حياد الإعلام واستقلاليته*
بقلم :الاستاذ سامي مهدي
الصديق الشاعر والكاتب محمد غازي الأخرس لم يكن راضياً عن أداء الإعلام المصري في تغطية عملية فض اعتصامات الأخوان المسلمين في بعض مساجد القاهرة وساحاتها . أخذ على هذا الإعلام أنه لم يكن موضوعياً ولا حيادياً ، بل كان تحريضياً ، يحث أجهزة السلطة والناس على التصدي للمعتصمين بروح انتقامية ، وهذا أمر خطير يتنافى والدعوة إلى إقامة نظام ديمقراطي مدني في مصر ، ذي دستور يضمن لكل مواطن حريات المواطنة وحقوقها الكاملة ، ويتم تداول السلطة في هديه تداولاً سلمياً ، بلا تفرد ولا استئثار .
الصديق الأخرس محق في ما قال ، وإن فاته التذكير بما قام به الأخوان المسلمون حين استحوذوا على السلطة على صعيد ( أخونة ) مؤسسات الدولة ، وقمع المعارضين وتهميشهم . ولكن ما كتبه عن لا حيادية الإعلام المصري ، ولا موضوعيته ، أثار فيّ فضول التساؤل : أثمة في المطلق إعلام حيادي وموضوعي ؟
تجربة عقود أربعة علمتني أن الإعلام منحاز بطبيعته ، ولا وجود لجهاز إعلامي ، أو مصدر إخباري ، أو محلل للأحداث ، محايد حياداً مطلقاً ، فالإعلام صناعة بشرية والبشر مصالح وميول ورغبات تفرض نفسها عليهم وتحيد بهم عن جادة الحياد في صياغة الخبر ونقله والتعبير عن الرأي ونشره . وأجهزة الإعلام تملكها حكومات أو أحزاب أو شركات أو أِشخاص ، ولهؤلاء مصالح خاصة ، وحسابات خاصة ، وأهواء خاصة ، تجردهم من كل حياد وكل موضوعية ، وإن ادعوا خلاف ذلك .
وما من جهاز إعلامي ( قناة فضائية ، أو إذاعة ، أو صحيفة ) مستقل استقلالاً تاماً ما دام ثمة من يموّله ، أو يقدم له المنح والإعانات ، أو يتكرم عليه بالإعلانات ، أو يهدده ويضغط عليه ويحاصره .
إن كان ثمة حياد فهو نسبي جداً ، وسرعان ما يسقط عند أول اختبار .
وإن كان ثمة استقلال فهو في المظهر وفي الادعاء فقط .
الإعلام منحاز دائماً !
*المقال منشور في صفحته الفيسبوكية ولاهميته أعدت نشره في صفحتي .
بقلم :الاستاذ سامي مهدي
الصديق الشاعر والكاتب محمد غازي الأخرس لم يكن راضياً عن أداء الإعلام المصري في تغطية عملية فض اعتصامات الأخوان المسلمين في بعض مساجد القاهرة وساحاتها . أخذ على هذا الإعلام أنه لم يكن موضوعياً ولا حيادياً ، بل كان تحريضياً ، يحث أجهزة السلطة والناس على التصدي للمعتصمين بروح انتقامية ، وهذا أمر خطير يتنافى والدعوة إلى إقامة نظام ديمقراطي مدني في مصر ، ذي دستور يضمن لكل مواطن حريات المواطنة وحقوقها الكاملة ، ويتم تداول السلطة في هديه تداولاً سلمياً ، بلا تفرد ولا استئثار .
الصديق الأخرس محق في ما قال ، وإن فاته التذكير بما قام به الأخوان المسلمون حين استحوذوا على السلطة على صعيد ( أخونة ) مؤسسات الدولة ، وقمع المعارضين وتهميشهم . ولكن ما كتبه عن لا حيادية الإعلام المصري ، ولا موضوعيته ، أثار فيّ فضول التساؤل : أثمة في المطلق إعلام حيادي وموضوعي ؟
تجربة عقود أربعة علمتني أن الإعلام منحاز بطبيعته ، ولا وجود لجهاز إعلامي ، أو مصدر إخباري ، أو محلل للأحداث ، محايد حياداً مطلقاً ، فالإعلام صناعة بشرية والبشر مصالح وميول ورغبات تفرض نفسها عليهم وتحيد بهم عن جادة الحياد في صياغة الخبر ونقله والتعبير عن الرأي ونشره . وأجهزة الإعلام تملكها حكومات أو أحزاب أو شركات أو أِشخاص ، ولهؤلاء مصالح خاصة ، وحسابات خاصة ، وأهواء خاصة ، تجردهم من كل حياد وكل موضوعية ، وإن ادعوا خلاف ذلك .
وما من جهاز إعلامي ( قناة فضائية ، أو إذاعة ، أو صحيفة ) مستقل استقلالاً تاماً ما دام ثمة من يموّله ، أو يقدم له المنح والإعانات ، أو يتكرم عليه بالإعلانات ، أو يهدده ويضغط عليه ويحاصره .
إن كان ثمة حياد فهو نسبي جداً ، وسرعان ما يسقط عند أول اختبار .
وإن كان ثمة استقلال فهو في المظهر وفي الادعاء فقط .
الإعلام منحاز دائماً !
*المقال منشور في صفحته الفيسبوكية ولاهميته أعدت نشره في صفحتي .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق