الأربعاء، 22 أكتوبر 2025

مؤرخون عرفتهم ا.د. ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل

 









مؤرخون عرفتهم

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
خلال مسيرتي الحياتية والوظيفية والاكاديمية عرفت مؤرخين واساتذة تاريخ عراقيون وعرب واجانب كثيرون سأذكر من كانت بيني وبينهم مراسلات ولقاءات وانا اسف ان نسيت ذكر اخرين فهم كثر وهذه المقالة كتبتها بناء على طلب الاخ الاستاذ احمد هادي حسين الذي كتب عني في جامعة سامراء رسالة ماجستير وكتبتها على عجل في حينه .
اولا :المؤرخين العراقيين
منذ اوائل الستينات من القرن الماضي ..القرن العشرين ، وبعد دخولي قسم التاريخ بكلية التربية جامعة بغداد 1964 ، وتخرجي سنة 1968 وحتى كتابة هذه السطور في 17-4-2018 ؛ فأنني حظيت – والحمد لله – بعلاقات واسعة مع المؤرخين العراقيين سواء منهم اساتذتي الذين درسوني أو زملائي الذين كانوا معي على مقاعد الدراسة في البكالوريوس والماجستير والدكتوراه .
وقد تيسرت لي الفرصة ان اكتب عن عدد كبير منهم وصل الى ال (400 ) مؤرخ في موسوعتي (موسوعة المؤرخين العراقيين المعاصرين ) التي صدر منها الجزءان الاول والثاني والجزء الثالث في طريقه الى الطبع . كما كتبت عن بعض ممن عرفتهم من المؤرخين العرب والاجانب في مدونتي وفي صفحتي في الفيسبوك ..وبالامكان العودة لرؤية اسماء المؤرخين الذين كتبت عن سيرهم ومؤلفاتهم ومناهجهم التاريخية من خلال الموسوعة ومن خلال مدونتي (مدونة الدكتور ابراهيم العلاف ) وصفحاتي الفيسبوكية ومن خلال المواقع الالكترونية التي اكتب فيها او من خلال الصحف الورقية ومنها على سبيل المثال جريدتي (فتى العراق ) الموصلية و( المدى ) البغدادية .
كان من ابرز المؤرخين الذي كانت لي علاقة بهم والتقيت بهم كثيرا ولي مع بعضهم مراسلات ، المؤرخ الكبير السيد عبد الرزاق الحسني ، والمؤرخ سعيد الديوه جي والمؤرخ الاستذ احمد علي الصوفي والمستشار خيري امين العمري والدكتور فاضل حسين والدكتور زكي صالح والدكتور عبد القادر احمد اليوسف ، والدكتور فيصل السامر ، والدكتور فيصل الوائلي والدكتور ياسين عبد الكريم والدكتور عبد الامير محمد امين والدكتور محمد محمد صالح والدكتور محمود علي الداؤد والدكتور عماد الجواهري والدكتور طاهر البكاء والدكتور نوري العاني والدكتور جعفر عباس حميدي والدكتور محمد مظفر الادهمي والدكار صادق السوداني والدكتور غانم محمد محمود الحفو والدكتور هاشم الملاح والدكتور عامر سليمان والدكتور عبد المنعم رشاد والدكتور توفيق اليوزبكي والدكتور محمد علي داهش والدكتور نجمان ياسين والدكتور عوني عبد الرحمن السبعاوي والدكتور خليل علي مراد والدكتور جزيل عبد الجبار الجومرد والدكتور اكرم عبد علي الكنهش والدكتور نمير طه ياسين الصائغ والدكتور راغب حامد والدكتور مزاحم علاوي والدكتور حسين علي الطحطوح والدكتور عبد الستار حمدون والدكتور نزار محمد قادر والدكتور عبد الفتاح البوتاني والدكتور ميفان عارف عبد الرحمن والدكتور ذنون الطائي والدكتور يوسف كوران والدكتور عماد الدين خليل والدكتور عبد القادر المعاضيدي والدكتور صالح احمد العلي والدكتور سامي سعيد الاحمد والدكتور كاظم هاشم نعمة والدكتور خضر جاسم الدوري عميد كلية التربية –جامعة الموصل الاسبق والدكتور اسامة الدوري والدكتور حسن فاضل زعين والدكتور دريد عبد القادر نوري عميد كلية العلوم الاسلامية –جامعة الموصل الاسبق. والمؤرخ البصري الدكتور فاروق صالح العمر والدكتور قحطان عبد الستار الحديثي عميد كلية الاداب –جامعة البصرة الاسبق والدكتور نزار عبد اللطيف الحديثي عميد كلية الاداب -جامعة بغداد الاسبق والدكتور عبد المناف شكر النداوي رئيس جامعة كربلاء الاسبق والدكتور ابراهيم سعيد البيضاني وغيرهم .
قسم من هؤلاء الاساتذة الافاضل ، كانت لي علاقات عمل معهم واسهمت معهم في تأليف كتب منها كتاب (تاريخ العراق المعاصر ) مع الدكتور جعفر عباس حميدي ) ومنهم كانت لي معهم علاقات عمل تمثلت بالمشاركة في تأليف كتب مدرسية من قبيل كتابي (تاريخ الوطن العربي الحديث والمعاصر ) للصف الثالث المتوسط والصف السادس الاعدادي مع الدكتور محمد مظفر الادهمي والدكتور صادق السوداني وقسم منهم اشتركت معه في مناقشات رسائل ماجستير واطروحات دكتوراه .
وكانت لي علاقة شخصية وعلمية مع الدكتور مجيد خدوري وقد التقيت به اكثر من مرة داخل العراق وخارجه .كما اعتزبعلاقتي بالاستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري وكنت ازوره كلما ذهبت الى عمان .
ولي علاقات شخصية وعلمية مع الدكتور مصطفى عبد القادر النجار لمؤرخ العراقي المتخصص بتاريخ الخليج العربي ومدير مركز دراسات الخليج العربي الاسبق ورئيس اتحاد المؤرخين العرب الاسبق .كما لي علاقة صداقة مع المؤرخ الاستاذ محمد توفيق حسين
كما كانت علاقتي قوية بإستاذي المؤرخ العراقي الدكتر حسين امين رئيس اتحاد المؤرخين العرب الاسبق ورئيس الجمعي التاريخية العراقية الاسبق .
وكان من اصدقائي الدكتور بهجت عبد اللطيف التكريتي وبيني وبينه مراسلات ولقاءات كثيرة .
وعلاقتي كانت قوية بالمؤرخ البصري الدكتور جهاد صالح العمر مدير مركز الدراسات الايرانية بجامعة البصرة وكذلك مع الدكتور لبيد ابراهيم احمد المؤرخ العراقي ورئيس تحرير مجلة (دراسات تاريخية ) التي يصدرها بيت الحكمة ببغداد.
وكذلك كانت علاقتي قوية مع الدكتور عبد الجبار ناجي الامين العام المساعد لاتحاد المؤرخين العرب الاسبق ومع الدكتور محمد كريم ابراهيم مشرف شعبة العلوم الاجتماعية في مركز دراسات الخليج العربي وهو مؤرخ معروف ومع الدكتور محمد جاسم المشهداني الامين العام لاتحاد المؤرخين العرب ببغداد .
ولي علاقة علمية مع الدكتورة رباب جبار السوداني عميدة كلية الدراسات التاريخية السابقة في جامعة البصرة والدكتورة صباح الشيخلي وزوجها الدكتور طارق نافع الحمداني .كما ان عرفت مؤرخات كثيرات واعتز بهن منهن الدكتورة رمزية الاطرقجي والدكتورة خولة الدجيلي والدكتورة أسامة الجنابي والاستاذة نجلة الصباغ والدكتورة مليحة رحمة الله والدكتورة نبيلة عبد المنعم والدكتورة فرح صابر والدكتورة نهلة شهاب احمد .
كما ان لي زمالة وصداقة مع المؤرخ العراقي الدكتور سيار كوكب الجميل .ولي علاقة صداقة مع المؤرخ الاستاذ بهنام حبابة ومع المؤرخ الاستاذ سعيد الديوه جي ومع الاستاذ المؤرخ احمد علي الصوفي ومع الدكتور احمد عبد الله الحسو
كما ان لي علاقة علمية وشخصية مع الدكتور كمال مظهر احمد والدكتور احمد عثمان ابو بكر . ولي علاقة طيبة مع المؤرخ العراقي الاستاذ حبيب هرمز اوغلو الباحث حاليا في مركز اورسام في انقرة .ولي علاقة شخصية وزمالة مع المؤرخ البصري الدكتور سامي عبد الحافظ القيسي والمؤرخ العراقي البصري الدكتور حميد احمد حمدان التميمي والمؤرخ الدكتور سرحان غلام العباسي رئيس قسم الدراسات التاريخية الاسبق في مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية ومع المؤرخ العراقي في الولايات المتحدة الاميركية الدكتور متي موسى ومع الزميل الدكتور لطفي جعفر فرج ومع المؤرخ الاستاذ حسان علي البازركان ومع المؤرخ العراقي الدكتور علاء جاسم محمد الحربي ومع المؤرخ والاثاري والمكتبي والمؤرشف الاستاذ سالم الالوسي .والمؤرخ العراقي وعضو المجمع العلمي الدكتور ابراهيم خلف العبيدي ومع المؤرخ العراقي الدكتور حسين محمد القهواتي المستشار العلمي الاسبق في اتحاد المؤرخين العرب ببغداد .والمؤرخ العراقي الدكتور حمدان عبد المجيد الكبيسي .
ثانيا : المؤرخون العرب :
ايضا كانت لي علاقات مع عدد من المؤرخين العرب مصريين واردنيين وسوريين وجزائريين وخليجيين كتب عن بعضهم مقالات منشورة في الانترنت والصحف وقسم منهم شاركت معهم في ندوات ومؤتمرات وقسم منهم كانت لي معهم مراسلات ومن هؤلاء المؤرخين الاستاذ سليمان موسى (الاردن ) والدكتور عبد المالك التميمي (الكويت ) والدكتور احمد حسن جودة المؤرخ الاردني والذي كان يعمل في قسم التاريخ بكلية الاداب -جامعة الملك سعود بالرياض -السعودية والدكتور جمال زكريا قاسم (مصري ) كتبت عنه مقالا بعد وفاته وكان واحد ممن رقاني الى مرتبة الاستاذية والدكتور محمد عدنان البخيت (اردني ) وهو واحد ممن رقاني الى مرتبة الاستاذية والدكتور عبد العزيز نوار وهو من درسني في كلية التربية –جامعة بغداد 1964 و1965 و1966 وظلت علاقاتي به قائمة حتى وفاته . ولي علاقات مع الدكتور رأفت غنيمي الشيخ المؤرخ المصري وعميد كلية الاداب الاسبق بجامعة الزقازيق وكذلك لي علاقات مع الكتور عاصم الدسوقي المؤرخ المصري الكبير ومع الدكتور حسان حلاق المؤرخ اللبناني المعروف ومع الدكتور مصطفى الحمارنة مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الاردنية .
وكانت لي ولاتزال علاقة علمية مع المؤرخ التونسي الدكتور عبد الجليل التميمي رئيس مؤسسة التميمي ومدير مركز الدراسات والبحوث العثمانية والموريسكية والتوثيق والمعلومات في تونس ،وكثيرا ما اسهمت في نشاطات مؤسسته بالبحوث التي نشرت ومنها بحوثي عن الولايات العثمانية ومنها ولاية الموصل في العهد العثماني .
وكانت لي علاقات مع المؤرخ الفلسطيني محمود زايد ومع المؤرخ الفلسطيني الدكتور محمود عطا الله عميد كلية الاداب –جامعة النجاح الوطنية ومع المؤرخ الاردني الدكتور محمد رجائي ريان الاستاذ في قسم التاريخ –كلية الاداب –جامعة اليرموك .
ولي علاقة شخصية وعلمية مع المؤرخ السوري الدكتور عبد الرحمن البيطار .كما كانت لي علاقة مع المؤرخ السعودي الدكتور عبد الله الصالح العثيمين والمؤرخ السعودي الدكتور عبد اللطيف الحميدان والمؤرخ السعودي الدكتور عبد الرحمن الشامخ والمؤرخ المصري الدكتور هاني عبد الهادي البشير المتخصص بتاريخ العصور الوسطى .
كما ان لي علاقة زمالة وصداقة مع المؤرخ اليمني وزير التعليم العالي والبحث العلمي الاسبق في الجمهورية العربية اليمنية الدكتور صالح علي باصرة فهو من زملائي في قسم التاريخ بكلية التربية –جامعة بغداد 1964-1968 .
وكانت لي ولاتزال علاقات علمية مع المؤرخ المصري الدكتور السيد فليفل رئيس معهد البحوث والدراسات الافريقية بجامعة القاهرة وقد اشتركت في بعض فعاليات المركز ومؤتمراته العلمية .
ولي علاقات علمية ولاتزال مع الدكتور أشرف مؤنس المؤرخ المصري المعروف .
ثالثا : المؤرخين الاجانب
عبر السنوات الخمسين الماضية كانت لي علاقات مع عدد من المؤرخين الاجانب منهم البروفيسور بيتر سلكليت الاستاذ في جامعة ادنبره والذي زار الموصل ومنحني قبولا لاكمالي الدكتوراه معه في موضوع ( التيار القومي العربي في الحركة الوطنية العراقية ) لكن التقشف الذي اعلن في العراق حال دون التحاقي بالدكتوراه في جامعة ادنبره وعلاقتي به لاتزال قائمة وقد كتبت عنه كثيرا وعن مؤلفاته .
كما كانت لي علاقة مع المؤرخ الفرنسي والباحث في المدن العربية الكبرى اندريه ريمون ولي علاقة مع البروفيسور جوزيف موزيكار من جيكوسلوفاكيا السابقة ومع البروفيسور روبير منتران الفرنسي المتخصص بتاريخ الامبراطورية العثمانية وقد استضفته في قسم التريخ بكلية التربية –جامعة الموصل عندما كنت رئيسا للقسم 1980-1995 واوعزت لزميلي الدكتور غانم محمد الحفو ان يترجم كتابه (الامبراطورية العثمانية ) من الفرنسية الى العربية وقمت بطبع الكتاب في مركز الدراسات التركية (الاقليمية فيما بعد ) –جامعة الموصل عندما كنت مديره .
ولي علاقات مع المؤرخ التركي الدكتور جزمي ارسلان مدير مركز اتاتورك الاسبق في انقرة والاستاذ حسن جانبولات مدير مركز اورسام للدراسات الاستراتيجية الاسبق في انقرة .
كما ان لي معرفة بالمؤرخة اليابانية البروفيسورة الدكتورة كيكو ساكاي المتخصصة بتاريخ العراق المعاصر .
ولي علاقة علمية مع المؤرخ الباكستاني الدكتور ز.ا. قريشي ومن حسن الحظ انني احتفظ بمراسلات مع كل هؤلاء الاصدقاء كما احتفظ ب (كارتاتهم) التعريفية التي كنا نتبادلها عندما كنا نلتقي وتتضمن عناوينهم وارقام هواتفهم ومحلات عملهم .
رحم الله من فارقنا الى الحياة الاخرة وأمد بعمر من بقي معنا في هذه الدنيا

المؤرخ جزيل عبدالجبار الجومرد لــ الزمان أخطاء المستشرقين أنارت طريقي لدراسة التاريخ حوار أجراه عمر عبدالغفور

 








المؤرخ جزيل عبدالجبار الجومرد لــجريدة (الزمان ) اللندنية : أخطاء المستشرقين أنارت طريقي لدراسة التاريخ

المؤرخ جزيل عبدالجبار الجومرد لــ الزمان أخطاء المستشرقين أنارت طريقي لدراسة التاريخ
حوار أجراه عمر عبدالغفور
الكتابة كانت في مقدمة الانجازات التي قدمها الإنسان طوال مسيرته التاريخية وكان للعراقيين اليد الطولى في هذا الشأن على العالم ولما كان التاريخ قد جعل من الكتابة وسيلة لتوثيق عصوره ومؤشرا لدرجة الوعي في إي حضارة كما كان للموصلين دور مشرف في كتابة التاريخ العربي الإسلامي فمنهم رجال تصدوا لهذا العمل فذاع صيتهم في الأفاق… من بينهم ضيفنا ووالده اللذان ساهما في الكتابة عن التاريخ بل والمشاركة في صناعته انه أستاذ التاريخ العربي الإسلامي الدكتور جزيل الجومرد ووالده وزير خارجية العراق السابق الدكتور الراحل عبدالجبار الجومرد فحلت الزمان ضيفا على أستاذ التاريخ في قسم التاريخ بجامعة الموصل وكان معه هذا الحوار
قد تنشأ الرغبة والولع بدراسة التاريخ لدى امرئ ما نتيجة عدة عوامل، او دوافع تتفاوت من شخص إلى آخر، كيف تولد مثل هكذا رغبة قد تجعل احدنا يكرس حياته لدراسة الماضي، هل مثلا الإعجاب بالبطولة والأبطال يحفز بذلك الاتجاه، هل انتم مثلا كان ذلك حاديا لكم للتوجه لدراسة التاريخ ومن ثم تدريسه؟
الاهتمام بالتاريخ أمر حتمي لدى كل إنسان، طالما انه يمتلك ذاكرة تؤسس لاتجاهات عواطفه، ورسم خطوط أفعاله وردود أفعاله، وتحدد المكروهات لديه، والمفضلات عنده، من أمور الحياة بشكل عام. لذلك فان كل منا مؤرخ بمستوى أو آخر من مستويات التوظيف لمعرفته بالماضي التاريخ وتوفير تفاصيله وتناوله أو متابعته. ولكن البعض يستغرقه أمر التاريخ اهتماما وبحثا وجمعا وتوظيفا، ومن ثم قد يقوم بروايته، بل حتى كتابته، ومن ثم تلقينه ، والى حد قد يشغل احدنا به نفسه كهواية أساسية شاغلة أو حتى وظيفة يتخذها حرفة كأي من الحرف التربوية الأخرى. والشغف بالبطولة والبطل واحد من دوافع الاهتمام بالتاريخ، وقد يكون أولها، فنحن نعلم جيدا أن قصص البطولة والأبطال تكاد تكون أول قصص الأمم وأساطيرها المكونة لهويتها في شتى بقاع الأرض عبر أزمان سبقت تدوين التاريخ ثم رافقته.
وكما ذكرت، فحيث أن الأمم في أزمان تكونها الأولى،وفي بواكير أيام تحديد ملامح هويتها، تعمد إلى المجيد من أعمال الآباء، تحوك حوله من نسيج الأخيلة ما يغدو أساطيرا تستوعب الرؤى والأحلام والآلام..الخ، لكي تؤسس لخصوصية كينونتها ووجودها، فإن البشر كأفراد يفعلون الفعل ذاته في مرحلة الطفولة واليفاعة، فعند الأطفال تكون قصص البطولة والأبطال جزءا مهما من الخيوط الأولى لنسيج ثقافتهم في بواكيرها، لتنمو وتنمو وتنمو مع معطيات التجربة، يغذيها نمو الملكة العقلية تباعا لكي تكوّن يوما الإنسان في أحسن أحوال نضجه. وكأي من رفاق طفولتي أعجبتني حكايات البطولة والأبطال وتعلقت بها، حكايات البطولة والأبطال في شتى صورها ووسائل عرضها، في القصص الطفولية المتوافرة في منتصف القرن الماضي، قصص من أمثال قصص المرحوم عبد الحميد جودة السحار عن الشخصيات الإسلامية البطلة الأولى من صحابة وقادة فاتحين وصالحين..و مسلسلات الإذاعة وأفلام السينما…وبتأثير من ثقافة المرحوم والدي، الذي كان شاعرا وفارسا خيّالا ورياضيا في شبابه، قبل ان يعرف بكونه قانوني أكاديمي وسياسي ومؤرخ، والذي كانت أعماله التاريخية، التي أخذت الحظ الأوفى من جهد قلمه، جلها في تراجم رجال متميزين من التاريخ العربي الإسلامي، حيث كان يشجعني على القراءة المتنوعة وخاصة قراءة سير الرجال الأفذاذ، وربما أثرت ذائقته التي تتقاسمها عناصر الإسلام والعروبة والوطنية بحكم الانتساب والمعاناة، زائدا النزعة نحو الحداثة المتأتية من تجربة العيش والدراسة لعقد من الزمان في باريس في السوربون ، في تنويع خيارات القراءات للأدب البطولي لدي، كمثال، اذكر انه قدم لي مبكرا قصة عنترة بن شداد ثم روايات حمزة البهلوان ثم فارس بني هلال.. إثناؤها كنت أقرأ قصص الكسندر ديماس وميشال زيفاكو..، حيث البطولة بطولة الذراع المسوس بالأعراف والأخلاق والكياسة..ولا احسب أنني في صغري كنت واعيا بإجراء مفاضلة بين قوة عنترة وخصب شاعريته العربية وبين سيف بوريدان وكياسة فروسيته الإنسانية. وربما، لا اعلم، أن والدي كان قلقا أن لا ترجح كفة بوريدان على صاحبنا عنترة فيما لو سولت لي نفسي إجراء مثل هكذا مقارنة عن وعي أو بدونه..ثم تلت مرحلة الفهم الأوسع للبطولة..حيث البطل أديب أو عالم أو شاعر..بعد أن يكون سياسيا نبيلا أو مفكرا إنسانيا.. ومن هنا كان لذلك الكتاب الكبير الذي ألّفه المفكر الاسكتلندي توماس كارليل الأبطال أثره الكبير في نفسي لاحقا.. وربما كان من أسباب ولعي بالتاريخ والمضي في دراسته.. ورغم أنني لم أكن لأفكر في يفاعتي أن اطلب التاريخ كتخصص أكاديمي يوما دون غيره من خيارات الشباب، كدراسة القانون أو العلوم السياسية.. فلابد أن لتلك التوجهات المبكرة أثرها فيما تلا من أيام عندما التحقت بكلية الآداب في جامعة الموصل لدراسة التاريخ سنة 1971.
نظرا للدور الطلائعي الذي تلعبه الرموز التاريخية في تكوين مستوى العقل الإنساني فان التعرف على هذه الرموز أصبح ضرورة تحتم علينا إن نكتب عنهم ونعرف الأجيال الجديدة بهم وأنت كتبت عن صلاح الدين الأيوبي وكان موضوع دراستك العليا على صله بتلك الشخصية ما سبب اهتمامك بذلك ولماذا إستهوتك شخصية صلاح الدين الأيوبي؟
كما قلت سابقا إن الأبطال وسيرهم، وأحيانا كرموز قومية أو أممية إنسانية، يشكلون جزءا أساسيا من مجمل الهم التاريخي للأمم في أي مكان وزمان. لم أكن انوي عندما قدمت إلى جامعة سانت اندروز في اسكتلندا في بريطانيا أول مرة للتحضير للدراسة العليا سنة 1977 أن انصرف إلى دراسة شخصية ما..عندئذ كنت أسعى وأنا شاب، وبتأثير إصرار الفلسفة المنهجية لكتابة التاريخ على الأهمية القصوى لحيادية المؤرخ تجاه موضوع بحثه، وبتأثير مقولة المؤرخ المحدث الشهير كروتشه باستحالة الحيادية العلمية لدى كاتب التاريخ على وجه الإطلاق، أن ظننت ردحا من الزمن أن دراسة تراجم الأشخاص مبعث الإعجاب هو بحد ذاته تصريح مبكر بالانحياز بمجرد إعلان اختيار الموضوع..هذه الفكرة تغيرت فيما بعد لدي..وقتها كان احد أساتذة جامعة سانت اندروز ، ديفيد جاكسون ،يعمل على انجاز كتاب مهم جديد عن صلاح الدين الأيوبي في جهد مشترك مع البروفسور مالكولم ك لايونز ، . Saladin : The Politics Of The Holly War صدر فيما بعد بالانكليزية بعنوان وهو حلقة هامة من سلسلة دراسات، بحوثا أو كتبا، أنجزت بأقلام مستشرقين بريطانيين عن صلاح الدين وما يتعلق به عبر ما يقرب من قرن من الزمن، وقد اقترح الرجل علي في حينها دراسة سيرة شخصية سياسية رائعة من الشخصيات العربية المتميزة التي أحاطت بصلاح الدين ووضعت ملامح ومرتكزات دولته السياسية والإدارية، ذلك هو القاضي الفاضل، عبد الرحيم بن علي اللخمي العسقلاني البيساني ت 596هـ ، والذي أنتج كما هائلا من الأعمال الأدبية والرسائل السياسية القيمة ذات اللغة الأدبية المتميزة والتي رادت مدرسة في الكتابة في القرن السادس الهجري، ومعظم تلك الرسائل، بل العشرات، لاتزال غير محققة تحقيقا منهجيا دقيقا، ولكن وقتها لم أكن لأقيّم الموضوع حق قيمته، وانصرفت الى دراسة نصوص ومنهج بعض المؤرخين المحليين للعصر الأيوبي في بلاد الشام..ومن ثم قادني ذلك تباعا لتطوير اهتمامي بصلاح الدين خاصة.
صلاح الدين ابن أيوب، أو كما يعرفه التاريخ بالأيوبي نسبة إلى والده أيوب بن شادي، شخصية تاريخية فذة. والرجل ينتسب إلى الأرومة الكردية. ولكن ذلك لا يجعل من شخصيته البطولية مجرد صفة إقليمية، صلاح الدين شخصية بطولية عالمية بامتياز، ونحن إذ نعتز به ككردي الأصول عراقي المولد عربي الثقافة والوطن مسلم الديانة عالمي الإنسانية فإننا لا نكون على خطأ في أي من هذه المفردات. كان جنديا مسلما من طراز رفيع في أمور حربه كما في أمور سلمه، ورغم إن شهرة الرجل جاءت من كونه قائدا عسكريا متميزا، فانه يناظر في شهرته الحربية شهرته كرجل محبة وتواد ورحمة وسلام. احترمه إتباعه وخصومه على حد سواء، ولم يعرف عنه وهو العسكري الذي يحتاج إلى كل وسائل السلطة كي يحقق النصر في ميدان النزال، انه كان مستبدا متفردا بالقرار، ولم يروى من جملة ما روي عنه فعل عنف غير مبرر تجاه فرد أو فئة. كنت اطمح إن افرغ يوما إلى دراسة متسعة عن هذا البطل وحياته ومعاركه وسياساته. لكن كثرة الكتابات التي أنجزت عنه تبعث على التباطؤ في طرق موضوع اكتظت رحابة بالدارسين. أقلقتني كثيرا يوما رغبة إدارة جامعة صلاح الدين في تكريت إغلاق مركز الدراسات الذي يحمل اسمه.أقلقتني ألاّ تكون تلك البادرة مقدمة لإختزال تلك السيرة المتميزة في اطر إقليمية ضيقة، وقد نُبذت الفكرة ولم تتم وبقي المركز. رمز كصلاح الدين، يمكن إن يكون رمزا تجتمع حوله أمم. ويسعدني أنني كتبت عن صلاح الدين وأشرفت على رسائل عدة متميزة بهذا الصدد إحداها كانت لباحث غدا متميزا، وهو الدكتور ناصر عبد الرزاق ملا جاسم عام 1992 بعنوان صلاح الدين الأيوبي في كتابات المستشرقين الناطقين بالانكليزية .
البدايات
متى بدأ اهتمامك بالتاريخ، قراءة ثم كتابة ثم اتخاذه احترافا أكاديميا؟
نشأت في بيت يهتم بالثقافة بشكل عام وبالتاريخ بشكل خاص. ولكني لم أفكر بالتخصص في دراسة التاريخ قبل أن أجد نفسي أملأ استمارة التقديم لجامعة الموصل 1970 1971، في البداية كنت أتوق أكثر إلى إن انصرف لدراسة القانون أو العلوم السياسية، إن لم يكن العسكرية التي ملت لها في أواخر فترة المراهقة، خاصة وإنني كنت أمارس الرياضة بشكل جاد وبالخصوص العاب الساحة والميدان.. عدم وجود كلية لأي من القانون أو العلوم السياسية يومها في جامعة الموصل، دفعني الى قسم التاريخ، وقد بذل وقتها المرحوم والدي جهده كي اختار دراسة التاريخ التي كان يفضلها كثيرا،رغم انه كان بالاحتراف قانوني ناشط سياسيا، وكان قد انصرف هو نفسه في نهاية الخمسينات من عمره إلى الانشغال بكتابة تاريخ الموصل المطول بعد سلسلة من الكتابات القانونية والتاريخية. بعدها نمت رغبتي في دراسة التاريخ وازدادت حقا، وعندما أنهيت دراسة البكالوريوس بتفوق كان والدي قد توفي ولكنه أوصى الأسرة بما يمكنها من إمكانية مادية إن تعينني على أتمام دراستي للدكتوراه في الخارج حيث لم تكن الدراسات العليا قد نضجت تماما في العراق، وخاصة في الموصل، حيث لم تكن قد بوشرت بعد. كنت إثناء دراستي المبكرة قد قرأت كثيرا من كتب المؤرخين العرب الممتازين ككتب المرحوم الأستاذ الدكتور عبد العزيز الدوري و صالح أحمد العلي و جواد علي و فاروق عمر فوزي .. كما كنت معجبا بكتابات المؤرخين العالميين في وقتها، كفيشر و سبول و تايلر و رنسيمان و كرانت و هامرتن ..، كما كنت كثير الاطلاع على ما توافر من كتب المستشرقين، أثناء الدراسة أو خارجها، وكانت قد أفادتنا فائدة جمة محاضرات أستاذنا، الدكتور عماد الدين خليل، النقدية الرصينة لعيوب أعمال أولئك المستشرقين، ولمحاسن بعضها الاخر، وكذلك فعلت محاضرات أستاذنا المتميز المرحوم الدكتور عبد المنعم رشاد، والأستاذ المرحوم خضر جاسم الدوري. وهكذا.. ورغم إنني تنقلت في أكثر من قسم تاريخ في المملكة المتحدة في جامعة مانشستر وجامعة كيل … بعد وصولي إليها، فان المطاف انتهى في جامعة سان اندروز الاسكتلندية.. ومن ثم كان عملي على الدكتوراه في موضوع التاريخ الأيوبي في بلاد الشام فترة الحروب الصليبية. بعدها عدت الى العراق وعملت في جامعة الموصل بحثا وتدريسا منذ ثمانينات القرن الماضي.
كنت على مقربة من تجربة المستشرقين البريطانيين بماذا تخبرنا عن الموضوع؟
في الوقت الذي بدأت دراستي العليا سنة 1976 كان الاستشراق والدراسات العربية الإسلامية في أوربا بشكل عام، وبريطانيا بشكل خاص، قد بدأت بالتراجع،كان عصر عمالقة المستشرقين البريطانيين ك ارثر جيفري و ادوارد بروان رينولد نيلكسون توماس ارنولد .. وهنا نذكر الأكثر شهرة، قد ذهب منذ زمن، كان الجيل الذي تلاهم وعلى رأسهم هملتون كيب ، ارثر اربري .. قد ذهب أيضا أو كاد. كان الآخيرون من هذه المجموعة قد غادروا نسبيا ذلك النمط الاستشراقي المغالط والمستفز للعرب والمسلمين، وبدأت صيغ جديدة من الطرح بلغة أكثر حيادية وصقلا، وغابت مفردات خشنة من الخطاب الاستشراقي،ولكن بحلول الستينات انتهى هذا الجيل..وربما أخر الكبار الذين كانوا قد بقوا منتغومري وات أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة ادنبره الاسكتلندية، وأحد أخر المتبقين من الجيل الأقدم البروفيسور دوكلاس دنلوب وكانا أكثر حيادية وبحثا عن الحقيقة من جيل ولى كان يوما مستفزا متحيزا كالفرنسي لامانس والانكليزي مركوليوث . لقد قدر لي إن احضر بعض محضرات منتغومري وات في جامعة ادنبره قبل تقاعده، عندما كنت، قادرا، بسبب قرب المسافة النسبي بين جامعة سانت اندروز و ادنبره من القدوم كمستمع عند حدوث محاضرة عامة أو مشتركة بين الجامعتين. كان قد بقي مستشرقين ودارسين ممتازين آخرين ولكن ليس بشهرة من ذكرته ك جون ماتوك في جامعة كلاكسكو و ركس سميث في جامعة درهام وكذلك بيتر سلكليت في نفس الجامعة، والذي تخصص في دراسة تاريخ العراق الحديث، والمعروف بميوله اليسارية والذي كان صاحب مجموعة دراسات ومقالات لا تخلو من لغة عدائية تجاه نظام الحكم العراقي آنذاك. كان هناك أيضا بعض الأساتذة العرب ممن احتلوا مقاعد تدريسية في بريطانيا، وخاصة من الفلسطينيين والمصريين، مثل وليد عرفات في جامعة لانكستر الذي اثأر على نفسه عاصفة أنهكته ضراوتها عندما كتب بحثا يشكك فيه في رواية مصير يهود بني قريضة ، كذلك كان عبد الحي شعبان في جامعة اكستر والدباغ في درهام وعباس كليدار في جامعة لندن ..وبعض هؤلاء لم يكن على نفس الدرجة من حيث علاقته بأقرانه من المستشرقين البريطانيين. ولي مشاهدات على ذلك، وليد مثلا كان البعض يمتعض من مجرد ذكر أسمه، شعبان وده بعض المستشرقين الشباب وأعانوا في إعداد فهارس كتبه، مثل هيو كندي الذي هو في أيامنا هذه احد اكبر المستشرقين البريطانيين ومؤرخيهم، ويعمل في مدرسة الدراسات الشرقية في جامعة لندن بعد ان أمضى مدة طويلة من حياته العملية في قسم تاريخ العصور الوسطى في جامعة سانت اندروز . وزميلة كمبر الذي عمل ايضا،مثل كندي مدة طويلة في سانت اندروز في قسم الدراسات العربية والشرقية ، وكندي كان رجلا لا يجد غضاضه في خلق صداقة مع الدارسين العرب والتفاعل مع حياتهم السياسية وتاريخهم بايجابية، وهو الشيء الذي لا يجيده أكثر المستشرقين. المشكلة الأكبر هي في جامعة لندن وبالذات في مدرسة الدراسات الشرقية فمنذ إن غادرها جيل توماس ارنولد وهاملتن كيب وربما امدروز ، لم يستقر فيها مشاهير المستشرقين، باستثناء كاون و هولت وكان وسط السبعينات ربما الأكثر شهرة في التاريخ الإسلامي وخاصة مصر المملوكية وسودان المهدي.. ولكن كان هناك البروفيسور المثير للجدل الذي لا ينقطع، حتى اليوم، حول بحوثه وكتبه ومحاضراته وتلميحاته برنارد لويس . وقتها كان برنارد لويس قد غادر للتو عام 1976 إلى أمريكا بعد سنوات طويلة من العمل في جامعة لندن،و كان قد اشرف على دراسة العديد من الدارسين من العرب والعراقيين واذكر من العراقيين الدكتور عبد المنعم رشاد والدكتور فاروق عمر فوزي والدكتور عبد الجبار ناجي والدكتور عبد الامير دكسن والدكتور حسام قوام الدين السامرائي.. وكان انتقاله موضوع الساعة بين طلبة مدرسة الدراسات الشرقية في لندن. وقد تجاوز عمرة التسعين اليوم. وبحكم نقاشاتنا وحوارنا المستمر مع الدكتور عبد المنعم رشاد حوله وحول غيره من المستشرقين.
المستشرقون البريطانيون وقعوا في أخطاء كثيرة في دراستهم للإسلام،ولكن منهم من قدم خدمات جلى وكان منطقيا علميا، أسهم في تحقيق التراث كامدروز و ادوارد لين وبرتن وحتى ليونز و جاكسن وبعضهم كان رائدا في مواضيع تلقفها الدارسون العرب والمسلمين وطوروها كما هو الحال مع رينولد نيكلسن و جورج هنري فارمر و هملتون كيب و منتغومري وات . وفي الوقت الذي كاد الاستشراق القديم أن يحتضر، بعد ذهاب من ذكرناهم، وان تتوقف أنفاسه، عاجله المفكر العربي الأصل المسيحي الارثوكسي العقيدة، البنيوي المنهج ادوارد سعيد بضربة قاضية عندما اصدر كتابه الشهير الاستشراق بحدود سنة 1978..كل ذلك في نفس الوقت الذي ظهرت فيه أسماء جديدة مثل باتريشا كرونا وزميلها مايكل كوك والذين تتلمذا على كل من لويس والمستشرق الامريكي الوافد الى جامعة لندن انذاك جون ونزبره .
جهود استشراقية
كان الطلبة العرب وقتها في جدل مستمر حول شخصية كل من لويس وونزبره ومواقفهم السلبية من التاريخ العربي الإسلامي وسرعان ما ازداد الجدل في نفس ألسنه 1977 عندما صدر الكتاب الذي احدث رد فعل سلبي في أوساط الدارسين والأكاديميين العرب والمسلمين وحتى كثير من المستشرقين في بريطانيا وهو كتاب الهاجرية الهاكريزم الذي إلفه كل من بتريشيا كرونا و مايكل كوك برعاية لويس وونزيره. وقد قدم وقتها الكتاب فرضية متعسفة مختصرها الشديد انه لا يجب التعويل على المصادر العربية الإسلامية المبكرة في دراسة نشأة وتكوين الإسلام وتاريخه لانها من وجهة نظر المؤلفين تمثل زاوية رؤية إسلامية محابية لذاتها.. لذا فالأصدق عندهما هو دراسة الإسلام المبكر من خلال المصادر العبرانية والسريانية والارامية فهي معاصرة ومحايدة ، من وجهة نظرهم. وهي في مجموعها لاتتجاوز الجمل القليلة الغامضة لغة، والمعبرة عن قصص ساذجة ينتاب لغته أكثرها الغموض، وتقبل التأويل. وبالتالي خرجا بنتائج كما اشتهيا لها إن تكون.. وسرعان ما راج الكتاب ودخل في تكوين المناهج والكتب في الجامعات..وشغل الأمر الطلبة المسلمين وقتها، ومما يشهد له إن من أهم المستشرقين الذين تصدوا للكتاب وقتها وتابعوه نقدا بشغف، البروفيسور سارجنت من كامبرج، والذي أظنه دفع ثمن مواجهته تجاهلا وإغفالا.. وربما حتى إحالة إلى التقاعد مبكرا. هذا الاتجاه، رغم إن كوك لا يبدو انه استمر فيه بنفس الحماس، تبنته ورعته كرونا ولا تزال،حتى اليوم، وكلاهما حظيا برعاية لويس وأظنه أسهم في إمكانية انتقالهما إلى جامعة بنسلفانيا في الولايات المتحدة حيث الاثنان هناك باتريشيا كرونا لازالت تروج لاستبعاد المصادر العربية الإسلامية والى رفض كل مسلماتها وقلب كل الرؤى التي يمكن إن تستخرج منها بزعم التنقيحية في مواجهة التقليدية ورغم إن البعض، من الجيل الذي زامنها او الذي تلاها، بحكم التاثر بها نتيجة الترويج لنظرية كرونا سار على خطاها لكنه اجتهد فصحح او حاول التراجع نسبيا كالبروفيسور الامريكي الفريد دونر صاحب الفتوحات العربية الإسلامية فان باتريشيا لا تزال وحتى قبل أيام تهاجم دونر بلغة خشنة فيها من لكنة الارهاب عبر الانترنت والفيسبوك وتحاول إن تسقط عنه ميزة كونه تنقيحي وتهدد باحتسابه تقليدي رجعي
ظهرت في ثقافتنا العربية المعاصرة العديد من التيارات الفكرية من بينها تيار الثقافة المستعاد من الثقافة العربية الإسلامية عن طريق النقل وتيار الثقافة المستعارة من الثقافة الغربية التي أتتنا نتيجة الهيمنة الغربية وتيار الثقافة المستفاد وهي تدعو إلى التناقح بين الثقافة العربية الإسلامية مع الحضارات الأخرى هل يمكن إن نسقط هذه المفاهيم نفسها على دراستنا للتاريخ؟ وما هو اثر ثورة المعلومات على فهمنا للتاريخ؟
مشيئة
اولا، انا من المؤمنين قطعا بان التاريخ تحكمه مشيأة الله سبحانه وتعالى، فما نذكره من تفسير او تأويل للتاريخ، لايعني التجاوز على ذلك الايمان او سؤء فهمه، ولكنما المعني بذلك عندنا هو الاجتهاد في تفسير وشرح اليات حدوث الحدث التاريخي، واسباب حدوث الاحداث واعمال البشر من سياسات ومنجزات، كما تبدو للمعاين لها وبقناعة جازمة انها محكومة بالمشيئة الالهية. ولا شك إن علم التاريخ كأي حقل معرفي تتغير أساليب البحث فيه وتتنوع مناهج التناول والتفسير، بالإضافة إلى تجدد فلسفات التأويل التي تؤطر لفهم مساراته وسبل سيرورته. وهو يخضع في تجدد عروضه او تقديمه الى الجمهور إلى الجهد الذاتي النابع من دراسته كحقل معرفي ذو إمكانيات حفز منهجي توفره تجارب بشرية متواشجة، أو، من خلال الاستعارة لمفاهيم منطقية ومعارف قياسية ومناهج يحثية من حقول المعرفة المنوعة المجاورة لعلم التاريخ، فترفده بالمتجدد من سبلها وفلسفاتها ومناهجها وطرئقها في التحليل. التفاسير القديمة، ومنها ما افرزته ايديولوجيات وضعية، قد انجزات،بنسب متفاوتة القيمة المعرفية، انجازات مهمة لفهم حركة التاريخ وما تزال تقدم بهذا الخصوص فرص فهم فلسفي لحركة التاريخ رغم ضمور النزوع الإيديولوجي الوضعي وحلول فرص التطبيق العلمي التجريبي بدل الايديولوجي النظري. ان طرائقا تاؤيلة جديدة على مستوى فهم النصوص التاريخية الموروثة قد تطورت. التناول الفقه اللغوي، التناول السميائي، والنهج البنيوي ثم التفكيكي أنتجت ثمارا مثيرة أثرت الذخيرة التاؤيلة للنص التاريخي الموروث ووسعت افاق المعرفة نتيجة ذلك بالماضي.، زاد فهم شخصية المؤرخ ودوافعه ورؤاه وانتماءاته وولااته، وكذلك سايكلوجية الراوي والرواية، ثم القاري كمتلقي ومكانه من النص.
وعلى مستوى تنامي المعرفة البايولوجية، وسبر اعماق البنى المعقدة للجينات، وتحليل دي ان اي الخلايا، كلها وفرت سبلا جديدة لفهم اوسع للحياة، وفيما يخص علم التاريخ والاثار، طالت الرمم القديمة والبقايا البايولوجية المدفونة للانسان، فحلت الغاز موت بعض المشاهير او الجموع..وبينت اوجه اجرام خافية وأدركت صلات قرابة غائبة من حساب المؤرخين.. لقد وظفت هكذا معارف لتحقيق اكتشافات تاريخية ولتحقيق علم بالماضي ظن المؤرخون يوما استحالة استحضاره..مما اتاح الفرص لقراءات جديدة لسجلات كانت طي الأثير.
تطور المعرفة بالفيزياء وتضخم حجم التطبيقات العملية لإمكانات المعرفة الفيزياوية..غير مقاييس العلماء التقليدية، رافقه تطور علم الضوء والبصريات..وإنتاج عدسات هائلة الإمكانية..ومن ثم كاميرات فائقة القدرة على التصوير المتباطئ والمتعاجل بتفاوتات سُرَعيّة تحسب بأجزاء أجزاء الثانية..وفر فرص رصد ومراقبة وإدراك لم تتح للبشرية من قبل.
اتساع طاقات الحواسيب، ونمو إمكانيتها التحليلية الكمية، والتطبيقات الافتراضية.إمكانية توفير نصوص بالملايين في خزائن افتراضية،و نقلها عبر المكان بأسرع من إحساس الإنسان بالزمان فعلى مستوى توفر المادة الخام للدراسة التاريخية،من وثائق وصور ومراجع، وحتى إمكانية أجراء حوارات عير شبكة الانترنيت فان التكنولوجية الحديثة لما بعد التسعينات قدمت إمكانيات لم يكن الباحثون ليحلموا بها، فالمكتبات الافتراضية والاراشيف، وقواعد المعلومات الهائلة،وخزانات الكتب النادرة الهائلة العدد المخزنة الكترونيا جاهزة اونلاين، زائدا الألبومات الخرافية في إحجامها للصور الشخصية الخاصة والرسمية وللأحداث الجماعية، والفيديوهات والأفلام القديمة والبالغة الحداثة لشتى الامور توفرت كما لم يحلم احد ان تتوفر للاستخدام الخاص والعام بالسهولة الموجودة اليوم… كلها لم تكن أساسا ليتخيل مؤرخ الأمس انه يستطيع إن يحصل على بعضها.. مصادر أو مراجع، مثل مقالات صدرت قبل خمسين سنة في بلد أخر كانت تتطلب سفرا مضنيا لمراجعتها، اليوم توفرت بواسطة أجهزة المسح والإرسال عبر البريد الالكتروني أو عبر وسائط المكتبات الافتراضية في ثواني . اذكر إن بعض البحوث التي رصدتها إثناء دراستي في بريطانيا في الثمانينات بقيت أسعى للحصول عليها عبر أصدقاء أو مؤسسات علمية لسنوات دون جدوى، توفرت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في ثواني عبر المكتبة الافتراضية كال جي ستور ..زائدا إمكانية تقديم مرتسمات كاملة افتراضية ثلاثية الابعاد لأبنية او منشاءات لم يتبق منها سوى فتات أضراسها وإتاحة الإحساس بوجودها فيزياويا.. كلها غيرت من إمكانيات ومستوى النتائج العملية للبحث العلمي بعامة، والتاريخي منها بشكل خاص. في حال اجتماع كل أو بعض المتاحات العلمية والتقنية المتطورة أعلاه إلى بعضها يمكن تقديم التاريخ وإيضاحه وتفسيره وإدراكه كما لم يتصور المؤرخ مهما كلن حالما يوما فيما مضى..صارت الأفلام الوثائقية المصورة بأعظم دقة وتقنية نتيجة التطور التقني تقدم أفلاما في ساعة او ساعتين عن موضوع تاريخي لم تكن عشرات المجلدات التي تستغرق مئات ساعات القراءة ان تقدمه، وأحسن مثال نظرية المؤرخ والجغرافي الأمريكي المعاصر الكبير جارد دياموند عن نشأة وتطور وانهيار المجتمعات في مجلدين ضخمين قدمت في فيلمين وثائقيين من ساعتين بإيضاح ودقة أكثر مما استطاعه المجلدون… بقدر تعلق الأمر بالمؤرخين فان إمكانيات السبر والتأويل والإلمام وتوفر الخبرات وفرص التثبت من احتمالات الحدس، كلها نمت واتسعت، واتضحت تفاصيل خافية التعقيد، وبالتالي تناغمت ثمار البحث. كل ذلك جعل دراسة التاريخ أكثر تعقيدا وتنوعا ولكن أوفر حصيلة وأوضح عرضا وإفهاما..
AZP09

*https://www.azzaman.com/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%B1%D8%AE-%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D9%84-%D8%B9%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A8%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%88%D9%85%D8%B1%D8%AF-%D9%84%D9%80%D9%80-%D8%A7%D9%84%D8%B2/

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2025

البارزاني ثلاث مفارقات وثلاثة دروس... وثمة ذاكرة بقلم : الاستاذ الدكتورعبد الحسين شعبان

 




البارزاني

ثلاث مفارقات وثلاثة دروس... وثمة ذاكرة

 

الاستاذ الدكتورعبد الحسين شعبان

أكاديمي ومفكّر

 

حين يلتقي الأدب بالذاكرة يحضر التاريخ ليكوّن مشهدًا مفتوحًا بتجلّيات الوجدان الإنساني، ولعلّ ذلك ما حدث في البرلمان العراقي في توثيق سردية حيويّة لرواية الصديق جان دوست، التي عنوانها "آخر معارك الجنرال"، والتي تناولت الفصل الأخير من رحلة الزعيم الكردي الملّا مصطفى البارزاني.

‏لم أكن قد حدّدت إطارًا لمحاضرتي، لكن عند دخولي قبّة البرلمان، ارتسمت أمامي ثلاث مفارقات وثلاثة دروس، كما قفزت أحداثًا بعيدة ظلّت حاضرةً في ذاكرتي، وهي أقرب إلى جسر بين الماضي والحاضر بالتطلّع إلى المستقبل.

المفارقة الأولى - إن الملّا مصطفى البارزاني يحضر في البرلمان العراقي بكل وزنه المعنوي وثقله الأدبي، فمن كان يتصوّر حدوث ذلك قبل ربع قرن من الزمن على أقل تقدير؟ ‏ فقد كان حين يرد اسمه في المحافل الحكومية الرسمية، يوصف بشتى الأوصاف غير السياسية من قبيل "قاطع طريق" و "متمرّد" وزعيم "الجيب العميل" وغير ذلك من الإساءات، لكنه اليوم حين يُذكر اسمه فإن صفاته التي يعرفها الشعب الكردي هي التي تتبعه كزعيم للحركة الكردية وقائد لثورة أيلول/ سبتمبر 1961، التي مثّلت طموح الشعب الكردي وعبّرت عن تطلعاته.

المفارقة الثانية - إن هذه العودة جاءت عن طريق الأدب والثقافة، اللذان يوحّدان، في حين أن السياسة مفرّقة. وحسب الروائي الروسي الكبير مكسيم غوركي فالأدباء والفنانون هم من يكتبون التاريخ وليس المؤرخين. والبارزاني وإن كان تاريخًا، فهو مستمرٌ ومتواصلٌ وعابرٌ للجغرافيا كرمزية للشعب الكردي والأمة الكردية.

وكان الجواهري الكبير هو من عبّر عن ذلك في قصيدته الموسومة " كردستان أو موطن الأبطال"، والتي يقول فيها:

قَلبي لكُردِستانَ يُهدى والـــفَمُ ... ولقدْ يَجودُ بِأصـغَـرَيْهِ الـمُـعْدَمُ

إلى أن يقول:

سَلـِّمْ على الجَـبـلِ الأشَــمِّ وأهلـِـهِ ... ولأنتَ تـَـعــرِفُ عـنْ بــنـيهِ منْ هُمُ

ويصف البرزاني بالقول:

صُلبُ الملامحِ تتَّقي نظراتِه ... شهْبُ النُّسورِ ويَدَّريها الضَّيغَمُ

المفارقة الثالثة - أننا نجتمع في قاعة الشاعر البرلماني والوزير محمد رضا الشبيبي، وهذه رمزية أخرى، فالشبيبي كان من المناصرين للقضية الكردية، وكان قد كتب مذكّرة إلى الرئيس عبد السلام محمد عارف في العام 1965، طالبه فيها بحل القضية الكردية سلميًا، وحين عاد إلى بغداد بعد زيارته كردستان، توفّي في العام 1966.

أما الدروس الثلاثة فهي:

أولها - الواقعية السياسية وبُعد النظر الذي تحلّى بهما، وبقدر ما امتلك من صلابة مبدئية، فقد تمتّع بمرونة سياسية، تلك التي أمْلت عليه البحث عن حلول واقعية في ظلّ الدولة العراقية، بدءًا من المواطنة المتساوية والمتكافئة، إلى الحكم الذاتي في إطار حق تقرير المصير للشعب الكردي.

‏وينطلق البارزاني في ذلك من إيمانه الحقيقي بالعلاقة التاريخية العربية - الكردية، حيث كان مُستعدًا في جميع الأوقات والظروف إلى الحوار مع الحكومات العراقية المتعاقبة، وكان دائمًا ما يميّز بين مواقف الحكومات وبين مواقف العرب، ولذلك كان يعتزّ بصداقاته العربية، ونستذكر هنا أسماء شخصيات لامعة كان يكّن لها شديد الاحترام مثل: عزيز شريف وكامل الجادرجي وإبراهيم كبة وحسين جميل والسيد محسن الحكيم وجمال عبد الناصر وكمال جنبلاط وغيرهم.

‏وثانيها - إن تحالف القوى والحكومات المعادية للكرد لابدّ أن يواجَه بتحالف من جانب أصدقائهم. وكان قد حُكم على البارزاني بالإعدام في كل من العراق وإيران في أواسط الأربعينيات من القرن الماضي، وبالطبع فإن موقف تركيا لم يكن بأحسن حال من مواقف الحكومات التي تتنكّر لحقوق الشعب الكردي. وقد اضطر البارزاني إلى اللجوء إلى الاتحاد السوفيتي بعد فشل جمهورية مهاباد في العام 1946، وإعدام القاضي ملّا محمد، وهو الأمر الذي أدرك فيه أهمية التضامن مع الشعب الكردي، أي تحويل الجغرافيا لصالحه وليس ضدّه.

ثالثها - أدرك البارزاني أن اتفاقية 6 آذار/ مارس 1975 (اتفاقية الجزائر)، والتي تنازل فيها العراق عن نصف شط العرب حسب خط الثالويك لصالح إيران، أدّت إلى انهيار الحركة الكردية المسلحة، وذلك بسبب تواطؤ القوى الخارجية وتقديم مصالحها الأنانية الضيقة عليها، لذلك لابدّ من اعتماد الكرد على أنفسهم وعلى أصدقائهم الحقيقيين من أبناء المنطقة، ولا سيّما من العرب، لأن القوى الخارجية مهما أبدت من استعدادات لدعم الكرد، إلّا أنها في نهاية المطاف لا يهمّها سوى مصالحها، وقد يكون من بين أهدافها إضعاف الجميع لتبقى متحكّمة بهم.

 ونستعيد هنا ما ورد على لسان هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة في العام 1975، من مبررات لتخلّي واشنطن عن دعم الكرد بناءً على طلب طهران تمهيدًا لاتفاقية الجزائر المذلّة، كما ونستذكر هنا ما أكّده تقرير بايك المقدّم إلى الكونغرس بجلسة سرية العام 1976 من حجج وذرائع لذلك الموقف المتواطئ.

أمّا الذاكرة، فهي اللقاء التاريخي الذي جمعني بالملّا مصطفى البارزاني في مطلع شهر أيار / مايو 1970 وبعد بيان 11 آذار / مارس بين الحكومة العراقية والثورة الكردية، فقد زرته على رأس وفد إلى كلالة بصحبة الصديق ملازم خضر (الفريق سهيل نعمان التميمي)، وقد حضر اللقاء علي عبد الله وصالح اليوسفي وعلي السنجاري ومحمود عثمان، ثم وصل بعد ذلك عزيز شريف، وقد استقبلنا فرنسوا حريري.

استمعت إلى البارزاني وكأنه صوت من التاريخ، فهذا الذي أجلس إلى جانبه سليل أسرة عريقة، وهي صاحبة الطريقة النقشبندية، وكوني من عائلة دينية أعرف ماذا يعني ذلك، وهي أسرة مكافحة وشجاعة. وروى لي كيف تمّ استباحة منطقة كردستان 17 مرّة، وأنه اعتُقل هو ووالدته في سجن الموصل وعمره 3 سنوات، وأعُدم شقيقه عبد السلام، وقد شارك مع الشيخ أحمد شقيقه في انتفاضة الشيخ محمود الحفيد (1919)، وعاش في الاتحاد السوفيتي نحو 12 عامًا.

وأتذكّر أنه كتب رسالةً (خطّها صالح اليوسفي) نشرناها في جريدة طريق الشعب السريّة (عدد حزيران / تموز 1970)، بخصوص سعيه لإطلاق سراح المعتقلين، وعمله من أجل جبهة وطنية تضمّ الجميع، وختمها بالآية القرآنية "ولا يكلّف الله نفسًا إلّا وسعها" [البقرة: 286]، وفي نهاية اللقاء أهداني مسبحة (صناعة يدوية) ومبسم سيجارة من صنعه، وبقيت أحتفظ بهما لسنوات، إلّا أنهما صودرا عند كبس أجهزة الأمن منزلي، مثلما صودرت مكتبتي الخاصة.

أختم بالقول، إذا كانت الرواية الروسية قد خرجت من معطف غوغول، فإن الحركة الكردية المعاصرة قد خرجت من جمداني (غطاء الرأس عند الرجال) البارزاني.

 

-       نشرت في جريدة الزمان (العراقية) في 20 تشرين الأول / أكتوبر 2025


هكذا تكلم الدكتور إياد علاوي ............حاوره الدكتور احمد عبد المجيد رئيس تحرير جريدة (الزمان) الطبعة العراقية


 هكذا تكلم الدكتور إياد علاوي ............حاوره الدكتور احمد عبد المجيد رئيس تحرير جريدة (الزمان) الطبعة العراقية

أحاديث ليست للنشر مع إياد علاوي: هكذا تعامل مع بريمر وكيف أطلق أركاناً سابقين من الإعتقال
كيف نجا من الإغتيال والمطاردة وإحتفظ بذاكرته الحديدية؟
أحمد عبد المجيد
لم يولد الدكتور اياد علاوي وفي فمه ملعقة من ذهب، برغم انحداره الطبقي المعروف، فالرجل اذا جلست اليه وشحذت ذاكرته تلمس حجم التحديات التي واجهها في حياته، منذ كان طالباً في كلية الطب بجامعة بغداد.
كانت سنوات الدراسة، على صعوبتها، حقبة صراع سياسي بدأت معالمها بالتبلور بعد ما عرف باضراب الطلبة الذي كان شرارة الاطاحة بزعيم ثورة 14 تموز 1958، ثم كانت بعد ذلك نقطة الانطلاق نحو الخلاف الحاد مع الصعود المفاجئ لصدام حسين ومحاولاته الهيمنة على التنظيمات الشبابية وغيرها.
لقد ظلت هذه الخلافات قائمة بشدة بعد تموز 1968 والدور الذي تبوأه صدام حسين في مواجهة خصومه، علناً والشروع بتصفيتهم واحداً واحداً وجماعات، لكن هروب اياد علاوي الى بيروت ومنها الى لندن انقذ حياته وأسرته من الموت.
ويتذكر علاوي تسلسل هذه الوقائع وكأنها من بنات أمس القريب. يتحدث عنها بالشرح والتفصيل، لأنها تمثل مصدراً من مصادر قوته الشخصية ودلالة على رفضه البات لسياسة الاحتواء ثم الانزواء و الاغتيال. وكم مرة واجه هذا الخيار وقرر البقاء على رفض السياسة التي اتبعت معه ومع مئات البعثيين، عبر قنوات استخدمها صدام حسين للتهديد والوعيد وتنفيذ المحاولات.في شقته بلندن دهمته خلايا الجلادين بساطور، وكاد ان يفقد حياته وحياة زوجته، التي ترحم على روحها في اكثر من موضع خلال لقاء جمعنا بعلاوي بداره في شارع الزيتون ببغداد. ولا يأخذن الوهم أحداً فيظن ان الرجل يتعامل أو يتصرف مع القادمين اليه وفق بروتوكول الزعيم أو الدكتاتور، بل ما يلفت النظر عنه، تواضعه الجم وحرصه على تسمية ضيوفه بأسماء محببين الى نفسه، فكثيراً ما كان يصف المحامي البارز ضياء السعدي الذي مهد لهذا اللقاء (ضيوئي) أو يصف الدكتور علي الرفيعي الذي التحق بنا ، (علاوي) وكذلك فعل مع رابعنا المرشح المدني نبيل السامرائي. لعلها طريقة تحتمل أمرين الاول رفع الحرج عن الضيوف ونشر الارتياح في نفوسهم ليأخذ الحوار معهم انسيابية دافئة، والثاني يعكس طبيعة المضيف البغدادية التي تنهل من تراث اجتماعي ودي.
في اللقاء اكتشفت الطبيعة الانسانية لعلاوي، عبر سلسلة من تدخلاته أو توسطاته لانقاذ ذوي حاجة أو رفع مظلمة.
حاكم مدني
وقد حدثنا عن دوره في اقناع الحاكم المدني بول بريمر من اجل اطلاق سراح الخبير في التصنيع العسكري عامر السعدي ، وعضوة القيادة القطرية هدى عماش التي قال انها مكثت في منزله مع شقيقتها اسبوعين، قبل مغادرتها العراق، ووزير النفط الاسبق صفاء الحبوبي ، ودوره كذلك في تهريب احمد نجل عزة الدوري الى سوريا، ابان كان مصاباً بطلق ناري في كليته.
وبدا لي علاوي فخوراً وهو يكشف انه والزعيم مسعود البارزاني كانا الوحيدين اللذين لا يقفان عند قدوم بريمر لرئاسة مجلس الحكم. وأكد (انهما الوحيدين اللذين لم يكونا يتوافقان معه على قراراته).
كان علاوي مزهواً جداً وهو يستذكر دوره أيضاً في اقناع (الأمريكان) بضرورة الحفاظ على مصانع التصنيع العسكري بوصفها ملكية عامة للدولة وحماية موظفيها بوصفهم تقنيين وأكاديميين، وعلى ضرورة اعادة الضباط القدامى في الجيش السابق الى الخدمة وتشكيل هيكلية قوات مسلحة تمتد الى أرث الجيش العراقي.
وفيما كان الحديث يتواصل بيننا، كان السعدي يذكر علاوي ببعض أصدقائهما السابقين، ويأسف الرجل لانه، أما لم يتواصل معهم بسبب ظروف الغربة، أو توفاهم الله فحرمه من لقائهم.
وعلى الفور طلب من السعدي الاتصال بعائلة أحد اصدقائه الذين رحلوا، ثم استعار الهاتف وبدأ حديثاً مفعماً بالتحايا مع نجل الراحل، مشيداً بكفاحه، وابدى الاستعداد للمساعدة في أي طلب، كما رجاه ايصال سلامه وتحياته الى والدته.
ان سيرة اياد علاوي طويلة وحافلة لا تتسع جلسة واحدة، بكل ما انطبع فيها من اريحية وصفاء ذهن، الى تسجيلها بالكامل، ولذلك اقترح الاطلاع على مذكراته (بين النيران) التي طبعت بثلاثة اجزاء، ففيها معلومات وافية عن المحطات الصعبة. وأبديت ترحيبا بالفكرة، لاسيما واني زرت علاوي لتقديم نسخة من كتابي الجديد اليه (خير جليس واسماء ملهمة). وقد فاجأني بالتمعن الدقيق بغلافه وتصفح صفحاته، لالتقاط ما تيسر له من لمحات فيه، ما خلق انطباعاً ايجابياً لدي بأن علاوي قارئ جيد للكتب، مثلما هو قارئ سياسي واخلاقي جيد للاوضاع العامة، كالحديث عن الثقل الانتخابي والامور السياسية.
قمة عربية
لم تخل الجلسة من مداولات وعرض رؤى في الشؤون الحياتية وتطورات الحراك الداخلي والأوضاع الاقليمية، وصادف ان التلفزيون في صالة الضيافة، كان يعرض مباشرة مؤتمراً صحفياً من الدوحة، عن مخرجات القمة العربية الاسلامية. وقد أجمل علاوي رؤيته بايجاز، مثنياً على دعوة الرئيس التركي الى أهمية اعتماد العرب والمسلمين على انفسهم في التسليح، ودعوة الزعماء الاخرين بضرورة القيام بعمل نوعي حقيقي لردع اسرائيل ولجم تهورها في المنطقة وايقاف حرب غزة التي تحولت الى ممارسة مدانة دولياً للابادة الجماعية لشعب فلسطين.
وكانت قد سنحت لي فرصة سابقة بمعية نخبة محدودة من الشخصيات بينهم المفكر عبد الحسين شعبان للقاء علاوي، لكني وجدته في هذا اللقاء أكثر حيوية ونشاطاً، ولمست فيه ذاكرة حديدية، برغم تقادم العمر. فهو راو ممتع للحوادث، لا ينسى شيئاً من تواريخها واسماء ابطالها، ويحرص على روايتها بالتسلسل المنطقي معززاً بعض تفاصيلها بالشواهد والبراهين، انه لا يسرد الوقائع التاريخية، ليكون بطلاً لها أو يستعرض أدواره في بيئة مضطربة وساخنة عاشها الرجل، بل يرويها كشاهد اثبات، ولاسيما انــــــــه يتحــــــدث الى صحفي والى رجال قانون.
وكـــــــــنت مهتماً بروحية الوفـــــاء التـــي اتصفت بها مرويات علاوي، عندما تذكر المفكر الاسلامي الراحل عز الدين سليم، الذي وصف برجل الاعتدال وأسف لحادث اغتياله الناسف.
وعلي الاعتراف ان اللقاءات التلفزيونية التي تجرى مع علاوي، ظلمت الرجل كثيراً، فما وجدته في حديثه من تدفق وقدرة عل الاقناع يدعواني الى الجزم بأن الوقوف امام الكاميرا صناعة لا يجيدها السياسيون احياناً، مثلما يقع في مطباتها المفكرون احيانا. فأياد علاوي رجل مجالس وادارات سياسية ميدانية، واذا كان يفتقر الى موهبة السجال الحواري والاجابات الصارخة والارتجال، فأنه يبقى عنواناً في رجل ومناضلاً ثورياً لا يهدأ له بال.
في اليوم التالي رأيت ان أنقل الى الاستاذ سعد البزاز تحيات وتمنيات طيبة حملني اياها علاوي له، فأجابني برسالة نصية:
(د.أياد وطني ثابت وصادق ومكافح يستحق الاحترام والتقدير والوفاء). لا أبلغ من شهادة صادقة من نفس أبية.
* جريدة الزمان عدد يوم 17-9-2025 والرابط https://azzaman-iraq.com/content.php?id=111074 

الأحد، 19 أكتوبر 2025

#مكتبة ابراهيم العلاف .......................في جريدة (#الزمان) اللندنية


 

#مكتبة ابراهيم العلاف .......................في جريدة (#الزمان) اللندنية
مقال كتبه الصحفي البارع الاستاذ سامر الياس سعيد
عدد اليوم الاثنين 20-10-2025 ........وصباحكم خير وعز واهلا بالاحبة الكرام

https://www.instagram.com/p/DQAVTUlDbqy/

محمد حبيب العبيدي 1882-1963 مفتيا وسياسيا وشاعرا ا.د. ابراهيم خليل العلاف


 




محمد حبيب العبيدي 1882-1963 مفتيا وسياسيا وشاعرا
ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
السيد محمد حبيب العبيدي مفتي الموصل الشاعر والسياسي الوطني العروبي المسلم كتب عنه كثيرون . وكتبتُ عنه انا في رسالتي للماجستير عن :"ولاية الموصل :دراسة في تطوراتها السياسية " فضلا عن أماكن اخرى وفي مقالات وبحوث ومما نعرفه ان صديقنا الاستاذ احمد الفخري كتب عنه كتابا بعنوان :" ذكرى حبيب :ديوان السيد محمد حبيب العبيدي مفتي الموصل " طبعه على نفقته الخاصة الاستاذ عبد القادر العبيدي في مطبعة الجمهورية بالموصل سنة 1966 .
والكتاب بالاصل كان رسالة للماجستير كان من المؤمل ان يناقشها في جامعة القاهرة لكن ظروفا شخصية حالت دون ذلك .
وممن كتب عن السيد محمد حبيب العبيدي الاستاذ مير بصري في كتابه :"أعلام اليقظة الفكرية في العراق " ، والاستاذ روفائيل بطي في كتابه :" الادب العصري في العراق " ، والدكتور عبد الله الفياض في كتابه :"الثورة العراقية الكبرى " والدكتور عمر الطالب في :"موسوعة أعلام الموصل في القرن العشرين " .ومما قاله ان السيد محمد حبيب العبيدي هو محمد حبيب بن سليمان مفتي الديار الموصلية، سمي بالعبيدي نسبة الى جده عبيد الله بن خليل البصير. وأسرة العبيدي فخذ من الأسرة الأعرجية الهاشمية، عاصر الدولة العثمانية في أواخر أيامها، مناوئاً الحكومات المختلفة التي عاصرها، وأيد الدولة العثمانية بسبب تحمسه للإسلام.
سافر العبيدي الى بيروت سنة 1911 ونشر قصائداً في الصحف اللبنانية، ومنها سافر الى استنبول سنة 1912، وعاد الى الموصل يدعو الى اتحاد المسلمين ضد الدول الغربية، وحفزه إعتداء إيطاليا وغزوها ليبيا سنة 1911، وحرب البلقان 1913 على إلقاء قصيدته: " ألواح الحقائق" في المنتدى الأدبي بالأستانة، سافر الى بيروت سنة 1914 ونشبت الحرب العالمية الأولى، انتخب عضواً في (الهيئة العلمية) المؤلفة من علماء بلاد الشام، وزار جبهة الحرب في (جناق قلعة) ونظم أشعاراً فيها.
وحينما انتهت الحرب اعتقل في معسكر قصر النيل بمصر وبقي في الأسر حتى سنة 1919 حيث افرج عنه ، وعاد الى العراق ونظم قصيدته الشاكية :" الكتب المقدسة" ، عاد الأمل الى نفسه بعد نشوب ثورة 1920 ، ونظم قصائد حماسية هاجم فيها الإنكليز.
وضع العبيدي أمله في الملك فيصل الأول حينما قدم الى العراق، الا أنه ظل ينعى على البلاد تحكم الإنكليز في مقاديرها، مما أرهق أعصابه ودفعه للسفر ثانية الى بلاد الشام سنة 1930 وبقي فيها حتى سنة 1932، ونظم أشعاراً سياسية تشي بالأوضاع المنهارة فيها.
بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة انتخب نائباً عن الموصل مرتين، مرة في وزارة الهاشمي سنة 1936، ومرة في وزارة حكمت سليمان سنة 1937.كما قبل منصب الإفتاء في الموصل سنة 1922 وبقي فيه حتى وفاته لشعوره بأن هذا المنصب لا يحد من حريته والمجاهرة بأرائه، بل لعله يزيد من تأثيره فإن ما في هذا المنصب من هيبة دينية ومنزلة معنوية رفيعة أسبغ عليه درعا ضاعفت من جرأته واعلت صوته في المعارضة والانتقاد لكثير من الاتجاهات السياسية والاجتماعية التي سلكتها الحكومات العراقية المختلفة بل والحكومات العربية ايضا .
تعرض للعنت من الحكومات وجهر بالشكوى :
كل يوم دولة تظلمني
ويح فرد (حاربته ) دول
وحين انتحر عبد المحسن السعدون رئيس الوزراء سنة 1929 ثأثر بالحدث ، وكتب قصيدة جعل من موت السعدون رمزا لموت آمال الشعب في الاستقلال .
لاتلوموه إن تولى وهاما
ان آماله غدت آلاما
علل النفس بالاماني حينا
قاتل الله تلكم الاوعاما
قد تلذ الاحلام للمرء حتى
لم يشأ ان بكذب الاحلاما
كتب في كل ضروب الشعر ، وكان شاعر وطنيا بإمتياز عاش التاريخ كما يقول الاستاذ احمد الفخري -في فكره وعواطفه وايمانه وعقيدته يستلهمه ويستوحيه بل انه لم يستطع أن يجرد حاضره منه
قللذين تقلصت أفياؤهم
لكمو من التاريخ خير مثال ِ
كمل الحياة لامة تاريخها
مثل العتاق لقحن بعد حيال ِ
اعتزل الناس في العقدين الأخيرين من حياته، كان يجيد اللغة التركية ونظم فيها الشعر الى جانب إجادته اللغة الفارسية.
من مؤلفاته: 1-الديوان، ذكرى حبيب تحقيق أحمد الفخري عام 1966.
2-خطبة نادي الشرق 1913
3-حبل الاعتصام 1916
4-جنايات الإنكليز على البشر عامة وعلى الإنكليز خاصة 1916.
5-صدى الحقيقة في العاصمة 1916.
6-النواة في حقول الحياة 1931
7-ماذا في عاصمة العراق من سم وترياق 1934.
8-النصح والإرشاد لقمع الفساد 1946.
9-الميزان بين الكفر والإيمان 1944.
ومن كتبه المخطوطة: 1-رسائله ومقالاته
2-فروق الحديثة (وفروق اسم لمدينة استنبول )
3-المجاولات السياسية وأسباب الفشل الأساسية
4-الغليل في رحلة وادي النيل
5-الجراثيم الثلاث : الأمراء والعلماء والنساء
6-إيقاظ الوسنان في حياة الإنسان.
يقول الاستاذ احمد الفخري في تبرير عدم قيام العبيدي بطبع ديوانه في حياته :" ان الذين يعرفون العبيدي حق المعرفة ويعرفون مزاجه الشاعري يعلمون انه لم يكن له من سعة الصدر وشدة الاهتمام بإموره الشخصية ما يجعله يعنى بجمع شعره وتبويبه ،بله شرحه وتفسيره ومن ثم فقد ضاع - للاسف - الكثير من شعره .رد على اراء الرصافي في كتابه "رسائل التعليقات " لكنه لم ينشر الكتاب وعدل في آخر لحظة عن نشره ............رحم الله السيد محمد حبيب العبيدي فقد أدى واجبه وخدم وطنه وأمته فجزاه الله خيرا ..
*منشورة في موقع (دنيا الوطن) 2017-04-14 والرابط التالي :https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/434163.html

في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل

  في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل اقول تعليقا على ما كتبه اخي وصديقي العزيز الناقد والكاتب الاستاذ صباح سليم علي عن اولئك المنتقدين لجلسات...