الثلاثاء، 20 مايو 2025

هكذا تحدث الشاعر العراقي الكبير سركون بولص 1944-2007

                                                        الشاعر العرقي سركون بولص 1944-2007



هكذا تحدث الشاعر العراقي الكبير سركون بولص 1944-2007 (1)
في العدد 29 (2006) من مجلة Parnassos الأمريكية الخاصة بالشعر تحدث الكاتب ريان الشواف مع الشاعر العراقي سركون بولص في حوار مطول حول حياته وشعره، والشعر عامة. اللحظة الشعرية وهي موقع الشاعر فوزي كريم تقتطف أجزاء تجدها مهمة من هذا الحوار، وتنشرها وفاءً للشاعر الذي غادرنا مبكراً:
جواب السؤال الاول ما الذي كانت بغداد تعني لك ؟ : أصبحت بغداد مركز أحلامي الواسعة بعد ثورة تموز 1958. فقد قتلت العائلة المالكة، الدمية البريطانية، وأُممت شركات النفط، وطُرد الإنكليز من البلاد. كان العراق في حالة اضطراب تامة، والشعراء يؤلفون قصائدهم بعجلة من أمرهم.
في هذا الوقت بالذات اكتشفت الشعر. كنت في الرايعة عشرة من العمر وقد بدأت قراءة الكتب. الثورة الحقيقية كانت قد حدثت في رأسي. صرت أكتب بحمية، وأرسل مقالات وقصائد الى جريدة البلاد، ابرز الصحف اليومية، وجريدة النصر. ولك أن تتخيل كم كنت في حالة اهتياج، إذ أني هاجرت إلى بغداد تاركاً بيت والدي، ولذت ببيت شقيقتي الكبيرة وزوجها في بغداد، وصرت أتعرف على كتابها الذين هاجروا مثلي إليها، ملتهمين كل شيء نفتقده في مدننا الضيقة الأفق.
كانت بغداد مدينة أحلام رائعة، حيث تزدحم ضفافها بالمقاهي التي يؤمها الناس للشرب والاحتفاء بالحياة. لعلها كانت المرحلة اليتيمة في التاريخ العراقي التي لا تتمتع فيها السلطة بقوة تقود فيها زمام الثقافة والمثقفين. وبتصميم على التغيير في حقل الأدب، كنا نحن الكتاب على معرفة تامة بفرصتنا هذه. حررت شخصياً عدداً من الصفحات الثقافية، وبثثت فيها الكثير من أفكاري حول الحرية والفوضى، مُستقاة بصورة رئيسية من أفكار سارتر، كامو، هنري ميلر. الوجودية والاشتراكية كانتا الموضة الطاغية، لا في العراق وحده، بل في العالم العربي أجمع..
كان الكاتب والقصصي نزار عباس دليلي في المدينة. كان من أذكى الذين التقيتهم. كان يعرف كل كتاب الجيل السابق, وقدمني لهم. ولك أن تتخيل ما الذي كان يعني لي، في عمري ذاك، أن أكون مع شعراء وكتاب كانت كلماتهم بالنسبة لي أكثر قداسة من الكتب المقدسة ذاتها. الكاتب الفلسطيني جبرا ابراهيم جبرا الذي كان ينشر كل كتاباتي التي أرسلها له من كركوك، في مجلة كان يحررها بعنوان ( العاملون في النفط) ، كان معلمي الأول. كنت كثيراً ما أزوره في مكتبه، خاصة في الأيام التي أذهب لإستلام بضعة دنانير مكافأة قصيدة أو قصة، أو ترجمة عن سارويان، جيسي ستيورت، شتاينبيك، أو بيراندلو. كنت عادة ما أستلم بين ثلاثة إلى خمسة دنانير، كافية آنذاك لإطعام أربعة أو خمسة شعراء جائعين، بعد ليلة خمر في واحدة من الخمارات المفضلة على النهر.
*اللحظة الشعرية صفحة الشاعر فوزي كريم

هكذا تحدث الشاعر العراقي الكبير سركون بولص 1944-2007 (2)
في العدد 29 (2006) من مجلة Parnassos الأمريكية الخاصة بالشعر تحدث الكاتب ريان الشواف مع الشاعر العراقي سركون بولص في حوار مطول حول حياته وشعره، والشعر عامة. اللحظة الشعرية تقتطف أجزاء تجدها هامة من هذا الحوار، وتنشرها وفاءً للشاعر الذي غادرنا مبكراً:
وسأله ريان الشواف السؤال التالي : ما الذي كانت بغداد تعني لك بعد سفرك عنها؟
واجاب الشاعر سركون بولص يقول :" ...رجعت إلى بغداد عام 1985، حين كانت الحرب العراقية - الإيرانية في ذروتها، بقيت شهراً فقط، كانت كافية لأن أرى كم غطت عتمة الحرب كل شبر من البلد. أخي الكبير كان قد أُرسل إلى الجبهة، وهو في الخمسين من العمر، وجُنّد ولداه أيضاً، وكذلك ابن أختي. في كركوك تستطيع أن ترى عدداً من السيارات قادمة من الجبهة، بأكفان مكدسة على سطوحها، مشدودة بالحبال. ضمنت كل هذا في قصائدي على امتداد السنوات اللاحقة. سيرة ذاتية نُشرت في ألمانيا تحت عنوان ( أساطير وغبار ) ، كتبتها بالاشتراك مع كاتبة من ( بوسنيا) أي البوسنة تُدعى ( سافيتا أوبهودياس) ، كانت برمتها عن الحرب. الكاتبة، وكانت مسلمة، هربت مع ابنتيها إلى المنفى.

هكذا تحدث الشاعر العراقي الكبير سركون بولص 1944-2007 (3)
في العدد 29 (2006) من مجلة Parnassos الأمريكية الخاصة بالشعر تحدث الكاتب ريان الشواف مع الشاعر العراقي سركون بولص في حوار مطول حول حياته وشعره، والشعر عامة. اللحظة الشعرية تقتطف أجزاء تجدها هامة من هذا الحوار، وتنشرها وفاءً للشاعر الذي غادرنا مبكراً:
وسأله ريان الشواف السؤال التالي :
من هم الأبرز في الشعر العراقي المعاصر؟ ومن هم، في رأيك، الذين بولغ في إعلاء شأنهم، والذين أُهملوا عن عمد.
أجاب الشاعر سركون بولص يقول : " بعد أكثر من نصف قرن، تغيرت المواقف بشأن حفنة ممن نسميهم الرواد بشكل متطرف لأنها كتبت بشكل مغاير عن البقية. بعضهم، مثل السياب، بقي متألقاً، في حين لم يبق آخرون، مثل نازك والحيدري.
في نهاية الأربعينيات، أصبح السياب من أوائل الشعراء العرب الذين حطموا القاعدة الصلبة في التزام البحر والتقفية التي اعتمدها الشعر العربي الكلاسيكي. كل الذي عمله هو محاكاة نظام التقفية في السونيت لدى الشاعر الإنكليزي، من ناحية شكلية، ولكن التأثير الأقوى فيه جاء من الشاعرة أديث سِتويل، بسبب رموزها المسيحية بشكل أساس. إن صلب المسيح أعطاه الصور التي يحتاجها لبناء رؤية التضحية، الملائمة للتوجه اليساري في رؤية العالم آنذاك. ومع أنه هوجم من قبل النقاد العرب، وخاصة إحسان عباس، لاستخدامه الصور المسيحية، بدا تخلصه من العرف الشعري الكلاسيكي ثورياً، وعلى الأثر أصبح السياب إسماً ريادياً للشكل الجديد، الذي أُطلق عليه خطأً بالشعر الحر.
الرائد الآخر كان ( نازك الملائكة) ، التي تعتبر الشاعر ( كيتس ) إنموذجها الأعلى. كانت تتعبد الرومانتيكيين الإنكليز، ولقد ترجمت بعض قصائدهم مستخدمة الوزن والقافية. ولكنها لم تغامر فيما وراء الرومانتيكيين. إلا أنها تنكرت ، فيما بعد، للشعر الجديد وعادت الى الشكل التقليدي.
.....
الشاعر (عبد الوهاب البياتي) ، متأثراً ببعض الشعراء الإنكليز مثل أودن وسبينسر، وآخرين مثل أراغون وأيلوار وناظم حكمت، دفع الشعر الجديد خطوة إلى الأمام، موظفاً قاموساً شعرياً أكثر واقعية وبساطة، وشكلاً مرسلاً على السجية، وغنائية مكثفة. كان أصغر سناً من السياب، وأصبح منافسه الأشد. كان البياتي معلمي في المدرسة الابتدائية، وفي كل لقاء لنا كان يقدمني للآخرين باعتزاز، باعتباري تلميذه الأذكى، الأمر الذي كان يحرجني على الدوام. أخر مرة التقيته كان في مدريد، حين كان ملحقاً ثقافياً عام 1988. كان يشعر بالوحدة حد التشبث بي، مصراً بأن نتعشى سوية في مطعم أرمني يعمل كباباً سماوياً.
بلند الحيدري بدأ حياته الشعرية في كتابة قصائد كلاسيكية متأثراً بالشاعر اللبناني ألياس أبو شبكة، المعروف بقصائده البودليرية "أفاعي الفردوس". في الخمسينيات قدم شكلاً شعرياً غير مألوف أطلق عليه النقاد اسم الشكل "الهرمي". كان كردياً، ولكن هذا الانتماء العرقي لم يؤثر في شعره، بالرغم من أنه كان يشير إلى ذلك أحياناً.
... بالرغم من أن البريكان كان من مجايلي السياب، ولكنه لم ينشر كتاباً أبداً. ولكن حين ظهرت مجموعته الشعرية بعد وفاته لاقت استحساناً جماعياً. فهنا شاعر قد أُهمل بشكل تام، رغم أنه قدم نوعاً شعرياً جديداً، فلسفياً مجرداً من كل زخرف لغوي ابتلي به معاصروه. مازال البريكان، ربما، أكثر الرياديين تعرضاً للغفلة" .


 هكذا تحدث الشاعر العراقي الكبير سركون بولص 1944-2007 (4)

في العدد 29 (2006) من مجلة Parnassos الأمريكية الخاصة بالشعر تحدث الكاتب ريان الشواف مع الشاعر العراقي سركون بولص في حوار مطول حول حياته وشعره، والشعر عامة. اللحظة الشعرية تقتطف أجزاء تجدها هامة من هذا الحوار، وتنشرها وفاءً للشاعر الذي غادرنا مبكراً:
وسأله ريان الشواف السؤال التالي : بعد موت الجواهري، آخر الكلاسيكيين العظام، سيطر الشعر الحر على الساحة الشعرية العربية، حيث لم يعد من مجال لتحرك مغير. هل تعتقد بأن عدداً من شعراء جيلك أو الجيل الريادي الذي سبقكم، ممن لعب دوراً كبيراً في تحرير الشعر العربي من قيود اللغة الخانقة، يسعون عبثاً اليوم؟
اجاب الشاعر سركون بولص بقوله :" شعراء قلة ،يحسنون التعامل مع الشكل الشعري الجديد. هناك وباء من المنشورات الفارغة لشعراء يدفعون من جيوبهم لطباعتها ونشرها ... ولا تغرك الكثرة من القصائد العربية التي تترجم إلى الإنكليزية... إنه سوق مزدهر قادر على الدفع في حالة شديدة الاضطراب في الشرق الأوسط، خاصة في العراق ـ لاحظ كم من العناوين تتضمن اسم بغداد أو العراق هذه الأيام. إنها تبدو، لعين الغريب المتفرج، مشهداً حياً، ولكنها حية، في الواقع، من حيث الكم، لا النوعية. والمواقع ألالكترونية كارثة بحق الشعر، هذه الأيام. كل واحد له الحق في أن ينشر الكم الذي يريده. شعراء كثر لهم مواقع تبدو فيها صورهم أكبر حجماً من نصوصهم " .
أعتقد أن الشعر العربي يحتاج إلى عقد من الزمان على الأقل لكي يتآلف مع صدمة الحداثة، أو ما بعدها، قبل أن يعرف توجهه الحقيقي" .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل

  في مقهى الادباء بشارع حلب -الموصل اقول تعليقا على ما كتبه اخي وصديقي العزيز الناقد والكاتب الاستاذ صباح سليم علي عن اولئك المنتقدين لجلسات...