صورة الاستاذ عبد الله عزيز الطائي عندما كان معلما في الستينات
صورة تجمع الاستاذ عبد االه عزيز الطائي مع لجنة مناقشة ابنته الدكتورة سناء والاساتذة من اليمين الى اليسار الدكتور جزيل عبد الجبار الجومرد والدكتور نزارمحمد قادر ثم الاستاذ عبدالله فالدكتور مؤيد عيدان كاطع اللهيبي فالدكتورة سناء والمشرف الدكتور طه خضر عبيد
ا.د.إبراهيم خليل العلاف
أستاذ التاريخ الحديث-جامعة الموصل
مضت أربعون سنة على معرفتي بالصديق الاستاذ عبد الله عزيز الطائي ، فمنذ أن عملت مدرسا في متوسطة فتح في الشورة ثم مديرا لهذه المتوسطة ،وأسم هذا الرجل المربي يتردد على مسامعي. فلقد عمل معلما في مدارس ابتدائية عديدة داخل الموصل وخارجها .ولم يكن الأستاذ عبد الله معلما تقليديا كلاسيكيا ، وإنما كان معلما ومربيا متميزا ،احتفظ بعلاقات طيبة مع زملائه وتلاميذه وهي لاتزال قائمة حتى يومنا هذا .
وقد تعمقت معرفتي به قبل بضع سنوات، واشهد بأنه قارئ نهم يكاد يلتهم ما أعيره من الكتب ،وعلى مختلف أنماطها التهاما .وقراءته للكتب ليست قراءة عابر ، بل قراءة المدقق المحقق ..يناقشني في أمور تفصيلية ويبدي اراءا صائبة تزيدني معرفة بالكتاب حتى بت أعطيه بعض الكتب ليقرأها قبل أن اقرأها لأسمع منه نقدا للكتاب وتقييما له .
ولد في محلة الباب الجديد (الحويرة ) في مدينة الموصل سنة 1943 ، وكانت هذه المحلة معروفة برموزها من الشعراء ،والادباء ،والضباط ،والمربين، والمحامين ،والمهندسين، ورجال الاقتصاد والادارة ، وكغيره من ابناء جيله دخل الكتاب ،وقرأعلى يدي الملا محمد ابو سالم في جامع الشيخ محمد الاباريقي، ثم التحق بمدرسة الزهراء للاحداث ،وتلقى علومه الاولى على يدي معلمات متميزات تركن أثرا فيه ويخص بالذكر منهن السيدة كواكب جليميران ،والسيدة فخرية الصوفي .وفي متوسطة المثنى - وكان مديرها الاستاذ سعيد حاوا - تعلم الكثير من مدرسي هذه المدرسة التي كانت معروفة بتميزها بين متوسطات الموصل في الخمسينات من القرن الماضي .وبعد ان انهى الدراسة المتوسطة التحق بالاعدادية الشرقية وذهب الى بغداد للدخول في احدى كليات جامعتها لكنه فضل العودة الى الموصل والانتساب الى الدورة التربوية ليتخرج معلما . وبعد تخرجه سنة 1964 عين في سنة 1965 معلما في مدرسة تل مشرف الابتدائية على الحدود العراقية –السورية ثم مديرا فيها ،ونقل بعدئذ إلى مدرسة السفينة في قرية السفينة المعروفة التابعة لناحية القيارة ثم انتقل الى مدرسة أمنيرة حيث عين معلما ومديرا لهذه المدرسة ولمدة سبع سنوات وبعدها نقل الى مدرسة حمام العليل الثانية وبعدها نقل الى مدرسة القوش قبل أن يستقر معلما في مدرسة السنابل الابتدائية في مدينة الموصل ومنها أحال نفسه على التقاعد سنة 1995 وهو منذ ذلك الوقت منصرف للعبادة والمطالعة .
خلال عمله التربوي تفرغ لبعض الوقت لرعاية الشباب وذلك عبر تفرغه في هذه المؤسسة . كما عمل في الصحافة من خلال جريدة نينوى الموصلية وفي مجال التحقيقات والإعلانات الصحفية .ومن اجل هذا سافر إلى عدد من الاقضية والنواحي وأجرى مقابلات وعمل تحقيقات حول كثير من القضايا .
وللأستاذ عبد الله عزيز صلات وثيقة بعدد كبير من المعلمين والمدرسين الذين زاملهم وجايلهم ..وقد تأكدت من هذا عبر معرفته الواسعة بهم وبنشاطاتهم ..ويعتز بأنه أحد خريجي" الإعدادية الشرقية " هذا الصرح التربوي الكبير والذي يعد لعراقته معلما مهما من معالم الموصل .وكما هو معروف فأن بناية هذه الإعدادية ترجع إلى سنة 1908 وان لها دور كبير في تخريج الآلاف من الطلبة الذين تبؤأ الكثير منهم مواقع في الدولة العراقية وفي اختصاصات عديدة .هذا فضلا عن نشاطها وإسهاماتها ليس في الحركة التعليمية والتربوية وحسب بل في الحركة الوطنية عموما
ويحرص الأستاذ عبد الله على ذكر أساتذته الذين نهل من علمهم وأخلاقهم ومنهم الأستاذ هاشم سليم ،والأستاذ عمر الطالب ،والأستاذ عبد السلام عبد الهادي، والأستاذ حازم عمر، والأستاذ غانم حمودات وغيرهم .
من خلال اطلاعي على ملفته التقاعدية وقعت على كم كبير من تقارير المشرفين التربويين الذي زاروا الأستاذ عبد الله عزيز الطائي .ففي تقرير المشرف التربوي المعروف الأستاذ محمود حامد ،والمؤرخ في 28 شباط سنة 1974 نقرأ العبارات التالية وقد زاره وهو في مدرسة أمنيرة : " معلم ذو شخصية محترمة ومحبوبة لدى التلاميذ والمعلمين .ونشاطه جيد جدا ،ويشعر بالمسؤولية، ومولع بالعمل، ومخلص في الواجب،وضبطه جيد لتلاميذه ،ويراعي النواحي التربوية لديهم " .
ومما يؤكده الأستاذ محمود حامد أن الأستاذ عبد الله عزيز الطائي "يتابع ويطالع وينمو جيدا في حقل التعليم،ويلم بمادة الدرس ويحضرها ،ويعتني بدفتر التحضير ،وبالخطة السنوية ويعمل على تطبيقها جيدا " . كما "أن اهتمامه جيد جدا بالقراءة وبالمغزى وهو يؤكد –باستمرار- على الجوانب التربوية في تدريسه " .
كان الأستاذ عبد الله عزيز الطائي يدرس مادة الرياضيات الحديثة وقد كان يحرص على استخدام الوسائل التعليمية المختلفة .وفي بعض المراحل من مسيرته التعليمية درس مادة الجغرافية لذلك أكدت تقارير المشرفين التربويين على اهتمامه بالخرائط ودفاتر رسمها ويعمل على تدريب التلاميذ على رسم الخرائط والاهم من ذلك كله، كان يسعى ويبذل الجهود الحثيثة لرفع مستوى التلاميذ العلمي .
أما المشرف التربوي الأستاذ سالم ذنون سلطان ،فقد كتب تقريره عن الأستاذ عبد الله في 29 آذار سنة 1975 . ومما جاء فيه "انه معلم جيد المظهر والشخصية ،يفيض بالحيوية والنشاط ،عميق الشعور بالمسؤولية ،مخلص بعمله وراغب فيه " .
وفيما يتعلق بعلاقته مع زملائه جاء في التقرير أن الأستاذ عبد الله " ممتزج ومتعاون مع المعلمين والإدارة " .وأكد المشرف التربوي أن قابلية الأستاذ عبد الله العلمية والمهنية جيدة وثقافته العامة واسعة وله رغبة شديدة في المطالعة والتتبع " .
وكان الأستاذ عبد الله يقرأ كثيرا في مجالات التربية والتعليم ،ويستعير الكتب من مكتبة المدرسة والمكتبة العامة المركزية في الموصل . فضلا عن أن له مكتبة جيدة في داره . كما كان على صلة كبيرة بالمكتبات التي يعج بها شارع ألنجفي آنذاك وقد اقتنى الكثير من المصادر،ومن هنا فأنه اهتمامه بما يسمى "الخطة السنوية " في التدريس كبيرا ، ومن حرصه انه كان يوزع مفردات هذه الخطة بشكل عادل ومناسب ومتوافق للزمن .
لقد أكد لي عدد كبير من تلاميذه على أنهم استفادوا كثيرا من أستاذهم خاصة وان له طريقة علمية شيقة في تدريس الرياضيات الحديثة فهو كما - أشار الأستاذ سالم ذنون سلطان - يحفز التلاميذ على التفكير الرياضي السليم " .أما في مادة الجغرافية فكان " يستخدم طريقة الحوار والاستنتاج بشكل شيق " .
ونقرأ في تقرير المشرف التربوي الأستاذ عبد الغني احمد حسين ولدى زياراته المتكررة للأستاذ عبد الله عزيز الطائي في مدرسة القوش الثانية للبنين ومنها زيارته في 25 كانون الثاني 1989 وزيارته في 27 نيسان 1989 أن الأستاذ عبد الله "معلم نشيط ومخلص يشعر بالمسؤولية " .وكان الأستاذ عبد الله قد تفرغ لتدريس مادة التربية الفنية لذلك - وكما جاء في تقرير المشرف التربوي- قد " وجه عناية خاصة لإعطاء التلاميذ مواضيع في التعبير الفني ذات طابع تراثي وفولكلوري مأخوذ من البيئة المحلية للتلاميذ " .
كان الأستاذ عبد الله –كأبناء جيله – وطنيا يحب العراق.. قوميا يحب أمته العربية ويعمل من اجل رفعة شأن العراق والأمة لذلك اعتاد على نقل توجهاته هذه إلى تلاميذه .وقد انتبه المشرفون التربويون إلى هذه المسألة وأشادوا بها عندما وجدوا بأنه يحرص على وضع تلاميذه في صورة الأحداث والوقائع الدينية والوطنية والقومية ،ويختار مواضيعه لتكون منسجمة مع هذه الأحداث والوقائع .فمن خلال تدريسه يقول المشرف التربوي الأستاذ عبد الغني "وجدته يهتم اهتماما جيدا بشرح موضوع التوعية الوطنية والقومية ويبين الأهداف التربوية المتوخاة .
عندما ناقشت ابنته الدكتورة سناء (زوجتي )، أطروحتها للدكتوراه عن "الحياة الفكرية في الثغور والعواصم حتى القرن الخامس للهجرة الحادي عشر للميلاد " في كلية التربية في جامعة الموصل في كانون الثاني 2007 ،وبأشراف الأستاذ الدكتور طه خضر عبيد من قبل نخبة من الأساتذة الأفذاذ منهم الأستاذ الدكتور عبد المنعم رشاد،والأستاذ الدكتور جزيل عبد الجبار الجومرد، وجدت الأستاذ عبد الله يعرف الأساتذة معرفة جيدة،وكان يحاورهم في قضايا مهمة في الأطروحة لم تأخذ حقها من النقاش.. لذلك عبر عدد منهم عن إعجابه بالرجل وبقدراته العلمية والثقافية .
أطال الله عمر الأستاذ عبد الله ومتعه بالصحة والعافية وجزاه خيرا على ماقدم لوطنه .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق