الجمعة، 15 مايو 2020

الثقافة ............بقلم : ا.د. ابراهيم خليل العلاف



الثقافة

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس –جامعة الموصل


ودائما اقول ان الثقافة سلاح ، والانسان المثقف يمتلك سلطة المعرفة ، وأنك لكي تكون مهما في المجتمع ، يجب ان تكون مثقفا .

وليس بالضرورة أن ترتبط الثقافة بالشهادة ، فليس كل من يحمل شهادة مثقفا .قد نرى انسانا لم يكمل الدراسة الثانوية لكنه مثقف ، والثقافة من هذا المنظار سلوك حضاري وليست اقوالا تقال .. والانسان المثقف واقصد المثقف ثقافة حقيقية عنصر فاعل في المجتمع له منطق ، ولديه اسلوب يجذب به الناس ، والناس يجلسون اليه للاستفادة منه ومما يحمل من معلومات .

الثقافة تهذيب ، وكياسة ، وخلق . ومن هنا نحن نشجع المتعلم لان يكون مثقفا . والثقافة تحتاج من الانسان أن يقرأ ، ويقرأ ، ويطلع ، ولايحصر نفسه في تخصص معين بل   لابد له ان يعرف شيئا عن كل شيء .

فالمثقف ، هذا الانسان الذي نحبه ونتحدث عنه لم يصل الى درجة المثقف الا بعد ان قرأ  الكثير ،  والكثير في ميادين المعرفة  قرأ القرآن الكريم ، واطلع على الكتب المقدسة وقرأ شيئا من الادب والفلسفة والاقتصاد والفن .

اطلع على دواوين لشعراء ،  ومجاميع قصصية لكتاب قصة ، وتذوق الشعر واستمع للموسيقى  واصبحت لديه القدرة على ان يعرف ويفرق بين الجميل والقبيح في اللوحة التشكيلية ، والصورة الفوتوغرافية ،  والشعر ، والقصة ، والرواية ، والمقال .

المثقف هو من يقرأ الصحف اليومية ويطالع المجلات الادبية والثقافية .. واليوم لابد له ان يتقن فن التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي من انترنت وفيسبوك وتويتر وغير ذلك .

اليوم اصبح الانسان الذي لايعرف التعامل مع الموبايل والانترنت إنسانا أُميا حاله حال الانسان الذي لايعرف القراءة والكتابة . لذلك فحتى الأُمي اليوم بحاجة الى ان يتعلم ويطلع وكما قلت ليس بالضرورة ان يكون حاملا لشهادة مدرسية او جامعية .

الثقافة اليوم كما قال احد الكتاب ثقافتان ثقافة انسانية وثقافة علمية . والانسان المثقف بحاجة الى الثقافتين فليس من المعقول ان يكون الاديب والروائي وكاتب القصة عاجزا على فهم مسألة اقتصادية أو معرفة ما يحدث في  عالم الاقتصاد أو السياسة أو الاجتماع أو الفلسفة .

المثقف يحتاج الى الفلسفة ؛ فدراسة الفلسفة تعينه على رؤية كل الغابة ، وليس رؤية الشجرة فقط بمعنى ان الفلسفة توسع مدارك هذا الانسان وتساعده على ان يكون له موقف تجاه الانسان والكون والمجتمع .

ونحن اليوم في هذا الشهر الفضيل شهر القرآن لابد لنا ان نستوعب آيات القرآن الكريم ، وخاصة تلك التي تحث الانسان على التعلم والقراءة والتعقل والبحث ...بسم الله الرحمن الرحيم ( أفلا ينظرون الى الابل كيف خُلقت ؟ ) وهذه الاية تحث الانسان على التأمل ، والتفكير ، والبحث للوصول الى الحقيقة ..والبحث العلمي كما نعرفه في الجامعة هو الخطوات التي يقوم بها الباحث للوصول الى الحقيقة ....  الحقيقة في الفيزياء كما الحقيقة في الاقتصاد كما الحقيقة في الطب كما الحقيقة في التاريخ .

كلمة الثقافة جاءت من ثَقف الرمح اي نحته وهذبه وازال منه الشوائب .  ومن هنا فالثقافة تهذيب وتعليم للانسان .

والمثقف مثقفان مثقف يحمل رسالة التنوير والتقدم والحرية لمن هم حوله ولمن يقرأون له . ومثقف يجلس على التل او في برج  عاجي لايعمل من اجل مجتمعه والمثقف الاول يسميه الفلاسفة المثقف العضوي أي المثقف المتأثر بشعبه ..  بهمومهم وآمالهم وتطلعاتهم يعبر عنها في كتاباته ومقالاته ورواياته وقصصه وصوره ولوحاته وفنونه .

والثقافة دائما ترتبط بالمعرفة والمعرفة سلطة والطبقة المثقفة عليها واجبات تجاه المجتمع ابرزها انها تمارس توعية المجتمع وتوسيع مدارك الافراد ليفهموا دورهم في الحياة .

اليوم ندعو الى ما نسميه (ثقافة التسامح)  و( ثقافة الاخوة)  و(ثقافة المحبة ) ونبذ التعصب والانغلاق .كما ندعو الى (ثقافة احترام الاخر)  وعدم النظر للاخر نظرة فيها نوع من التمييز فالله خلقنا جميعا وامرنا ان نتعارف ونتشارك العيش بسم الله الرحيم الرحمن (وما خلقتُ الجن والانس إلا ليعبدون ) والعبادة هنا بناء المجتمعات والحضارات فضلا عن العبادة وتأكيد وحدانية الخالق .كما امرنا بالتعاون والاعتصام بحبل الله المتين (واعتصموا بحبل الله تعالى جميعا ولاتفرقوا ) .


الثقافة في جانب من جوانها سلوك ، وبناء ، وعلم ومعرفة وتعاون على العمل المفيد للناس .والمثقف أكثر إدراكا من غيره لحقيقة التعاون وأهميته في المجتمع ..

واخيرا كم نحن اليوم بحاجة الى الثقافة ، والثقافة التنويرية لا الثقافة التي تجرنا الى الوراء ، وانما الثقافة التي تساعدنا على ان نرتب حياتنا ، وامورنا ونخطط لمستقبلنا ولمستقبل اولادنا وبناتنا واحفادنا وحفيداتنا .فليس من المعقول ان نخلف لهم مجتمعا جاهلا تعمه الفوضى ويسوده الجهل .

وأي عملية تقدم وأي عملية تغيير وأي عملية نهوض ؛  فإننا بحاجة الى الثقافة ، ثقافة المعرفة وثقافة السلوك وهنا لانستطيع ان نبعد الثقافة عن الاخلاق فالاخلاق مهمة والمثقف هو أول من يجب ان يدعو الى التمسك بالاخلاق والقيم النبيلة من قبيل الصدق والعمل والكرم والشجاعة والالتزام .

احبتي الكرام كلنا يحتاج الى الثقافة ويحتاج الى المعرفة ويحتاج الى السلوك المستقيم والثقافة تحتاج منا ان نديمها ونطورها ونبني عليها وهكذا يصبح المجتمع مجتمعنا وكل مجتمع مجتمعا نظيفا مستقرا آمنا .

رمضانكم كريم وصلاتكم مقبولة ودعائكم مستجاب والى حلقة اخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .


.
.
.
.
.
.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....