سياسة الزعيم عبد الكريم قاسم الخارجية 1958-1963
ابراهيم العلاف
منذ الايام الاولى لثورة 14 تموز 1958 ، وسقوط النظام الملكي الهاشمي ، وتأسيس جمهورية العراق ، وتعيين الدكتور عبد الجبار الجومرد وزيرا للخارجية ، إتضحت ملامح السياسة الخارجية للعراق، والتي عبر عنها وزير الخارجية الدكتور الجومرد ، كما عبر عنها الزعيم نفسه . ومما أكده الزعيم ان العراق سيحترم التزاماته مع دول العالم وفق الاتفاقيات والامتيازات الدولية ، وسيشارك في المنظمات الدولية عضوا فعالا لخدمة الشعوب المحبة للسلام وهكذا كثيرا ما بدد الزعيم مخاوف وشكوك الدول الاخري تجاه الثورة في العراق .
وكان إختيار الجومرد نفسه - وهو من الحزب الوطني الديموقراطي - يعطي الانطباع بأن العراق ، وان كان قد عاد الى ماكان يسمى انذاك ب"الركب العربي التحرري " ، الا انه لم يكن مع فكرة ( الوحدة الاندماجية ) مع الجمهورية العربية المتحدة . وقد أكد الزعيم عبد الكريم قاسم هذا التوجه بأعلانه الحفاظ على ما أطلق عليه في بعض خطبه "الجمهورية العراقية الخالدة " .
نعم كان من أهداف ثورة 14 تموز 1958 - كما جاء في البيان الاول وفي الدستور المؤقت - التمسك بميثاق الدفاع العربي المشترك ، والخروج من حلف بغداد ، والايمان بسياسة الحياد الايجابي ، ودعم حركات التحرر ، إلا ان عبد الكريم قاسم ووزير خارجيته، لم يكونا من المؤمنين بهدف الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة في حين كان العقيد الركن عبد السلام محمد عارف نائب رئيس الوزراء من الداعين الى الوحدة العربية واتضح ذلك من خلال خطبه والمقالات التي كانت تنشرها جريدة الجمهورية التي رأس تحريرها لفترة قصيرة ثم من بعده ومعه السيد فؤاد الركابي وزير الاعمار .
كان الخلاف بين الزعيم الركن عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام محمد عارف في أحد وجوهه هذه المسألة ، وقد نجح الزعيم عبد الكريم قاسم وتفرد بالسلطة وعزل العقيد عبد السلام محمد عارف وكان ذلك بإنتهاء فكرة الوحدة العربية .وقد انعكست هذه المسألة على القوى والاحزاب السياسية فتبنى الشيوعيون مبدأ الاتحاد الفدرالي والذي سبق ان كتب عنه مؤسس الحزب الشيوعي يوسف سلمان يوسف (فهد ) سنة 1942 بينما تمسك القوميون بمبدأ الوحدة العربية .
استمر الزعيم عبد الكريم قاسم بالتمسك بسياسته الخارجية القائمة على معاداة الاستعمار، وخرج العراق من حلف بغداد ، ومن الكتلة الاسترلينية ومن ومن اتفاقية الامن المتبادلة مع الولايات المتحدة الاميركية ، وبدأ بمفاوضات مع شركات النفط الاحتكارية نجم عنها إصداره قانون رقم 80 الذي منع الشركات من الاستثمار في الحقول الجديدة ، وكان يهاجم الاستعمار البريطاني والولايات المتحدة في خطبه واحاديثه بشكل مباشر وغير مباشر وساعده على ذلك تعرضه لاحداث كثيرة منها حركة الشواف في الموصل المناوئة له في 8 اذار 1959 ومحاولة اغتياله الفاشلة في 7 تشرين الاول 1959 .
ليس من شك في ان الانكليز - ومن خلال مخابراتهم وسفيرهم في بغداد السير مايكل رايت - قاموا بدور كبير في اثارة الزعيم عبد الكريم قاسم ضد الجمهورية العربية المتحدة والرئيس جمال عبد الناصر واتهامهما بالتآمر على العراق ودعم القوى القومية .وقام الزعيم عبد الكريم قاسم في 6 كانون الثاني 1959 بالقاء خطاب قال فيه انه مستعد للتعاون مع كافة الاقطار العربية بما فيها مصر ولكن الانفصال الذي وقع في 28 ايلول 1960 وانفراط عقد الوحدة بين مصر وسوريا عمق الخلافات العراقية -المصرية وقد دعم الشيوعيون الانفصال وهذا أجج الموقف بين العراق ومصر .
اما سياسة الزعيم عبد الكريم قاسم الخارجية تجاه الاقطار الاخرى ، وقد اصبح وزير الخارجية هاشم جواد، فقد كانت تتذبذب والسبب هو ان قريبه العقيد فاضل عباس المهداوي رئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة كان لايتورع عن مهاجمة من يريد من ملوك ورؤساء الدول العربية وغير العربية وكثيرا ما كان الدكتور الجومرد يشتكي من ذلك لدى الزعيم .
كانت علاقة العراق مع الاردن متوترة بسبب مقتل العائلة الحاكمة الهاشمية في العراق وانسحاب العراق من الاتحاد الهاشمي .وكثيرا ما تدخل السفير الامريكي في عمان لرأب الصدع في العلاقات العراقية -الاردنية لكن العلاقات ظلت مقطوعة مع استمرار الحملات الاعلامية بين الطرفين . ومع نهاية سنة 1960 حدث نوع من التحسن وفي سنة 1961 اعيدت العلاقات وفتحت الحدود ووصل وصفي التل كأول سفير اردني في العراق بعد الثورة .
وكانت العلاقات العراقية -اللبنانية جيدة ، وقامت لبنان بمحاولات لتلطيف الاجواء بين العراق ومصر لكن دون جدوى .أما العلاقات مع الكويت فقد ساءت بعد مطالبة الزعيم بما اسماه اعادة القضاء السليب "الكويت الى العراق ومن هنا فقد ساءت علاقات العراق الخارجية مع الدول العربية كلها خاصة بعد تدخل جامعة الدول العربية وارسال قوات عربية لحماية الكويت .
ازدادت عزلة العراق عربيا وظهر خلاف بين الزعيم ووزير خارجيته هاشم جواد بشأن سحب سفراء العراق من الدول التي اعترفت بدولة الكويت وقد حاول الاستفادة من الاتحاد السوفيتي السابق في عرقلة قبول الكويت عضوا في الامم المتحدة حتى سنة 1963 وبالتأكيد ان ذلك تم بالتعاون مع الحزب الشيوعي العراقي الذي ظل يدعم حكم الزعيم حتى آخر لحظة .
وفيما يتعلق بعلاقة العراق مع حركة التحرر الوطني الجزائرية ومع المغرب فقد كانت جيدة ، وعرف عن الزعيم دعمه المادي والمعنوي للجزائر وللمغرب ولتونس ولليبيا كما قدم الزعيم دعما للعمانيين في ثورتهم ووافق على فتح مكتب للثورة العمانية في بغداد .
كما دعم قضية الجنوب العربي في عدن وبعد قيام الثورة في صنعاءبقيادة عبد الله السلال ساندها الزعيم واعترف بها وقدم المساعدات الفنية لليمن .وتراوحت العلاقات بين العراق والسعودية بين الايجاب والسلب مع ان السعودية اعترفت بقيام الجمهورية في العراق لكن الشيوعيين كثيرا ما اساؤوا للعلاقات بسبب مهاجمتهم السعودية واتهامها بأنها قد جعلت من الظهران قاعدة للولايات المتحدة الاميركية .
وبصدد القضية الفلسطينية فإن الزعيم عبد الكريم قاسم كثيرا ماكان يؤكد دعمه لفلسطين ودعا في لقاءه بياسر عرفات في 3 اب 1958 الى الكفاح من اجل الاستقلال والالتزام بقرارات الامم المتحدة وطريقة حل القضية الفلسطينية وقال لياسر عرفات ان فلسطين كانت وراء ثورة 14 تموز 1958 في العراق .ومما كان يدعم هذا القول الدور الذي قام به الزعيم في تأسيس "جيش التحرير الفلسطيني " وتأسيس قوة من الفلسطينيين المقيمين في العراق والحق هذه القوة بوزارة الدفاع العراقية ورصد لها التخصيصات اللازمة لذلك .
وبشأن دول الجوار ؛ فقد كانت العلاقات مع تركيا وايران غير جيدة لانهما كانتا عضوين في حلف بغداد ومع هذا اعترفت ايران بجمهورية العراق في 30 تموز 1958 لكن دعم ايران للحركة الكردية ومشاكل الحدود وخاصة في شط العرب كانت تسهم في توتر العلاقات.
اما تركيا فأنها ترددت اول الامر بالاعتراف بجمهورية العراق لكنها تعرضت لضغوط دولية دفعتها الى الاعتراف وعندما حدث انقلاب العسكر في ايلول 1960 اعترف الزعيم به .كما ايد انفصال سوريا عن مصر واجتمع مع الرئيس السوري ناظم القدسي على الحدود العراقية -السورية .
وكما هو معروف فأن العلاقة بين بريطانيا والعراق كانت جيدة ونشأت صداقة وثيقة بين الزعيم وبين السير مايكل رايت السفير البريطاني وكان الزعيم كثيرا ما يجتمع به دون حضور وزير الخارجية وقد كانت بريطانيا من اوائل الدول التي اعترفت بجمهورية العراق واعلنت ان ليس في نيتها التدخل في شؤون العراق مع انها كثيرا ما كانت تتدخل وتخلق المشاكل بين قادة الثورة وكان ما يعني الانكليز هو استمرار تدفق النفط وكذلك الامر بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية وقد اكدت الثورة انها تحترم علاقاتها واتفاقاتها مع الغرب لذلك استلم العراق صفقات اسلحة بريطانية واميركية كان قد اشتراها من الانكليز والاميركان بكل يسر وسهولة كما استؤنفت العلاقات الاقتصادية مع الانكليز والاميركان كما كانت لكن هذا لم يمنع العراق بعد انسحابه من حلف بغداد عن الغاء اتفاقية الامن المتبادلة مع الولايات المتحدة الاميركية لسنة 1954 ومع هذا كان الزعيم عبد الكريم قاسم يتبادل الرسائل مع الرئيس الاميركي ايزنهاور ومع الرئيس الاميركي جون كندي وخاصة فيما يتعلق بالموقف العراقي من القضية الفلسطينية .
ونظرا للعلاقة الوثيقة التي قامت بين العراق والاتحاد السوفيتي فقد وضع الزعيم عبد الكريم قاسم نفسه والعراق في خانة الدول الداعمة للتحرر والاستقلال ، وكان يردد في خطبه ان العراق حطم اكبر قاعدة استعمارية في الشرق الاوسط وقد رحب بالخبراء السوفيت ووقع مع الاتحاد السوفيتي اتفاقية اذار 1959 كما وقع اتفاقية استخدام الطاقة الذرية للاغراض السلمية مع السوقيت في 17 اب 1958 هذا فضلا عن اتفاقيات عسكرية للحصول على الاسلحة الحديثة وقد زار العراق انستاس ميكويان نائب رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي في نيسان 1960 .
وقد ارتبط العراق في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم بعلاقات جيدة مع اندنوسيا وزار الدكتور احمد سوكارنو العراق وكذلك كانت علاقات العراق جيدة مع الصين الشعبية واليابان والكثير من الدول الافريقية .
ومهما يكن من أمر فان علاقات العراق الخارجية وسياسة الزعيم عبد الكريم قاسم لم تكن واضحة وضمن استراتيجية صحيحة تخدم المصالح الوطنية العراقية بالدرجة الاولى وانما كان طابع الارتجال وضعف الخبرة الدبلوماسية هي ما يسمها ويقينا ان قضية الكويت ومطابة الزعيم بها افقدته الكثير من ثقة الدول العربية به وبسياسته الخارجية لذلك فأن اسقاطه في 8شباط 1963 خلق كثيرا من الارتياح في الاوساط العربية والاقليمية والدولية الى الدرجة التي جعلت عددا من انصاره يرون بأن ما حدث في العراق ليس الا لعبة عربية واقليمية ودولية مخطط لها من قبل وهذا الرأي يحتاج الى وثائق لدعمه وهو ما لم يحصل عليه أحد حتى الان بإستثناء ما ذكره البعض في اوراقه الخاصة ومذكراته الشخصية .
ابراهيم العلاف
منذ الايام الاولى لثورة 14 تموز 1958 ، وسقوط النظام الملكي الهاشمي ، وتأسيس جمهورية العراق ، وتعيين الدكتور عبد الجبار الجومرد وزيرا للخارجية ، إتضحت ملامح السياسة الخارجية للعراق، والتي عبر عنها وزير الخارجية الدكتور الجومرد ، كما عبر عنها الزعيم نفسه . ومما أكده الزعيم ان العراق سيحترم التزاماته مع دول العالم وفق الاتفاقيات والامتيازات الدولية ، وسيشارك في المنظمات الدولية عضوا فعالا لخدمة الشعوب المحبة للسلام وهكذا كثيرا ما بدد الزعيم مخاوف وشكوك الدول الاخري تجاه الثورة في العراق .
وكان إختيار الجومرد نفسه - وهو من الحزب الوطني الديموقراطي - يعطي الانطباع بأن العراق ، وان كان قد عاد الى ماكان يسمى انذاك ب"الركب العربي التحرري " ، الا انه لم يكن مع فكرة ( الوحدة الاندماجية ) مع الجمهورية العربية المتحدة . وقد أكد الزعيم عبد الكريم قاسم هذا التوجه بأعلانه الحفاظ على ما أطلق عليه في بعض خطبه "الجمهورية العراقية الخالدة " .
نعم كان من أهداف ثورة 14 تموز 1958 - كما جاء في البيان الاول وفي الدستور المؤقت - التمسك بميثاق الدفاع العربي المشترك ، والخروج من حلف بغداد ، والايمان بسياسة الحياد الايجابي ، ودعم حركات التحرر ، إلا ان عبد الكريم قاسم ووزير خارجيته، لم يكونا من المؤمنين بهدف الوحدة مع الجمهورية العربية المتحدة في حين كان العقيد الركن عبد السلام محمد عارف نائب رئيس الوزراء من الداعين الى الوحدة العربية واتضح ذلك من خلال خطبه والمقالات التي كانت تنشرها جريدة الجمهورية التي رأس تحريرها لفترة قصيرة ثم من بعده ومعه السيد فؤاد الركابي وزير الاعمار .
كان الخلاف بين الزعيم الركن عبد الكريم قاسم والعقيد الركن عبد السلام محمد عارف في أحد وجوهه هذه المسألة ، وقد نجح الزعيم عبد الكريم قاسم وتفرد بالسلطة وعزل العقيد عبد السلام محمد عارف وكان ذلك بإنتهاء فكرة الوحدة العربية .وقد انعكست هذه المسألة على القوى والاحزاب السياسية فتبنى الشيوعيون مبدأ الاتحاد الفدرالي والذي سبق ان كتب عنه مؤسس الحزب الشيوعي يوسف سلمان يوسف (فهد ) سنة 1942 بينما تمسك القوميون بمبدأ الوحدة العربية .
استمر الزعيم عبد الكريم قاسم بالتمسك بسياسته الخارجية القائمة على معاداة الاستعمار، وخرج العراق من حلف بغداد ، ومن الكتلة الاسترلينية ومن ومن اتفاقية الامن المتبادلة مع الولايات المتحدة الاميركية ، وبدأ بمفاوضات مع شركات النفط الاحتكارية نجم عنها إصداره قانون رقم 80 الذي منع الشركات من الاستثمار في الحقول الجديدة ، وكان يهاجم الاستعمار البريطاني والولايات المتحدة في خطبه واحاديثه بشكل مباشر وغير مباشر وساعده على ذلك تعرضه لاحداث كثيرة منها حركة الشواف في الموصل المناوئة له في 8 اذار 1959 ومحاولة اغتياله الفاشلة في 7 تشرين الاول 1959 .
ليس من شك في ان الانكليز - ومن خلال مخابراتهم وسفيرهم في بغداد السير مايكل رايت - قاموا بدور كبير في اثارة الزعيم عبد الكريم قاسم ضد الجمهورية العربية المتحدة والرئيس جمال عبد الناصر واتهامهما بالتآمر على العراق ودعم القوى القومية .وقام الزعيم عبد الكريم قاسم في 6 كانون الثاني 1959 بالقاء خطاب قال فيه انه مستعد للتعاون مع كافة الاقطار العربية بما فيها مصر ولكن الانفصال الذي وقع في 28 ايلول 1960 وانفراط عقد الوحدة بين مصر وسوريا عمق الخلافات العراقية -المصرية وقد دعم الشيوعيون الانفصال وهذا أجج الموقف بين العراق ومصر .
اما سياسة الزعيم عبد الكريم قاسم الخارجية تجاه الاقطار الاخرى ، وقد اصبح وزير الخارجية هاشم جواد، فقد كانت تتذبذب والسبب هو ان قريبه العقيد فاضل عباس المهداوي رئيس المحكمة العسكرية العليا الخاصة كان لايتورع عن مهاجمة من يريد من ملوك ورؤساء الدول العربية وغير العربية وكثيرا ما كان الدكتور الجومرد يشتكي من ذلك لدى الزعيم .
كانت علاقة العراق مع الاردن متوترة بسبب مقتل العائلة الحاكمة الهاشمية في العراق وانسحاب العراق من الاتحاد الهاشمي .وكثيرا ما تدخل السفير الامريكي في عمان لرأب الصدع في العلاقات العراقية -الاردنية لكن العلاقات ظلت مقطوعة مع استمرار الحملات الاعلامية بين الطرفين . ومع نهاية سنة 1960 حدث نوع من التحسن وفي سنة 1961 اعيدت العلاقات وفتحت الحدود ووصل وصفي التل كأول سفير اردني في العراق بعد الثورة .
وكانت العلاقات العراقية -اللبنانية جيدة ، وقامت لبنان بمحاولات لتلطيف الاجواء بين العراق ومصر لكن دون جدوى .أما العلاقات مع الكويت فقد ساءت بعد مطالبة الزعيم بما اسماه اعادة القضاء السليب "الكويت الى العراق ومن هنا فقد ساءت علاقات العراق الخارجية مع الدول العربية كلها خاصة بعد تدخل جامعة الدول العربية وارسال قوات عربية لحماية الكويت .
ازدادت عزلة العراق عربيا وظهر خلاف بين الزعيم ووزير خارجيته هاشم جواد بشأن سحب سفراء العراق من الدول التي اعترفت بدولة الكويت وقد حاول الاستفادة من الاتحاد السوفيتي السابق في عرقلة قبول الكويت عضوا في الامم المتحدة حتى سنة 1963 وبالتأكيد ان ذلك تم بالتعاون مع الحزب الشيوعي العراقي الذي ظل يدعم حكم الزعيم حتى آخر لحظة .
وفيما يتعلق بعلاقة العراق مع حركة التحرر الوطني الجزائرية ومع المغرب فقد كانت جيدة ، وعرف عن الزعيم دعمه المادي والمعنوي للجزائر وللمغرب ولتونس ولليبيا كما قدم الزعيم دعما للعمانيين في ثورتهم ووافق على فتح مكتب للثورة العمانية في بغداد .
كما دعم قضية الجنوب العربي في عدن وبعد قيام الثورة في صنعاءبقيادة عبد الله السلال ساندها الزعيم واعترف بها وقدم المساعدات الفنية لليمن .وتراوحت العلاقات بين العراق والسعودية بين الايجاب والسلب مع ان السعودية اعترفت بقيام الجمهورية في العراق لكن الشيوعيين كثيرا ما اساؤوا للعلاقات بسبب مهاجمتهم السعودية واتهامها بأنها قد جعلت من الظهران قاعدة للولايات المتحدة الاميركية .
وبصدد القضية الفلسطينية فإن الزعيم عبد الكريم قاسم كثيرا ماكان يؤكد دعمه لفلسطين ودعا في لقاءه بياسر عرفات في 3 اب 1958 الى الكفاح من اجل الاستقلال والالتزام بقرارات الامم المتحدة وطريقة حل القضية الفلسطينية وقال لياسر عرفات ان فلسطين كانت وراء ثورة 14 تموز 1958 في العراق .ومما كان يدعم هذا القول الدور الذي قام به الزعيم في تأسيس "جيش التحرير الفلسطيني " وتأسيس قوة من الفلسطينيين المقيمين في العراق والحق هذه القوة بوزارة الدفاع العراقية ورصد لها التخصيصات اللازمة لذلك .
وبشأن دول الجوار ؛ فقد كانت العلاقات مع تركيا وايران غير جيدة لانهما كانتا عضوين في حلف بغداد ومع هذا اعترفت ايران بجمهورية العراق في 30 تموز 1958 لكن دعم ايران للحركة الكردية ومشاكل الحدود وخاصة في شط العرب كانت تسهم في توتر العلاقات.
اما تركيا فأنها ترددت اول الامر بالاعتراف بجمهورية العراق لكنها تعرضت لضغوط دولية دفعتها الى الاعتراف وعندما حدث انقلاب العسكر في ايلول 1960 اعترف الزعيم به .كما ايد انفصال سوريا عن مصر واجتمع مع الرئيس السوري ناظم القدسي على الحدود العراقية -السورية .
وكما هو معروف فأن العلاقة بين بريطانيا والعراق كانت جيدة ونشأت صداقة وثيقة بين الزعيم وبين السير مايكل رايت السفير البريطاني وكان الزعيم كثيرا ما يجتمع به دون حضور وزير الخارجية وقد كانت بريطانيا من اوائل الدول التي اعترفت بجمهورية العراق واعلنت ان ليس في نيتها التدخل في شؤون العراق مع انها كثيرا ما كانت تتدخل وتخلق المشاكل بين قادة الثورة وكان ما يعني الانكليز هو استمرار تدفق النفط وكذلك الامر بالنسبة للولايات المتحدة الاميركية وقد اكدت الثورة انها تحترم علاقاتها واتفاقاتها مع الغرب لذلك استلم العراق صفقات اسلحة بريطانية واميركية كان قد اشتراها من الانكليز والاميركان بكل يسر وسهولة كما استؤنفت العلاقات الاقتصادية مع الانكليز والاميركان كما كانت لكن هذا لم يمنع العراق بعد انسحابه من حلف بغداد عن الغاء اتفاقية الامن المتبادلة مع الولايات المتحدة الاميركية لسنة 1954 ومع هذا كان الزعيم عبد الكريم قاسم يتبادل الرسائل مع الرئيس الاميركي ايزنهاور ومع الرئيس الاميركي جون كندي وخاصة فيما يتعلق بالموقف العراقي من القضية الفلسطينية .
ونظرا للعلاقة الوثيقة التي قامت بين العراق والاتحاد السوفيتي فقد وضع الزعيم عبد الكريم قاسم نفسه والعراق في خانة الدول الداعمة للتحرر والاستقلال ، وكان يردد في خطبه ان العراق حطم اكبر قاعدة استعمارية في الشرق الاوسط وقد رحب بالخبراء السوفيت ووقع مع الاتحاد السوفيتي اتفاقية اذار 1959 كما وقع اتفاقية استخدام الطاقة الذرية للاغراض السلمية مع السوقيت في 17 اب 1958 هذا فضلا عن اتفاقيات عسكرية للحصول على الاسلحة الحديثة وقد زار العراق انستاس ميكويان نائب رئيس وزراء الاتحاد السوفيتي في نيسان 1960 .
وقد ارتبط العراق في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم بعلاقات جيدة مع اندنوسيا وزار الدكتور احمد سوكارنو العراق وكذلك كانت علاقات العراق جيدة مع الصين الشعبية واليابان والكثير من الدول الافريقية .
ومهما يكن من أمر فان علاقات العراق الخارجية وسياسة الزعيم عبد الكريم قاسم لم تكن واضحة وضمن استراتيجية صحيحة تخدم المصالح الوطنية العراقية بالدرجة الاولى وانما كان طابع الارتجال وضعف الخبرة الدبلوماسية هي ما يسمها ويقينا ان قضية الكويت ومطابة الزعيم بها افقدته الكثير من ثقة الدول العربية به وبسياسته الخارجية لذلك فأن اسقاطه في 8شباط 1963 خلق كثيرا من الارتياح في الاوساط العربية والاقليمية والدولية الى الدرجة التي جعلت عددا من انصاره يرون بأن ما حدث في العراق ليس الا لعبة عربية واقليمية ودولية مخطط لها من قبل وهذا الرأي يحتاج الى وثائق لدعمه وهو ما لم يحصل عليه أحد حتى الان بإستثناء ما ذكره البعض في اوراقه الخاصة ومذكراته الشخصية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق