الجمعة، 16 أغسطس 2013

واقع السياسة الخارجية العراقية وضرورات الاصلاح

السياسة الخارجية العراقية : الواقع وضرورات الاصلاح

د. فواز موفق ذنون
مركز الدراسات الاقليمية -جامعة الموصل

تعرف السياسة الخارجية بأنها انماط السلوك التي تعتمدها الدولة عبر صناعة قراراتها خارج حدودها خدمة لمصالحها .
على ان السياسة الخارجية تختلف باختلاف رؤية كل دولة للقضايا الخارجية فقد تمثل كافة السلوكيات السياسية الهادفة والناجمة عن عملية التفاعل المتعلقة بعملية صنع القرار الخارجي للوحدة الدولية .. او قد تتضمن تحديدا للأهداف التي تسعى الدولة إلى تحقيقها, والمصالح التي تحرص على تأمينها وصيانتهما والوسائل والإجراءات التي تراها ملائمة وفقا لما تعتنقه من مبادئ ومعتقدات .
وتتمتع السياسة الخارجية بأهمية خاصة عبر حقب من الزمان ، ذلك لانها تعبر عن قيم الساسة العليا للدولة ومصالحها فضلا عن كونها احد ادواتها لضمان حاضر ومستقبل البلاد .
وعند استقرائنا لواقع السياسة الخارجية العراقية في المرحلة الراهنة نلاحظ بانها تمر بمخاض سياسي عسير تحاول لملمة اوراقها الخارجية فنجحت في ملفات واخفقت في ملفات اخرى ، ولعل ابرز الملفات التي استطاعت التعاطي معها بايجابية هي الواقعية والوسطية في السياسة الخارجية والعمل على الاقتراب من المصالح العربية والإقليمية في المنطقة للانطلاق نحو جعل العراق حاضرا في التفاعلات الدولية ولعل قمة بغداد والتقارب العراقي – الخليجي وبخاصة بشكل محدود مع المملكة السعودية وبشكل كبير مع الكويت كان له اثره الواضع على ابراز دور العراق في المجال الدولي ، فمن خلال الاتفاق العراقي – الكويتي على تسوية الخلافات كان المجتمع الدولي له الكلمة الفصل في اخراج العراق من الفصل السابع تمهيدا لاندماج العراق في المنظومة الدولية .
على ان السياسة الخارجية العراقية واجهت مطبات سياسية داخلية اثرت على ادائها الخارجي وجعلتها تخوض غمار حرب دبلوماسية من اجل اثبات نجاحها ولعل اهم عوائق الخارجية العراقية تتمثل في تدخلات رجال السياسة والاحزاب في صناعتها فضلا عن عدم وجود رؤية استراتيجية للعلاقات الدولية للدولة العراقية كذلك تعدد مراكز صنع القرار في الدولة وهذا ماشكى منه السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية العراقية الذي استطاع خلال مدة ترأسه للوزارة من تحقيق نجاحات مهمة ، الا ان تأثيرات تدخلات الاجندة الحزبية اعاقت عمله ، فالسياسة الخارجية تحتاج الى رجال دولة وان تحصن من اختراقها من رجال الاحزاب ، لانها ( أي السياسة الخارجية) تتطلب التركيز وبعد النظر والرؤية الثاقبة في صناعتها تجاه المحيط الخارجي .

وعليه ان ثمة رؤى اصلاحية نعتقد نعتقد بانها اذا ماسلكتها السياسة الخارجية العراقية فاننا سنكون امام دبلوماسية عراقية نشطة وكفوءة قادرة على ابراز دور العراق المحوري في المنطقة عربيا واقليمية ودوليا .
ولعل ابرز محاور الاصلاح هي التي تتعلق بإصلاح الحكومة المركزية وإبعادها عن الصراعات السياسية والحزبية ومتى ماكانت السلطة التنفيذية في احسن حالاتها فان ذلك سوف ينعكس على بقية وزاراتها التي سوف تستطيع اداء عملها بشكل مهني . فضلا عن ضرورة اجراء مراجعات شاملة لسياسة العراق الخارجية وتكون المراجعة سنوية من خلال لجنة تتكون من وزير الخارجية الذي يحمل ملفات تعيق سياسة وزارته تجاه القضايا الاقليمية والدولية وعرضها امام كل من رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية لكي يتم صياغة سياسة خارجية مستقلة تعبر عن رؤية العراق في سياسته الخارجية ، كذلك تفعيل البعد الاقتصادي في علاقات العراق الخارجية وهي ماتسمى بالدبلوماسية الاقتصادية ، اذ ان العلاقات الاقتصادية الدولية بشكل عام، والعمل الدبلوماسي بشكل خاص، تغيرات هائلة احدثتها العولمة خلال العقدين الماضيين في حركة التجارة العالمية وتحرك رؤوس الاموال فاصبح من الضروري ان تتكيف السياسة الخارجية لمواكبة هذه التطورات بغية فك عزلة العراق وتسهيل اندماجه المدروس في الاقتصاد الاقليمي والدولي فدخول العراق في مشاريع اقتصادية استراتيجية مع المنظومة الاقليمية والدولية سوف يجعل هذه المشاريع جزء من منظومة امن البلاد وتسهم في ردع أي تجاوز عليه ، فالمصالح الاستراتيجية في المجال الاقتصادي بين العراق وغيره من الدول يسهم في حل أي مشكلة طارئة قد تخللها علاقاتهما ، ولتحقيق ذلك ينبغي انشاء دائرة اقتصادية في وزارة الخارجية العراقية وتوفير كافة المستلزمات الضرورية لتقوم هذه الدائرة بنشاطاتها باشكل المطلوب.
وعليه فان ماسبق يمكن ان تكون خريطة طريق لاصلاح العمل الدبلوماسي العراقي من خلال اصلاح وزارة الخارجية العراقية ليشكل خطوة ضرورية على طريق بناء الدولة على اسس سليمة وكل ذلك لن يتم دون اصلاح السياسات العامة للدولة العراقية وتحقيق الاستقرار الداخلي الذي سوف ينعكس على استقرار السياسة الخارجية فكلما كانت السياسات العامة تتسم بالاتساق والتكامل والوضوح والاصرار كلما ارتفعت فرص نجاح السياسة الخارجية العراقية .
 
 
 
 
 
 
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المؤرخ العراقي الدكتور صلاح الدين أمين طه ...........مؤرخ الحياة في ارمينيا

  المؤرخ العراقي الدكتور صلاح الدين أمين طه ...........مؤرخ الحياة في ارمينيا ا.د.ابراهيم خليل العلاف استاذ التاريخ الحديث المتمرس - جامعة ...