محمود جنداري والقصة العراقية المعاصرة
أ . د إبراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث –جامعة الموصل
.
محمود جنداري ألجميلي، قاص موصلي معروف ليس في الساحة الثقافية العراقية وحسب بل وفي الساحة الثقافية العربية. ولد سنة 1944 وتوفي سنة 1995 وقد كتب عنه الكثير من النقاد وأشادوا بجهوده المبدعة لخدمة الأدب القصصي في العراق وإثراءه إن على مستوى الشكل أو على مستوى المضمون. كتب عنه الناقد ياسين النصير مرة فقال أن محمود جنداري يمتلك ميزة لم نجدها لدى قصاصين عراقيين سواء كانت في المواقف أم في النتاج .. وهي جدية ووضوح التعامل مع الآخر من جهة وجدية ومسؤولية بناء النص من جهة أخرى.
لمحمود جنداري مجاميع قصصية كثيرة لعل أبرزها مجموعته القصصية الأولى (أعوام الظمأ) نشرها سنة 1969 وقد حاول في هذه المجموعة الخروج على تقاليد القصة القصيرة التقليدية من صورة الواقعة الاجتماعية إلى صورة تحتمل الغرابة والإدهاش والمألوف في آن معا .. ومن الطبيعي أن تنعكس معاناة الكاتب الاجتماعية والسياسية على ما يقدمه من نتاج قصصي وهكذا هو محمود جنداري .
لقد اقترب محمود جنداري من القاص الذي يبقى أمينا على النص الذي يكتبه، وبعبارة أخرى فانه أثرى الجانب التقني في القصة العراقية المعاصرة، وفي مجموعته القصصية (الحصار) نجده يتحدث عن حصار الذات قبل حصار الآخرين .. وقد امتدحه الناقد الكبير الاستاذ الدكتور علي جواد الطاهر رحمه الله وكتب عن مجموعته هذه مقالا وصف فيه المجموعة بأنها نتاج متميز .. ثم كتب مجموعة قصصية أخرى بعنوان (حالات) وفي كل قصصه نجد، كما يقول الأستاذ النصير، أن محمود جنداري يكشف عن مستويين من التعامل الفني : الأول انه كان يبحث عن حالة الناس وهم يعيشون الغربة في الداخل. والثاني أنهم يعيشون عصرا لا كلمة لهم فيه.. وقد كتب جنداري رواية باسم (الحافات)وفيها يؤكد أن التاريخ يمكن أن يعيد نفسه. وفي عمان صدرت لجنداري مجموعة قصصية بعنوان (مصاطب الآلهة) وتحوي تسع قصص قصيرة يمزج فيها جنداري بين التاريخي والغر ائبي في قالب قصصي أخاذ.
كتب الأستاذ حميد المطبعي في موسوعة أعلام العراق في القرن العشرين عن محمود جنداري يقول : أن محمود جنداري قاص وروائي لن تجد إلا قلة من الناس في مثل هدوئه وتهذيبه وابتسامته التي تنم عن طيبة وبساطة .. كان قاصا أصيلا .. من القلة الذين اخلصوا لفنهم وتابعوه تثقيفا وتهذيبا وتجريبا .. وإنتاجه مبعثر في مجلات كثيرة منها (الكلمة) و(الآداب) و(الأقلام) و(آفاق عربية)، و(الأديب المعاصر) .. عمل مديرا في شركة توزيع المنتجات النفطية في كركوك، وبدأ ينشر قصصه سنة 1965 وهو متمكن في كتابه (المقالة الأدبية). كما مارس النقد القصصي وقد نشر نماذج من كتاباته في الصحف والمجلات.
رحم الله محمود جنداري فقد كان له دور متميز في تطوير القصة العراقيةالمعاصرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق