إختيار موضوع الاطروحة :
عندما كنت رئيسا لقسم التاريخ بكلية التربية –جامعة
الموصل 1980-1995 ، دخل عليً أحد الاصدقاء من مدرسي الثانوية ووضع على مكتبي كتابا
ألفه وقال لي إمنحني الدكتوراه على هذا الكتاب اليست الدكتوراه هي أن الف كتابا
...ابتسمت ُوقلت له إجلس قليلا لاخبرك بأن
الدكتوراه ليست كتابا انها درجات تبدأ من الاسفل وتنتهي الى الاعلى فالبحث العلمي
هو مجموعة من الخطوات التي يجتازها الطالب للوصول الى الحقيقة ... واردفت هل
تستطيع ان تصعد الى عمارة من ست طوابق بدون سلالم
؟ فقال :لا فقلت ان وضع الاطروحة وتقديمها الى لجنة المناقشة ومناقشتها ومن
ثم منح الدرجة ماهي الا المرحلة النهائية في مرحلة الدكتوراه فهناك مرحلة
الماجستير وتدريب الطالب على كتابة رسالة ، ومن بعد ذلك يمنح الطالب شهادة
الماجستير ويبدأ التقديم الى الدكتوراه ويؤدي الطالب امتحانا تحريريا ثم امتحان
كفاءة في اللغة وتتم مقابلة الطالب وبعدها يبدأ بالدراسة وينتهي من السنة
التحضيرية والتي تشمل اعطاءه مجموعة من المواضيع
المعمقة ويكتب في كل فقرة فيها اوراقا بحثية ويناقشها معه اساتذة منخصصين
ثم يمتحن في كل موضوع وبعدها اذا نجح يؤدي امتحانا شاملا يقرر مستواه في الاستمرار
وكتابة اطروحة من عدمه ويقرر له القسم العلمي او لجنة الدراسات العليا استاذا
مشرفا ويتفق الطالب والاستاذ على موضوع الاطروحة .
قال صديقي وكيف يتم اختيار الموضوع ؟ أجبت أن
هذه اكبر عقبة يواجهها الطالب ، فعلى
الطالب ان يراجع العديد من كشافات الرسائل والاطروحات العراقية والعربية والاجنبية
، وان يناقش عددا من اساتذته ويسأل في ما اذا كان هذا الموضوع قد درس في احدى
الجامعات وهل تتوفر عليه مصادر وخاصة وثائق منشورة واين تتوفر ، وهل يتوجب عليه ان
يسافر لمراجعة الارشيفات ؟وهل يحتاج الى تعلم لغات ؟وهل يستحق الموضوع الذي اختاره
البحث فيه وماهي الفوائد التي سيجنيها اذا درس هذا الموضوع ؟ وهل سوف يفخر يوما
اذا ما اختار هذا الموضوع ؟ وهل سيأتي بجديد من الفكار والمعلومات والنتائج ؟وهل
هو قادر على الولوج في هكذا موضوع ؟ .
يقينا انه ليس كل موضوع يستحق ان يبذل فيه الطالب
مايبذله ، وقد يبحث الطالب في موضوع
ويكتشف فيما بعد انه قد بحث في جامعة ما او ان المصادر كثيرة او بالعكس فإن
المصادر قليلة ، وقد يكون الموضوع جميلا ومهما ، ولكن المشكلة هي عدم توفر مصادر
عنه او ان مصادره الرئيسة كلها في انكلترا او البرتغال او ايطاليا ونحن نعرف ان
وثائقنا العربية وخاصة في التاريخ الحديث مبعثرة في ارشيفات الكثير من البلدان أو
قد تكون المصادر من المخطوطات في التاريخ الاسلامي موجودة في برلين او القاهرة .
وقد يحتاج الطالب ان يكون متمكنا من لغة معينة فليس من المعقول ان يكتب الطالب
موضوعا عن تاريخ فرنسا وهو لايعرف اللغة الغرنسية او موضوعا عن تركيا وهو
لايعرف اللغة التركية .
ولابد ان يحسب الطالب للوقت حسابا ؛ فثمة
موضوع يحتاج الى خمس سنين بينما ماهو متاح للطالب
من الوقت هو اقل من ذلك .
وانا دائما انصح طلبتي ان لايكتبوا في موضوع
لايحبونه او لايميلون اليه او قد يتنافى مع معتقداتهم ..نعم على الطالب ان يكون
موضوعيا حياديا لكن لابد ان يعرف الطالب انه من المستحيل عليه ان يكتب في موضوع
لاينسجم مع معتقداته أو ميوله .
كما انصح الطالب عندما يختار موضوع الماجستير
ان يفكر في موضوع الدكتوراه وان يكون موضوع الدكتوراه قريبا أو على صلة بموضوع
الدكتوراه حتى يوظف معرفته بالمصادر في هذا الجانب .
واخيرا ليس من ضير في ان يتراجع الطالب عن
الموضوع الذي إختاره اذا وجد انه قد بُحث أو ان تكون مصادره غير موجودة في بلده ،
أو ان تكون قليلة لاتغطي الموضوع فيختار موضوعا آخرا ويبدأ معه الجولة نفسها التي
ذكرناها آنفا ...........................ابراهيم العلاف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق