الأربعاء، 13 مايو 2020

التعلم ..................... ا.د. ابراهيم خليل العلاف








التعلم

ا.د. ابراهيم خليل العلاف
استاذ التاريخ الحديث المتمرس – جامعة الموصل

والانسان الى ان يموت يتعلم ..وفي كل يوم يتعلم جديدا ...والتعلم ، والتعليم من المهد الى اللحد ، ومتى قال الانسان انه يعرف كل شيء فقد جهل . فالعلم يتطور في كل لحظة ، وكثيرا مما هو اليوم في حياتنا بحاجة ان نتعلمه ومن ذلك مثلا التعامل مع الموبايل والانترنت والفيسبوك والتويتر والبريد الالكتروني الذي اصبح الجهل به اليوم امرا لايمكن قبوله .
نعم التعلم ضروري ، والتعلم لايكون الا بعد معرفة القراءة والكتابة . وأول آية نزلت على الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تؤكد على التعلم : ( إقرأ ) ؛ فالقراءة مفتاح التعلم .
والتعلم لايقف عند حدود معينة ، فهناك من يكتفي بالشهادة الابتدائية او المتوسطة ، ويترك المدرسة ليمارس العمل الحر لكن ذلك يجب ان لايعني التوقف عن التعلم ، فالتعلم سلوك يترافق مع الانسان ، وهو يتقدم بالعمر .
الذي اريد ان اقوله ، وانا اتحدث عن التعلم ان التعلم لايقتصر على ما معروف دينيا بل التعلم يمتد الى معرفة شيء عن السياسة والاقتصاد والادب والشعر والفنون .
وكما سبق لي ان قلت، فإنك لكي تكون مهما يجب ان تكون مثقفا ، والثقافة تبني الانسان ، وتزيد من اطلاعه وتوسع مداركه وتجعله يفهم الحياة كما يجب أن تُفهم .
وفي الاثر الكثير مما يدفعنا – احبتي الكرام – على التعلم ومن ذلك القول الذي مفاده ( تعلموا الِعلمَ وعلموه الناسَ وتزينوا معه بالوقار ، والحلم وتواضعوا لمن تُعلمونه) . وفي الشطر الاول من الكلام تأكيد على اهمية التعلم و احترام رأي المتعلم والرفق به والتعامل معه باطف ومرونة وهو ما تسعى اليه التربية الحديثة .
والاسلام ربط بين التعلم والاخلاق ومن ذلك قول الشاعر احمد شوقي :
انما الامم الاخلاق ما بقيت *** فإن همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا
والتعلم سابقا كان يقتصر على (الكتاب) ، لكن التعلم اليوم اتسع فدخلت وسائل الاتصال الاجتماعي ودخل الانترنت وصار اليوم من لايستطيع استخدام وسائل الاتصال الاجتماعي جاهلا .
والتعلم لايقتصر على عمر معين ؛ فالطفل يتعلم والشاب يتعلم ، والرجل يتعلم ، والمرأة تتعلم ، والشيخ يتعلم، والعلم زينة للانسان .
وميدان التعلم ميدان واسع .. والعلوم كثيرة ومتشعبة وهي تتغير يوما بعد آخر وحتى العلوم الانسانية فإنها اليوم في تطور مستمر ، وفي كل يوم تدخل تفاسير جديدة ونظريات جديدة والتخصص بات سيد الموقف لكن هذا لايعني ان الطبيب لايتعلم شيئا عن الادب او ان الاديب لايعرف شيئا عن الطب وعلم الصحة . فالثقافة الموسوعية مهمة وكثير من المفكرين أخذ يتحدث اليوم عن ما يسميه الثقافتان ويقصد الثقافة العلمية الصرفة والثقافة الانسانية .
وليس من المعقول ان يكتفي المرء بلون واحد من الثقافة ولايتعلم شيئا عن الحساب والرياضة والتاريخ والفيزياء وعلوم الحياة ، وليس من المعقول ان يقف عند الثقافة الدينية فالثقافة الدينية مهمة لكنها ليست هي الثقافة الوحيدة التي يحتاجها الانسان .
الانسان اليوم بحاجة الى ان يتعلم اشياءَ تفيده في حياته اليومية ، وليس من المعقول ان احدا لايستطيع ان يصلح امورا في بيته سواء في جانب الكهرباء او الماء او اجهزة الراديو والتلفزيون ، وانما عليه ان يعرف الاشياء البسيطة عنها وعليه ان يبذل ما بوسعه لكي يصلح حائطا في بيته او جانبا من مجاري داره وهكذا .
كما ان على الانسان اليوم ان يتعلم الطريقة الصحيحة في تنظيف داره وتعقيمها ، وان يتعلم ما يساعده على تلبية متطلبات التسوق ومعرفة الاماكن الملائمة والمفيدة له من حيث الاسعار والقرب وما شاكل ذلك .
وعلى الانسان اليوم ان يتعلم بعض السلوكيات الجميلة والعادات القيمة عند حضوره مجلسا ثقافيا ، وان يتعلم ان يشكر الاخرين على ما يقدمونه لا ان يجلس ليتسقط أخطائهم ويُشهر بهم .
الاخلاق ميدان واسع وليست الاخلاق هي ما يتصل بالدين فقط وانما الاخلاق في جانب من جوانبها تعني ما يسمى اليوم بالاتيكيت او فن التعامل مع الناس ومعرفة طريقة التخاطب معهم واحترامهم وعدم التجاوز عليهم .
العالم اليوم اصبح قرية كونية صغيرة ورأيتم كيف ان فايروس صغير وحد العالم كله ورأيتم انكم تستطيعون ان تتصلوا بأي انسان في مختلف بقاع العام ترون صورته وتسمعون صوته وتعرفون مايقول وما يفعل لهذا لا فإن قيما جديدة تظهر في كل لحظة واخلاق جديدة تتبدل في كل لحظة وعلى الانسان أن يتعلمها ويتصرف بموجبها .
اذا - احبتي الكرام - التعلم ميدانه واسع ، وعلينا ان نتعلم ونتعلم ، والا فإننا نفقد قدرتنا على فهم الحياة التي باتت تتحرك بأكثر مما نتوقع . ( العلم نور والجهل ظلام ) هذه القاعدة الاساسية يجب ان تكون في بالنا دوما .
وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدعونا لأن نتعلم ونفهم ونتأمل في خلق الله وفي الاحاديث النبوية الكثير مما يؤكد على قيمة التعلم ومن ذلك مثلا ( اطلبوا العلم ولو في الصين ) بمعنى السعي وراء العلم حتى ولو كان في أبعد نقطة من العالم والانسان المتعلم افضل من الانسان الجاهل بسم الله الرحمن الرحيم : " قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون * قل هل يستوي الأعمى والبصير، أم هل تستوي الظلمات والنور" .صدق الله العظيم .
رمضانكم مبارك وصيامكم مقبول ودعائكم مستجاب والى حلقة اخرى من برنامج ( ما قل ودل ) والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
______________________________
*حلقة من برنامجي التلفزيوني الرمضاني (ماقل ودل ) والذي أقدمه من على قناة ( الموصلية ) الفضائية عرضت عصر اليوم 13-5-2020

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....