الأحد، 9 مارس 2014

تأسيس اتحاد الادباء العراقيين 1959


 تأسيس اتحاد الادباء العراقيين 1959

ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ متمرس -جامعة الموصل

بعد أن صدر قانون الجمعيات والاحزاب في العراق بعد ثورة 14 تموز 1958 وذلك في عهد الزعيم عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء والقوات المسلحة تأستت احزاب وجمعياتواتحادات مهنية وثقافية واجتماعية . وعلى صعيد النشاط الثقافي انبثقت مؤسستيم مهمتين كان لهما دور كبير في تنشيط الحركة الثقافية والفكرية في العراق الى حد كبير وهاتان المؤسستان هما اتحاد الادباء العراقيين 1959 وجمعية المؤلفين والكتاب العراقيين 1960 .
وكان من الطبيعي ان تنعكس الصراعات السياسية التي شهدها العراق انذاك بين التوجهين او التيارين القومي والشيوعي على نشاط وتوجهات ومواقف هاتين المؤسستين .فأتحاد الادباء العراقيين اصطبغ بالصبغة اليسارية وجمعية المؤلفين والكتاب العراقيين اصطبغت بالصبغة القومية .وسنتحدث في هذه السطور عن اتحاد الادباء العراقيين الذي احتفلنا قبل خمسة سنوات بيوبيله الذهبي عندما مر على تأسيسه نصف قرن .
ويقينا انه احتل خلال الخمسين سنة الماضية من تأسيسه ، مكانة كبيرة في الذهن العراقي وفي الذاكرة العراقية ، خاصة وانه مر بمراحل مختلفة ، وتقلبات عديدة منذ ان تولى رئاسته شاعر العرب الاكبر محمد مهدي الجواهري وحتى اليوم حيث يتولى رئلسته الناقد الاستاذ فاضل ثامر مرورا برؤسائه الاستاذ عبد الامير معلة والاستاذ الدكتور نجمان ياسين والاستاذ رعد بندر والاستاذ هاني وهيب والاستاذ لؤي حقي والاستاذ الدكتور عناد غزوان .
يتحدث الاستاذ الفريد سمعان الامين العام للاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين كما يسمى اليوم فيقول : في العهد الملكي لم تكن هنالك جهة ثقافية معينة تضم الادباء الذين كانوا يلجأون الى المقاهي الادبية في بغداد مثل: مقهى الزهاوي ومقهى حسن عجمي ومقهى البرلمان، وكان حلما ان يكون لهم اتحاد يلملم المثقفين من كل مكان ، ويضمهم تحت هذه الخيمة الرائعة، وقد بادر شاعرنا الكبير الاستاذ محمد مهدي الجواهري بتأسيس هذا الاتحاد وكانت معه باقة من كبار المثقفين واساتذة الجامعة من بينهم الاستاذ الدكتور مهدي المخزومي والاستاذ الدكتور صلاح خالص و الاستاذ الدكتور علي جواد الطاهر والشاعر الكبير الاستاذ عبد الوهاب البياتي والشاعرة الكبيرة الاستاذة لميعة عباس عمارة و الشاعرة الكبيرة الاستاذة نازك الملائكة والشاعر الكبير الاستاذ نعمان ماهر الكنعاني، وعدد اخر من اللذين اجتمعوا في بيت الجواهري الذي كان في الاعظمية على ضفاف نهر دجلة الخالد ببغداد ، وكان هذا الاجتماع التمهيدي ركنا اساسيا في تقديم طلب تأسيس الاتحاد وقد قبلت السلطة الوطنية الجديدة التي جاءت بعد ثورة 14 تموز المجيدة 195 على ذلك فأجازت وزارة الداخلية الاتحاد ، وخصص له المقر الحالي وكان ناديا لاحد الشخصيات السياسية البارزة ويشرف عليه وهو الاستاذ توفيق السويدي الذي كان رئيسا للوزراء لعدة مرات، وفي الجلسة الاولى للهيأة العامة انتخب الشاعر الكبير الاستاذ محمد مهدي الجواهري رئيسا، وتم تعيين الشاعر الاستاذ محمد صالح بحر العلوم مديرا للادارة ولكنه لم يستطع ان يقوم بهذه المهمة لنقص الخبرة فعين بدله الاستاذ الشاعر الفريد سمعان للادارة والمحاسبة وكان عضوا في الاتحاد، ومما قاله الاستاذ الفرد سمعان ان الاتحاد ضم باقة مهمة من الاساتذة الجامعيين الذين لهم اسماء بارزة وقد اشتهرت فيما بعد.واضاف: وبدأ الاتحاد يقبل طلبات العضوية ولم تكن بهذا الاتساع، كما ضم عناصر من الشباب من بينهم رشدي العامل وموسى النقدي وماجد العامل وعبد الرزاق عبد الواحد ، كما كان هناك بعض الطلبة من كلية الاداب، وقد وضع هذا الاتحاد اللبنات الاولى لتشكيل الثقافة العراقية، وصدر عنه مجلة بأسم " الاديب العراقي " وبعض الكتيبات الصغيرة التي وثقت لاماسي الاتحاد كما اقام الاتحاد مهرجانا للرصافي سنة 1960 واصدر عنه كتابا وصنع (ميدالية) برونزية تخليدا للشاعر الاصيل الذي مات معدما.ومضى الفريد سمعان في حديثه قائلا: " لقد كان هذا الاتحاد الدعامة الاساسية لتطوير الادب العراقي، وتواصلت جهوده مع الثقافة والمثقفين واصبح له موقع بارز بين الاتحادات العربية، كما اقام بعض الصلات مع المثقفين ومؤسساتهم في بعض البلدان الاجنبية من جملتها الاتحاد السوفيتي وبلغاريا والمانيا الديمقراطية، وهكذا استطاع ان يوصل الكتاب العراقي الى ابعد الاماكن بجهود خيرة بذلها في حينه الاستاذ الدكتور علي جواد الطاهر، واتذكر ان السفير الامريكي راجع الاتحاد في يوم ما من سنة 1961 وطلب بضعة نسخ من كتاب الرصافي الذي سبق ان ارسله الاتحاد الى مكتبة واشنطن، كما احيا الاتحاد تقليدا بايفاد بعض ادبائه الى مختلف الدول الاوربية والعربية للتواصل مع الثقافة العالمية وابراز اسم الاتحاد" .
أشار الاستاذ محمد مهدي الجواهري الى اتحاد الادباء العراقيين في كتابه "مذكراتي " الجزء الثاني والمطبوع في دار قلم بالنجف الاشرف سنة 2005 فقال :"بعد ان صدر قانون حرية الاحزاب والصحافة في توالي العام الاول من الثورة جرى تشكيل اتحاد للادباء يجمع ادباء العراق ولقد كنت ُالمرشح الاول لرئاسته ولو كان هناك من يستحقها غيري لكنت من اتباعه . ولقد عانيت ماعانيت وذقت ما ذقت من مرارة تحمل هذه المسؤولية وليتني كنت غير مؤهل لذلك لكنت أرحت واسترحت ولكنت في غنى عن صراعات وقلاقل تلك المرحلة وما جرى من مصاعب ومشاكل وردود أفعال ستنعكس سلبا على مرحلة من حياتي وستنسحب ذيولها الى ما أحسد عليه من مستقبل وحقا وصدقا أقول انني لم أعان في اتحاد الادباء ماعانيته في نقابة الصحفيين من صعاب ومشاكل وأزمات وصراعات و تامر .لان قطاع الادباء لم يكن يسمح بالدخلاء والمدسوسين وانصاف الموهوبين وأشباه الكتبة ليتطفل عليه ،على العكس تماما من عالم الصحافة الذي يستوعب من هب ودب (كما يقولون ) ويحوي بين عناصره من شاءت له نفسه أو هذا الحزب أو تلك الجهة أو ذاك المتنفذ أن يكون فيه .
يواصل الاستاذ الجواهري الحديث عن اتحاد الادباء فيقول : " أستطيع القول أن مهمتي كرئيس لاتحاد الادباء كانت في مستوى الطوح والنجاح لانني وبحكم انتمائي الصميمي الى عالم الكلمة المبدعة وعلاقاتها التي تكون بالمستوى نفسه فقد استطعت أن أستقطب زملائي من قوميين وديموقراطيين وشيوعيين ومستقلين ..وكانت استطاعتي الجمع بين المتناقضين والاضداد على اختلاف مشاربهم وانتماءاتهم تشكل مصدر اعتزاز لي وأن أسماء كبيرة كانت في ذلك الاتحاد امثال العلامة الاستاذ الدكتور مهدي المخزومي والكاتب والاديب الاستاذ الدكتور علي جواد الطاهر والاستاذ محمود الحبوبي الشاعر كمستقلين يمثلون ذواتهم وكانت هناك الشاعرة الدكتورة عاتكة الخزرجي والشاعرة الاستاذة نازك الملائكة التي كانت وقتها في الكويت غير ان اسمها كان في الصميم من الهيئة الادارية الاولى لاتحاد الادباء .كما أن هناك حافظ جميل الشاعر المعروف والاستاذ الدكتور صلاح خالص وهو الاديب الضليع والكاتب الموهوب .كما فتحت ُ أبواب الاتحاد لجميع الشباب الناشئ المتأدب" .ويضيف الاستاذ محمد مهدي الجواهري الى ذلك قوله :" وقد استطعت من خلال علاقتي المتينة وقتذاك مع زعيم الجمهورية أن أحصل على مان يعرف ب (نادي بغداد) وهو على بساطته كان أجمل مافيه حديقته الخضراء الغناء التي كانت ملتقى الادباء ومنتدى حواراتهم ونقاشاتهم ..هذه النثاشات والحوارات التي كانت تتم بكل حرية وكل مسؤولية وبكل ديموقراطية أيضا " .ويختم الاستاذ الجواهري قوله عن اتحاد الادباء بعد ان يتحدث عن مشاركته في مؤتمر اتحاد الكتاب العرب في الكويت وملابساته والقصيدة التي القاها في المؤتمر يقول :" صحيح أنني لاقيت في اتحاد الادباء فيما بعد ذلك عددا من الصعوبات غير أن هذه الصعوبات لاتذكر اذا ما قورنت بتلك التي واجهتها لدى رئاستي لنقابة الصحفيين في الفترة ذاتها ".
أما الاستاذ علي نوير رئيس اتحاد الادباء في البصرة فتحدث عن اتحاد الادباء وعن تأسيسه فقال :" في مثل هذا اليوم السابع من شهر ايار من عام 1959، اجتمع عدد من الشعراء والكتاب في احد المنازل المطلة على نهر دجلة ببغداد (وهو بيت الشاعر الجواهري ) ، لينفض الاجتماع بعد ذلك عن اعلان تأسيس اتحاد الادباء في العراق، وانتخاب شاعر العراق الكبير محمد مهدي الجواهري كأول رئيس لهذا الاتحاد. وها ان أكثر من

نصف قرن مرّ الان على هذا التأسيس، وعقود خمسة هي عمر الاتحاد الذي خرجت من معطفه مئات الكتّاب واتحاد الادباء الذي هو اليوم الاتحاد العام للادباء والكتاب العراقيين
جهة غير حكومية، ويتمتع بشخصية مستقلة، عمل القائمون عليه منذ تأسيسه على ان يكون حاضنة ترعى الادباء المنضوين تحت مظلته، ومرجعا لهم في طرح نتاجاتهم الادبية والفكرية. وخلال عمر الاتحاد ظلت علاقته مع المؤسسة الرسمية بين شدّ وجذب، انعكست بالنتيجة على موقف عدد من الادباء تجاه شرعيته في تمثيلهم. وبعد التغيير الذي حصل في العراق عام 2003 تم تجميد عضوية الاتحاد لدى اتحاد الادباء والكتاب العرب، كما ان قلة الدعم الذي يلقاه من قبل الحكومة العراقية اليوم جعله يعاني من الازمات المالية التي صارت تؤثر سلبا على نشاطه. لكن رغم هذه المعوقات في عمل الاتحاد فانه بقي يمارس دوره في تنشيط الحركة الادبية داخل العراق من خلال اقامة النشاطات الثقافية، وهذا العنصر هو احد عوامل النجاح التي تُحسب له
أما القاص والروائي محمود عبد الوهاب الذي كان أحد مؤسسي الاتحاد وهو من البصرة فقال "بعد ان أكملتُ دراستي الجامعية ، كنت أتردد على بغداد وكانت لدي علاقة بأدبائها إذ التقيت حسين مردان ونزار عباس ورشدي العامل وعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي، وهم من ادباء بغداد البارزين، وكنا نلتقي في المقهى البرازيلي في بغداد، واتذكر نزوع عدد من الشباب وعلى رأسهم الجواهري في الدفع باتجاه تأسيس الاتحاد".
وأضاف " انه في سنة 1958 أسسنا في البصرة جمعية كان من أعضاءها مهدي عيسى الصقر، وكاظم أحمد التميمي، وعبد الرزاق الحسين، وأيضا محمد سعيد الصكار"، مبينا أن هذه الجمعية أقامت احتفالات عديدة اثارت اهتمام عدد من الشعراء العراقيين ومنهم الشاعر معروف الرصافي.
وحول العمل في فرع اتحاد الادباء في البصرة لفت الاستاذ محمود عبد الوهاب إلى أن العمل فعال وجيد لكنه يفتقر إلى التنظيم لقلة خبرتنا آنذاك، ولم يدم هذا الفرع طويلا لنقص الحاجات ومنها المادية، وبذلك انتهى عمل هذا الاتحاد ،وصرنا نعمل كأصدقاء لفترة، حتى اعيد تأسيسه ثانية سنة 1973.
ويشار إلى أن محمود عبد الوهاب روائي وقاص من محافظة البصرة ويعد من جيل الرواد، ، وله أربعة اصدارات بين رواية ومجموعة قصصية منها "رائحة الشتاء"، ورغوة السحاب، وكتاب نقدي بعنوان: (ثريا النص)، والعديد من المخطوطات التي لم تر النور بعد.
أما القاص والروائي عباس خلف علي رئيس اتحاد الأدباء والكتاب في كربلاء فقال بشأن تأسيس اتحاد الادباء : : "قبل نصف قرن اجتمع عدد من الشعراء والكتاب ليضعوا اللبنة الأولى لهذا الصرح الحضاري والإنساني ليكون حضنا دافئا لكل مبدعي العرا" ، ثم واصل حديثه قائلا ، في هذه اللحظات التي نستذكر فيها دور المؤسسين الأوائل مثل الجواهري والبياتي وسعدي يوسف وذو النون أيوب ومهدي المخزومي و محمد صالح بحر العلوم و محمد جواد الطاهر و الشاعر كوران.. يحق لنا أن نفخر بأن هذه الأسماء الكبيرة كانت رافدا حقيقيا لأسماء أخرى حصدت العشرات من الجوائز الفكرية والأدبية والمعرفية في المحافل الإقليمية والدولية ،
وفي نهاية حديثه قال : إن الثقافة روح العصر وأداتها وآليتها في البناء وتفجير الطاقات من غيرها لم تكن هناك أمم وحضارة تذكر ، فبعد خمسين عاما … بقى أحفاد الجواهري كما هو الجواهري خصبا وولادا ومصرا بنفس الوقت على أن بلد مابين النهرين لايملي ضفتيه سوى حب العراق.
الشاعر المسرحي الاستاذ محمد علي الخفاجي تحدث عن اتحاد الادباء فقال : : تطل علينا مناسبة لم أزل اشعر بها فتية مثل الروح يتجدد ألقها كل عام كي تمنحنا عنفوان شبابها الدائم ، لاأريد أن أعطي نفسي هنا حق الريادة بل حينما تأسس الإتحاد كنا في أول الطريق ولكن من حقنا التحدث عن خيمة عشنا ظلها كل هذه السنين الطوال وبقت على حالها من دون أن تهزها الرياح أو تبتلعها العاصفة ، ثم واصل حديثه قائلا ، إن هذه المناسبة استذكار حقيقي للأدب الحقيقي الذي انبثق صوته الأول لرمز العراق والعرب الجواهري وبحر العلوم وعلي جواد الطاهر ،
اما الناقد الدكتور . علاء الدين هاشم الخفاجي رئيس قسم اللغة العربية في جامعة كربلاء فقال عن تأسيس : إن مرور عشرات السنين على اتحادنا المجاهد اتحاد الأدباء والكتاب العراقيين ومازالت رايته خفاقة يتسلمها جيل أبر وأوفى وعمل وضحى وأجتهد وأبدع وصمد في وجه الرياح العاتية صمود عمته النخلة في عطائها وكرمها وثباتها ، ثم واصل حديثه قائلا ، إن الأدباء تحملوا الآلام وشظف العيش والحرمان والتهميش والإبعاد والمطاردة والسجن والنفي ولم يكن سلاحهم إلا الكلمة التي تحمل معاني الآمال لوطنهم العراق.
ثم تحدث بعد ذلك الشاعر والباحث د. علي الفتال قائلا ، إن لحظة تأسيس اتحاد الادباء عندي لاتعادل بثمن ، لأن الإتحاد مرتبط بالأديب العراقي كارتباط الجنين بمشيمة أمه ، كثر اللغط هنا وهناك حول تسميات عدة وتعريفات وربما نسمع في القريب عن تغير الاسم بسبب هذا الموقف أو ذاك ولكن في النهاية نقول إن اللبنة الحقيقية التي غرست البذرة الطيبة لاتنتج غير ثمار ناضجة ، فبورك المؤسسين الأوائل الذين تحملوا مشاق الطريق ليفتحوا دروب النور. ثم تحدث الشاعر حسن النواب قائلا ، لولا العلامة المضيئة التي أوقدها الجواهري وزملائه لما كنا نحظى بروعة وجمال هذا المكان الذي نحتفل فيه في الذكرى الخمسين لولادة الإتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين ، ثم استذكر جانبا من المصاعب التي واجهها عندما كان رئيس لإتحاد أدباء كربلاء من أجل حصوله على مقر وكيف كانت العراقيل تقف حائلا أمام تطلعات الأديب والمثقف ومع ذلك يتساءل هنا الشاعر ، هل انتهت معاناة الأديب ؟ أم إنها مازالت قائمة ولذا نقول إن الدولة يفترض أن ترعى المثقف وتهتم بشؤونه وأن تدعمه ماديا ومعنويا كما هو حال العالم المتمدن اليوم الذي يسعى للارتقاء بطبقات مجتمعه
يقول مهدي النجار وهو يستذكر ايام تأسيس اتحاد الادباء :لا نريد أن نسترجع الذي راح، ولكن نريد ان نتذكره ولا ننساه بغية تجاوز الزمن العصيب . . وهاهي احتفالية اليوبيل الذهبي لتأسيس عمارة الثقافة العراقية تُكرسْ من اجل التذكرْ، تَذكر المؤسسين لثقافة العراق والنشطاء الفعليين في حقولها الإبداعية من غير اوصياء، يشق طريقه مقطوعاً عن التسييس ، يشق طريقه رغم الفاقه والعوز والضنك ككيان إبداعي مستقل دون أن يكون وصيفاً لأحد او ذيلاً لمؤسسة رسمية وغير رسمية، تشمُ داخل عمارتهعَبقَ نسائم الحرية دون ارتعاب او وجلّْ.
يقول الاستاذ عبد الجبار العتابي ان اتحاد الادباء تأسس سنة 1959 وفي خضم اشتداد الصراع السياسي بين القوميين والشيوعيين أسسه الشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري وعمره اليوم خمسين عاما، هذا الاتحاد ولد سنة 1959، وهذه الخمسين عاما تعني اليوبيل الذهبي له، والاحتفال به ضرورة من ضرورات عمل الاتحاد لاسيما ان المناسبة مميزة، ولا بد فيها من استذكار قوافل المبدعين الذين اصبح الحرف الجميل ملاذهم وعملهم، واستذكار قوافل الكتب التي انتجتها عقولهم وقلوبهم، والذين سكبوا عصارات افكارهم ونتاجهم الادبي والفكري من اجل الاخرين ولاعلاء شأن الثقافة والناس في هذا البلد، فالذاكرة لن تنأى بعيدا حين تمتد يدها لقطف ثمار اشراقات الابداع، كما ان العيون لن تذهب بعيدا وهي تتطلع الى الواقع الذي فيه هذا الاتحاد والادباء الذين ينتمون اليه او الذين يتأملون اشكال الصور التي تتراءى لهم، فما زال هنالك معاناة يمكن قراءتها بسهولة، وهذه الهواجس لابد منها حتى في الاحتفال باليوبيل الذهبي الذي يمثل محطة مهمة، ضمن المراحل العديدة التي تشكل مسيرته، وقد مر عليه ثمانية رؤساء اولهم الجواهري واخرهم فاضل ثامر
أما الاستاذ فاضل ثامر فيقول عن الاتحاد :" انا اعتقد هذا تاريخ مجيد من عمر العمل المهني والنقابي وللادباء والكتاب، وهو يدلل على وعي ذاتي متقدم للاديب العراقي لكي ينظم نفسه وكذلك من اجل الارتقاء في اداء العمل الثقافي واعادة تنظيم الانشطة الثقافية، انا اعتقد ان العمل الادبي فردي في الجوهر ويعتمد على الموهبة والجهود الذاتية ولكن مع ذلك فأن المؤسسة الادبية الناشطة مثل الاتحاد قادرة باستمرار ان تعيد تنظيم الحياة الثقافية على وفق اسس اكثر جدوى.واضاف: انا بتواضع امتلك تصورا شاملا
عن نشاط الاتحاد بل على كل المؤسسات الرسمية والشعبية والتي تستطيع ان تنهض بمسؤولية كبيرة في بناء القاعدة المالية والشبكات الداخلية للثقافة وتحقق مراكز دور النشر والدفاع عن حقوق الاديب العراقي والتأليف واعادة حقوق الرواد لتوفير حياة كريمة لهم ورواتب تقاعدية ونشر اعمالهم، انا امتلك تصورا شاملا، ولكن تقع المسؤولية على الحكومة في عدم تهميشها للثقافة واعطاء دور اكبر في صناعة القرار السياسي والثقافي،

يقول الفريد سمعان الامين العام لاتحاد الادباء: في العهد الملكي لم تكن هنالك جهة ثقافية معينة تضم الادباء الذين كانوا يلجون الى المقاهي الادبية في بغداد مثل: مقهى الزهاوي وحسن عجمي والبرلمان، وكان حلما ان يكون لهم اتحاد يلملم المثقفين من كل مكان ويضمهم تحت هذه الخيمة الرائعة، وقد بادر شاعرنا الكبير محمد مهدي الجواهري بتأسيس هذا الاتحاد وكانت معه باقة من كبار المثقفين واساتذة الجامعة من بينهم الدكتور مهدي المخزومي والدكتور صلاح خالص و الدكتور علي جواد الطاهر وعبد الوهاب البياتي ولميعة عباس عمارة ونازك الملائكة ونعمان ماهر الكنعاني، وعدد اخر من اللذين اجتمعوا في بيت الجواهري الذي كان في الاعظمية على ضفاف نهر دجلة، وكان هذا الاجتماع التمهيدي ركنا اساسيا في تقديم طلب تأسيس الاتحاد وقد قبلت السلطة الوطنية التي جاءت بعد ثورة 14 تموز المجيدة 1958، وخصص له المقر الحالي وكان ناديا لاحد الشخصيات السياسية البارزة ويشرف عليه وهو توفيق السويدي الذي كان رئيسا للوزراء لعدة مرات، وفي الجلسة الاولى للهيئة العامة انتخب الجواهري رئيسا،
في سنة 1963 اعيد انتخاب الهيئة الادارية لاتحاد الادباء العراقيين وأعيد انتخاب الشاعر الكبير الاستاذ محمد مهدي الجواهري رئيسا والشاعر الاستاذ شفيق الكمالي نائبا للرئيس والشاعر الاستاذ حميد سعيد سكرتيرا ثقافيا والفريد سمعان سكرتيرا اداريا و الاستاذ غانم الدباغ امينا للصندوق، .

واختتم الفريد سمعان الحديث عن اتحاد الادباء العراقيين بالقول: المهم الان (2009 ) نحن نحمل هذه التركة ونعتز بوجودنا بين جدران هذا الاتحاد ونأمل ان نتواصل مع الفكر العراقي والثقافة الناضجة الحقيقية لكي نخدم مجتمعنا وشعبنا
*مدونة الدكتور ابراهيم العلاف والرابطhttp://wwwallafblogspotcom.blogspot.com/2014/03/blog-post_5011.html
1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم

  بيوت في ذلك الزقاق ...............فيلم عراقي مهم - ابراهيم العلاف وفي إطار التوثيق للسينما العراقية المعاصرة ، ثمة أفلام تنتمي الى الواقع...