهور الذي أخذ عنه علوم اللغة في بغداد.
اتَّسمت شخصيَّة
ابن جني بالرصانة والجديَّة، وكان لا يمزح، ولا يتقبَّل المزاح وابتعد ابن جني عن
اللهو والشرب والمجون الذي ساد في زمنه بين رجال الأدب والفن في تلك المرحلة
التاريخية التي ضعفت فيها الدولة العباسية . وكان من عاداته عندما يتحدث استخدام
يديه وامالة شفتيه بقصد لفت إنتباه السامع إلى حديثه.
كان ابن جني
يتحدث بإسهاب عن كتبه وما قدمه ، وكثيراً ما يردِّد في كتبه أنَّها تناقش وتفتح
أبواباً لم يتحدث فيها أحد من العلماء السابقين،
وفي بعض الأحيان
كان ابن جني يقسو عند ردِّه آراءً مخالفةً يعتقد ببطلانها، فيعمد إلى أسلوب تهكمي
فيه قدر من السخرية والاستهزاء
كان ابن جني كان
معتزلياً، له من الأولاد ثلاثة، وهم علي وعلاء وعالي، وجميعهم أدباء فضلاء، صحيحي
الضبط وحسني الخط، وقد أشرف ابن جني نفسه على تعليمهم. وتزوَّج ابن جني في الموصل،
وفيها أنجب أولاده الثلاثة وأكثرهم شهرةً عالي، الذي سار على خطى أبيه وصار أديباً
ونحوياً.
كتاب ( الخصائص) هو أشهر كُتُب
ابن جني على الإطلاق، ووفقاً لعددٍ من الباحثين والمؤرِّخين فهو أفضل كُتب علم
اللغة وفقه اللغة في التراث العربي، والكتاب جامع وشامل لكثير من قضايا اللغة
والتصريف والنحو، بثَّ فيه ابن جنِّي فِكره اللغوي وفلسفته اللغوية، فتح ابن جني
في كتابه الخصائص أبواباً غير معهودة في مؤلفات من سبقه من علماء اللغة والنحو
وتناول مباحث جديدة تناقش قضايا في فقه وعلم اللغة.
وكتابات ابن جني
النثرية تتميز بالوضوح والفصاحة وحسن اختيار العبارات والى شيء من هذا القبيل يشير
الاستاذ محمد أسعد أطلس فيقول : " لا أعرف نحوياً أو صرفياً أو بلاغياً، كتبَ في النحو والصرف
والبلاغة، بلغة كُلُّها سلاسة وعذوبة، وكُلُّها جمال ولذَّة بأسلوب فنِّي رائع،
إلا الإمام أبا الفتح بن جنِّي " .
المذهب النحوي
عند ابن جني مُختَلف عليه، لكن الدكتور عبد الحميد يونس يقول ان ابن جنِّي "
كان يتَّخذ لنفسه مذهباً وسطاً مدرستي الكوفة والبصرة" ، اما
محمد أسعد طلس
فيقول : أنَّ ابن جني لم يتقيَّد بأي مدرسة من المدارس النحوية، فهو لم يكن بصرياً
ولا بغدادياً ولكن نحوياً مستَقِلاً، ذلك انه خالف جمهور النحاة كثيراً، واجتهد
بوضع آراء جديدة في عِدَّة مواضع من مؤلفاته ، لذلك فإن اسهاماته في مجال تأصيل
علم النحو تجعلنا نؤكد انه يعد المؤسِّس الحقيقي لعلم أصول النحو وابن جني هو
أوَّل من بحث في ماهية اللغة من اللغويين العرب، وقد عُرِفَ كعالم لغة ونحو غزير
العلم، إلا أنَّه مع سعة علمه فقد كان أيضًا شاعراً جيد النظم كما كان راوية للشعر
.وقام ابن جني بتدوين وتوثيق وشرح ديوان الحماسة لابي تمام الطائي .كما كانت لابن
جني عناية برواية الأدب شعراً ونثراً، ويعد ابن جني ايضا واحدا من النقاد العرب
وقد ألَّف ابن جني عدد من الشروح والتعليقات على دواوين شعراء من مختلف العصور، من
العصر الجاهلي وحتى الشعراء المعاصرين له، ويُعدُّ ابن جني من أشهر نُقَّاد الأدب
والشعر في عصره،
لم يكن لابن جني
منهجاً واضحاً صريحاً في النقد، ولكن ابن جني دائماً ما كان يركن إلى القواعد اللغوية
وصحة اللفظ في الحكم على فصاحته وبلاغته، ويجعل من اطلاع الشاعر على لغة العرب
معياراً للحكم على شعره.
كانت لابن جني
عناية كبيرة بالقراءات القرآنية، وكان حريصا في مؤلفاته على إظهار مكانة اللغة
العربية وعمقها وقدرتها على مواكبة العصر من خلال قوة تركيباتها وبنيتها الداخلية
وخصائصها الاصيلة .
تذهب الأغلبية
العظمى من المصادر إلى أنَّ وفاة ابن جني كانت في الموصل وقيل في بغداد يوم الخميس
السابع والعشرين من شهر صفر سنة 392 من التقويم الهجري، ما يوافق الخامس عشر من
يناير سنة 1002 من التقويم الميلادي، وذلك في خلافة القادر بالله، وبعد وفاة ابن
جني رثاه الشريف الرضي بقصيدة طويلة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق