الأربعاء، 12 فبراير 2025

في ذكرى وفاة الشاعرة العراقية الكبيرة الاستاذة آمال الزهاوي 1941-2015

الشاعرة العراقية الكبيرة الاستاذة آمال الزهاوي 1941-2015

                                            الشاعرة العراقية الكبيرة الاستاذة آمال الزهاوي 1941-2015




في ذكرى وفاة الشاعرة العراقية الكبيرة الاستاذة آمال الزهاوي 1941-2015
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة الموصل
وما زلتُ اتذكر الكثير من قصائدها ، ومنها قصيدتها عن (بغداد عاصمة الخلافة ) نظمتها في حادث الاحتلال الامريكي لبغداد يوم 9 من نيسان -ابريل 2003 ، وفيها تقول :
سقطتْ بهذا اليوم عاصمة الخلافه
سقطتْ واعمدة اللهيب تقاطرت
وجيوبها .. لم يبق في اعماقها
غير النظافه
وتمزّقتْ هالاتها السبعون
عند الكرخ .. أو عند الرصافه
ظلّ الصواريخ التي انطبعت
على جدرانها
فتهافتتْ قصفا ..
كما ارتسم الرصاص كشكل مصفاةٍ
لها اسرارها يوم الخرافه
وحريقها المسودّ يعبر في صلافه
عبرت علينا طاقة الاحزان
في هذي المسافه
فلتخرجوا في غمرة الصوت الغريب
من البيوت الى الشوارع حيث حطتْ
نفسها
السوق مزدحم به الاغراب
اصناف من البشر الذين يبدّلون جلودهم
وقت الصرافه
وقفتْ على اجداثنا كل القوى
وتمزّقتْ كل الرؤى
أسفي عليك اقولها
أسفي على شعب يضيع على الجوانب
في هامش الحرب استوى دهرا يحارب
مرت على الارض التي مرت عليه
وعندما وجب القتال عليه
وخاض معركة الذي ماعاش
كي يبقى يحارب
وخلالها سقطتْ بهذا اليوم عاصمة الخلافه
سقطت لان الحافلات غنية
بقنابل النابالم
تحرق هؤلاء الجند
تنزل في كثافه
لتقطّع الاوصال في يوم به
مليون افه
سقطت لان الجند ما عادوا كما كانوا
سقطت بايدي هؤلاء
مغول هذا العصر
وقد انتهت اشياؤنا
وقد انتهى وقت الترجّي
وامامنا كل الذين تساقطوا
أجسادهم قد أهملت فوق الثرى
وهناك من يفترّ عبر شوارع قالت له
كل البلاد له
تحنو على اقدامه .. فتبرّأتْ
الله من هذي الطرافة
الشاعرة الاستاذة السيدة المبدعة آمال الزهاوي ، توفيت يوم 13 من شباط -فبراير سنة 2015 ..توفيت في مثل هذا اليوم قبل عشر سنين ، وكان لوفاتها وقع محزن في الاوساط الشعرية والثقافية والصحفية العراقية المعاصرة .
كتب عنها كثيرون ، وممن كتب الشاعر العراقي والكاتب والصحفي المجدد الاستاذ سامي مهدي رحمه الله كتب فقال :"إذن فقد رحلت آمال الزهاوي . رحلت الشاعرة الجميلة التي كانت حياتها كلها شعراً في شعر . رحلت وهي تقاوم بالشعر حياة العزلة وتطرد شبح الموت ، وظلت تكتبه حتى الرمق الأخير .
كانت زميلتي في كلية الآداب ، فنحن من دورة دراسية واحدة ( 1958 – 1962 ) ، درست هي في قسم اللغة العربية ، وأنا في قسم الإقتصاد . وقد عرفتها منذ تلك الحقبة . وآمال من مواليد سنة 1940 ، أو 1941 ، وليست من مواليد 1946 كما جاء في بعض الكتابات ، وهذا ما تؤكده سنة دخولها الكلية و سنة تخرجها فيها .
كانت رحمها الله من أجمل جميلات الكلية . أنيقة في ملبسها ، بسيطة في زينتها ، مهذبة في سلوكها ، رقيقة في تصرفاتها ، عفيفة في علاقاتها . وهي ابنة عز ، ودلال ، كانت تقود سيارة حديثة فارهة أيام كان بعضنا يقطع الطريق الطويل إلى الكلية مشياً على الأقدام . وكان كثيرون يرونها فتاة أرستقراطية مُدللة ، وهي كذلك في واقع الأمر ، ولكنها كانت تلقائية ، متواضعة ، لا تعالي عندها ولا مباهاة .
والغريب أنها لم تكن ماهرة في قيادة سيارتها ، وظلت كذلك على مر السنوات ، فاقترفت حوادث سير كثيرة كانت هي المقصرة فيها ، وهي من يتحمل مسؤولياتها . وأذكر أنها دهمت مرة حديقة بيت متواضع قريب من كلية الآداب ، وكادت تدهس فيها امرأة كانت تخبز في تنور ، فابتزها أهل البيت واضطرت إلى استرضائهم بتعويض قدره ثلاث مائة دينار ، رغم أنها لم تلحق أي ضرر بالمرأة ، وكان هذا المبلغ كبيراً حقاً في تلك الأيام .
وأعرف أن عدداً من زملائنا أحبوها من طرف واحد ، أحست بهم أم لم تحس . ولكن ما من أحد منهم جرؤ على أن يبوح لها بهذا الحب ، وهي من جانبها لم تلق بالاً لأي واحد منهم ، وظل جميعهم يحتفظون لها بالود والإحترام ، وهي نفسها تبادلهم هذا الشعور .
أذكر أنها عملت سنة 1963 محررة في صحيفة (عراقنا الجديد) التي كانت تصدرها وزارة الإرشاد (الإعلام) وعملت أم نوار (والسيدة أم نوار هي الاستاذة ثبات نايف زوجة الشاعر سامي مهدي امد الله في عمرها ) في الوزارة نفسها ، فنشأت بينهما صداقة استمرت حتى آخر أيامها .
وخلال السنوات 1964 – 1967 كنتُ وعدد من الأدباء نتردد في المساء على مقر جمعية الكتاب والمؤلفين في شارع عمر بن عبد العزيز ، وكانت رحمها الله ممن يترددون عليه ، فتنعقد جلسات أدبية حميمة ، كان لها صوتها فيها المتميز ، ولكنها نادراً ما شاركت في أمسية شعرية من أماسي الجمعية الرسمية .
وبعد مدة من تأسيس مجلة ( ألف باء) عملت محررة فيها ، ونشرت على صفحاتها بعض قصائدها ولكن في أوقات متباعدة . ومن المؤسف أن شعرها لم يحظ من لدن النقاد والدارسين بالاهتمام الذي يستحقه وكان في ذلك غبن لها ، وربما كنت أنا نفسي من المقصرين في هذا المجال .
تعد آمال الزهاوي من شعراء الستينيات ، وربما كانت الشاعرة الوحيدة بينهم ، فلست أذكر شاعرة غيرها بين شعراء تلك الحقبة . ويحمل شعرها أهم الخصائص الفنية التي اتسم بها عامة شعر الستينيين ، وقد غلبت عليه الهموم الوطنية والقومية ، وكانت القضية الفلسطينية همها الأول في المرحلة الأولى من مراحلها الشعرية ، وظلت كذلك حتى فجيعة احتلال العراق ، لتصبح هذه همها الأول الكبير .
تزوجت هذه السيدة الفاضلة من المرحوم الاستاذ عداي النجم ، وهو مناضل وطني معروف ، وأنجبت منه ولداً واحداً وبنتين . ومن المؤسف أنها تعرضت بعد زواجها بسنوات لفجائع متلاحقة يصعب على كل إنسان أن ينوء بحملها . ففي التسعينيات فقد زوجها بصره ، وظل كذلك مدة من الزمن حتى وافته المنية . وبعد ذلك بمدة أصيبت هي بجلطة دماغية شلتها وأقعدتها وجعلتها حبيسة البيت ، هي التي لم تعتد حياة السكون والركود . وفي سنة 2007 خرج ولدها الوحيد مازن من البيت ولم يعد ، ويبدو أنه اختطف وغدر به ، فلم يظهر له أثر في مكان .
ورغم أن ابنتها يسراً كانت تعيش معها وترعاها وتبرها طوال مدة مرضها ، كانت تشعر بالوحدة والعزلة ، ولم يكن يتفقدها إلا قليلون منهم صديقتها أم نوار . ولكنها كانت تقاوم هذا الشعور بكتابة الشعر ونشره على موقعها في الفيس بوك ، وكان أغلبه يتعلق بهمومها الوطنية .
صدر لها منذ سنة 1969 حتى وفاتها إحدى عشرة مجموعة شعرية ، فحبذا لو بادرت جهة ما إلى جمعها ونشرها في مجلد واحد أو مجلدين " .
ما الذي يمكنني ان اقوله عنها اكثر مما قيل .لا أقول الا رحم الله الشاعرة والكاتبة والصحفية الاستاذة آمال الزهاوي وطيب ثراها وجزاها خيرا على ماقدمت .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ميضأة جامع الزهراء في الموصل

  ميضأة جامع الزهراء في الموصل هذه الصورة لميضأة جامع الزهراء الكبير في حي الزهراء في الموصل بني سنة 1989 ولي مقال منشور عنه ..............ا...