الخميس، 19 مايو 2016

وديعة جعفر الشبيبي تؤلف كتابا عن كوكب الشرق ام كلثوم




كتاب "أم كلثوم في أفاق الشعر والفن "للاديبة العراقية الاستاذة وديعة جعفر الشبيبي
ا.د. إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-العراق
وديعة جعفر الشبيبي كاتبة ،وشاعرة عراقية كبيرة ،قدمت في الثمانينات من القرن الماضي، أفضل كتاب في اللغة العربية عن سيدة الغناء العربي الأصيل أم كلثوم .وقد تولت المؤسسة العربية للدراسات والنشر طبعه في دار آفاق عربية ببغداد سنة 1984 . نشأت وديعة جعفر الشبيبي في أسرة عراقية عربية ،لها مكانتها الأدبية المرموقة ،وهي تحمل شهادة ليسانس آداب اللغة العربية من جامعة بغداد ،وقد عملت بالتدريس الثانوي لسنوات طويلة. كما شغلت مناصب إدارية تربوية، وكان لها باع طويل في الأدب والشعر والكتابة ،وقد نشرت الكثير من المقالات والقصائد في عدد من الصحف والمجلات العراقية والعربية، وكانت معجبة بالقصائد المغناة لام كلثوم. وقد قالت بان كتابها ليس إلا تقديرا منها للعبقرية العربية المبدعة في مجال الفن الإنساني المعاصر،وترجمة للأحاسيس العميقة التي فجرتها هذه الفنانة الكبيرة على صعيد الشعر .يقع الكتاب في 226 صفحة .والكتاب ليس ترجمة لحياة أم كلثوم بقدر ماهو تأكيد على أن الشعر يجمع بين المحبين ،ولهذا أهدتها في مفتتح الكتاب قصيدة مطلعها :
لك السماحة للندى إهدائي
للفن يملا أوسع الأرجاء
للشعر في الشدو الجميل بعثته
روحا تسامى في رفيع غناء
للزهر في الروض النضير نثرته
عطرا تدفق غامر الأشداء
كم طفت بالروض الحزين أبثه
شوقي إلى الصوت الحبيب النائي
صوت به سر الحياة وسحرها
يالطفه يخضل بالا نداء
ياصوتها عبر الأثير منغما
أنت الأنيس ،وأنت أنت عزائي
كم جئت استوحي الغناء خواطري
فرجعت لم اسمع سوى الأصداء
فأليك ياوحي الفنون خواطري
وقبول إهدائي اعز رجائي
ذكرت الأستاذة وديعة جعفر الشبيبي في مقدمتها للكتاب، أن دراسة حياة أم كلثوم ،هي دراسة لعصر كامل له ملامحه، وظروفه، ومقوماته لذلك فالدراسة تتطلب ثقافة واسعة، وعودة لمصادر موثوقة ،واتصالات كثيرة، ومباشرة مع من واكب ذلك العصر بكل دقائقه وتفاصيله ،وليس يكفي هذا بل" لابد من البدء بدراسة القرية المصرية ،حيث ولدت أم كلثوم على صوت الآذان والتكبير، ودرجت بين أحضان الطبيعة، حتى إذا شبت وطافت مديريات القطر المصري منشدة القصائد والتواشيح ...فإذا استقرت في القاهرة استقر معها متتبعا انتقالها من مرحلة الأناشيد الدينية إلى مرحلة الغناء الوجداني ذي المستوى الرفيع ،ذلك الغناء الذي أعجبنا به تراثا راقيا يمثل الأصالة العربية ،والروح الشرقية. كما يمثل حفاظ أم كلثوم على كل ما يسمو بفن الغناء ويرتفع بالذوق الفني إلى أسمى الدرجات ".
كانت القصيدة الأولى التي وجدت الأستاذة وديعة من خلالها إن أم كلثوم فنانة عظيمة تحتل تلك المكانة السامية في كل القلوب، ولاسيما قلوب الشعراء المرهفين ،هي قصيدة عمها المرحوم محمد باقر الشبيبي التي حياها بها أثناء زيارتها لبغداد عام 1932 .وقد كان إعجابها بتلك القصيدة الخافقة وبموحيتها الخالدة إعجابا عميقا دفعها- فيما بعد- إلى استقصاء الأثر الكلثومي الأدبي في القصائد العربية المستوحاة منها في مناسبات كثيرة بها عبر مسيرتها الفنية الحافلة . يقول الشاعر محمد باقر الشبيبي :
تطلعت إلى الجو
وقلبي دائم الخفق
فعاينتك في السرب
وأبصرتك في الأفق
بمن سواك كالطير
فمن أنت من الخلق ؟
أمن عائلة البلبل
أم من مجمع الورق ؟
فهيا أيها الغادة
وغنيني على العادة
تجمع لدى الباحثة الشبيبي عدد من القصائد الرائعة التي اوحتها فنانة العرب أم كلثوم إلى شعراء العروبة في أقطارها المختلفة ..غنت لابن النبيه:
أفديه إن حفظ الهوى أوضيعا
ملك الفؤاد فما عسى أن اصنعا
وغنت لأبي فراس الحمداني :"أراك عصي الدمع" ، وغنت للشريف الرضي : "أيها الرائح المجد" ، وغنت لابن الفارض" غيري على السلوان قادر "، وغنت للإمام عبد الله الشبراوي" وحقك أنت المنى والطلب" ، وغنت لأحمد شوقي
سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها
واستخبروا الراح هل مست ثناياها ؟
وغنت له :
"نهج البردة" و"الى عرفات الله" و"النيل "و"الهمزية النبوية" وغيرها من الشوقيات .وغنت لأحمد رامي قصائد عديدة منها قصيدته الرقيقة :
الصب تفضحه عيونه
وتنم عن وجد شجونه
وغنت لعبد الرحمن صدقي، ولعزيز أباظة، ولعباس محمود العقاد، ولإبراهيم ناجي، ولكامل الشناوي، ولعلي الجندي، ولمحمد المهدي المجذوب ،ولسيف الدين الكيلاني ،وللأمير عبد الله الفيصل غنت" ثورة الشك "و"من اجل عينيك" ، وغنت لإسماعيل صبري: " اقصر فؤادي "وغنت لعلي الجارم: " مالي فتنت" وغنت لحافظ إبراهيم" مصر تتحدث عن نفسها "وغنت لنزار قباني" طريق واحد" وغنت للهادي ادم قصيدة: " غدا القاك" وغنت لأحمد فتحي : "قصة الأمس" وغنت لمحمود حسن إسماعيل: " نشيد بغداد" ومطلعه :
بغداد ياقلعة الأسود
ياكعبة المجد والخلود
ياجبهة الشمس للوجود
وغنت لعبد الفتاح مصطفى" توبة "وغنت لصالح جودت" الثلاثية المقدسة "وغنت لطاهر أبو فاشا : "حانة الأقدار"،وغنت لعلي احمد باكثير: " قالو أحب القس سلامة "،وغنت لجورج جرداق قصيدة : "هذه ليلتي "،وغنت لإبراهيم ناجي" الأطلال" وغنت لمحمد إقبال: " حديث الروح" .
ومما يلحظ إن أم كلثوم ،لم تقتصر على شعراء مصر، بل غنت لشعراء من لبنان واليمن والباكستان وسوريا والمغرب والسودان .وقد طافت في بلدان كثيرة، وغنت في مسارح عالمية ، لذلك أحرزت شهرة عربية وعالمية .وقد سافرت لدعم مجهود مصر العسكري والاقتصادي ضد العدوان، وغنت للتحرير العربي وللاستقلال ..إنها الفنانة التي أعطت وطنها كل حياتها وطاقاتها المبدعة .وقد كرمت ونالت أرفع الأوسمة من ملوك ورؤساء الدول في مصر والعالمين العربي والإسلامي، ما لم تنله فنانة .ومن أبرز الذين كرموها الرئيس جمال عبد الناصر(1952-1970 ) ، الذي كان يحترمها ويجلها ..منحها قلادة الجمهورية، ووسام النيل ،ووسام الاستحقاق. كما منحت وسام الرافدين من الدرجة الأولى من العراق عام 1946، ووسام النهضة الأردني، ووسام الأرز اللبناني، ووسام الكفاءة المغربي، ووسام الجمهورية التونسي، ووسام نجمة الامتياز الباكستاني
ولدت" السيدة أم كلثوم إبراهيم السيد البلتاجي" ، وهذا اسمها الكامل في قرية طماي الزهايرة بالسنبلاوين بمصر في 30 كانون الأول –ديسمبر 1898 وتوفيت في اليوم الثالث من شباط-فبراير 1975 وبين التاريخين كانت ثمة حياة حافلة بالفن، والثقافة، والإبداع، والأصالة ،والصدق، لذلك عندما غابت أم كلثوم ،عم الحزن أرجاء العروبة، والعالم ،وقد رثاها الكثيرون منهم الشاعر الكبير أحمد رامي الذي قال :
ماجال في خاطري أني سأرثيها
بعد الذي صغت من أشجى أغانيها
قد كنت اسمعها تشدو فتطربني
واليوم أسمعني ابكي وابكيها
*الرجاء زيارة مدونة الدكتور إبراهيم العلاف ورابطها التالي :
http://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/20…/…/1908-1995.html
**الصور المرفقة هي لغلاف الكتاب، ورسالة من ام كلثوم الى الاديبة وديعة جعفر الشبيبي، وصورة لام كلثوم مع الرئيس عبد الناصر ،وصورة ام كلثوم مهداة الى الاستاذ الشاعر جعفر الشبيبي وصورة اخرى من ام كلثوم مهداة الى ابنته الاديبة وديعة جعفر الشبيبي .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي

  مدينة طرسوس ودورها في التاريخ العربي الإسلامي (172-354 هـ -788-965 م كتاب للدكتورة سناء عبد الله عزيز الطائي عرض ومراجعة : الدكتور زياد ع...