الاثنين، 19 أكتوبر 2020

اليوم الوطني ودلالاته في تاريخ العراق المعاصر وفي ترسيخ سيادته الوطنية ا.د.ابراهيم خليل العلاف

 







اليوم الوطني ودلالاته في تاريخ العراق المعاصر وفي ترسيخ سيادته الوطنية

 

ا.د.ابراهيم خليل العلاف

استاذ التاريخ المعاصر المتمرس – جامعة الموصل

 

أولا مبادرة وزارة الثقافة والسياحة والآثار في العراق ، لإقامة هذه الندوة الحوارية الالكترونية (يوم الاربعاء 21-10-2020) الساعة الثامنة مساءَ ، مبادرة مباركة ، ومهمة ، وقيمة وضرورية .فالدول الحية تعتز بيومها الوطني لأنه ببساطة ، يجمع ابناء الوطن تحت راية واحدة وعلى كلمة واحدة .

 

شكرا للسيد وزير الثقافة الدكتور حسن ناظم وشكرا للسيد الوكيل الدكتور جابر الجابري وشكرا للقائمين على الندوة وللدكتور حسين علاوي الاستاذ في جامعة النهرين وللدكتور رياض محمد كاظم مدير مركز الدراسات والبحوث .

ابتداء لابد أن أنوه ، بقيمة ، وأهمية اليوم الوطني ،  فلكل شعب من الشعوب ، ولكل دولة من دول العالم يوم وطني يتم الاحتفال به سنويا بكل حفاوة وتقدير .واليوم الوطني مناسبة يُعبر فيها الناس عن حبهم لوطنهم ، واعتزازهم بمكانته ، وبدوره بين الاوطان والدول في العالم .

 

والاحتفال بالعيد الوطني ضرورة من ضرورات الحفاظ على كل مفاهيم الوحدة ، والتعاون ، والالفة ، والتآخي بين ابناء البلد ، مهما اختلفت انتماءاتهم القومية ، والدينية ، والعرقية والمذهبية .

 

وخلال الاحتفال بالعيد تتجلى البهجة بهذا اليوم ، ويعبر كل واحد من ابناء البلد عن حبه وتقديره لكل من قدم لهذا الوطن خلال تاريخه الطويل .

وحتى تتأكد الوحدة الوطنية الجامعة والمتينة بين أبناء البلد الواحد ، لابد أن يكون هناك يوم وطني واحد يحتفل به الجميع ولايشعر اي أحد من ابناء هذا البلد الا وان له يد يشارك فيه ، وعقل يعمل بموجبه من اجل تقدم البلد وازدهاره وأمنه واستقراره .

وهناك فائدة اخرى من وراء الاحتفال باليوم الوطني ، وهي ان جميع المواطنين حين يحتفلون بيومهم الوطني فإنما يهدفون الى تذكير الاجيال الجديدة بما قدمه بناة الوطن  الاوائل من جهود وانجازات يعتز بها الجميع ، او بما واجهوه من عثرات ومشاكل وعقبات وملابسات ينبغي تجنبها وعدم تكرارها .. وهنا ينبغي على الدولة ان تختار اليوم الذي يتفق عليه الجميع لتسير كل الاجيال على وفق نسق موحد يهدف الى البناء ، والوحدة ، والتقدم ، والبهاء وحتى يعمل الجميع على  تعزيز قيم التعاون ، والتكاتف ، والوحدة الوطنية  والسعي باتجاه تقديم افضل صورة عن بلدهم .

لا أريد أن ادخل في تفاصيل اكثر ، ولكن اقول اننا وعبر ال 100 سنة الماضية ، كانت لنا اعياد وطنية نحتفل بها .

خلال العهد العثماني الذي استمر اربعة قرون من العقد الاول من  القرن السادس عشر الى العقد الاول من القرن العشرين كان يوم جلوس السلطان  العثماني هو (اليوم الوطني) .

 وعندما احتل الانكليز العراق بين سنتي 1914-1918 كان العراقيون يحتفلون بيوم سقوط بغداد في 11 من اذار سنة 1917 على انه اليوم الوطني عندما انتصر الجندي البريطاني الجسور على الجنود العثمانيين ذوي الثياب الرثة الجوعى المهزومين .

 

وبعد قيام الدولة العراقية الحديثة وتتويج فيصل صاروا العراقيون يحتفلون بما اسموه (عيد النهضة العربية في التاسع من شعبان)  وهو يوم قيام الثورة العربية الكبرى سنة 1916 ضد العثمانيين ثم صار العراقيون يحتفلون بيوم التتويج في 21 اب سنة 1921 أي تتويج فيصل ملكا على العراق .

وبعد ثورة 14 تموز سنة 1958  ، وسقوط النظام الملكي الهاشمي وتأسيس جمهورية العراق صار العراقيون يحتفلون بيوم 14 تموز  من كل سنة ، ثم أراد الحكام  ان يحتفل العراقيون ب(يوم السلامة والابتهاج)  في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة 1958-1963 وعيد السلامة والابتهاج هو يوم خروج الزعيم من المستشفى معافى يوم 3 كانون الاول سنة 1959  بعد محاولة  اغتياله في شارع الرشيد .

وايضا كانت هناك عطلة  رسمية يوم 24 من اذار 1959 وهو يوم خروج العراق من حلف بغداد .. هذا فضلا عن عيد الجيش العراقي في السادس من كانون الثاني من كل سنة .

واراد حكام ما بعد سقوط حكم الزعيم ان نحتفل بيوم انقلاب 8 شباط – 14 رمضان 1963 ، واراد حكام مابعد سقوط حكم انقلاب 8 شباط ان نحتفل بذكرى 18 تشرين الاول 1963 وهو ذكرى الانقلاب المضاد ، ثم ارادوا ان نحتفل بيوم 17 تموز وهو ذكرى سقوط حكم الفريق عبد الرحمن محمد عارف وبعد الاحتلال ارادوا ان نحتفل بيوم احتلالنا  من قبل الامريكان في التاسع من نيسان 2003 .

 

 الخلاصة أنه بعدما شهده العراق من احداث وتطور الوعي السياسي ، وتنامي افكار جديدة حدثت  مراجعة من لدن العراقيين لما جرى يوم 14 تموز 1958 وظهرت آراء تتعاطف مع النظام الملكي الهاشمي والذي صار الناس ينظرون اليه على انه زمن الاعمار او الزمن الجميل ودون ان يكونوا على وعي تام ودراية دقيقة بما جرى فيه ..  صاروا ينظرون اليه على انه " نقطة بيضاء في تاريخ العراق الاسود " ،  لذلك فقد يوم 14 تموز بريقه كيوم وطني وكان لابد من البحث عن يوم وطني يتفق عليه كل العراقيين وكنت  واحدا ممن اقترح يوم الثالث من تشرين الاول – اكتوبر  من كل سنة ليكون يوما وطنيا وهذا اليوم هو تاريخ دخول العراق عصبة الامم دولة مستقلة .

 

العراق مر بعهود عثمانية ،  وبريطانية ، وملكية ، وجمهورية وحدث ما حدث في كل هذه العهود حدثت انتصارات  وحدثت انكسارات .

ويقينا ان الوطنيين العراقيين من خلال احزابهم السياسية وتشكيلاتهم المهنية والثقافية ناضلوا من اجل الاستقلال وكان الملك فيصل الاول مؤسس الدولة العراقية الحديثة 1921- 1932 وزملاءه قد ناضل من اجل ان يكون العراق دولة مستقلة ، وان ينتهي الانتداب  او أن تنتهي الوصاية على العراق بأسرع وقت ممكن وقد نجح  فيصل ، وقد ابتدأ العراق بعد الثالث من تشرين الاول مرحلة جدية من تاريخه وهي مرحلة البناء والنهوض لذلك انا مع ان يكون يوم 3 تشرين الاول عيدا وطنيا ، ومن حسن الحظ ان كل فئات الشعب العراقي تتفق على هذا اليوم وازيد ان سمحتم ان نجعل صورة الملك فيصل الاول تتصدر وزاراتنا ومؤسساتنا  ومدارسنا اليوم باعتباره مؤسسا لدولتنا العراقية الحديثة  وهذا ما يتفق عليه الاخرون بعيدا عن تبني النظام الملكي من عدمه ، فالنظام الجمهوري باق لكن الاحتفال باليوم الوطني سيكون يوم دخول العراق عصبة الامم واختيار فيصل الاول رمزا للعراقيين سيكون هو ما سوف يُعينُهم  على ان يكونوا شعبا موحدا  وكما الامر مثلا مع جورج واشنطن بالنسبة للأمريكان ومصطفى كما بالنسبة للأتراك .



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...