الأحد، 15 أكتوبر 2017

صفحات من كتاب (الانحدار ) للكاتبة والروائية العراقية السيدة نجاة نايف سلطان


.صفحات من كتاب (الانحدار )
للكاتبة والروائية العراقية السيدة نجاة نايف سلطان*
________________________________
الأخ العزيز  أبو حمو الورد (ا.د. ابراهيم خليل العلاف )  تحياتي  لكم .  لقد كنت في الثمانينات  من القرن الماضي اقرا  مجلة ( الناقد )  لرياض الريس التي  بدت لي  تكتب  بحرية  ومواضيع   بعيدة عن  النفاق  وقد قرات فيها  صفحات  للروائي الدكتور عبد الرحمن  منيف   من احدى كتبه ( مدن الملح  ) .  وقد  راقت لي  فكرة نشر  بعض الصفحات لاي كتاب  فقد    يكون ذلك  بعض الدعاية لاي كتاب لم  ينشر بعد .  ساكتب لك  بعض  صفحات كتابي  : (الانحدار)   فقط  لاني اريدك ان تأخذ فكرة عنه   وهو لك   فقط لا  غاية أخرى  من ارساله وطبعا انت حر التصرف   فيه  كمادة أدبية او تاريخية .سلامي للمدام وقبلاتي لحفيدي العزيز (حمو)   الغالي .
(1)
اغلقنا الروضة واعلنا عن تمديد عطلة نصف السنة لنهاية اذار   2003   ، وبدانا  نتهيا  للسفر الى دمشق . اتصلت بي اختي لتقول اني مدعوة  لأمسية أدبية في اتحاد الادباء لمناقشتي  فيما جاء في  رواية  ( سلاما  يا وفاء  )  . كنا في البيت قد اخفينا نبا سفرنا عن الجميع بما فيهم اختي .قلت بعد صمت قصير   : انني اعتذر  لاني مسافرة صباح الغد الى  سورية لبضعة أيام   وقولي لمن   يريد المناقشة ان الرواية هي قصة خيالية . وبقيت افكر   وانا اشعر بخوف  ترى هل كان بعضهم  اذكى من الرقابة سابقا ولاحقا   الذين مرت عليهم  قصة (روبن هود)  و( الملك الظالم ) و( ملابس الامبراطور العاري) ؟ واعترف ظل القلق  يلازمني تلك الليلة   فلم انم الا قليلا  في انتظار الصباح  . الاحداث التي مرت بعد ذلك جعلتني انسى الرواية  تماما  وخاصة لم يهتم بها احد  الا الناقد  والقاص الموصلي  الاستاذ  أنور عبد العزيز  وقد تكون أجواء الموصل التي وصفتها في الرواية  اعجبته   فكتب مشكورا  مقالا  لطيفا  في جريدة العراق (البغدادية ) شباط 2003  لم اطلع عليه الا بعد  شهور .
____________________________________
(2 )
الطريق الى الرطبة  لم يتغير كثيرا ، منذ مررت به من أربعين سنة ..  ما زالت المنطقة قفراء قاحلة  ما بين الرمادي والكيلو (  160 ) وما بعد ذلك  الى الرطبة  والحدود السورية  في مركز الوليد الحدودي .هنا الزحام على أشده ، والناس في هرج ومرج  وقد حمل الكثيرون امتعتهم على اكتافهم  أو يجرونها خلفهم . وبعد اكثر من ساعتين  من التعب  من النزول والصعود الى السيارة  وافراغها مما تحمل حتى الماء  ، وحمل الحقائب للتفتيش امام هذا الموظف او ذاك   ، وهنا وهناك  ، عبرنا الى الحدود السورية  ..هذه الربوع الجميلة  واحلى ما فيها اننا الان بعيدون عن  منابع الخوف والتهديدات والتوتر وسط  متاهات الاشاعات المتضاربة .كنا نمر بقرى   خضراء صغيرة  فيها كل ما يحتاجه المسافر  . والناس كرماء  واللطف باد على وجوههم الباسمة المشرقة.

______________________________________________
(3 )
وجدنا في بقين  القريبة من الزبداني ،  فيلا   كبيرة  وحديثة ومؤثثة باثاث  فاخر  وواسعة بستة غرف نوم  بحماماتها  وحديقة كبيرة مطلة  على مناظر خلابة  .قالت صاحبة الشقة   انها تحب العراقيين  ،  ولهذا ستؤجرها لنا ب (الف دولار )    لأننا سنبقى لشهر واحد   واصدقاؤها السعوديون  لن ياتوا  الا بعد شهرين على الأقل  وقالت ان  السعوديين يدفعون لها  ( 4 )  الاف دولار  وهم كرماء جدا معها.
احدق من شرفة الفيلا  فارى  البساتين اليانعة  الممتدة على مدى البصر  من تلك الربوة العالية   الى دمر وضفاف بردى  واتذكر تلك الأيام الجميلة  في سنة 1962  واكاد اشم رائحة الشواء  اللذيذ في ذلك المطعم البسيط على صفاف بردى  وتلك الأمسية الجميلة  واكاد اسمع  (يا مال الشام يللا يا مالي  طال المطال يا حلوة تعالي   ...ويا ربي  يرجع  زمن الأول ...) والف اه   على الزمن الذي  ليس له رجوع . الزبداني اليوم شيء  اخر ساحات   وفلل وعمارات  صغيرة بثلاثة او أربعة أدوار وقد اكتظت  بالسكان وفيها  محلات توفر الاكل السريع  وسينمات  ودائرة بريد.   فيلا بقين كانت على منحدر  شديد ولو  نزلنا من التاكسي  على الطريق العام من جولة في دمشق  لوجدنا صعوبة  في تسلق  بضعة امتار   للوصول للفيلا  ولو اردنا الصعود الى سوق بقين  للشرب من ينابيعها الباردة  والتجول في أسواقها حيث تزدهر  المحلات بما فيها من يضائع  اجنبية مهربة من لبنان  وتباع هنا علنا وباسعار  غالية جدا قياسا للسوق المحلي ..كنا أيضا نشعر بالتعب مما يجعلني انا بالذات  اشعر بالشوق لبغداد وشوارعها  المريحة  لمن أراد المشي على قدميه.كنا نذهب الى دمشق  فنتجول في أسواقها  ، ونشتري من بضائعها  الجميلة .
ان الصناعة السورية مزدهرة  من سنين  ؛ ففي الخمسينات من القرن الماضي  في الموصل  كانت المنسوجات  الحلبية  والصابون  الجيد(أبو الهيل) يصل الينا  ،  وكان ( محل نايف بهنو )  يعرض  أغطية الاسرة  الجميلة  ويباهي انها  من سوريا .تجولنا في سوق الحميدية الشهير ، وفي الصالحية،  وباب توما ، وحي السيدة زينب حيث كان المكان يعج  بالعراقيين  ممن سكنوا  الحي من  سنين.

***************************************************
*سولت ليك -ولاية يوتا -الولايات المتحدة الاميركية 16-10-2017 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 ...............أ.د إبراهيم خليل العلاف

                                                            الاستاذ الدكتور ابراهيم خليل العلاف الطبقة البرجوازية في العراق حتى سنة 1964 أ....