الخميس، 14 مايو 2015

تاريخ دار الوثائق القوميّة ومبني الدفترخانة رانيا يوسف

تاريخ دار الوثائق القوميّة ومبني الدفترخانة
رانيا يوسف
القاهرة ـ «القدس العربي»: أصدرت وزارة الثقافة ( المصرية ) كتابا جديد بعنوان : «دار الوثائق القومية.. الانطلاق نحو عالم جديد»، بمناسبة افتتاح المبنى الجديد لدار الوثائق القومية في الفسطاط.
يتطرق الكتاب إلى أهمية الوثائق باعتبارها المادة الأصيلة التي تعكس صورة الماضي بكل ما فيه؛ مما جعلها المرجع الأساسي لكتابة التاريخ. كما يتناول تطور نظم الحفظ في مصر، فكان المصري القديم أول من خطَّ بالقلم، وأول من صنع الورق، وكان أيضاً أول من اهتم بحفظ الوثائق والمستندات، وفي العصر البطلمي كانت الإسكندرية مقراً للأرشيف الملكي، كما وجدت أرشيفات أخرى في الأقاليم، من أشهرها الأرشيف الذي عثر عليه في الفيوم، والذي عرف باسم أرشيف زينون (الذي كان وزير مالية مصر في عصر فيلادلفوس الثالث).. وفي العصر الروماني زاد عدد دور الوثائق في مصر.
وفي العصر الإسلامي تشير البرديات العربية إلى وجود نظام دقيق لحفظ الوثائق، وقد وضع أحمد بن طولون نواة النظام الذي عرف باسم «ديوان الإنشاء» الذي كان يحتفظ بنسخ من كل المكاتبات التي تصدر عن الوالي. وفي العصور التالية أصبح ديوان الإنشاء هو الجهة المسؤولة عن حفظ الوثائق والمكاتبات ونصوص الأوامر والمراسيم التي يصدرها سلاطين الأيوبيين والمماليك. وفي العصر العثماني كانت مصلحة الروزنامة مسؤولة عن حفظ وثائق وسجلات المالية المصرية والضرائب والأطيان، وكان للروزنامة «دفترخانة» خاصة بحفظ تلك الوثائق، كما احتفظت المحاكم الشرعية بأعداد ضخمة من سجلاتها في «خزانة السجلات» التابعة لمحكمة الباب العالي في القاهرة.
كما يتناول الكتاب مرحلة إنشاء دار المحفوظات العمومية بالقلعة (الدفترخانة) حيث كانت أول لائحة للدفترخانة تلك التي وضعها الخواجة يوحنا، كاتب المصروف في سنة 1830، وقد نصت تلك اللائحة على تعيين راغب أفندي كأول أمين للدفترخانة المصرية. كما نصت على أن يقوم أمين الدفترخانة في نهاية كل عام مالي بجلب الدفاتر التي انتهى العمل فيها بالدواوين والأقاليم وحفظها في الدفترخانة، وعليه التبليغ عن أسماء النظار والكتَّاب الذين يتقاعسون عن إرسال دفاترهم وأوراقهم، وكانت عقوبة هؤلاء، حسب اللائحة الجلد 100 سوط.
وكانت الدفترخانة تابعة لديوان الخديوي، وفي عام 1846 انتقلت تبعيتها إلى ديوان المالية، فاستعانت بالمسيو روسيه لكتابة تقرير عن نظم الحفظ الفرنسية؛ للاهتداء بها في وضع لائحة جديدة للدفترخانة، وبعد أن قدم روسيه تقريره، قامت «الجمعية العمومية» بوضع لائحة جديدة صدرت في سنة 1262هـ/ 1846م.
وفى عهد الخديوي عباس حلمي الثاني تغير اسم الدفترخانة إلى «دار المحفوظات العمومية» وظل مقرها في القلعة، ويشير الكتاب إلى إنشاء دار الوثائق القومية مع قيام ثورة يوليو/تموز 1952، حيث لم يعد قسم المحفوظات التاريخية في قصر عابدين يحقق رغبة رجال الثورة في تقديم مادة تاريخية تصلح لكتابة تاريخ مصر القومي بكل عصوره، وتكون تلك المادة متاحة لجميع أفراد الشعب من باحثين ومستفيدين؛ فأصبح من الضروري استحداث «دار الوثائق التاريخية القومية» التي أنشئت بموجب القانون 356 لسنة 1954، الذي حدد وظيفتها في جمع وحفظ الوثائق وإتاحتها للباحثين، وظلت دار الوثائق التاريخية في القلعة حتى عام 1969 عندما عادت مرة أخرى إلى القلعة في القاهرة.
في عام 1979 أصدر رئيس الجمهورية القرار رقم 472 لسنة 1979 بشأن «المحافظة على الوثائق الرسمية للدولة وأسلوب نشرها واستعمالها»، والذي نص على أن تحتفظ الجهات الحكومية بوثائقها التي تنتجها لفترة خمسة عشر عاما، ثم تنقل بعدها إلى دار الوثائق التاريخية، وبعد ايداعها في الدار تظل محتفظة بسريتها لمدة 15 عاما أخرى ثم يفرج عنها بعد ذلك للاطلاع عليها.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

حركة الشواف المسلحة في الموصل 8 من آذار 1959 وتداعياتها

  حركة الشواف المسلحة  في الموصل  8 من آذار 1959 وتداعياتها  أ.د. إبراهيم خليل العلاف أستاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل ليس القصد ...