العلاقات
الامريكية –الروسية في ضوء الازمة السورية..كتاب للدكتورة
تقديم: بقلم
الأستاذ الدكتور إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ
الحديث المتمرس – جامعة الموصل – جمهورية العراق
كم كنت سعيدا ، وفرحا
، والاخت الدكتورة زينب صراوة عبادي ، تطلب مني أن أكتب تقديما لكتابها الجديد
الموسوم ( العلاقات الامريكية –الروسية في ضوء الازمة السورية ) .وسبب فرحي ، وسعادتي
ان الكتاب يتناول موضوعا حيا ما زلنا نعيش تداعياته ، وملابساته ، وارهاصاته ، ونتائجه
ليس على سوريا وحدها بل على منطقة الشرق الأوسط ومنه منطقتنا العربية .
وثانيا انني اعرف
انها باحثة جادة ومتمكنة ، كتبت من قبل عن (دور الولايات المتحدة الامريكية في
مجلس الامن بعد انفرادها بالقطبية الدولية) .ومعنى هذا انها صارت متمرسة بركائز
السياسة الخارجية الامريكية وتوجهاتها الدولية ومنها ستراتيجيتها في الشرق الأوسط
.
والامر الثالث
الذي اسعدني ، وانا استجيب لطلب الأخت الدكتورة زينب انني قرأت خلاصاتها
واستنتاجاتها في الكتاب عن (موقع سوريا في العلاقات الامريكية –الروسية) ، وقد
كتبتها سنة 2021 وجدتها متوافقة ومنسجمة
مع ما شهدناه في سوريا من تحولات دراماتيكية أودت بالنظام السوري الى السقوط
والانهيار وعلامة ذلك هروب الرئيس السابق بشار الأسد ، وطلبه اللجوء السياسي في
روسيا ، وبدون ان يسلم السلطة الى الجيش او الى أي شخص كما فعل من قبل نظيره
المصري السابق محمد حسني مبارك .
وأعترف انني اطلعت
على الكتاب ، واعجبتني خطته ، وتفاصيل اقسامه ، ومباحثه والكم الكبير من المصادر
والمراجع التي عادت اليها المؤلفة الكريمة وأقول ان الكتاب بالأصل اطروحتها
للدكتوراه قدمتها سنة 2021 الى قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية بكلية القانون
والعلوم السياسية –الجامعة الإسلامية في لبنان وبإشراف الأخ والزميل العزيز
الأستاذ الدكتور جورج عرموني ، وانا عندما اشير الى ان اصل الكتاب أطروحة
للدكتوراه ، فهذا مما يُعزز من قدر الكتاب ، ويزيد من قيمته العلمية والمرجعية
بخلاف ما يفعله البعض من الناشرين عندما يتغافلوا عن ذكر ان هذا الكتاب بالأصل عمل
اكاديمي علمي مر بقنوات عديدة ، ونوقش من
قبل أساتذة كبار ، واجيز واصبح متوفرا بين ايدي القراء والباحثين وطلبة الدراسات
العليا والمهتمين .
انا مؤرخ ، لكني أجد
ان هناك علاقة قوية بين التاريخ والسياسة ؛ فالتاريخ كما يقول المؤرخ البريطاني
سيلي "سياسة ماضية" والسياسة " تاريخ حاضر" ، والفرق هو في
المنهج .. في المدخل ليس الا ، والمؤلفة كانت جادة في تطبيق مناهج العلوم السياسية
التحليلية وهي تعالج موضوعها بكل اقتدار ، وشجاعة ، وصدق وإخلاص .
أقول ان المؤرخ
البريطاني الكبير ، وانا احبه ، واحترمه ، واقدره وقرأت له وكتبت عنه كثيرا اقصد
المؤرخ البريطاني البروفيسور الدكتور آرنولد توينبي ، يؤكد في دراساته ، وبحوثه
ومنها كتابه الكبير (دراسة للتاريخ ) ؛ ان الشرق الأوسط والوطن العربي كان ومازال
ساحة للصراع بين القوى الإقليمية والدولية . وسوريا موضوع هذا الكتاب كانت كما
العراق ساحة للصراع الإقليمي والدولي عبر التاريخ ، لذلك لم يكن المؤرخ والكاتب
الكبير باترك سيل ، وهو متخصص بتاريخ سوريا المعاصر بعيدا عن هذه الفكرة بدليل انه
اصدر كتبا عديدة عن سوريا تحمل عنوان (الصراع على سوريا ) .
لا أريد ان اذهب بعيدا ؛ فالكتاب جميل ، وقيم ، ومهم ، ومفيد
ويتناول موضوعا بكرا ، واصيلا وهو موقع سوريا في
العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة الامريكية .من هنا نراها في كتابها أي المؤلفة تتناول الازمة السورية ، وتعود الى
خلفياتها ، وتداعياتها ، واسبابها ، والاستراتيجيات الامريكية والروسية تجاهها .ثم
تقف عند توجهات وآفاق ومستقبل تلك العلاقات من خلال إدارة الازمة السورية ، وهي
ازمة نظام سياسي متهرئ فقد مشروعيته ، وأسباب وجوده بعد ان اصطدم بشعبه واذاقه كل
صنوف العذاب والهوان .ولن تنس المؤلفة ان تقدم لنا مواقف فرعية من الازمة اقصد
مواقف جامعة الدول العربية ، وما قدم من حلول للأسف لم تكن جذرية للازمة .ولكون
المؤلفة متخصصة بالعلوم السياسية ، فإنها راحت ترسم آفاقا لما يمكن ان نقول عنه مسار
ومستقبل العلاقات بين الامريكان والروس بصدد الازمة السورية ، وهكذا وصلت الى
حقائق مهمة وثابتة منها ان الساحة العالمية كانت وما زالت مفتوحة للتعاون والتنافس
بين الامريكان والروس حول سوريا ، لكنها ، وبذكاء ، قالت وهي تكتب قبل ان يحدث
انهيار نظام بشار الأسد في سوريا ان الكفة كانت متجهة لصالح الولايات المتحدة
الامريكية وحليفتها تركيا وهذا ما حدث عندما انهار نظام بشار الأسد في 8 من كانون
الأول –ديسمبر سنة 2024 خلال هجوم واسع وسريع من قوات المعارضة التي وصلت خلال
أيام الى دمشق وسط تأييد شعبي واسع .
المؤلفة وصلت الى
هذه النتيجة بعد ان قرأت الوضع السياسي السوري والإقليمي والدولي من وجهة نظر
علمية منهجية ، وأشارت الى ان روسيا كانت ومنذ زمن القياصرة تسعى من اجل الوصول
الى المياه الدافئة ، وان الاتحاد السوفيتي السابق وان تفكك لكنه أعاد الى روسيا دورها
، وساعدها في التخلي عن حملها الثقيل . وقد استطاعت في ظل إدارة فلاديمير بوتين الرئيس
الروسي الحالي ان تنهض ، وتتقدم وتجعل لها موطئ قدم في سوريا واصبح لها قواعد في
المياه الدافئة المتمثلة بمياه البحر المتوسط . وظلت الازمة السورية تشكل ساحة
اختبار ، وقد تواجد على الأرض السورية
الامريكان أيضا ساحة اختبار فعلي للقوة بمختلف اشكالها الصلبة والناعمة ولعبة الشطرنج
المتمثلة في السيطرة والنفوذ للطرفين الدوليين العظيمين الاتحاد الروسي والولايات
المتحدة الامريكية ، ولكن دون الوصول الى مستويات عالية من التوتر والمواجهة العسكرية
الحادة وبالعكس كان هناك ثمة تفاهم بين القوتين على أمور مهمة تتعلق بمواجهة
الإرهاب ، والأسلحة الكيمائية لكن الطرفين كانا غير مرتاحين لاستمرارية نظام
الرئيس السابق بشار الأسد ، والمؤلفة استنتجت حقيقة مهمة وهي تكتب قبل انهيار
النظام بأربع سنوات ، وهي ان المراقب والمحلل يدرك ان أوراق اللعبة والصراع في
سوريا ليست بيد الروس ، بل بيد الامريكان وقالت بالنص :" يبدو للمراقب ان
الازمة السورية ، قد باتت جميع اوراقها بيد روسيا ولكن هذا ليس هو واقع الحال لان
الولايات المتحدة ظلت تتحرك وتدعم أطرافا إقليمية كتركيا في وجه روسيا "
.واضافت :"ان المسار الاستراتيجي للازمة هو في صالح الولايات المتحدة
الامريكية ومشروعها المتمثل بإنهاك النظام السوري واضعافه " .وقالت :"ان
وجود ايران ، والمقاومة اللبنانية ، والمقاومة العراقية على الاراضي السورية ظل
يشكل هاجسا لها " ، والهاجس كان مشتركا بينها اي بين الولايات المتحدة ورسيا
.
بقي عليّ ان اقول
ان المؤلفة الدكتورة زينب صراوة عبادي ، وانا ابارك لها جهدها العلمي والمعرفي الثر،
أستاذة ، وكاتبة ، وباحثة عراقية لبنانية. تحمل شهادة البكالوريوس في العلوم
السياسية من جامعة بغداد. كما تحمل شهادة دبلوم دراسات عليا في العلاقات
الدولية والدبلوماسية عام 2008 وشهادتي الماجستير 2011 والدكتوراه في العلاقات
الدولية والدبلوماسية من الجامعة الإسلامية في لبنان 2021 ، مارست التدريس وتحمل شهادات في طرائق التدريس
والكومبيوتر ، ولها مهارات في مجال في العلاقات العامة وتنظيم النشاطات والندوات.
عملت تدريسية في جامعة الاسراء وفي كلية الاعلام –الجامعة العراقية، وشاركت في
ندوات ومؤتمرات وورش تدريبية في حقل تخصصها ولها أبحاث ومقالات منشورة أتمنى لها
التقدم والنجاح في مسيرتها العلمية ، والبحثية ، والتدريسية ، والإدارية . ومن
الله التوفيق .
.jpeg)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق