مؤتمر اوغوزنامه العالمي في جمهورية توركمانستان
بقلم الاستاذ محمد مهدي بيات
موقع ملتقى ابناء الموصل 5 -4-2011
أبوالترك اوغوزخان هذه الشخصية الأسطورية التي عاشت في فترة2500 قبل الميلاد استطاع هو بدهائه ان يجعل العالم بأسره تحت سنابك خيوله ابتداء من الصين وانتهاء في الشرق منها العراق وسوريا وإيران حتى مصر كنا من ضمن المدعوين إلى المؤتمر العالمي لملحمة اوغوز خان المسمى ب (اوغوز نامه) الذي اقيم من قبل معهد المخطوطات في أكاديمية العلوم التركمانية في العاصمة عشق آباد للفترة من14-15 من شهر اكتوبر2010 وقد حطت بنا الطائرة التركية في مطار عشق آباد في الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة ليلا بتوقيت المدينة وكنت أنا الوحيد من العراق في المطار وبعد إكمال معاملة تأشيرة الجواز اقترب مني شاب وسيم جميل الهيأة والصورة ممتلئ الوجه قائلا هل أنت من العراق واسمك كذا قلت اجل يا مراد وكنت اعلم مسبقا بأن الذي يستقبلني في المطار اسمه(گلدي مراد) وقد اخبرني بذلك الأستاذ( كاكا جان جان بك) منسق المؤتمر. نزلنا في فندق أق التين أي( الذهب الأبيض) والذي يقع مقابل بناية جميلة مستديرة الشكل اسمها(Türkmenistan Devlet serkı) . قبل يوم من بدأ المؤتمر زار المؤتمرون خرائب مدينة نسأ(Nese) التاريخية التي تبعد عشرين كم عن العاصمة وهي مدينة الإمام النسائي (1) وهذه المدينة تقع على تلة كبيرة فيها قلعة صغيرة وبجانبها قرية جميلة اسمها باقر وعندما سألت عن التسمية لم يعرف بها احد وهناك في توركمانستان( مدينتي مرو وسرخس وانو التاريخي ومن هذه المدينة الأخيرة انطلقت حضارة سومر إلى وادي الرافدين(2) ثم تجولنا في( بارك الهام) وهذه الحديقة الجميلة مزينة بمختلف أنواع الزهورفيها عشرات من نافورات المياه مليئة بتماثيل رجال العلم والأدب ابتداء من محمود الكاشغري وانتهاء للشاعر عمر الخيام وكانت حصة العراق من هذه التماثيل الشاعرين نسيمي وفضولي البغداديين والجدير بالذكر ان في تمثال الشاعرين فيهما نظر حيث ان تمثال الشاعر الأول تراه كأنه في مرحلة الكهولة بينما ترى الثاني و هو شاب يافع علما بان الشاعر محمد بن سليمان فضولي البغدادي قضى نحبه وهو في العقد السابع من عمره بينما الشاعر عماد الدين نسيمي البغدادي قتل في حلب وهو في الأربعين من عمره وكذلك كتب تاريخ ولادة الشاعر فضولي البغدادي هكذا( 1498-1555م) والصحيح الثابت بان ولادته كانت في حدود سنة 1480 م وقد رايت تمثال اوغوزخان في غير هذا المكان وهو على فرسه فكأنه سيف منجرد عن غمده محاط باولاده الستة الذين بنوا امبراطوريات عظيمه على وجه الارض ثم تجولنا في متحف تركمانستان العظيمة التي لا توصف بكثرة اثاره وضخامة بنايته وقد شارك في هذا المؤتمر علماء وباحثون من ثلاثين دولة وقرئ أكثر من سبعين بحثا من مختلف دول العالم منها تركيا والولايات المتحدة وأمريكا ولتوانيا وقيرغيزيا وروسيا وبلوروسيا وأوزبكستان والهند والعراق ولبنان ومصر وأذربيجان وبريطانيا وبلغاريا ورومانيا والمجر وأرمينيا وكوريا والصين وإيران وايطاليا وكازاخستان وطاجاكستان واوكراينا وكاكاووز وجورجيا وغيرها من دول العالم وفي صباح اليوم الرابع عشر من أكتوبر افتتح المؤتمر في بناية قصر المقام ( (Müğam köşküو(هذه البناية مع مثيلاتها تضاهي قصور الملوك في الشرق من حيث الهندسة والجمال وكلها مطلية بالمرمر الايطالي) من قبل رئيس أكاديمية العلوم التركمانية السيد عاشروف آنا قوربان ثم عزف النشيد الوطني فقرا المؤتمرون النشيد الوطني التركماني وقوفا وكانت على المسرح فتيات في مقتبل العمر وبمقياس طولي واحد ذات الجدائل الطويلة كأنهن حوريات من الياقوت ظهرن من غير ميعاد وفتيان كأنهم لؤلؤ مكنون ثم ارتقى المنصة رئيس أكاديمية العلوم التركمانية وألقى كلمة موجزه محييا فيها المشاركين ثم دعا إلى المنصة الباحثين من ست دول وهي رومانيا والهند وأوزبكستان وأمريكا وكوريا ومن العراق كاتب هذه السطور وجلس كل منهم في مكانه المخصص له ثم قدمهم للجمهور و دعاهم تدريجيا لكي يلقوا بحثهم وكانت هناك ترجمه فوريه إلى اللغة التركمانية وكانت القاعة التي تسع اكثرمن ألف شخص مكتظة بالناس وعلى شكل مجموعات وكل مجموعة لها زيها الموحد وأثناء قراءة البحوث كانت القاعة في صمت وسكون والناس يستمعون بإمعان وبعد الانتهاء من قراءة البحوث دعينا إلى المائدة لتناول طعام الغذاء في قصر المعرض(SERGİ KÖŞKÜ) وعندما جلسنا على المائدة بدأ الشيخ بتلاوة سورة مباركة من القران الكريم والصالة في صمت وخشوع ثم وضع الطعام على الموائد وبعد الانتهاء أعيدت قراءة القران ثانية إشارة بنهاية الوليمة فتفرق الناس وفي الساعة الثالثة بعد الظهر بدأت فعاليات المؤتمر بقراءة البحوث في بنايات متفرقة وأينما نذهب نستقبل من قبل طالبات وهن واقفات وفي أيديهن الحلوى والكرزات والفواكه على طبق من بلور وفي عصر اليوم الثاني دعينا إلى الحفل الختامي في نفس القاعة حيث ارتقى المنصة رئيس الأكاديمية فدعا الى المنصة ممثلي سبع دول وهم من تركيا العلامة فكرت توركمن ومن أذربيجان الأستاذ الدكتور رامز عسكر ومن بلوروسيا الأستاذة ماريا موزاكو و من قرغيزيا الاكاديمية گلزهره جمعه قول اوفا ومن مصر المهندس سعيد بيومي ومن هونكونك الباكستاني منهاج الحسن ومن بلغاريا ايفان اوفا ثم ألقى كل منهم كلمة موجزه عن المؤتمر . وان فضائيه توركمانستان كانت تنقل الوقائع طيلة ايام المؤتمر وعلى الهواء مباشرة وقد حضرنا لندوة ثقافية فيهامع أساتذة من الهند و اوزبكستان و توركمانيا وعند مغادرتي المدينة في ساعة متأخرة من الليل كان معي في المطار الأستاذ گلدي مراد سهل موظفو المطار مهمتي ولم يفتحوا حقيبتي وهم يقولون شاهدناك على شاشة التلفاز 0 وقد حضر لهذا المؤتمر متخصصون من كافة أنحاء العالم من تركيا الاساتذة العلماء امثال فكرت توركمن الذي له الفضل في إخراج اوغوز نامه جديدة الى النور وجدها قبل عشرين سنه في قازان عاصمة تاتارستان وسميح تزه جان الذي حقق ملحمة اوغوز نامه ونشرها في تركيا والسيده ايسن بيكه طوغان كريمة المؤرخ الكبير زكي وليدي طوغان والمواطنة التركية القيرغيزيه گلزهره جمعه قول اوفا ومن أذربيجان الأستاذ الدكتور رامز عسكر والذي حصل قبل ايام على ميدالية ذهبيه من دولة توركمانستان لعطائه الأدبي واسمي خان عثمانلي ونوريده نوروز اوغلو وابو الفضل أمان اوغلو ومن اوزبكستان الاساتذه شمس الدين كمال الدين وقهرمان حبيب والهام جان سعيد وممد قول يوره ك . لغة المهرجان كانت باللغات التركية والانكليزية والروسية واللهجة التركمانية كما حضر باحثون من الدول العربية منها من مصر بيومي سعيد ومن لبنان الدكتور المهندس خالد التدمري وهو نجل العلامة المؤرخ عمر التدمري محقق كتاب تاريخ الإسلام للذهبي التركماني المدفون في قلعة حلب وزوجته الدكتورة سوسن أغا القصاب المختصة في التاريخ العثماني ومن العراق الاستاذ محمد مهدي بيات حيث ألقى بحثا في حفل الافتتاح بعنوان عشيرة بيات العراق في ملحمة اوغوزخان والجميل انه في المقدمة بلغ تحيات شعب العراق عامة و التركمان خاصة إلى شعب توركمانستان وقد قوبلت هذه التحية بعاصفة من التصفيق ..بقي ان نقول إن للأستاذ كاكا جان جان بك له فضل كبير في إقامة هذا المؤتمر المعطاء برعاية رئيس الدولة السيد قوربان قولي نور محمد ا لذي جمع في خيمته هذا الجمع المبارك من الباحثين من جميع أرجاء الدنيا بمختلف أديانهم وقومياتهم وللأستاذ گلدي مراد فضل كبير على المؤتمرين الذي حرم لنفسه النوم ليلا بسبب استقبال وتوديع الضيوف في المطار في ساعة متأخرة من الليل وهناك شباب لم يفارقونا لحظة وابتسامتهم تزيدهم جمالا للجميع وهم يجيدون اللغة العربية بطلاقة لكونهم من خريجي جامعات الأزهر ودمشق0 أدير المؤتمرو كأن هناك نظام خاص لم يعكر صفوه شيئ وكيف يكون ونحن نعيش بين ظهراني شعب يقدس العلم ويقدر العلماء ويحب النظافة وفي قلوبهم حب الوطن والإيمان للرب العظيم حقا انه كان مؤتمرا جميلا ينير العقول ويزيد الثقافة ويجددها ويجمع العلماء في طاولة واحدة من جميع أرجاء العالم وما أحوجنا نحن في عصرنا هذا إلى مثل هذه المهرجانات الثقافية لكي ننفتح إلى العالم عن قرب ونتنفس الصعداء الذي حرمنا منه لكي تقر أعيننا وننسى ظلام الجهل الذي كنا فيه سنينا
الهوامش :
1-الإمام النسائي :هو أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي ابن بحر بن سنان بن دينار النسائي القاضي وأحد أئمة الحديث النبوي الشريف صاحب السنن الصغرى والكبرى وهو احد الصحاح الستة 2- ومن علماء مدينة سرخس( شمس الأئمة محمد بن أحمد بن سهل السَّرخسي المتوفى في( (483 هـ, مؤلف كتاب المبسوط في الفقه الحنفي وقد طبع في ثلاثين جزء , وهو من أكبر كتب الحنفية , ألف السَّرخسي كتابه هذا شرحا لكتاب الكافي للحاكم الشهيد أبي الفضل المرزوي إمام الحنفية في عصره . ونزداد إكباراً لهذا الكتاب ولمؤلفه حين يذكر لنا علماء الرجال , أن السَّرخسي قد ألفه كله أو جُلَّهُ من ذاكرته وهو سجين في جب في خراسان .وكان الإمام رحمه الله يملي كتابه(الثلاثين جزء) على طلابه من قعر الجب ليس له لا ورقة ولا قلم ولا كتاب وهم حول دكته يكتبون )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق