الخميس، 14 مايو 2020

تكريت ودورها في تكوين العراق المعاصر* ا.د.ابراهيم خليل العلاف





تكريت ودورها في تكوين العراق المعاصر*


ا.د.ابراهيم خليل العلاف
استاذ  التاريخ  الحديث المتمرس –جامعة الموصل

تعد تكريت من بين أهم المدن العربية والاسلامية التي كان لها دور متميز في التاريخ العربي والاسلامي .ففضلا عن أنها كانت مركزا دينيا مسيحيا قبل ظهور الاسلام ؛ فقد احتلت مكانة كبيرة لدى الخلفاء الراشدين وخاصة الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه لذلك دخل أهلها الاسلام في وقت مبكر ، وأسهموا في نشر الدين الجديد .وخلال العصور الوسطى الاسلامية كانت تكريت موطنا لكثير من القادة التاريخيين ، وأبرزهم القائد صلاح الدين الايوبي .
لقد تميزت تكريت بغزارة عطائها الحضاري ، وكان لها فعلها المؤثر في استمرار القيم والتقاليد الاصيلة ، وتواصل الثقافة العربية والاسلامية ، وهذا العطاء الموروث جاء وليد نظام اقتصادي واجتماعي راسخ الجذور ومتبلور كانت له خصائصه البارزة في حياة الدولة العربية والاسلامية .
وقد ظلت تكريت ، ردحا من الزمن ، تتمتع بإستقلالها وتحت قيادة زعمائها المحليين وخاصة إبان السيطرة العثمانية .وهكذا فأن أهمية تكريت  إزدادت خلال هذه المرحلة التاريخية ، واصبحت بمثابة خط دفاعي شمالي عن ولاية بغداد ، ومركزا رئيسيا من مراكز تموينها .
لقد حظيت تكريت بخصائص، ومزايا عديدة جعلتها ذات قيمة في حياة الدولة العربية والاسلامية ومن تلك المزايا :
·      موقع المدينة ، وحصانتها ؛ فتكريت تقع على جانب نهر دجلة الغربي وعلى الطريق بين بغداد والموصل وكان يحيط بها سور ولها قلعة حصينة على ضفة النهر ساعدتها في التصدي للغزاة والمعتدين الاجانب .
·      غناها الاقتصادي وتكريت كأقليم حضاري يقع عى نهر دجلة المعطاء وطقسها الجيد وإنسانها ألجدي  المتميز بالذكاء جعلها تشتهر بالزراعة والتجارة وقد وصفها الرحالة المغربي "إبن بطوطة " حين مر بها سنة 1327 م (727 هجرية ) بأنها : "فسيحة الارجاء، مليحة الاسواق ،كثيرة المساجد .وأهلها موصوفون بحسن الاخلاق .وفضلا عن انتاجها الزراعي الوفير ، فأن وقوعها على طرق التجارة التي تربط بغداد والموصل والشام جعلها مركزا تجاريا من مراكز العراق التجارية الاخرى .وتشير المصادر المتداولة وخاصة تلك التي تعود الى العصور المملوكية في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الميلاديين الى الدور الملحوظ الذي قام به التجار التكارتة ليس في تنشيط الاقتصاد العراقي وحسب وانما في الاقتصاد العربي كله .
·      كما أن تكريت تتوفر على قدرات وامكانات إدارية وإقتصادية وبشرية كبيرة .وقد شهدت تكريت بروز أسر وبيوتات علمية إمتلكت قوة التأثير في الحياة السياسية والثقافية العراقية وظهر من هذه ألاسر والعوائل علماء إشتهروا بالتدريس والفتوى والقضاء وشعراء وأدباء واداريون تولوا مناصب ليس في العراق فحسب بل في مصر والشام والحجاز واليمن ومن هذه الاسر اسرة آال درع وأسرة ال المهاجر وأسرة ال مناع .وكان للمجالس والدواوين دور في ترابط أهل تكريت وتوحدهم على أسس راسخة تقوم على الاخلاص لتربة الوطن والحفاظ على وحدته وأمجاده الحضارية .
·      كان لتكريت مكانة بارزة ، ولابنائها دور تاريخي في مناوئة الحكام العثمانيين الذين سيطروا على العراق طيلة أربعة قرون إمتدت من القرن السادس عشر الى مطلع القرن العشرين وقد أعطت عشائر تكريت العديد من أبنائها في الانتفاضات التي اندلعت في تكريت وكثيرا ما سفكت دماءهم ، وصودرت أموالهم ، وأحرقت دورهم خاصة بعد أن فشلت تلك الانتفاضات .
·      ولعوامل تتعلق بالوعي القومي العربي الذي أخذ يتنامى إبان الفترة الواقعة بين الثورة الدستورية العثمانية سنة 1908 ، وخلع السلطان عبد الحميد الثاني سنة 1909 ، وإندلاع الثورة العربية الكبرى بزعامة الشريف حسين شريف مكة سنة 1916 وما اعقب كل ذلك من أحداث دور كبير في العمل السري والعلني الذي قام به أبناء تكريت في إغناء الحركة القومية العربية ليس في تنظيمات الاحزاب والجمعيات القومية فحسب ، كجمعية العهد العسكرية التي تأسست في استانبول سنة 1913 وكان لها فروع في الموصل وبغداد  والبصرة بل كان لهم دورهم الفعال في قيادة وصنع الاحداث القومية الكبرى وفي طليعتها "الثورة العربية الكبرى 1916 " .ويعد "مولود مخلص باشا 1885-1951 واحدا من أبرز رواد الحركة القومية العربية أمثال عزيز علي المصري وياسين الهاشمي وحعفر العسكري .
  إنضم مولود مخلص وكان ضابطا في الجيش العثماني الى جمعية العهد العسكرية فرع الموصل الذي تأسس سنة 1914 بجهود عدد من الضباط العرب القوميين ومنهم ياسين الهاشمي ، وعبد الله الدليمي ، وفوزي القاوقجي ، ومحمد شريف العمري ، ومجيد حسون ، وعبد الرحمن شرف، وعلي جودت الايوبي . وكان من اهدافها النضال من أجل الاستقلال ، والتخلص من الحكم العثماني .
وعندما  إندلعت الحرب العالمية الاولى  في آب سنة 1914 ودخلتها الدولة العثمانية متحالفة مع الالمان ، توفرت الفرصة للانكليز المتطلعين لنهب خيرات العراق منذ القرن السابع عشر لاحتلال العراق فإحتلت البصرة 1914 وبغداد 1917 والموصل 1918 .
وقد اشترك مولود مخلص من خلال عمله في السرية الاولى من الفرقة 35 العثمانية في كل المعارك ضد الانكليز وخاصة معركة الشعيبة التي اندحر فيها العثمانيون لعدم التكافؤ بينهم وبين الانكليز في النواحي العسكرية والتنظيمية والادارية والفنية . لذلك قرر مولود مخلص وعدد من الضباط العرب ترك الجيش العثماني بعد احتلال الانكليز للبصرة 1914 وتفكك القطعات العثمانية هناك ، الاتصال برؤساء العشائر العربية وتوحيد جهودهم للقتال من اجل الحرية والاستقلال ، لكنه وقع وعدد من زملائه في أسر القوات البريطانية في البصرة ، وقد سمع هؤلاء الضباط ومنهم عبد الله الدليمي،  وعلي جودت الايوبي بإعلان الشريف حسين الثورة على العثمانيين في الحجاز في حزيران 1916 فقرروا الالتحاق بها ووافقت السلطات البريطانية على ذلك ووفرت لهم باخرة أقلتهم نحو ميناء بومباي وهناك أصطحبوا معهم بعض زملائهم من الضباط والجنود الذين أسرهم الانكليز عند احتلالهم البصرة ووصل عدد الضباط الذين التحقوا بالثورة العربية الكبرى قرابة 400 ضابط وجندي منهم مولود مخلص وفائز الغصين وتوفيق الحموي وحسن شرف وعلي جودت الايوبي وعبد الحميد الشالجي وعبد اللطيف نوري .
أسهم مولود مخلص في تنظيم الجيش الحجازي وأُصيب بجراح خطيرة في الهجوم الذي تم على مواقع الجيش العثماني في تلول السمنان جنوبي غربي معان بالاردن يوم 13 نيسان سنة 1918 ونقل الى القاهرة للعلاج ، وبعد أن شفي ، عاد الى دمشق بعد دخول الجيش العربي اليها فعينه الملك فيصل بن الشريف حسين قائدا للفرقة العربية الثانية التي تمركزت في مدينة حلب وكان معه جعفر العسكري الذي عينه الملك فيصل حاكما عسكريا لمدينة حلب .أما سعيد التكريتي فُعُين آمرا للانضباط العسكري ، ويوسف العزاوي آمرا لسرية المخابرة ، ورؤوف الكبيسي آمرا لفوج الدرك .
وحين قرر الضباط العراقيون العاملون في الحكومة العربية بدمشق ،إتخاذ (دير الزور ) قاعدة للثورة ضد المحتلين الانكليز في العراق ، كان مولود مخلص ، قد قبل تكليف حزب العهد العراقي له بأن يكون "حاكما عسكريا عسكريا على لواء دير الزور " . وفي يوم 17 كانون الثاني 1920 وصل الى مقر عمله فأستقبله الاهالي بحفاوة وباشر منذ لحظة وصوله بتشكيل دوائر الحكومة والشرطة .وقد أحدث مجيء مولود مخلص قلقا شديدا عند السلطات الانكليزية لمعرفتهم بنيات الضباط العراقيين نحو حرية بلدهم .والى شيء من هذا القبيل تشير ( المس بل ) السكرتيرة الشرقية للمندوب السامي البريطاني في بغداد الى أن "مولود مخلص منذ قدومه الى دير الزور كان منهمكا في الدعاية المضادة لنا " أي للانكليز .ويؤكد علي جودت الايوبي في مذكراته : " ان مولود مخلص بذل جهودا كبيرة في إدارة الحركات الوطنية في الفرات الاعلى"  .
كان مولود مخلص يبعث بالكتب الى شيوخ العشائر العراقية في الجنوب يحرضهم فيها على الثورة ، وحين حاولت القوات البريطانية التقدم في أواخر كانون الثاني 1920 الى الصالحية الواقعة في منتصف الطريق بين البو كمال والخابور ،إتخذ مولود مخلص من هذه الحركة مبررا للقيام بحركات مناوئة للانكليز قائلا إنه غير قادر على كبح جماح هياج العشائر .وعلى هذا الاساس هاجمت العشائر البوكمال بينما تعرضت خطوط المواصلات البريطانية جنوبا حتى القائم الى غارات مستمرة .ولم يتوقف مولود مخلص عند هذا الحد بل كان يحرض الفراتيين على قتال المحتلين الانكليز .وقد يكون من المناسب الاشارة الى ان النقيب محمد أمين العمري الموصلي كان الى جانب مولود مخلص في الاشراف على ادارة الحركات الوطنية في العراق والاتصال بالعشائر وتأجيج المشاعر المعادية للانكليز وجاء ذلك بعد أن أوعزت جمعية العهد لاعضائها من الضباط العراقيين بالاستفادة من مناصبهم والالتحاق باللجنة الوطنية في دير الزور والمكونة من مولود مخلص وعلي جودت الايوبي وتحسين العسكري وجميل المدفعي .
عاد مولود مخلص الى العراق في أواخر تموز 1921 بعد تشكيل الحكومة العراقية المؤقتة برئاسة السيد عبد الرحمن النقيب الكيلاني .وقد بدأ بتجديد إتصالاته مع زملائه قادة الحركة الوطنية في بغداد وتكريت والموصل ، وقد إنتدبه أهل الموصل وتكريت ليرأس وفدا لحضور مؤتمر كربلاء الذي عقد من 18-23 نيسان 1922 للنظر في التدابير اللازمة لصد عدوان ( الاخوان الوهابييين )  على حدود العراق بعد أن شعروا بضعف الاجراءات التي إتخذتها الحكومة العراقية وسلطات الانتداب البريطانية ضد الوهابيين .وكان من أبرز أعضاء الوفد سعيد الحاج ثابت ، وأيوب  الحاج عبد الواحد ، وعبد الله النعمة ، وثابت عبد النور ، وعجيل الياور من الموصل .كما حمل مولود مخلص –كما يقول الاستاذ الدكتور محمد حسين الزبيدي في كتابه عن مولود مخلص – توكيلا من زعماء تكريت منهم :
1.النقيب السيد أحمد رئيس عشيرة تكريت
2.محمد عرب رئيس عشيرة تكريت
3.مصطفى الحاج حسن رئيس البيكات
4.أحمد الخطاب رئيس عشيلرة البيكات
5.ندا الحسين رئيس عشيرة التكارتة
6.زيدان المخلف رئيس عشية الحديثيين
8. توفيق  بك رئيس عشيرة البو ناصر
وفي ختام المؤتمر ،وقع الحاضرون على وثيقة قدمت الى الملك فيصل الاول ، تضمنت التأكيد على وجوب الدفاع عن البلاد ضد هجمات المعتدين ،وطلب تعويضات منهم ، وتجديد الثقة بسياسة الملك فيصل الاول .وقد أمر الملك فيصل التعجيل في أمر تعيين مراكز المخافر ،وتهيئة القوات اللازمة لحماية الحدود ،ودفع أية قوة تتجرأ على مهاجمة القبائل العراقية في المستقبل .
كان مولود مخلص منغمسا في العمل السياسي الايجابي خاصة بعد ان بدأت محاولات إجراء انتخابات عامة وتشكيل "المجلس التأسيسي "وارساء أسس الدولة الحديثة وإستكمال مؤسساتها وأجهزتها المختلفة"  .وقد قبل مولود مخلص تكليف الملك فيصل الاول ليكون متصرفا للواء كربلاء وذلك في 26 حزيران سنة 1923 ، وجاء تعيينه في ظروف صعبة إذ صدرت فتاوى بعض العلماء في الفرات الاوسط  لمقاطعة الانتخابات .وقد بذل مولود مخلص جهودا كبيرة في سبيل إجراء الانتخابات ، وطلب من الملك فيصل الاول القيام بتحرك سياسي واسع النطاق لكسب الرأي العام ، وقد نجح في مسعاه ، وتمكن من إقناع عدد من رؤساء العشائر والزعماء والمتنفذين وعلماء الدين للاسهام في الانتخابات دون أية معارضة .وفي 25 شباط 1924 جرت إنتخابات اعضاء المجلس التأسيسي ، وإفتتح الملك فيصل المجلس في 27 آذار 1924 .
كان لمولود مخلص إسهام فعال في إرساء أسس الحياة الحزبية في العراق . وكان واحدا من سبعة سياسيين عراقيين تقدموا في 28 حزيران 1922 بطلب الى وزارة الداخلية لتأسيس "الحزب الوطني " . ويشير المؤرخ العراقي الاستاذ الدكتور فاروق صالح العمر في كتابه : "الاحزاب السياسية في العراق 1921-1932 "المطبوع ببغداد سنة 1978 الى ان منهاج الحزب الوطني أكد على انه يسعى للحصول على الاستقلال التام للعراق في ظل حكومة ملكية ، دستورية ، نيابية ، ديموقراطية ، والنهوض بالعراق الى مصاف الامم الراقية .وهؤلاء السبعة فضلا عن مولود مخلص ، جعفر أبو التمن ، واحمد الشيخ داؤود ، وبهجت زينل ، ومحمد مهدي البصير ، وحمدي الباجه جي ، وعبد الغفور البدري وهم ممن أسهم في النضال ضد العثمانيين والانكليز .
وبعد أن استطاع السر بيرسي كوكس المندوب السامي البريطاني في ضرب الحركة الوطنية ، وشل الحياة الحزبية بإغلاق الحزب الوطني وحزب النهضة ونفي بعض الزعماء الى خارج العراق في 26 آب 1922 مستغلا مرض الملك فيصل وإجراءه عملية جراحية ،غادر مولود مخلص بغداد الى تكريت وبقي يراقب الاوضاع .
وفي 7 تموز 1925 أصدر الملك فيصل الاول إرادة ملكية تقضي بتعيين مولود مخلص عضوا في مجلس الاعيان . وكان عدد أعضاء المجلس (20 ) عضوا .وفي الاول من تشرين الثاني 1930 انتخب مولود مخلص رئيسل لمجلس الاعيان وأعيد انتخابه لهذا المنصب في 11 أيلول 1933 و9 كانون الاول 1934 و2تشرين الثاني 1935 . وفي كانون الاول 1937  ، انتخب نائبا عن بغداد ، لذلك قدم إستقالته من مجلس الاعيان وجُدد انتخابه في السنوات 1939 و1943 وانتخب رئيسا لمجلس النواب في 23 كانون الاول 1937 وظل في الرئاسة الى تشرين الاول 1941 ، وبعد أن أعيدت الحياة النيابية سنة 1943 أصبح مولود مخلص نائبا عن بغداد في مجلس النواب ثم أعيد تعيينه عضوا في مجلس الاعيان في 8 حزيران 1944 .. وقد ظل في هذا المنصب حتى وفاته –رحمه الله – يوم 4 آب سنة 1951 .
كان مولود مخلص ، وبعض زملائه من أعضاء الحزب الوطني العراقي يدلون بآرائهم المعارضة للمعاهدة العراقية –البريطانية لسنة 1922 ، ويدافعون عن القضايا الوطنية بصفتهم الشخصية خاصة بعد غياب الحزب عن ساحة العمل السياسي إثر اجراءات السر بيرسي كوكس مارة الذكر ، لكنهم سرعان ماقدموا طلبا جديدا الى وزارة الداخلية في 30 حزيران 1928 لاستئناف أعمال الحزب ثانية . وقد تألفت الهيئة الادارية الجديدة للحزب من جعفر أبو التمن ، ومولود مخلص ، وأحمد عزت الاعظمي ، وعبد الغفور البدري ، ومحمد مهدي البصير ، ومحمود رامز ، وعلي محمود الشيخ علي ، وبهجت زينل . وقد بذل الحزب جهودا كبيرة في معارضة معاهدة 1930 الجائرة مع بريطانيا ، واخذت جريدة الحزب "صدى الوطن " تنشر المقالات المناؤئة للمعاهدة . كما أدان ممارسات بريطانيا الاستعمارية في فلسطين .
وبعد إعتزال جعفر أبو التمن العمل السياسي أنُتخب مولود مخلص معتمدا للحزب الوطني في 9 شباط 1934 ، ولكن وزارة ياسين الهاشمي التي تشكلت في 17 آذار 1935 سرعان ما عطلت الحياة الحزبية .وقد أصبح مولود مخلص واحدا من أبرز الشخصيات التي اعترضت على الاساليب الحكومية إزاء الانتفاضات العشائرية في وسط وجنوب العراق إبان الثلاثينات من القرن الماضي .
وكان لمولود مخلص خلال هذه الحقبة نشاطات اجتماعية. فضلا عن نشاطاته السياسية ، ومن ذلك تشكيله مع فريق من المتنورين العراقيين في آب سنة 1935 "جمعية بيوت الامة " والتي تهدف الى "النهوض بالشعب العراقي من الناحيتين التهذيبية والصحية " .وقد افتتحت الجمعية لها فروعا في عدد من الالوية والقرى والارياف وكان عملها الاساس ينصب على مكافحة الامراض ومحو الامية . وقد ترأس مولود مخلص هذه الجمعية وكان من أعضائها الدكتور حنا خياط ، ورؤوف الكبيسي ، والدكتور جميل دلالي ، ويحيى قاف الشيخ عبد الواحد ، وسعيد كمال الدين ، وعبد الجبار الجلبي  ، والشيخ علي الشرقي ، والدكتور محمد فاضل الجمالي وكانت الهيئة الادارية للجمعية تعقد إجتماعاتها الاولى في "ديوانية مولود مخلص في محلة العيواضية ببغداد " .
في 14 مايس سنة 1936  ، قدم مولود مخلص مع عدد من السياسيين احتجاجا الى الملك غازي 1933-1939 دعوا فيه الى ضرورة إنهاء الاحكام العرفية التي أُعلنت في مناطق الفرات الاوسط وإحلال الهدوء والطمأنينة في البلاد ، وإعادة الثقة الى النفوس .
وفي التاسع والعشرين من تشرين الاول 1936 قام الفريق بكر صدقي بأنقلاب عسكري سقطت على أثره وزارة ياسين الهاشمي .وقد تعرض مولود مخلص –بسبب توجهه القومي العربي – الى محاولة إغتيال ليلة 9-10 شباط 1937 ،فأضطر الى مغادرة العراق والاقامة في دمشق ولكنه عاد الى العراق بعد  إغتيال الفريق بكر صدقي في الموصل وسقوط وزارة حكمت سليمان .
حين قام الفريق بكر صدقي  قائد الفرقة الثانية بإنقلابه العسكري على وزارة ياسين الهاشمي المعروفة بتوجهاتها العروبية القومية في 29 تشرين الاول 1936 توجس الضباط القوميون خيفة من هذا الانقلاب التي طغت علىه الصبغة اليسارية وقد اتضح هذا من سياسة بكر صدقي وإلتفاف العناصر اليسارية حوله لذلك عملت كتلة الضباط  القوميين ومنهم العقداء الاربعة صلاح الدين الصباغ ومحمد فهمي سعيد ومحمود سلمان وكامل شبيب على التخطيط لاغتياله في الموصل وهو في طريقه الى تركيا لحضور مناورات الجيش التركي في 18 آب 1937 .
وحين أرسلت أرسلت حكومة حكمت سليمان نائب الاحكام في وزارة الدفاع الى الموصل للتحقيق في حادث مقتل بكر صدقي ولذلك احتج الضباط امراء الوحدات وامر المدفعية في موقع الموصل ومنعوا اعتقال الضباط المتهمين بقتل بكر صدقي و" قالوا لامر الحامية اللواء محمد امين العمري ان الضباط متحمسين وان الالوية لاتوافق على ارسال اخوان لهم ليقتلوا " .
لذلك اصدر اللواء محمد امين العمري في 14 اب سنة 1937 بيانا الى الشعب العراقي أشار فيه الى حادثة مقتل بكر صدقي ومعه المقدم محمد علي جواد امر القوة الجوية قائلا :" ان التحقيقات كانت تجري في نطاق يحصر الامر في الفاعلين ومحرضيهم غير ان الوزارة القائمة في بغداد وذوي النارب شددت بلزوم القاء القبض على كثير من الضباط الذين لادخل لهم في الامر بتاتا ورغم المصالح التي ابديناها للوزارة لعدم جعل واقعة القتل المذكور وسيلة للانتقام من الابرياء لكن وزارة حكمت سليمان أصرت على ذلك وطلبت ارسال الموقوفين والضباط الاخرين الابرياء الى بغداد الامر الذي ادى الى اعتصام وحدات الجيش لصيانة حياة امرية الضباط الابرياء وقطعنا علاقتنا مع بغداد ..ان المطلوب من جميع الاهلين المحافظة على السكون التام وعدم القيام بأي عمل من شأنه تعكير صفو الامن "
وعلى اثر اعلان آمرية الموصل قطع علاقتها ببغداد شاع ان الوزارة قررت الاستعانة بالافواج المرابطة في بغداد للزحف على الموصل وإخماد الحركة .. لكن قائد حامية الموصل اتصل بقيادة الجيش في السليمانية وكركوك والحلة والديوانية باسطا لهم الحالة العامة وما تتطلبه وحدة الجيش من التضامن والتآزر وطالبا اليهم إقرار الخطة التي رسمتها حامية الموصل فأعلن آمر حامية معسكر الوشاش العقيد سعيد التكريتي تأييد قطعاته لموقف الجيش في الموصل ورفض طلب رئيس الوزراء بالحضور الى داره للتفاهم .
إجتمع الضباط القوميين في معسكر الوشاش وكان المقدم الركن صلاح الدين الصباغ حاضرا الاجتماع وتذاكروا في الاشاعات التي كانت تتردد على الالسنة ومفادها :" ان الحكومة تنوي ارسال قوة من العاصمة لتأديب قوات الموصل العاصية " .وبعد الاخذ والرد وضعوا عدة مطالب قدمت الى الحكومة هي :
1.             تأكيد وحدة الجيش.
2.             تأييد مطاليب قوات الموصل .
3.             ابعاد بعض الضباط من اتباع الفريق بكر صدقي عن مناصبهم واحلالهم في مناصب ثانوية .
أدرك رئيس الوزراء حكمت سليمان حراجة الموقف  ، فراح يبحث عن وسيلة لانقاذه فأتصل باللواء محمد أمين العمري قائد الحركة في الموصل يعرض عليه حلا يقوم على اساس تكليف جميل المدفعي بوزارة الدفاع ووعده بتشكيل مجلس عسكري محايد يقوم بالتحقيق مع الضباط المتهمين ، فكان رد العمري هو ضرورة إستقالة الحكومة وتشكيل حكومة محايدة برئاسة جميل المدفعي .

عندئذ قدم حكمت سليمان في 17 اب سنة 1937 استقالة حكومته الى الملك غازي الذي كلف جميل المدفعي في اليوم ذاته بتأليف الوزارة وهكذا انتهت الازمة بعد أن اتبع المدفعي "سياسة إسدال الستار على الماضي " وهي التي عرف بها انذاك.
أصدر آمر حامية الموصل اللواء الركن محمد أمين العمري في 17 اب 1937 بيانا أعلن فيه انتهاء الحركة،  وعودة الامور الى مجراها الطبيعي ، واعادة العلاقات مع العاصمة بغداد ورفع الانذار عن وحدات الجيش.
كان سعيد التكريتي واحدا من الضباط القوميين الذين شعروا بعد انقلاب بكر صدقي ان السياسة إستغلت الجيش لتحقيق أطماعها ومصالحها الخاصة .ويذكر المؤرخ الكبير السيد عبد الرزاق الحسني ان هؤلاء الضباط ألفوا جمعية سرية منهم تعمل على "مناهضة هذا الاستغلال ، وتؤيد كل سياسة تستهدف القضاء على المبادئ الهدامة والافكار المسمومة " .وكان من ابرز الضباط الذين إنضموا الى الجمعية فضلا عن العقداء الاربعة سعيد التكريتي ويوسف العزاوي وسعيد يحيى الخياط ونظيف الشاوي .
 لقد دعا العقيد سعيد التكريتي آمر معسكر الوشاش إجتماعا للضباط القوميين بعد سماعه بإغتيال الفريق بكر صدقي  وتذاكروا في الاجتماع في ما يمكن أن يتخذوه من موقف وحاول رئيس الوزراء حكمت سليمان الاتصال بالعقيد سعيد التكريتي وطلب منه الحضور الى داره للتفاهم الا ان العقيد التكريتي رفض وطلب وكيل وزير الدفاع علي محمود الشيخ علي حضور آمر المعسكر فلم يجب فأضطر رئيس الوزراء ان يصطحب معه وكيل وزير الدفاع والتوجه الى المعسكر .وقد جرت بين آمر المعسكر ورئيس الوزراء مناقشات ذكرها العقيد سعيد التكريتي في إجابته على رسالة من المؤرخ السيد عبد الرزاق الحسني مؤرخة في 22 مايس 1938 .ومما جاء في هذه الرسالة :" أن جماعة بكر صدقي والمنتسبين اليه أخذوا يجاهرون بأخذ الثأر له ، وقسم منهم بايعوا الزعيم إسماعيل حقي الاغا بالزعامة ليكون خليفة بكر صدقي .كما أن العقيد شاكر الوادي أشغل منصب آمر القوة الجوية  وذلك لكي يسيطروا على الجيش المرابط في بغداد ،وكثرت إجتماعات هذين الشخصين برئيس الوزراء حكت سليمان وبوكيل وزير الدفاع " .وأضاف :" بأنهم كانوا يتوعدون الضباط الذين أوقفوا في الموصل بالقتل " .وحدد العقيد سعيد التكريتي في رسالته موقفه قائلا لرئيس الوزراء :"إن الجيش لاينشق على بعضه ...وإن الدلائل تشير الى تورط بعض الضباط المسيطرين على الجيش من أنصار بكر صدقي في ضرب الجيش  بعضه بعضا فتصبح حالتنا كحالة إسبانيا الحاضرة " .
وبعد هذا قدم اليهما التكريتي بعض المطالب ومنها إبعاد الضباط الموالين لبكر صدقي عن مناصبهم بصورة مؤقتة وإحلال آخرين يثق الجيش بهم محلهم .وصادف أن اتصل آمر منطقة الديوانية وأيده في مطالبه ووضع نفسه وقواته تحت إمرة العقيد التكريتي وكذلك فعل آمر قوة السيارة للشرطة وقد نفذت المطالب بأجمعها في اليوم التالي .كما استقالت وزارة حكمت سليمان وعهد الى جميل المدفعي بتشكيل الوزارة .
يعلق المؤرخ السيد عبد الرزاق الحسني على ما أورده العقيد سعيد التكريتي آمر معسكر الوشاش قائلا :" على كلِ،  كان للعقيد التكريتي دور بارز في السيطرة على قطعات معسكر الوشاش وكان المقدم صلاح الدين الصباغ من ابرز الضباط القوميين الذين آزروه بحيث شل تحركات أعوان بكر صدقي ، وأدى الى استقالة وزارة حكمت سليمان ، وقد قبل الملك غازي الاستقالة ، وتشكلت وزارة جميل المدفعي ، وأصدر آمر حامية الموصل في اليوم ذاته بيانا أعلن فيه انتهاء الحركة ، وعودة الامور الى مجاريها الطبيعية وهكذا عاد الى العراق وجهه العربي الاصيل بفضل الضباط القوميين ومنهم سعيد التكريتي،  ومحمد أمين العمري وزملاؤهم الاخرون .
بالنسبة لموقف تكريت من ثورة مايس 1941 يمكن القول أن العديد من الضباط التكارتة أسهموا فيها .كما شاركت مجاميع مهمة من عشائر تكريت في الدفاع عن العراق خاصة،  بعد ان اصطدم الجيش العراقي الفتي بالقوات المحتلة البريطانية .
ويمكن هنا الاشارة الى ان مولود مخلص - وكان رئيسا لمجلس النواب - ترك بغداد  ، وكلف نائبه الشيخ محمد حسن حيدر بالقيام بمهمته وجاء تكريت وشًمر عن ساعديه ، وعبر الى عشيرة ألبو علي من العبيد قرب جبل حمرين ، وصار يتصل بالعشائر،  وجمع منها قوة سيطر بها على المنطقة الواقعة بين نهر دجلة ومركز البريد في تكريت . ومن هذه العشائر عشائر العبيد ألبو علي بأقسامهم الثلاثة غزال النمر ، ومحيميد الحرمل ، وفرحان الروضان كما ان من بينها قسما من عشائر تكريت وخاصة عشيرة البو خشمان ، والبو محمد ، وعشيرة البو عجيل ، وعشيرة البيكات وغيرهم .
وقد اتصل مولود مخلص من تكريت برشيد عالي الكيلاني وطلب منه ارسال مائة سيارة حمل لوري لنقل المتطوعين لفتح جبهة في الفلوجة ، واسناد الجيش فشكره رشيد عالي الكيلاني وقدر موقفه وقال له أنه سيتخذ الاجراءات المطلوبة ، ولكن الحرب - كما يقول الاستاذ الدكتور محمد حسين الزبيدي - لم تدم طويلا اذ توقفت بعد نجاح الانكليز في قمع الثورة ، ومن ثم إعادة إحتلال العراق ثانية .
فيما يتعلق بالحياة السياسية في العراق خلال الثلاثينات والاربعينات والخمسينات فإن  تكريت وابناؤها أسهموا في تأسيس عدد من الاحزاب والجمعيات القومية في العراق . ويذكر الاستاذ الدكتور فاضل حسين المؤرخ العراقي الكبير أسماء بعض التكارتة ممن أسهم في تأسيس جمعية الجوال والتي أجيزت في بغداد صيف سنة 1934 ومن هؤلاء طاهر يحيى وكان من ابرز اعضاء هذه الجمعية التي استهدفت تعزيز الشعور القومي العربي وتنميته عند الشباب ناجي معروف ، ودرويش المقدادي ، ومتي عقراوي ، وجابر عمر . وقد أصدرت الجمعية مجلة "الفتوة " . كما اشترت"مطبعة الجزيرة" ،  واصدرت كراريس تدعو الى الوحدة العربية ، ومساندة شعب فلسطين ، والدعوة الى الانضمام الى نادي المثنى وهو ناد قومي عربي مماثل في أهدافه لجمعية الجوال .
وكانت جمعية الجوال على صلة بالضباط القوميين الذين قادوا ثورة مايس 1941 .وكان من انشط المدنيين المتصلين بالضباط محمد يونس السبعاوي .وعند تأسيس حزب الاستقلال في 2 نيسان 1946 اسهم عدد من التكارتة في تأسيسه منهم حسن علي التكريتي . وكان من أهداف الحزب السعي لتوطيد الحياة الدستورية الصحيحة في العراق ،وضمان حقوق الشعب ، وممارسة حقوقه ، وتعزيز كيان العراق الدولي بإستكمال سيادته ، والعمل على تقوية جامعة الدول العربية ، وجعلها عاملا في تكوين نظام إتحادي بين الدول العربية .
حين حدثت ثورة 14 تموز 1958 ، وسقط النظام الملكي الهاشمي ،إستقبل أهل تكريت - كغيرهم من أبناء المدن العراقية - إنبثاق الثورة بفرح غامر ، وتنفسوا الصعداء بعد ليل طويل عانوا منه كثيرا من الظلم والعنت والاضطهاد . وقد إتضح فيما بعد أن تنظيم الضباط الاحرار الذي قام بالثورة ضم عددا من الضباط التكارتة ابرزهم العقيد طاهر يحيى الذي عين مديرا للشرطة العام بعد الثورة والعقيد احمد حسن البكر الذي عين عضوا في المجلس العرفي العسكري وتولى منصب رئيس الوزراء ثم رئيس الجمهورية  والرائد الركن حردان عبد الغفار التكريتي الذي تولى منصب وزير الدفاع فيما بعد .
لم يكن أبناء تكريت بمعزل عن أقرانهم  من أبناء المدن العراقية الاخرى في الاسهامات الثقافية والتربوية والادارية .وكان للتربويين التكارتة من الرواد أدوارهم الناصعة في غرس النزعة الوطنية في قلوب النشئ الجديد ، وتربيتهم تربية عراقية مستندة الى الروح العربية والاسلامية .ونذكر من هؤلاء وهم كثر الاستاذ يوسف عز الدين الناصري والشيخ عارف الوسواسي و الاستاذ جمال الدين الالوسي والاستاذ كمال علاء الدين الالوسي والاستاذ سليمان فهد التكريتي والاستاذ محمود محمد آل دهيمة ، وياسين الخليل،  وماهر علي التكريتي .
وكان لتكريت إسهام متميز على صعيد تدوين تاريخ الامثال العربية والبغدادية منها بوجه خاص . وممن برز في هذا المجال عبد الرحمن التكريتي وموسوعته :" الامثال البغدادية المقارنة " التي تقع في أربعة مجلدات طبعت ببغداد بين سنتي 1966-1969 تقف مثال على ذلك .
وفي ميدان الصحافة كان لتكريت وخاصة خلال عهد التأسيس والتكوين للعراق المعاصر دور وقد برز سليم طه التكريتي صحفيا ومترجما .. وقد أصدر جريدة "العصور " سنة 1948 وله كتب منشورة منها :"أعلام الادب الحديث " 1940 و"تاريخ الحرب العظمى " 1950 و"الصراع على الخليج العربي " 1966 ومن مترجماته عن اللغة الانكليزية :" ثورة العراق في مايس 1941 " لونستون تشرشل وكتاب :" رحلتي الى العراق "لجيمس بكنكهام 1968 ومذكرات الدكتور هاري سندرسن طبيب الاسرة المالكة العراقية وأول عميد للكلية الطبية في بغداد 1927 .
وبرع صحفيون آخرون منهم شاكر علي التكريتي الذي كان يرى بأن الوطن وقضيته هما مما يجب على الصحافة الاهتمام به ..ولد بتكريت سنة 1911 وتخرج في دار المعلمين سنة 1930 وعين مديرا لمدرسة علي الغربي في العمارة ، ثم إتجه نحو العمل الصحفي ، فشارك في تحرير جريدة " الكحلاء " التي أصدرها عبد المطلب الهاشمي في مدينة العمارة ، وقد جاء بغداد وعين مراقبا للاذاعة والصحافة والبريد . وكان شاكر علي التكريتي متأثرا بالكاتب الصحفي العراقي الرائد ابراهيم صالح شكر .عمل شاكر علي التكريتي في صحف المعارضة وخاصة في جريدتي "الاهالي " و"لواء الاستقلال " وفي سنة 1967 أصدر جريدة "الشعب " . وعلى الرغم من إحالته على التقاعد في نيسان 1964 إلا أنه ظل يواصل الكتابة حتى وفاته وكان له مقال أسبوعي في جريدة "القادسية " البغدادية .ومن كتبه المنشورة :" ثورة الطلبة " 1962 و" مذكرات مذبحة السلمان " 1990 .
وفي مجال الاعلام والتأريخ للصحافة العراقية واتجاهاتها كان للدكتور منير بكر التكريتي دور متميز . وقد أصدر عددا من الكتب منها كتابه :" الصحافة العراقية وإتجاهاتها السياسية والاجتماعية والثقافية من 1869 وحتى 1921 "وقد نشره ببغداد سنة 1969 .
أما على صعيد توثيق تاريخ تكريت وتوضيح دورها الادبي فقد أنجز كل من عبد الكريم عبد الوهاب الالوسي وحسين الكافلي كتابهما المشترك :"تكريت في التاريخ والادب "والذي نشر ببغداد سنة 1971 .  وكما هو معروف فإن عبد الكريم عبد الوهاب الالوسي شاعر معروف أسهم في ثورة مايس 1941 واعتقل ومعظم شعره يزخر بمعاني الحنين لموطنه تكريت وله ديوان منشور سنة 1957 بعنوان :" وداعا الى الابد " .كما ان له مسرحية نشرت سنة 1958 بعنوان :" المطلقة " . ومن شعره قوله :
صفق القلب إلتياعا
حين فارقت ُالتلاعا
ومضى اللهو سراعا
يوم أجلاني مُضاعا
بلد يزهو شعاعا
وبكى الشعر حنينا
وهتفنا نائحينا
أرض تكريت وداعا
كما أنجز شعبان رجب الشهاب ،وهو أديب من تكريت كتابه :" الفتح الاسلامي لتكريت "وطبع ببغداد سنة 1949 وهو أقرب الى الرواية التاريخية منه الى التدوين التاريخي .
وبرزت في تكريت نخبة من المثقفين الرواد الذين تلقوا دراسة أكاديمية وأثروا من خلال أعمالهم وكتبهم الحياة الثقافية العراقية المعاصرة .ولايتسع المجال لذكر اسمائهم جميها ومنهم الدكتور ناجي عباس التكريتي ، والدكتور محيي هلال السرحان ، والدكتور فائق أمين مخلص ، والدكتور حسام محي الدين الالوسي،  والدكتور أحمد مطلوب ،والدكتور عيسى سلمان ، والدكتور هاشم صالح التكريتي ، والدكتور أحمد خطاب العمر ، والدكتور جابر خليل إبراهيم ، والدكتور وديع ياسين التكريتي،  والدكتور نافع عبود التكريتي ، والدكتور ماهر مهدي هلال ، والدكتور عبد الكريم توفيق والدكتور ثابت الالوسي ، والدكتور عبد الكريم توفيق العبود .
وأخيرا ،يمكن القول بأن تكريت كان لها دور متميز وفاعل في تكوين العراق الحديث ، وان اسهامات ابنائها في الحياة السياسية والعسكرية ، والادارية ، والتعليمية ، والقضائية كانت واضحة وملموسة .كما أدى معلموها ومثقفوها وصحفيوها وظيفة مهمة على صعيد بلورة الشعور الوطني والقومي ، وتربية أجيال من الشباب الذين تبوأوا مناصب رفيعة في العراق خلال العهود المختلفة .
*الدراسة مطولة منشورة في موسوعة تكريت 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....