هكذا تكلم نجيب محفوظ !
ا.د.ابراهيم خليل العلاف
نجيب محفوظ ، القاص والروائي المصري الكبير 1911-2006 ، ومجايله الفريد مرقص فرج الكاتب المصري الكبير 1929-2005 إلتقيا كثيرا وتحاورا كثيرا وكانت بينهما صداقة .
طبعا في مثل هذا اليوم وبالتحديد في يوم 4من كانون الاول -ديسمبر سنة 2005 أي قبل 20 سنة توفي الكاتب المسرحي المصري الكبير الفريد فرج رحمه الله ومرةكتبت في صفحتي عنما كتبه عن صديقه الروائي المصري الكبير نجيب محفوظ وقلت انالفريد فرج كتب مقالة جميلة بعنوان ( نجيب محفوظ يتحدث عن فكره وشخصياته ) نشرتها مجلة (الهلال) المصريةعدد اول سبتمبر -ايلول 1965 .
ومن اجل الفائدة احاول في هذا المقال تلخيص بعض ما دار في الحوار وكيف تحدث نجيب محفوظ ، وهو مُقل في الاحاديث ، والتصريحات والحوارات وعن ماذا تحدث وماذا قال في تحليل رواياته وهو الذي كتب الكثير من القصص والروايات التي امتلكت جماهيرية واسعة وعن سؤال حول موضع الفكر من الحياة قال :" لا فكر خارج الحياة ...لافكر خارج الزمان والمكان ...لايوجد في التاريخ تفكير مجرد ...اصول كل المسائل النفسية والفكرية ضاربة في الحياة العادية واليومية ...انا اعيش افكاري في نفس الوقت الذي اعايش فيه الناس ولا اكتبها ..وانما اكتب عن الناس" . وعن الادب المحلي والادب العالمي قال :" ظاهر الامر هو ان الادب المحلي ادب يثير اهنمام اهل المحل بمضمونه واستجابتهم له ...وان الادب العالمي هو الذي يثير الاهتمام على نطاق الجنس البشري كله ولكنك اذا فحصت القضية بنظرة ادق وجدت ان من الصعب وجود مشكلة تهم اهل المحل بخاصة ولاتهم الجنس البشري عامة .ان الادب الممكن توفره بسهولة هو الادب الانساني الذي يعالج قضايا الحب او الخوف او الانتقام او ما الى ذلك - لا الادب المحلي بمعناه الضيق ".
وعن سؤال يتعلق بوجود تفكير مجرد في التاريخ قال نجيب محفوظ :" لاتوجد مثل هذه الافكار ، ولا مثل هذه العواطف في الحياة ..والا فكيف تصبح مادة للادب والفن ؟ وعن الناس الذي عايشهم وكتب مآسيهم قال ان اي انسان في الحياة وتحفزه رغبة في تحقيق ذاته ورغبة في الوصول الى الانسجام مع الحياة المحيطة به ...ان بعض ما اكتبه هو صدى لمشاكل اجتماعية يعانيها البطل وعن العلاقة بين الدين والاشتراكية قال ان الدين والاشتراكية هما من اهتماماته الجوهرية قوتان تتنازعان الانسان والاشتراكية قد تكون وسيلة لازالة العقبات امام عدالة الله ، والبطل في بعض رواياتي يحاول خلق توازن بين العالم المادي والعالم الروحي واضاف :" الموت كان دائما يغزو خيالي بالحاح واثارة ...انني اجد فرقا بين مواجهة الموت بالبكاء كأن الدنيا تزلزلت ـوبين مواجهته بالدهشة والتساؤل والحيرة ؟؟الموت فيه عنصر محير ولا معقول وقال الخبز رمز للاشباع المادي والثقافي والروحي كله وهو غاية الانسان والموت يمكن ان يواجه بإعتناق عقيدة الخلود بالاعمال باعتناق المبدأ العلمي البسيط : (ما يوجد لايعدم) .
وقال ان كثير من الادباء المعاصرين خرجوا على معنى الزمان التقليدي زمن الامس واليوم والغد واحلوا محله ماسموه ب(الزمن النفسي) والانحلال الاخلاقي الذي نشاهده في ابطال بعض رواياتي يرجع في الواقع لبيئة البطل .
ونجيب محفوظ هو اولا وآخرا كاتب واقعي تقدمي ، وهو يرى ان المصريين اهل مودة يحبون الحياة ويعشقون مسراتها وبخاصة المسرات الحسية وفيهم شيء من طبيعة النمل ذلك هو دأب الواحد منهم لهم همة وهمة متصلة بإستمرار وهم يكرهون الاستبداد لكنهم يصبرون عليه انهم يحتملونه كما يحتمل الشخص مرضا مزمنا وهم من اكثر الشعوب احساسا بالحاكم وسبب ذلك ان الحاكم كان له دائما وفي كل العصور اثر في كل تفاصيل حياتهم اليومية وهم من الشعوب المتدينة جدا ويغلب عليهم التعلق بالطقوس والمراسم والعادات الدينية واي نقائض في الشخصية المصرية كالقدرية وندرة الروح العلمية والسلبية في كثير من الاحيان انما ترجع الى ماورثته من عهود الظلام التي شملتها الآف السنين ويقينا ان هذه الصفات ليست اصيلة وتزول عندما ينهضون .
رحم الله نجيب محفوظ - رحم الله الفريد فرج وطيب ثراهما وجزاهما خيرا على ماقدما لمصر وللامة .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق