الأحد، 14 يونيو 2020

قضاء تلعفر في محافظة نينوى ....رؤية عامة









قضاء تلعفر في محافظة نينوى ..رؤية عامة 

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

من القصبات المهمة ليس في محافظة نينوى وانما في العراق كله وتبعد عن الموصل (68) كيلومترا . ومن محلاتها او احيائها القلعة – السراي – حسنكوي – جلبي- قمير دار – وتاريخ تلعفر تاريخ عريق يعود الى ماقبل 6000 سنة قبل الميلاد وكانت مع سنجار تشكل جزءا من الدولة الميتانية وقد توسعت في العهد الاشوري وبنيت قلعتها الاثرية الشهيرة التي للاسف الشديد تعرضت للتدمير خلال سيطرة عناصر داعش على محافظة نينوى بين سنتي 2014 و2017 .
وبعد سقوط نينوى سنة سنة 612 بل الميلاد اصبحت تلعفر واقليم الجزيرة الفراتية مسرحا للحروب الطويلة بين الحثيين والرومان .
ذكر تلعفر العديد من المؤرخين الرومان والمؤرخين والبلدانيين العرب مثل ياقوت الحموي في كتابه ( معجم البلدان ) .
وقد انتشرت الديانة المسيحية فيها وفي اقليم الجزيرة والموصل مركزها منذ القرن الرابع الميلادي .
وبعد ان فتح العرب المسلمون الموصل سنة 16 هجرية -637 ميلادية توجهوا نحو تلعفر وفتحوها سنة 18 هجرية 639 ميلادية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان مروان بن محمد الذي اصبح فيما بعد واليا على الموصل وآخر خليفة اموي واليا على منطقة الجزيرة ولما اصبح خليفة توجه اليها بجيش كبير للقضاء على فتنة الخوارج وهناك من يقول ان مروان بن محمد هو من اسس قلعة تلعفر فسميت ( قلعة مروان ) . وفي العصر العباسي سميت تل اعفر اي تل التراب الذي يميل الى السمرة .
قال الاستاذ كوركيس عواد في كتاب المرشد الى مواطن الاثار والحضارة في العراق والذي الفه مع الاستاذ بشير فرنسيس ان تل اعفر موضع المدينة الاشورية القديمة واسمها (نمت عشتار ) .
ومن الطريف ان اسم تلعفر ورد في التوراة . والاسم له علاقة بتل اثري في تلعفر الى جانبه تلول اثرية كثيرة كما يقول الاستاذ جمال بابان في كتابه ( اصول اسماء المدن والمواقع العراقية ) .ومن هذه التلول تل غرو وتل جمال وتل جدوع وتل سنجار وتل مطر وتل دراح وتل عواد وتل ذيبان وتل حبش وتل الهوى وتل بحري وتل وردان .
تلعفر قضاء يتبع محافظة نينوى في سنة 1960 وكما جاء في دليل الجمهورية العراقية لسنة 1960 فإن لواء الموصل كان يضم (10) اقضية وقضاء تلعفر احدها ويضم نواحي زمار والعياضية وربيعة وفي قضاء تلعفر (198) قرية .وثمة احصائية تقول ان عدد سكانها يقدر بأكثر من 200 الف نسمة وهذه التقديرات تعود الى سنة 2014 وسكان تلعفر في اكثريتهم من التركمان وفيهم من العرب ومدينة تلعفر تقع على ماكان يسمى الخط السلطاني العثماني وهي قريبة من الحدود العراقية – السورية وتبعد عن مركز مدينة الموصل حوالي 70 كيلومترا وعن جنوب الحدود التركية بحوالي 40 كيلومترا وعن الحدود السورية بحوالي 60 كيلومترا .
قضاء تلعفر ومركزه مدينة تلعفر يحتل موقعا استراتيجيا بين العراق وسوريا وقد اتخذها العثمانيون قاعدة عسكرية .وقد احتلها الانكليز سنة 1918 بعد احتلالهم الموصل ومن تلعفر ابتدأت ثورة العشرين العراقية الكبرى ففيها نشبت ثورة ضد الانكليز في 4 من حزيران 1920 هذه الثورة التي اتسعت لتبلغ ذروتها يوم 30 من حزيران 1920 وقد قتل الثور الميجر باركو حاكم تلعفر الانكليزي ومساعده الميجور ستيوات وعدد من الجنود الانكليز ورفعوا العلم العربي على قلعة تلعفر لكن القوات البريطانية هاجمت الثور بالطائرات ودمرت بيوت الناس والتلفت مزروعاتهم ويؤرخ اهل تلعفر هذه الثورة بكلمة ( قاجا قاج ) اي ان الثورة ارتبطت بالنزوح المؤلم للاهالي نتيجة القصف الجوي للطائرات البريطانية والذي طال كل شيء في تلعفر .
تاريخ تلعفر خلال العهدين الاموي والعباسي هو جزء من تاريخ الموصل .وفي العهد العثماني اصبحت جزأ من الخط السلطاني وكانت في تلعفر عشائر عربية وتركمانية وجاء في الدليل الرسمي للعراق سنة 1936 ان في تلعفر عشائر كثيرة منهم عشيرة الاعافرة من السادة ومن رؤسائها محمد يونس اغا السيد وهب والحاج علي اغا .
كتب كثيرون عن تلعفر ومنهم اشار الى اسماء العشائر في تلعفر ومن ذلك : انه كان يسكن مدينة تلعفر عدد من العشائر التركمانية ولكل من هذه العشائر مناطقها التي تسكن فيها وتتشابه العادات الاجتماعية والأعراف فيما بينها ولها تقاليد مميزة في مسائل الزواج والأعياد والتعازي وسائر الاحتفالات الدينية والوطنية والقومية، ولاشك فيه هو إن أسماء جميع هذه العشائر أسماء تركمانية، ومن أهم العشائر التركمانية في تلعفر هي: (ايلخانلي، الله ويرد يلي، علي ديوه لي، بابالار، بكلر، جلبي، جولاقلي، سيدلر، نجارلار، مرادليلر، سرايليلر، دميرجيلر، قرة قوينلو، ديوه جي، بقاللي، أق قوينلو، محمد أغالي، قصابلر، خانليلر، حمولي، عجملي، حربو، قوروتلي، موللالي، نفطجي، فرهادليلر، علي خان بك، داودلي، همتليلر، بيرقدارلي، قابلان، ماوليلر)، وهناك كثير من العشائر والأفخاذ التركمانية في منطقة تلعفر وضواحيها ترجع أصولهم إلى أصول السلاجقة والدولة الايلخانية وقرة قوينلو واق قوينلو والأصول العثمانية، وكما هو معروف أن جميع أصول تركمان العراق يرجع إلى تلك الدول والإمبراطوريات التي حكمت العراق منذ مئات السنين.
كما سكنت تلعفر عشائر عربية منهم الجحيش والجرجرية .
بعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 اصبحت قضاءا يضم عددا من النواحي والقرى ...وفي مدينة تلعفر عين ماء قديمة وقد اشار اليها البلداني العربي ياقوت الحموي في كتابه (معجم البلدان ) وفيه قال : " تل أعفر ـ ويقال تل يعفر ـ وقيل إنما اصله ـ تل الاعفر ـ للونه فغير بكثرة الاستعمال وطلب الخفة وهو اسم قلعة وربض بين سنجار والموصل وفي وسطه وادي فيه نهر جاري على تل منفرد، حصينة محكمة وفي مائها عذوبة وبها نخيل كثيرة يجلب رطبه إلى الموصل).
ويوجد في تلعفر مستشفى هو مستشفى تلعفر العام بالإضافة إلى قطاع تلعفر الصحي الذي يضم (13) مركزا صحيا داخل مدينة تلعفر وفي النواحي.
وفي تلعفر نشاط رياضي وفرق لكرة القدم منها مثلا فريق النصر وفريق الشهداء.
سيطرت عناصر داعش على تلعفر فجر يوم 25 من حزيران 2014 وتحررت يوم 20 آب سنة 2017.
انجبت تلعفر في مراحل تاريخها رجالا برزوا في عالم الادب والشعر منهم شهاب الدين محمد بن يوسف بن مسعود الشيباني التلعفري 1196-1276 وكان من ابرز الشعراء الذين انجبتهم تلعفر ولشاعر جمال الدين بن علي بن الحسن التلعفري (توفي 1359م) ول ديوان شعر وفي تاريخنا المعاصر برز من تلعفر كثيرون في عالم الجيش والعسكر والادارة منهم الاستاذ الدكتور ياسين عبد الكريم والفريق سعيد حمو والدكتور طه الحاج الياس التربوي والاداري الكبير . والأستاذ المربي الحاج يوسف إبراهيم علي آل ݘلبي شيخ عشيرة ݘلبلار والمؤرخ والكاتب علي ابراهيم التلعفري والمؤرخ الدكتور محسن حمزة العبيدي .
في تلعفر مدارس ابتدائية ومتوسطة وثانوية ، وفيها دوائر ومؤسسات ادارية وتربوية وقضائية وعسكرية واقتصادية ويعرف التلعفريون بإعتزازهم بأنفسهم وهم جديون ووطنيون وحريصون ومخلصون للوطن .
حظيت تلعفر بالعديد من المؤرخين القدامى والمحدثون فضلا عن البلدانيين .ومن المعاصرين السيد محمد السيد يونس السيد وهب والذي كتب عن ( تاريخ تلعفر قديما وحديثا ) والدكتور قحطان احمدعبوش التلعفري الذي كتب عن (ثورة تلعفر ) والاستاذ جعفر التلعفري الذي كتب كتابا بعنوان ( موجز تاريخ تلعفر ) والاستاذ رشيد عبد القادر الرشيد الذي كتب كتابا بعنوان ( الوجيز في تاريخ تلعفر ) والاستاذة يمامة صالح اسماعيل العبيدي وكتابها ( تلعفر في العهد الملكي 1921-1958 : دراسة تاريخية ) .
وتلعفر بلدة زراعية مشهورة وتهتم بصناعة (البرغل ) وهو من افخر الانواع كما ان فيها بساتين للتين والرمان .
وفي تلعفر حركة ثقافية مزدهرة وفيها ادباء وشعراء وفنانون والاغنية التركمانية فيها مزدهرة وشبابها قد انتظموا في تجمعات رياضية وثقافية وفنية ولهم مواقع الكترونية وصفحات فيسبوكية .
وفي تلعفر جامعة بإسم جامعة تلعفر تأسست سنة 2014 تضم عددا من الكليات وهي كلية التمريض وكلية الزراعة وكلية التربية الاساسية واول رئيس للجامعة هو الاستاذ الدكتور حسين جمعة عباس .
تولى ادارة قضاء تلعفر عدد من القائمقامين وكان محي الدين بك آخر قائمقام عثماني 1918 .وبعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة سنة 1921 كان مصطفى العمري اول قائمقام لتلعفر 1922-1924 وبعده حسن غصيبة 1924-1925 وممن تولى القائمقامية اللواء نجم عبد الله محمد الجبوري 2005-2009 والقائمقام الدكتور عبد العال عباس جمعة ال عبوش وتولى القائمقامية منذ سنة 2009 ثم استقال سنة 2019 ،وخلفه الاستاذ قاسم محمد شريف وهو القائمقام عند كتابة هذه السطور 10-6-2020.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق