على ذمة المؤرخ السيد عبد الرزاق الحسني ..مزرعة قطن الملك فيصل الاول سبب غرق بغداد 1926
-ابراهيم العلاف
والمؤرخ العراقي الكبير السيد عبد الرزاق الحسني 1903-1997 صاحب المؤلفات الكثيرة ومنها كتابه الموسوعي (تاريخ الوزارات العراقية) ، يتحدث الى الصحفي الصديق الاستاذ حمزة مصطفى ( عددشباط 1988 من مجلة آفاق عربية البغدادية) فيقول ان وراء فيضان بغداد لسنة 1926 ، مزرعة للقطن تعود للملك فيصل الاول ملك العراق السابق ( 1921-1933) .
ويضيف ان اهل بغداد ولاسيما سكنة صوب الرصافة منهم اعتادوا ان يشهدوا ارتفاعا عظيما في مياه نهر دجلة الذي يخترق عاصمتهم كلما حل فصل الربيع من كل عام -طبعا كان هذا قبل انشاء السدود التركية والعراقية على نهر دجلة -وكانت ثمة سدة ترابية تقي بغداد من خطر الغرق ، واذا ما حدثت كسرة في السدة يسارع رجال الجيش والسراة والكشافة والفعلة الى سد البثوق والتغلب على الخطر .
وفي نيسان سنة 1926 طغى النهر ، وبدأت مناسيبه ترتفع ، وكان للملك فيصل الاول (مزرعة للقطن) بالقرب من بلاطه بين بغداد والاعظمية يديرها رجل سوري اسمه (توفيق المفتي) ، وكان قد خطب احدى بنات صفوت العوا مدرس الملك فيصل الاول سابقا وناظر خزينته الخاصة بعدها ، فاراد توفيق المفتي ان يسقي مزرعة القطن ؛ ففتح ثغرة في النهر لم تقو جهوده على سدها ، فإندفع الماء بشدة واحاط بالقصر الملكي وجرف بيوتا ومواشي واثاث وبعض اطفال الساكنين في المنطقة الى الباب المعظم حيث يقوم بهو امانة العاصمة ، واضطرت الحكومة الى نقل العائلة المالكة الى مكان آمن وسط بغداد .
وكان المتصرف متصرف بغداد السيد ناجي شوكت فأمر بتوقيف مدير مزرعة القطن العائدة للملك فيصل الاول ، واجريت التحقيقات اللازمة لتقديرالخسائر ، ودرء الاخطار فأساء ذلك الاجراء الملك وآثر سحب يده عن العمل ثم عزل من وظيفته لكن رئيس الوزراء انذاك عبد المحسن السعدون عارض امر الفصل وابقاه مسحوب اليد مدة طويلة حتى اقنع الملك فيصل الاول بنقله الى متصرفية الموصل .
أما توفيق المفتي فقد بقي موقوفا مدة طويلة حاولت الخزينة اطلاق سراحه بكفالة فأبت المحكمة الا ان يقدم كفالة نقدية قدرها (50 ) الف روبية (الروبية عملة هندية كانت تستخدم آنذاك في العراق تساوي 75 فلسا عراقيا ) .فلما اتجهت النية الى تخليص سمعة البلاط الملكي من مسؤولية غرق بغداد وكاد الناس ينسون الم الفاجعة تم اغلاق القضية و(طمطمتها ) ودفنها في لحدٍ عميق "
.لكن التاريخ لاينسى وها نحن اليوم وبعد 100سنة نستعيد ذكرها للتاريخ وللتاريخ فقط .
رحم الله الملك فيصل الاول ، ورحم الله توفيق المفتي ، ورحم الله ناجي شوكت ، ورحم الله عبد المحسن السعدون ، ورحم الله عبد الرزاق الحسني ، ورحمنا جميعا .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق